بارزاني وأوبير: التصعيد في سوريا لا يخدم أحد وسيفجر موجة نزوح للكثيرين

بارزاني وأوبير: التصعيد في سوريا لا يخدم أحد وسيفجر موجة نزوح للكثيرين

Oct 07 2019

برجاف|كردستان
استقبل رئيس حكومة إقليم كوردستان العراق مسرور بارزاني، اليوم الاثنين، سفير فرنسا لدى العراق برونو أوبير، تطرق الطرفان إلى التطورات السياسية في الساحتين العراقية والسورية.

واكد رئيس حكومة الإقليم والسفير الفرنسي أن تصعيد الأوضاع في سوريا، لا يخدم أحداً، بل إن تطورها سيفاقم معاناة السكان وسيفجر موجة نزوح للكثيرين.

وجاءت هذه التصريحات بعد تصعيد التوتر في شمال وشرق سوريا، عقب انسحاب القوات الامريكية من نقاطها في شمال وشرق سوريا، والتهديدات التركية باجتباح شرق الفرات.




أردوغان يسعى لتوطين مليونَيْ لاجئ وسط أكراد سوريا لأغراض سياسية

أردوغان يسعى لتوطين مليونَيْ لاجئ وسط أكراد سوريا لأغراض سياسية

Oct 06 2019

أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لأول مرة، خططاً لإعادة توطين مليونَيْ شخص في المنطقة الآمنة التي ستبنى شمال سوريا.

وكشفت صحيفة ABC الإسبانية، في تقرير لها، أن هناك مشروعاً تركياً للهندسة الاجتماعية ضد الأكراد السوريين أجل الضغط عليهم.
وتقول الصحيفة في تقريرها، إنه ليس فكرة حديثة فقبل الحرب العالمية الثانية، تحديداً خلال الصراع الكبير، نفذ ستالين وبدون رحمة عمليات تهجير لشعوب بأكملها لأسباب عرقية أو أيديولوجية، أما الآن، فمشروع إعادة توطين السكان يصدر من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ويتسم بطابع عرقي ملحوظ ولأهداف سياسية.

تغيير ديمغرافي
وتتابع الصحيفة الإسبانية بالقول "أعلن أردوغان في أنقرة أنه قد انتهى من خطة إعادة التوطين في المنطقة الكردية في سوريا لحوالي مليونين من 3.6 مليون لاجئ، موزعين على مخيمات في أنحاء بلاده. ولا يهدف المشروع إلى تحديد النظام السوري بل إن هدفَ أردوغان واضح وهو إحداث تغيير ديمغرافي كبير، بهدف السيطرة ومواجهة منطقة يحكمها الأكراد السوريون في الوقت الحالي".
وتؤكد الصحيفة أنه لم يتبق إلا تعاون الولايات المتحدة في هذا المشروع، لكن حذر الرئيس التركي أمس من أنه إذا لم تقم إدارة ترمب باعتماد تنفيذ مشروعه، بأسرع وقت ممكن فسوف تعمل تركيا بمفردها.

خطة أنقرة
وتتمثل خطة أنقرة في بناء 140 قرية جديدة، إذ سيبلغ عدد سكان القرى 30 ألف نسمة على طول الحدود مع سوريا والتي يبلغ طولها 480 كيلومتراً، على عمق 30 كيلومتراً.

وثمة حوالي 850 ألف سوري يقطنون هناك، و78% منهم من أصل كردي، حيث سيجتاحهم عدد كبير من اللاجئين السوريين من أصول عربية، مما سيتسبب في توترات عرقية.
ووفقاً لأنقرة، يحظى القادة الأكراد في سوريا بعلاقات وثيقة مع أكراد تركيا، لا سيما مع حزب العمال الكردستاني المحظور، كما أن لهم علاقات وثيقة مع المنطقة الكردية العراقية، كردستان، والتي تتمتع بحكم ذاتي في العراق، ولكن بالنسبة لأنقرة فبُعد المسافة يقلل من خطورة العلاقة بينهم وفي المقابل، فإن الأكراد في سوريا وتركيا قد يسعون إلى الارتباط على الأرض وفق وصف الصحيفة.

أردوغان يهدد
هذا وهدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مجدداً، بتنفيذ عملية شرق الفرات في سوريا، معتبراً أنها أصبحت وشيكة، فيما ردت قوات سوريا الديمقراطية بالقول إنها ستدافع عن نفسها ضد أي هجوم تركي غير مبرر.

وكانت تركيا والولايات المتحدة اتفقتا في شهر أغسطس على تأسيس المنطقة الآمنة بين نهر الفرات والحدود العراقية.

ونص الاتفاق الذي تم بين الولايات المتحدة وتركيا على تسليم قوات سوريا الديمقراطية نقاطها الأمنية إلى المجلس العسكري التابع لمنطقة تل أبيض، المكون من أبناء المناطق ذاتها.

ونص الاتفاق على تحديد المنطقة الآمنة بعمق يتراوح بين 13 إلى 30 كيلومتراً، وهو الأمر الذي رفضته الوحدات الكردية، التي تتخوف من استغلال تركيا لهذه المنطقة، لشن هجمات عليها، وقالت الوحدات، إنها لن تسمح بأكثر من 5 كلم، بينما هددت تركيا بعملية عسكرية ضد القوات الكردية في حال خرق الاتفاق.
المصدر :العربية نت




المجرّدون والمحرومون من الجنسيّة السوريّة منذ إحصاء 1962

المجرّدون والمحرومون من الجنسيّة السوريّة منذ إحصاء 1962

Oct 06 2019

ملخّص تنفيذي:

تسعى هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على قضية مجرّدي الجنسية جرّاء الإحصاء الاستثنائي عام 1962 الذي أجري في محافظة الحسكة، وجرّد على إثره الآلاف من الجنسية السورية، وقد أدّى الإحصاء إلى نتائج كارثية على المجرّدين من الجنسية، حيث أنّهم فقدوا حقوقهم المدنية، وأهملت الحكومات السوريّة المتعاقبة هذا الملفّ، ما جعله ملفّاً سياسياً بحقّ مكوّن أساسي من مكوّنات الدولة السوريّة منذ تأسيسها، وكان المرسوم 49 في العام 2011 القاضي بمنح المسجّلين في سجلّات "أجانب الحسكة" الجنسية العربية السورية، بمثابة أولى الخطوات العمليّة في هذا الملفّ.

على الرغم من مرور 56 عاماً على الإحصاء، ومرور سبع سنوات على المرسوم 49، فلا تزال المشكلة قائمة، حيث أنّ مكتومي القيد وتعدادهم بالآلاف، قدّموا معاملاتهم منذ صدور البلاغ الوزاري الملحق بالمرسوم 49، وإلى الآن لم يحصلوا على الجنسية، وتعثّرت معاملاتهم كثيراً، حتى أنّ كثيرين منهم فقدوا الأمل، وحتى بالنسبة للأجانب الذين حصلوا على الجنسية، يشعرون بالغبن لأنّ الحكومة لم تقدّم لهم شيئاً، ولم تلمّح حتى إلى تعويضات ممكنة في أي مجال، ما يحدوا بالمراقبين إلى اعتبار المرسوم 49 خطوة سياسية في تحييد الشارع الكردي إبّان الحراك المدنيّ في آذار 2011.

في هذه الدراسة تمّ التطرّق إلى قضية المجرّدين والمحرومين من الجنسية، وسرد خلفيّتها التاريخية ودوافعها السياسية وحتى صدور المرسوم 49 في العام 2011، وبقاء القضية معلّقة في الكثير من تفاصيلها، إذ لا يزال الغبن يطال جميع الفئات سواء من مكتومي القيد أو الأجانب الذين حصلوا على الجنسية بعد المرسوم 49.

مقدّمة:

تعدّ قضية المجرّدين من الجنسية من الانتهاكات الجسيمة في تاريخ الدولة السورية على مدى عقود، فالإحصاء الاستثنائي الذي أجري في 5/10/1962، كان نتيجة لمرسوم 93 من حكومة الانفصال آنذاك، إلا أنّها كانت متناغمة ومنسجمة مع توجّهات الحكومات اللاحقة لحزب البعث، ولعلّها إحدى أهمّ التوصيات التي أرفقها محمد طلب هلال في كرّاسه المعنون بـ "دراسة عن محافظة الجزيرة من النواحي القومية الاجتماعية السياسية"، حيث يذكر فيه (لابدّ من تصحيح السجلّات المدنية، وهذا يجري الآن)[1] في إشارة إلى الإحصاء الاستثنائي، وعلى الرغم من مضي 56 عاماً على الإحصاء والتطورات الهائلة التي تعرّضت لها المنطقة، فإنّ هذا الملفّ يبدو وكأنّ مصيره التسويف دوماً.

في العام 2005 ذكر حزب البعث الحاكم في مؤتمره العاشر موضوع الإحصاء وضرورة حلّه في توصياته العامة[2]، كما طرح الموضوع لأكثر من مرة في عهد بشار الأسد، ففي لقاء معه على قناة سكاي نيوز التركية صرّح بشأن الموضوع ما يلي:[3] (المشكلة الكردية هي مشكلة تقنية لها علاقة بإحصاء حصل في عام 1962، ولم يكن هذا الإحصاء دقيقاً من الناحية التقنية، ولم تكن هناك مشكلة سياسية، ولو كانت هناك مشكلة سياسية تجاه الموضوع الكردي لما حصل الإحصاء في الأساس، لذلك بالنسبة لنا في سورية نقوم بحلّ هذه المشكلة أيضاً تقنياً، لأنّه لا توجد أية موانع سياسية، لكن كلّ شيء نفكّر به هو أنّ هذا الموضوع يرتكز على القاعدة الوطنية، وعلى تاريخ سورية الذي لم يتغيّر في الماضي منذ الاستقلال ولن يتغيّر في المستقبل).

وتمّ طرحه أيضاً في خطاب للأسد في مجلس الشعب بمناسبة ولايته الثانية:[4]

(فهناك التباس بين موضوعين، موضوع إحصاء 1962 وهم الأشخاص الذين أعطوا الجنسية السورية لجزء من العائلة، مثلاً ولم يُعطَ للجزء الآخر، وهو حقّ لهم، وهناك موضوع ما يسمّى "المكتومين" كان هناك أيضاً من يعتقد بأنّهم جزء من المشكلة في ذلك الوقت؛ المكتومون هم أشخاص في سورية من جنسيات مختلفة وليسوا على قيود السجّل المدني في سورية أو أي سجلّ آخر).

وقد نصّ المرسوم 49[5] على منح المسجّلين في سجلّات أجانب الحسكة الجنسية العربية السورية، لكن تمّ تمييزها بأكواد خاصة،* ومع أنّه تمّ إعفاؤهم من الخدمة الإلزامية، غير أنّ الغبن لا يزال يلازم الكثيرين ممّن التقيناهم على حقوق مسلوبة لعقود، دون أن يتمّ حتى الإشارة إلى إمكانية تعويضهم مادياً أو حتى معنوياً.
ومع مضي أكثر من سبع سنوات على صدور المرسوم والبلاغ الوزاري الملحق به لا يزال هناك الآلاف ممّن هم من فئة مكتومي القيد.

مصطلحات التقرير وتعريفاته الإجرائية:

المجرّدون من الجنسية: يُشار بها إلى مَن تمّ تجريدهم من الجنسية العربية السورية إبّان الإحصاء الاستثنائي الذي أجري في محافظة الحسكة عام 1962 وفق المرسوم 93، حيث قامت اللجان بعملية الإحصاء في كامل محافظة الحسكة، بذريعة معرفة السوريين من غير السوريين، وبالفعل تمّ تجريد الآلاف من المواطنين الكرد في محافظة الحسكة، وحرمانهم من حقوقهم المدنية.

أجانب الحسكة: هم فئة من أولئك المجرّدين من الجنسية بعد الإحصاء الاستثنائي 1962 ويتمّ تمييزهم عن مجرّدي الجنسية الآخرين بأنّهم يحملون إخراج قيد يتمّ فيه كتابة بياناتهم، وهو الوثيقة الوحيدة التي يستحصلونها من الحكومة بشكل رسمي، وهو غير صالح لوثائق السفر ولا يخوّل صاحبه لممارسة حقوق المواطنة، ويُشار إليه غالباً بـ "البطاقة الحمراء" لأنّه ذو لون أحمر.

مكتومو القيد: هم فئة أخرى من فئات المجرّدين من الجنسية بعد الإحصاء الاستثنائي 1962، ومن تداعياته، حيث أنّهم من مواليد لأب "أجنبي" وأمّ "مواطنة"، وهذه الفئة لا تملك أية وثيقة رسمية من الحكومة، بل يستحصلون شهادة تعريف من المختار، دون أن تعني هذه الشهادة أي شيء في المعاملات الحكومية، وهي طبعاً غير صالحة لوثائق السفر ولا تخوّل صاحبها ممارسة حقوق المواطنة.

أجنبيّ، أجنبيّة: ويُشار بها إلى كلّ مجرّد من الجنسية يحمل إخراج قيد "البطاقة الحمراء".

مكتوم، مكتومة: ويُشار بها إلى كلّ مجرّد من الجنسية يحمل شهادة تعريف.

مواطن، مواطنة: يُشار بها إلى كلّ من يحمل الجنسية العربية السورية.

المرسوم 93: وهو المرسوم الذي تمّ إصداره في العام 1962، وصادقت عليه حكومة ناظم القدسي لحكومة الانفصال، ويُشار إليه أيضا بالإحصاء الاستثنائي.

المرسوم 49: وهو المرسوم الذي تمّ إصداره في العام 2011، وتمّ على إثره منح أجانب الحسكة الجنسية العربية السورية.

ما الذي حدث منذ صدور المرسوم 93 وحتى المرسوم 49؟

عندما صدر المرسوم 93 في العام 1962 وتمّ الإحصاء الاستثنائي في محافظة الحسكة، جرّد الآلاف من الجنسية السورية، ولم يعِ الكثيرون مترتّبات هذا الإحصاء الذي صار وبالاً على أهله.

الأمور بدأت تظهر مع دوران عجلة الحياة في هذه المحافظة، فحين اصطدم هؤلاء المجرّدون من الجنسية بتفاصيل الحياة المدنية التي تعتمد في سيرها على الأوراق والثبوتيات والأختام والأوراق والروتين الذي يقتضي معاملة وأوراقاً لكلّ شيء، حتى تأمين السكر والدخان وجميع مستلزمات الحياة الأساسية كما في حقبة الثمانينات، حيث كان كل شيء يجري بكوبونات خاصة هي من حقّ حاملي الجنسية العربية السورية فقط.

لقد وعى هؤلاء، وخاصة فيما بعد، خطورة ما جرى في ذلك اليوم من إحصاء هدّد وجودهم، وانتقص من حياتهم على أرض عاشوا عليها وأدّوا فيها خدمة العلم، وزرعوا أرضها، وحين افتتحت المدارس ووجدوا كيف أنّ أبناءهم سيلقون الأمرّين حتى يستطيعوا الدراسة كالمواطنين السوريين، وخاصة أنّهم لم يكونوا يستطيعون إكمال المرحلة الجامعية، ولا حتى الإقامة في الفنادق ولا السفر خارج البلاد ولا التوظيف في مؤسّسات الدولة، ولا التمتّع بالانتفاع بالأراضي.

ومنذ ذلك التاريخ تحوّلت قضية المجرّدين من الجنسية من المسائل والقضايا الأساسية في برامج الحركة السياسية الكردية، وكذلك ضمن المسائل والقضايا التي يتمّ الحديث عنها في كل مناسبة تخصّ حقوق الإنسان في سورية، ومع ذلك فقد تنكّرت السلطات السياسية في سورية للأمر، ولم تناقشه حتى، وازدادت أعداد المجرّدين من الجنسية بسبب الزيادات الطبيعية في الولادات لتصبح أضعافاً، وبعد مضيّ أكثر من أربعة عقود وبعد تسلّم بشار الأسد سدّة الحكم في سورية في العام 2000 استبشر السوريون خيراً، حيث أنّ الأسد الابن قد وعد بالكثير من الانفتاح على القضايا الإشكالية، وأهمّها (الحرّيات العامة – الديمقراطية - الإصلاح الاقتصادي والسياسي) ومع أنّ موضوع الإحصاء الاستثنائي قد تمّ نقاشه عدّة مرات، حيث تمّ ذكره بشكل واضح في توصيات المؤتمر القطري الخامس لحزب البعث الحاكم، لكن تمّت مماطلته في كلّ مرة، إلى أن بدأ الحراك المدني السلمي في سورية آذار 2011 حيث كانت من الخطوات الأولى في محاولة تحييد الشارع الكردي.

ومع أنّ بلاغاً وزارياً قد صدر عقب المرسوم 49 خاصّاً بمكتومي القيد، وبعكس الأجانب الذين حصلوا على الجنسية بعد أشهر فقط من تسيير معاملتهم بقي مكتومو القيد دون جنسية حتى اللحظة، حيث أنّ هناك من يتتبّع تسيير معاملته منذ صدور البلاغ الوزاري، ولم يحصل على الجنسية بعد.

هذا بالإضافة إلى أنّ المرسوم لم يُشر في نصّه أو ملحقاته وتفسيراته إلى أية تعويضات ممكنة لهؤلاء المجرّدين من الجنسية، وخاصة أنّ النظام اعترف أنّ المجرّدين من الجنسية، جرّدوا منها لأسباب تقنية كما أشار بشار الأسد في أحد خطاباته (إشارة إلى الخطاب الذي ورد في فقرة سابقة) ومع أنّه تنصّل من الاعتراف بالمكتومين وأنّهم جزء من المسألة، لكن المتابع لقضية المجرّدين من الجنسية سيتوصّل إلى حقيقة أنّ المكتومين هم فئة ظهرت نتيجة الإحصاء الاستثنائي، أو بعده عن طريق زواج أجنبي بمواطنة.

وقد ذكر تقرير حقوقي[6] لمنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة صدر في أيلول 2018 أنّه وحتى مطلع العام 2011 بلغ عدد فئة "أجانب الحسكة/أصحاب البطاقة الحمراء" والمسجّلين ضمن القيود الرسمية للحكومة السورية (346242) فرداً، ومع نهاية شهر أيار/مايو 2018 بلغ عدد الحاصلين على الجنسية السّورية من نفس الفئة (326489) فرداً، فيما لا يزال هنالك (19753) فرداً محروماً منها. وبالمحصلة فقد بلغ مجموع عدد المجرّدين/المحرومين من الجنسية منذ عام 1962 حتى 2011 إلى أكثر من (517000).

مواطنون بعد فوات القطار[7]

كانت ولا تزال قضية المجرّدين من الجنسية قضية إنسانية قبل كلّ شيء، حيث يشعر الضحايا بالمرارة لمجرّد ذكر الموضوع، وخاصة بالنسبة لمرسوم صدر في يوم واحد، حيث تمّ تسيير معاملاتهم في غضون أشهر فقط، ليصيروا بعد ذلك مواطنين لهم جنسيتهم أسوة بالمواطنين.

إنّ إعادة الجنسية إلى الأجانب طرح موضوعاً ملحّاً لم يتمّ التطرّق إليه خلال الحديث عن "منح" الجنسية لهؤلاء وهو موضوع التعويضات المادية والمعنوية، حيث أنّهم حُرموا من حقّ الانتفاع بالأراضي الزراعية منذ تجريدهم من الجنسية في محافظة عمادها الأساسيّ هو الزراعة.

ويتمّ النظر إلى الموضوع وكأنّها منحة لهذه الفئة من أبناء محافظة الحسكة متغاضين عن الحديث عن أية تعويضات ممكنة مادية أو معنوية.

مكتومو القيد الفئة المغبونة:
بعد صدور المرسوم 49 والقاضي بمنح الجنسية للمجرّدين من الجنسية، والتي دارت عجلتها بسرعة غير متوقّعة، حيث أنّه، وبعد صدور المرسوم وفتح باب المعاملات، تقدّم الكثيرون بمعاملاتهم ولم يمض أشهر حتى كانت بطاقاتهم الشخصية بين أيديهم ودفاترهم العائلية ودفاتر الخدمة الإلزامية، وكلّ ما حرموا منه لعقود، مع أنّ المجرّدين من الجنسية ليسوا فقط من فئة الأجانب الذين تمّ منحهم الجنسية، غير أنّ الحديث عن هذه المسألة وكأنّها قد انتهت ولم يعد الحديث عنها مهمّاً، وكأنّها قضية أُنجزت وتمّ طيّ صفحتها، فالجميع ينسى أو يتناسى فئة المكتومين المغبونين لمرّتين في الأولى مع الأجانب لأنهم مجرّدون من الجنسية، والثانية لأنهم مكتومون، وبصدور المرسوم 49 تمّ تجزيء القضية.

مع أنّ بلاغاً وزارياً صدر بعد المرسوم 49 يقضي بتجنيس المكتومين لكن المتقدّمين بأوراق المعاملات لم يحصلوا على الجنسية أسوة بالأجانب الذين حصلوا عليها بعد شهر أو شهرين فقط من تقديم معاملاتهم، وقد تمّ اللقاء مع أشخاص عديدين من مكتومي القيد، سردوا لنا مأساتهم في تتبّع المعاملات، وقد ذكر هؤلاء أنّ هناك تقصّداً في عرقلة المعاملات بغرض تعجيز صاحب المعاملة ليتغاضى عن السير بها، وهو ما حصل للكثيرين حيث أنّهم فقدوا الأمل في الحصول على الجنسية، وخاصة أنّ أكثر من ستّ سنوات مضت على فتح باب المعاملات، وكانت أحد الذرائع هي أنّ الأوراق قد احترقت في دير الزور أثناء اندلاع الصراع هناك، وهناك عراقيل من قبيل استكمال الأوراق أو العمل عليها من جديد، وهو أمر دفع بالبعض إلى فقدان الأمل والجلوس في البيت إلى أن يأتي الفرج.

الدراسة كحقّ إنسانيّ:
تعدّ الدراسة في جميع مراحلها محطّات صعبة عانى بسببها المجرّدون من الجنسية ابتداء من المرحلة الابتدائية، وكانت الصعوبات تزداد بمجرّد الانتقال من مرحلة إلى أخرى، وفي المرحلة الجامعية تكون الصعوبات أكثر من المراحل الأخرى.

البعض منهم لم يتمم حتى دراسته الإعدادية أو الثانوية، تحت ضغط العامل النفسي من الأهل أحياناً، والأسرة أحياناً، والمجتمع أحياناً أكثر، فكانوا يكسرون الحافز لديهم عن طريق تفريغ معنى الدراسة من محتواها، وهو أنّ المستقبل المغلق أمام وجه المجرّدين من الجنسية في المستقبل، لا يستدعي عناء الدراسة دون القدرة على الحصول على الشهادة أو حتى إكمال المراحل الجامعية وفي أحسن الأحوال إكمالها دون الحصول على وثيقة التخرّج.

والمجرّدون من الجنسية لم يكونوا يحصلون على الشهادة الإعدادية أو الثانوية، ويتقدّمون إلى الامتحانات دون أن يستطيعوا الحصول على الوثيقة النهائية لاجتياز الامتحان، وحتى العام 2004 لم يكن للطلاب التقدّم إلى الجامعات بقصد الدراسة، لكن بعد ذلك تمّ إصدار قرار بقبول المجرّدين من الجنسية للدراسة في الجامعات قبولاً شرطياً (يتضمّن عدم منح وثيقة التخرّج، أو حقّ التوظيف بعد إنهاء الدراسة).

صعوبات السفر:

يعاني المجرّدون من الجنسية، وبخاصة مكتومو القيد، شروطاً صعبة للسفر ضمن الأراضي السورية، فضلاً عن السفر إلى الخارج، حيث أنّ إخراج القيد أو شهادة التعريف التي يبرزها المجرّدون من الجنسية غالباً ما تثير التساؤل من قبل السلطات أكثر من كونها تعرّف بصاحبها، وحركة السفر تعتبر حركة نشطة كثيراً بين محافظة الحسكة وبين دمشق وحلب خاصة، حيث كانت هناك عشرات شركات النقل والشحن تسيّر عشرات الرحلات يومياً قبل أن تتوقّف حركتها إبّان الاشتباكات وسيطرة مختلف الفصائل على حواجز في الطريق البرّيّ، وتنشط حركة السفر بغرض الدراسة وارتياد المشافي أو زيارة الأطباء بقصد الاستطباب.

يضاف إليها مشكلة السفر إلى لبنان مثلاً، والتي كان باستطاعة المواطن السوري الذهاب إليه بالهوية الشخصية فقط، وفي هذا الإطار يذكر حسين معمي (مواليد حسكة): (في عام 2010 ذهبت إلى لبنان، ولأنّني لا أملك هوية شخصية ذهبت عن طريق التهريب، وفي وقت كان فيه المواطن السوري يدفع 500 ل.س ليدخل إلى لبنان دفعت 10000 ل.س).

أمّا بالنسبة للسفر خارج البلاد فاستخراج جواز السفر ممنوع للمجرّدين من الجنسية، وعليه فإنّ كلّ محاولات السفر إن أرادها أحد هؤلاء المجرّدين من الجنسية ينبغي أن تكون عن طريق التهريب وبمبالغ طائلة إلى البلدان الأوربية، تتجاوز أحياناً الـ 10 آلاف دولار أمريكي للفرد الواحد، ولا يجازف بالتهريب إلا أولئك الذين يصمّمون على السفر إلى الخارج بقصد اللجوء.

وقد حُرم المجرّدون من جميع فرص السفر سواء للعمل في بلدان الخليج مثلاً، أو فرص السفر بمنح دراسية للدول العربية أو الأوربية.

كما يعاني المكتومون من صعوبات في بلدان اللجوء أيضاً، لأنّهم لا يملكون أية ثبوتيات سوى شهادة تعريف من المختار، وبسبب هذا الوضع يتمّ التحقّق من أمر هؤلاء من قبل الحكومات المضيفة، وخاصة أنّ هناك من يستغلّ المسألة لينتحل صفة المكتومين، إلا أنّها صعوبات تلقي بظلالها على حياة هؤلاء الفارّين من ويلات الحرب، فهناك من تمّ تأخير إقاماتهم أو منحها لسنة واحدة، وهو ما يمنعه من حقّ المطالبة بلمّ الشمل وما إلى ذلك.

حقّ التملّك

إن قضية التملّك قانونياً للعقارات والسيارات وما إلى ذلك من ممتلكات منقولة وغير منقولة، تؤرّق المجرّدين من الجنسية كثيراً، حيث يضطرّ هؤلاء إلى تسجيل ممتلكاتهم على أسماء أقربائهم أو أصدقائهم، ولا يخلو الأمر من وجود مشكلات تحدث بين هؤلاء والتهديد بالاحتفاظ بهذه الممتلكات لأنّها قانونياً باسم مالك غير حقيقي، وفي حالات كون الأب مكتوماً والأم مواطنة تلجأ العائلات إلى تسجيل ممتلكاتها بأسمائهن، وقد سجّلت حالات من الاستفزاز بهذا الصدد ونقلتها المنظمات الحقوقية.[8]
توصيات
- إقرار تعويض ماديّ ومعنويّ للمجرّدين من الجنسية، ممّن حصلوا على الجنسية بالمرسوم 49.

- إقرار حقّ من حصلوا على الجنسية في الحصول على الأرض التي حُرموا منها جرّاء تجريدهم من الجنسية.

- إعداد دراسة شاملة عن أوضاع المجرّدين من الجنسية قبل إعادة الجنسية إليهم بالمرسوم 49، وذلك بقصد إعداد قوائم لتعويضهم مادياً ومعنوياً.

- تسوية أمور مكتومي القيد أسوة بالأجانب بقصد إعادة الجنسية إليهم، ومعاملتهم معاملة هؤلاء الأجانب المعادة إليهم الجنسية من حيث وجوب تعويضهم مادياً ومعنوياً، وإعداد دراسة شاملة عنهم.

- إلغاء الأكواد الخاصة التي تمّ وضعها على البطاقات الشخصية على رقم الخانة، وعدم تمييزها بأية إشارة أو رقم أسوة بباقي المواطنين.

- معالجة جميع تداعيات التجريد من الجنسية كتوزيع الأرض.

- وضع قضية المجرّدين من الجنسية من قبل المنظمات الحقوقية والمدنية على قائمة أولويّاتها كقضية حقوقية وإنسانية.

- وضع قضية المجرّدين من الجنسية في برامج وملفّات العدالة الانتقال.

خاتمة

بالرغم من مرور سنوات على المرسوم 49 غير أنّ وضع المجرّدين من الجنسية، سواء ممّن تمّ إعادة الجنسية إليهم أو أولئك الذين لم يتمّ منحهم إياها من مكتومي القيد، يبدو وضعاً غير مستقرّ، فمن ناحية تمّ تمييز البطاقات الشخصية الممنوحة بعد المرسوم بأكواد خاصة ما يدفع بعضهم إلى التخوّف من إمكانية سحبها أو التعامل مع حامليها معاملة خاصة، ومن ناحية أخرى لا يزال وضع مكتومي القيد مجهولاً حيث أنّهم لم يحصلوا على الجنسية مع أنّهم تقدّموا بجميع الأوراق المطلوبة في معاملاتهم، وقد استطعنا الالتقاء بالعشرات منهم، دون أن يكون أي أحد منهم قد حصل على الجنسية بعد سلسلة طويلة من المعاملات والأوراق.

وفي ظلّ الأوضاع المأساوية التي يعيشها السوريّون وتعيشها البلاد في سنيّ الحرب، والانتهاكات الجسيمة في حقوق الإنسان تبدأ من القتل والتهجير ولا تنتهي بمخيمات اللجوء، يبدو أنّ قضية المجرّدين من الجنسية لقيت من الإهمال ما لقيته الظروف الإنسانية السورية برمّتها، وأخيراً يأمل هؤلاء المجرّدون من الجنسية المعاملة كمواطنين سوريّين، لأنّهم تحت سماء واحدة مع كلّ المآسي التي يعاينها السوريّون، وسيكون الجميع بانتظار مستقبل أفضل لسورية بعد أن تضع الحرب أوزارها على أمل دستور جديد يضمن للجميع حقوق المواطنة على قدم المساواة.
ملاحق

ملحق رقم (1)

(مرسوم تشريعي رقم /49/ للعام 2011
التاريخ-ميلادي: 2011-04-07التاريخ-هجري: 1432-05-04
نشر بتاريخ: 2011-04-07

القسم: مرسوم تشريعي.
معلومات عن هذا القانون:

نافذ
المرسوم التشريعي 49 لعام 2011

منح الجنسية العربية السورية للمسجّلين في سجلّات أجانب الحسكة

رئيس الجمهورية‏


بناء على أحكام الدستور

يرسم ما يلي:

المادة 1

يمنح المسجلون في سجلات أجانب الحسكة الجنسية العربية السورية.

المادة 2

يصدر وزير الداخلية القرارات المتضمنة للتعليمات التنفيذية لهذا المرسوم.

المادة 3

يعتبر هذا المرسوم نافذاً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
دمشق في 4-5-1432 هجري الموافق 7-4-2011 م
رئيس الجمهورية بشار الأسد).

ملحق (2)

مرسوم تشريعي رقم 93 / تاريخ 23/8/1962

إجراء إحصاء عام لسكان محافظة الحسكة

إن رئيس الجمهورية بناء على المرسوم التشريعي رقم 1 تاريخ 30/4/1962

وعلى القرار الصادر عن مجلس الوزراء المنعقد برئاسته رقم 106 وتاريخ 23/8/1962

نشر المرسوم التشريعي الآتي:

مادة 1 - يجري إحصاء عام للسكان في محافظة الحسكة في يوم واحد يحدّد تاريخه بقرار من وزير التخطيط بناء على اقتراح وزير الداخلية.

مادة 2 – تقوم مديرية الإحصاء في وزارة التخطيط بإجراء هذا الإحصاء واتخاذ ما يلزم لتنفيذه طبقا للقواعد التي تقررها لجنة الإحصاء المركزية.

مادة 3 – يتمّ تأليف لجنة الإحصاء المركزية وتحديد اختصاصاتها وعدد أعضائها ومقدار تعويضاتهم بقرار من وزير التخطيط ويكون بين أعضائها ممثلون عن وزارة الداخلية والمديرية العامة للأحوال المدنية.

مادة 4 – لوزير التخطيط بعد موافقة الإدارة المختصة حق ندب أي من موظفي الدولة أو تعيين موظفين ومستخدمين أو عمال مؤقتين لإجراء الإحصاء المشار اليه في أية مرحلة من مراحل التمهيد له أو تنفيذه أو التجهيز لنشر بياناته وذلك في حدود الموازنة المعتمدة.

مادة 5 – تستثني مديرية الإحصاء بالنسبة لأعمال الإحصاء المنصوص عليها في هذا المرسوم التشريعي مما يلي:

أ = القواعد المعمول بها في شأن تعيين الموظفين والمستخدمين والعمال وذلك في حالة تعيينهم بصفة مؤقتة لأعمال الإحصاء.

ب = القواعد المتعلقة بالأجور الإضافية الواردة بقانون الموظفين الأساسي رقم 135 تاريخ 10/1/1945 وتعديلاته.

جـ = القيود الخاصة بتعويضات الانتقال المنصوص عليها في قانون الموظفين الأساسي رقم 135 المشار إليه وذلك بالنسبة لتنقلات الموظفين الذين يعملون في هذا الإحصاء ويمنحون بدل انتقال ثابت يحدّده وزير التخطيط.

د = تحدد الاستثناءات المشار اليها في هذه المادة بقرار من وزير المالية بناء على اقتراح وزيري الداخلية والتخطيط.

مادة 6 – يمنح الأمين العام المساعد لشؤون الإحصاء سلفة دائمة لأعمال هذا الإحصاء ويكون التصرف فيها دون التقيد بالقوانين واللوائح والتعليمات المالية في هذا الشأن ويجوز له بأن يفوض المشرفين على أعمال الإحصاء بأخذ سلفة دائمة لذات الغرض.

مادة 7 – عند انتهاء عملية إحصاء السكان في محافظة الحسكة تشكل لجنة عليا بمرسوم جمهوري بناء على اقتراح وزير الداخلية لدراسة نتائج الإحصاء وتقرير تثبيتها في سجلات الأحوال المدنية الجديدة أو عدمه واعداد التعليمات اللازمة لذلك.

مادة 8 – يتمّ التسجيل في السجل المدني من قبل لجان تسجيل تؤلف بقرار من وزير الداخلية وتزود بالعدد الكافي من الموظفين والمستخدمين والكتاب الموقتين.

مادة 9 – تؤلف لجنة مركزية في محافظة الحسكة بمرسوم جمهوري مهمتها مراقبة أعمال لجان التسجيل المؤلفة بموجب المادة السابقة واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لإنجاز عمليات التسجيل في المحافظة المذكورة وتمنح هذه اللجنة صلاحية عدم تسجيل كل من لا يثبت أنه من رعايا الجمهورية العربية السورية وفقا للقوانين النافذة. وتخضع لإشراف وتوجيه اللجنة العليا.

مادة 10 – قبل تسجيل السكان في السجل المدني تقوم لجان التسجيل بالتحقيق والتثبّت بجميع الطرق والوسائل من صحة البيانات المدوّنة في استمارات الإحصاء المدني بها من قبل أصحاب العلاقة وخاصة بمطابقة هذه المعلومات على محتويات سجلات الأحوال المدنية الأساسية السابقة وعرض النتيجة على اللجنة المركزية لتقرير التسجيل أو عدمه.

مادة 11 – تتّخذ قرارات اللجان بالأكثرية وتكون هذه القرارات خاضعة للاستئناف لدى اللجنة العليا خلال عشرة أيام من تاريخ إبلاغها إلى ذوي العلاقة ويكون قرار هذه اللجنة في هذا الشأن نهائياً.

مادة 12 – عندما يتمّ تدوين جميع استمارات الإحصاء في السجل المدني يختم هذا السجل ويوقّع عليه من قبل رئيس اللجنة وأعضائها والكاتب بأنّه مطابق لها.

وتنظّم اللجنة محضراً بالأعمال التي قامت بها ترفعه إلى اللجنة المركزية.

مادة 13 – يعلن بدء التسجيل واختتامه بقرار من وزير الداخلية.

مادة 14 – يستطيع ذوو العلاقة طلب قيد ما يتعلق بهم من الواقعات المنسية أو تصحيح ما يتعلق بهم من الأخطاء الواقعة في الإحصاء أو التسجيل خلال مهلة ثلاثة أشهر تبدأ من تاريخ نشر قرار اختتام التسجيل، وذلك بموجب طلب خطي يقدمونه إلى رئيس اللجنة المركزية في المحافظة وبعد أن تقوم هذه اللجنة بالتحقيق تتخذ قرارها في الموضوع، ويعفى المستدعون من الجزاء والغرامة. وهذا القرار تابع للاستئناف أمام اللجنة العليا.

مادة 15 – لا يمكن للجان التسجيل تصحيح ولادة الأشخاص المدوّن في سجلات الأحوال المدنية الحالية، بل ينبغي من أجل هذا التصحيح اتّباع الأصول الواردة في القوانين المرعية.

مادة 16 – بعد انقضاء المدة المحددة في المادة 13 لا يمكن إجراء أي قيد أو تصحيح إلا بحكم من المحكمة المختصة حسب الأصول المرعية.

مادة 17 – على كل شخص من رعايا الجمهورية العربية السورية أتمّ الرابعة عشرة من عمره سُجّل في محافظة الحسكة أن يستحصل خلال سنة من تاريخ اختتام التسجيل على تذكرة هوية جديدة وبعد انقضاء هذه المدة تعتبر تذاكر الهوية السابقة ملغاة.

مادة 18 – أ = بعد اختتام أعمال التسجيل يصبح التسجيل الجديد في السجل المدني نافذاً اعتباراً من تاريخ نشر قرار وزير الداخلية المتضمّن اختتام أعمال التسجيل.

ب = تبقى قيود السجلات القديمة معتبرة إلى أن يُعمل بالسجل المدني الجديد المنظم وفقاً لأحكام هذا المرسوم التشريعي.

مادة 19 – أ = يتوجّب على كل شخص من رعايا الجمهورية العربية السورية مسجل في سجلات الأحوال المدنية في محافظة الحسكة أن يستحصل خلال المهلة التي تحدد بقرار من وزير الداخلية على صورة عن قيده وقيد عائلته المدون في السجل المدني لإبرازها إلى موظفي الإحصاء يوم الإحصاء، ويقوم دفتر العائلة وتذكرة الهوية مقام صورة القيد.

ب = تعفى هذه القيود من رسم الطابع القانوني ولا تستعمل لغير هذه الغاية.

جـ = يجوز لوزير الداخلية تكليف موظفي الأحوال المدنية أو موظفي الدولة بالقيام بهذا العمل خارج أوقات الدوام الرسمي لقاء تعويض يحدد من قبله في قرار التكليف.

د = يعاقب كل من يتخلّف عن إبراز صورة القيد المدني أو دفتر العائلة أو تذكرة الهوية يوم الإحصاء وفقاً لأحكام المادة 23 من هذا المرسوم التشريعي.

مادة 20 – على كل شخص من رعايا الجمهورية العربية السورية مسجل في سجلات الأحوال المدنية الحالية في محافظة الحسكة أو مكتوم أصله من المحافظة المذكورة، وكان في يوم الإحصاء موجوداً خارج المحافظة أن يراجع أمين السجل المدني في الجهة الموجود فيها خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الإحصاء لتنظيم الاستمارة المتعلقة بتسجيله وتسجيل أفراد عائلته وعلى أمين السجل المدني أن يحيل هذه الاستمارة إلى أمين السجل المدني في محلّ قيده أو المحل الذي يرغب القيد فيه إذا كان مكتوماً ليحيلها هذا الأخير بدوره إلى اللجنة المحلية للتحقيق عليها وفقاً للمواد المدرجة أعلاه وإعطاء القرار لتسجيلها بعد موافقة اللجنة الرئيسية.

أمّا إذا كانت إقامة هذا الشخص في الخارج فعليه أن يراجع قنصل الجمهورية العربية السورية في البلد الذي يقيم فيه لتنظيم الاستمارة المشار إليها خلال ثلاثة أشهر من يوم الإحصاء، وعلى القنصل إيداع الاستمارة إلى أمين السجل المدني المختصّ بطريق التسلسل بعد توقيعها من قبل ذوي العلاقة وتذييلها بشرح يفيد بأن تنظيمها جرى بحضوره وأنه تحقق من صحة مندرجاتها فيقوم أمين السجل المدني بإجراء المقتضى بصددها وفقاً لما هو مبين آنفاً، وأمّا إذا كانت الإقامة في لبنان فعليه مراجعة المديرية العامة للأحوال المدنية لتنظيم الاستمارة الآنفة الذكر، فتحال من قبلها بعد توقيعها من ذوي العلاقة والتصديق على صحة التوقيع إلى أمين السجل المدني المختص لإنجازها على النحو المتقدم ذكره.

مادة 21 – أ = يخوّل وزير الداخلية بعد موافقة الإدارة المختصة حقّ ندب أي من موظفي الدولة أو تعيين موظفين أو مستخدمين مؤقّتين للقيام بأعمال تسجيل السكان في أية مرحلة من مراحله دون التقيد بالقواعد المعمول بها في التعيين الواردة بقانون الموظفين الأساسي.
ب = لوزير الداخلية أو من ينيبه حقّ التعاقد لإنجاز جميع الأعمال المتعلقة بتسجيل السكان لقاء أجور يحدّد مقدارها بالقرارات الصادرة عنه حسب تقدير لجان المبايعة كما يحقّ له منح تعويض يومي أو تعويض مقطوع للأشخاص أو الموظفين الذين يكلفون القيام بمختلف الأعمال المتعلقة بالتسجيل ضمن حدود الاعتمادات المرصودة لهذه الغاية في الموازنة ولا تخضع هذه التعويضات لأحكام المرسوم التشريعي رقم 95 الصادر في 4/ 10/ 1953.
جـ = إن تنقلات الموظفين الذين يعملون في التسجيل لا تخضع لأحكام تعويضات الانتقال المنصوص عليها في قانون الموظفين الأساسي بل يمنحون بدل انتقال ثابت يحدّد بقرار من وزير الداخلية.
د = تحدد تعويضات اللجنة العليا واللجنة المركزية واللجان المحلية بقرار من وزير الداخلية.
هـ = تحدد شروط التعيين والتعاقد ومنح جميع التعويضات المنصوص عليها في هذه المادة بقرار من وزير المالية بناء على اقتراح وزير الداخلية.

مادة 22 – أ = تضع وزارة التخطيط بالاتفاق مع وزارة الداخلية تعليمات يوضح فيها طرق وأساليب تطبيق هذا المرسوم التشريعي فيما يتعلّق بالإحصاء.

ب = تضع وزارة الداخلية تعليمات يوضح فيها طرق وأساليب تطبيق هذا المرسوم التشريعي فيما يتعلق بتسجيل السكان.

مادة 23 – أ = كل مخالفة لأحكام هذا المرسوم التشريعي والتعليمات الملحقة به يعاقب عليها وفق قانون العقوبات وسائر الأنظمة والقوانين النافذة.

ب = في الحالات التي لم ينصّ فيها على عقوبة يعاقب المخالف بغرامة نقدية تتراوح بين خمس وعشرين إلى خمسين ليرة سورية وبالحبس من عشرة أيام إلى شهرين أو بإحدى هاتين العقوبتين.

جـ = مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشدّ تنصّ عليها قوانين أخرى يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة من خمسمائة إلى ألفي ليرة سورية أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أدلى ببيانات كاذبة أمام لجان الإحصاء أو السلطات المختصة بقصد إثبات الجنسية العربية السورية له أو لغيره أو بقصد نفيها عنه أو عن غيره أو قدم إليها أوراقاً غير صحيحة مع علمه بذلك.

مادة 24 – ينشر هذا المرسوم التشريعي في الجريدة الرسمية.

دمشق في 23/8/1962 ، ناظم القدسي

صدر عن رئيس الجمهورية، رئيس مجلس الوزراء، بشير العظمة

المصادر والمراجع:

الكتب:

- التكوّن التاريخي الحديث للجزيرة السورية، محمد جمال باروت، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ط1، 2013.

- دراسة عن محافظة الجزيرة من النواحي القومية الاجتماعية السياسية، محمد طلب هلال، دراسة أمنية أُعدّت في 1963، منشورات مركز عامودا للثقافة الكردية 2003.

- مسألة أكراد سورية "الواقع – التاريخ - الأسطرة"، فريق باحثين، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ط 1 ، 2013.



المواقع الإلكترونية والدوريّات:

- الموقع الرسمي لحزب البعث العربي الاشتراكي. https://goo.gl/A8ZF2w

- الموقع الرسمي لمجلس الشعب. https://goo.gl/EHQ8Ab

- صحيفة عنب بلدي، ملحق خاص، الأكراد وهوية سوريا الهشة، رقم العدد 180.

تقارير حقوقية:

- عديمو الجنسية في سورية "من غير اللاجئين الفلسطينيين"، تقرير لـ اللجنة العربية لحقوق الإنسان، بالتعاون مع منظمة شمل الفلسطينية، إعداد: هيثم مناع، ط 3، 2004.

- المجرّدون من الجنسية في سوريا، متسلّلون غير شرعيين أم ضحايا السياسات القومية، تقرير لـ كرد ووتش "المركز الأوربي للدراسات الكردية"، 2010.

- " منذ 5/10/1962 وما زالت المعاناة مستمرة"، تقرير لـ لجــان الدفــاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنســان فـي ســوريـا، 2007.

- المواطنة السورية المفقودة، كيف دمّر إحصاء عام 1962 حياة الكرد السوريين وهويتهم، تقرير لمنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 2018.

[1] محمد طلب هلال، دراسة عن محافظة الجزيرة من النواحي القومية الاجتماعية السياسية، دراسة أمنية أعدت في 1963، ص 23.

[2] البيان الختامي للمؤتمر القطري العاشر، 9-6-2005، https://goo.gl/zyM9mx

[3] لقاء أجراه الصحفي سرداد أك اينان مع بشار الأسد لصالح محطة سكاي نيوز التركية بتاريخ: 27-12-2005، https://goo.gl/rCuhtt

[4] خطاب ألقاه الأسد في مجلس الشعب 2007 بعد أدائه قسم الولاية الثانية، https://goo.gl/rP7eya

[5] المرسوم 49، 7-4-2011، الموقع الرسمي لمجلس الشعب، آخر زيارة: 2/10/2017 https://goo.gl/3z7J8p

* يتم التمييز بأكواد خاصة على البطاقات الشخصية، حيث تم وضع رقم 8 مع خط مائل بجانب رقم الخانة.

[6] المواطنة السورية المفقودة، كيف دمّر إحصاء عام 1962 حياة الكرد السوريين وهويّتهم، تقرير لمنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 2018.

[7] في هذه الجزئية والجزئيات الأخرى المتعلّقة بمعاناة المجرّدين والمحرومين من الجنسية ذكرت المنظمات الحقوقية التي تناولت موضوع وقضية المجرّدين والمحرومين من الجنسية عشرات الحالات والقصص عن الضحايا، يمكن مراجعة التقارير الحقوقية (عديمو الجنسية في سورية "من غير اللاجئين الفلسطينيين" - المجرّدون من الجنسية في سوريا، متسلّلون غير شرعيين أم ضحايا السياسات القومية - منذ 5/10/1962 وما زالت المعاناة مستمرّة" - المواطنة السورية المفقودة، كيف دمّر إحصاء عام 1962 حياة الكرد السوريين وهويّتهم).

[8] يُشار هنا إلى التقارير الحقوقية التي تمّ اعتمادها كمصادر، والمذكورة في حاشية الدراسة.
المصدر :مجلة صور




اللجنة الدستورية تعلن فشل الأمم المتحدة

اللجنة الدستورية تعلن فشل الأمم المتحدة

Oct 06 2019

عبد الحميد عكيل العواك*
معظم فقهاء القانون الدولي مجمعون على فشل نظام الأمم المتحدة بشكله الحالي، ولكنهم منقسمون إلى فريقين، الأول يرى إلغاء الأمم المتحدة إلغاءً جذريّاً والبحث عن نظام دولي جديد، والثاني يرى أنه نظام قابل للإصلاح.

امتازت الأمم المتحدة في أدائها بالتناقض مع توصياتها، وازدواجية المعايير بين أزمة وأخرى.

وانطلق التناقض بدءاً من ميثاقها الذي أقر بمادته الأولى بأنْ "تقوم المنظمة على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها"
، في حين نصت المادة 23/1 من الميثاق على إعطاء خمس دول عضوية دائمة في مجلس الأمن، وهذا خرق لمبدأ المساواة في السيادة، أما الخرق الأكبر فكان في إعطاء هذه الدول ميزات عند التصويت على قرارات مجلس الأمن في المسائل الموضوعية.
هذا الخرق ما تزال البشرية تدفع ثمنه عند كل أزمة تهدد السلم والأمن الدوليين، فتبقى دون حل، أو تنتهي مولدة أزمات جديدة، وكوارث على البشرية تدفع ثمنها الأجيال القادمة.

من الطبيعي ألا تكون الثورة في سوريا استثناء، ولن نستعرض ما كان يجب فعله من قبل الأمم المتحدة، وأقلها تفعيل مبدأ التدخل الإنساني تحت الفصل السابع، ولكنها لم تفعل بسبب الخلل البنيوي الذي ذكرناه.

لكن سنقف عند إعلانها للجنة الدستورية وكأنها خشبة الخلاص الأخير لهذا الشعب المنكوب.


قد تدخلت الأمم المتحدة في أخطر ثلاثة مفاصل لبناء الدستور السوري. التدخل الأول: تم عندما تولت ترشيح خمسين شخصية من المجتمع المدني، أي ثلث اللجنة أو ما سمي "بيضة القبان"


الأمم المتحدة ومبدأ الاستقلالية الدستورية

بالرغم من أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت توصيتها في العدد رقم 2625 تاريخ 24 أكتوبر 1970 لمبدأ الاستقلالية الدستورية للدول الأعضاء، الذي يستند إلى أنّ لكل دولة الحق في اختيار نظامها السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي بكل حرية؛ فإنّ الأمم المتحدة نفسها لم تأخذ بها وهي أَوْلى الهيئات بوجوب الالتزام على اعتبار صدور التوصية عنها، فقد تدخلت الأمم المتحدة في أخطر ثلاثة مفاصل لبناء الدستور السوري:

التدخل الأول: تم عندما تولت ترشيح خمسين شخصية من المجتمع المدني، أي ثلث اللجنة أو ما سمي "بيضة القبان"، ولا شك بأن الدستور الذي تكتبه لجنة فنية معينة يلعب أعضاء اللجنة دوراً رئيسياً في صياغته وتوجهه وتحديد مساره، والتساؤل هنا من الذي أعطى هذا الحق للأمم المتحدة؟ وجميع ما يصدر عنها يركز على عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول.

التدخل الثاني: هو صياغة قواعد إجرائية لعمل اللجنة، أعدتها وأصدرتها قبل اجتماع أعضاء اللجنة، ومن المعلوم أن القواعد الإجرائية هي توازي من حيث الأهمية وضع قواعد الدستور ذاتها، وكثيراً ما سجل لنا التاريخ خلافات شديدة بين ممثلي الأحزاب السياسية في الدول المستقرة على القواعد الإجرائية، وبمجرد موافقتك عليها، فإنك تحرم نفسك حق الاعتراض والانسحاب، ومجبور على مواصلة المسير إلى منتهاه (صدور الدستور).

وأهم ما في القواعد الإجرائية هو آلية التصويت والتي وضعت بشكل غير معقلن، ولا متوازٍ بين الطرفين، وواضح انحيازها لطرف النظام سواء لجهة الثلثين، أو لجهة موافقتها لرغبته الشديدة بالتعطيل.

وهل صدور القواعد الإجرائية يدخل ضمن مهام المُيسّر؟

التدخل الثالث: جاء عن طريق صياغة المبادئ الأساسية التي ستحكم الدستور القادم، فتلك المبادئ قدمتها في البدء الأمم المتحدة لفريقي التفاوض تحت مسمى "اللا ورقة" ولم يجر عليها تعديل جوهري، وإن ادعت بأنها عرضتها للطرفين، لكن ديمستورا ظل المتحكم الأول في صياغة تلك المبادئ، مستغلاً عدم جلوس فريقي التفاوض على طاولة واحدة، فعمل جاهداً وفريقه على صياغة تلك المبادئ، التي وافق عليها الطرفان لاحقاً.

ورب قائل بأن دورها انحصر بالاقتراح فقط! نجيبه بقول الفقيه سييز: "من اقترح فقد ساد"، لأن سلطة الاقتراح تمثل منطلق الصياغة القانونية ومفتاح الحكم وفق ما يرى الفقيه روبي كالا أنّ "من يملك الاقتراح يملك الحكم".

وفي كل الأحوال لا يحق للأمم المتحدة المساهمة بشكل فعلي في كتابة الدستور، لأن دورها المعلن هو التيسير،

ومن المؤكد بأن التدخلات الثلاثة لا تدخل ضمن مهمة التيسير.
وهي إن أرادت التدخل الإنساني بسبب انتهاك حقوق الإنسان، ولفشل الدولة، فلا يجب أن يكون المنتهك (النظام)

طرفاً في صناعة الدستور، أما أن تتدخل وتدعو النظام فهو انتهاك سافر لمبادئها.
الأمم المتحدة عاجزة

لقد أثبتت الثورة السورية عجز الأمم المتحدة التام، وشللها الكامل، منذ بداية الثورة، وتعاقب شخصيات عديدة على الملف السوري يثبت بأن الخطأ في نظام الأمم المتحدة، وليس في من يقوم بالمهمة، فجميع المُيسّرين الدوليين دون استثناء لم يستطيعوا تقديم فائدة عملية واحدة للشعب السوري.

لقد تحايلت الأمم المتحدة متمثلة بمبعوثها على القرار 2254 عندما شكلت السلال الأربع في جنيف 4 ببساطة شديدة لأن الانتقال السياسي يحتوي السلال الثلاث الباقية

وكانت سياستها لتغطية فشلها، وعدم قدرتها على وقف تعنت النظام، وكان سبيلها الدائم الهروب الى الأمام،

وترك المشكلة خلفها لعجزها عن حلها، فمع إعلان جنيف الأول حاولت جاهدة للوصول إلى الانتقال السياسي وفشلت، فأصدرت القرار 2254 ليكون برنامج عمل وخطوات عملية، فطالبت هيئة التفاوض الأولى بتطبيق البنود المتعلقة بالشق الإنساني لأنها لا تحتاج لتفاوض، وعلقت الهيئة المفاوضات لحين تنفيذ البنود، فعمدت الأمم المتحدة إلى ترحيل تلك البنود إلى أستانا، ففصلت بين تلك البنود والانتقال السياسي، لأنها كانت عاجزة عن تحريك أي أمر يتعلق بالملف الإنساني فهربت إلى أستانا التي لم تحقق شيئاً، وبقيت أستانا متجمدة في الملف الإنساني عاجزة عن حله أو تجاوزه.
لقد تحايلت الأمم المتحدة متمثلة بمبعوثها على القرار 2254 عندما شكلت السلال الأربع في جنيف 4 ببساطة شديدة لأن الانتقال السياسي يحتوي السلال الثلاث الباقية، فلا يمكن أن يتم انتقال سياسي كامل ومنجز، من دون أن يكتب قانون انتخابات شامل، يهيئ لكتابة دستور جديد وصدور الدستور يستلزم حل الهيئات والسلطات الانتقالية فلا بد من إجراء انتخابات لتشكيل هيئات في ظل الدستور، وكل ذلك يتطلب بيئة آمنة ومحايدة مما يعني محاربة الإرهاب، إذاً ببساطة سلة الانتقال السياسي تحتوي ضمنها باقي السلال.

أما العكس فغير صحيح، إذ ليس هناك تلازم حتمي بين الدستور والسلال البقية، ولا سيما سلة الانتقال السياسي، فلا تعني ولادة الدستور أن ينتج عنه انتقال سياسي، أو محاربة للإرهاب فمن الممكن أن تبقى الميليشيات الإيرانية بأنواعها والقوات الروسية تمارس إرهاب الدولة في ظل الدستور الجديد، وأكد ذلك وزير خارجية روسيا بأن كتابة الدستور لا تعني انتهاء الحرب.

الحقيقة المؤكدة أن الدستور كان يجب أن يكون السلة الأخيرة بين السلال، يتحقق انتقال سياسي يقود مرحلة انتقالية يحارب بقايا الإرهاب، يصدر قانون انتخابات شاملة للهيئة التأسيسية وموقع الرئاسة والبرلمان، لتجري في المرحلة الأخيرة انتخابات هيئة تأسيسية تكتب دستوراً، وتأخذ وقتها الكافي من الحوار المجتمعي وتفكيك القضايا الخلافية وحلها.

النتيجة النهائية

كثير منا يتساءل ماذا بعد إعلان اللجنة؟ وماذا سينتج عنها؟

وهو سؤال مشروع، والإجابة عليه مطلوبة من هيئة التفاوض والأمم المتحدة، لكن الصمت يحيط بهم، وإنني أرى أن اللجنة متجهة إلى مسارين لا ثالث لهما:
الأول: هو تعديل لدستور 2012 الذي أعطى شرعية دستورية للنظام وأفعاله خلال الفترة الماضية.
الثاني: التعطيل من قبل النظام، وهذه لعبته لنجد بأن الزمن سرقنا مرة أخرى ونقف في ظل مظلة (السياسة الواقعية) على أعتاب محطة انتخابات رئاسية وبلا ضمانات جوهرية، ولا بيئة آمنة، تدفعنا لها أمم متحدة فاشلة لتعطينا مقابل ذلك مراقبة شكلية لا قيمة لها.

*دكتوراة بالقانون الدستوري - جامعة ماردين آرتقلو
المصدر:سوريا




تشكيل اللجنة الدستورية يطلق «معركة التطبيع» مع دمشق

تشكيل اللجنة الدستورية يطلق «معركة التطبيع» مع دمشق

Oct 06 2019

باريس تضع 4 شروط أوروبية لـ«شرعنة» الانتخابات السورية
طرح تشكيل اللجنة الدستورية السورية، وقواعد عملها، «معركة التطبيع» مع دمشق، و«إعادة الشرعية إلى النظام السوري»، بين استعجال موسكو «إعادة سوريا إلى العائلة العربية» من جهة، وتمسك واشنطن بـ«عزل» دمشق من جهة ثانية، في وقت تقدمت فيه باريس بوثيقة وضعت أربعة شروط لـ«إعادة الشرعية»، والاعتراف بنتائج الانتخابات، بينها «إشراف كامل» من الأمم المتحدة على الانتخابات البرلمانية العام المقبل، والرئاسية في 2021.

ومنذ اتفاق المبعوث الأممي غير بيدرسون، ووزير الخارجية السوري وليد المعلم، على قائمة الـ150 مرشحاً للجنة الدستورية، وقواعدها الإجرائية، الشهر الماضي، كان هناك حرص على كل إشارة سياسية؛ ذلك أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تبنى الإعلان عن «الإنجاز السياسي»، وأن اللجنة ستعقد اجتماعها الأول في جنيف في الـ30 من الشهر الحالي، بحيث يكون عملها بناء على القرار 2254. وفي المقابل، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لـ«الشرق الأوسط»، إن الاختراق جاء «بناءً على قرار مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي» بداية العام الماضي، وضمن «إنجازات» الدول الثلاث الضامنة لمسار آستانة؛ روسيا وتركيا وإيران.



- معركة دبلوماسية

لكن المعركة الدبلوماسية الأهم تدور حالياً حول «ما بعد تشكيل اللجنة»، إذ قال لافروف لـ«الشرق الأوسط» إنه يرحب بتشكيل اللجنة الدستورية، لافتاً إلى أن التقدم على المسار السياسي «سيطرح ملفاً تم طرحه منذ وقت طويل، حول ضرورة عودة سوريا إلى العائلة العربية. والكثير هنا سيتوقف على موقف السعودية، لأن صوتها مسموع في المنطقة وخارجها»، علماً بأن الرئيس فلاديمير بوتين سيزور الرياض قريباً. ومن جهته، قال المعلم، بعد لقاء عرضي مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في نيويورك، إن على الجامعة العربية أن تعود إلى سوريا «كي تصبح عربية».

أما أبو الغيط، فقال إن الوقت لم يحن لعودة سوريا للجامعة العربية، وزاد: «ليس بعد، رغم أن دولاً عربية أعادت العلاقات، وأعادت فتح السفارات مع سوريا، فإن الإرادة الجماعية العربية لم تصل بعد إلى اللحظة التي تفيد بأنه ليست لدينا مشكلة مع الحكم في سوريا».

وأضاف: «عندما... تنطلق سوريا الجديدة، أتصور عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة. وسوريا الجديدة لن تكون مرتمية في أحضان إيران؛ هذا شرط عربي رئيسي».

وفي الضفة الثانية، قال المبعوث الأميركي للملف السوري السفير جيمس جيفري: «نواصل حث جامعة الدول العربية على التصدي لأي جهود ترمي لإعادة نظام الأسد إلى الجامعة قبل الوفاء بالمعايير المحددة في القرار 2254»، مضيفاً: «أي محاولة للترحيب بعضوية نظام الأسد مرة أخرى في الجامعة العربية، أو استئناف العلاقات معه، من شأنها أن تقوض جهودنا الجماعية الرامية للتحرك نحو التوصل إلى حل دائم وسلمي وسياسي للصراع الدائر في سوريا، وستستمر العزلة الدولية المفروضة على نظام الأسد حتى يكف عن شن هجماته الوحشية على السوريين الأبرياء، ويتخذ خطوات ذات مصداقية لتهدئه العنف، وتمهيد الطريق أمام التوصل إلى حل سياسي».

وكانت واشنطن قد جمدت، بداية العام الحالي، مسارين لـ«التطبيع» مع دمشق: المسار الأول الذي كان قد بدأ بإعادة تشغيل سفارات عربية في العاصمة السورية، والمسار الثاني رفع التجميد عن مقعد الحكومة السورية في الجامعة العربية الذي اتخذ في نهاية 2012.



- «عزل دمشق»

وقادت واشنطن ولندن جهوداً لتثبيت عناصر الموقف السياسي هذه عبر اجتماع في نيويورك لوزراء خارجية «المجموعة الصغيرة» التي تضم مصر وفرنسا وألمانيا والأردن والسعودية وبريطانيا وأميركا، إضافة إلى اجتماع آخر دعت إليه مسؤولة الشؤون الخارجية الأوروبية فيدريكا موغيريني وبيدرسون على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وإذ رجبت الدول بـ«إعلان الأمم المتحدة أن الأطراف كافة قد وافقت على إنشاء لجنة دستورية. هذه خطوة إيجابية طال انتظارها، ولا تزال تتطلب التزاماً جاداً وتعهداً بتحقيق الوعود لتنجح»، جددت الإشارة إلى أدوات الضغط المتوفرة لديها، وبينها ضرورة توفر البيئة المحايدة للعملية السياسية، و«الإفراج الجماعي عن السجناء السياسيين، والخطوات لتهيئة بيئة آمنة محايدة من شأنها أن تمكن السوريين من إجراء انتخابات حرة نزيهة ذات مصداقية، تحت إشراف الأمم المتحدة، بشكل يتيح للنازحين واللاجئين والمهاجرين المشاركة فيها». كما تمسكت هذه الدول بإبقاء ملف المساءلة مطروحاً، وسط تأكيدها على «دعم الجهود الرامية إلى ضمان تحديد ومحاسبة جميع مرتكبي انتهاكات القانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بمن فيهم المسؤولون عن الجرائم ضد الإنسانية».

كما أبقت واشنطن ولندن «ورقة» ملف الكيماوي، إذ أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن بلاده «خلصت إلى أن نظام الأسد استخدم غاز الكلور كسلاح كيمياوي في 19 مايو (أيار)، في هجوم على محافظة اللاذقية، غرب سوريا». وأيدت لندن موقف واشنطن التي فرضت عقوبات إضافية على كيانات سورية.

ولم تظهر إلى الآن تغيرات جوهرية في مواقف الدول الأوروبية وأميركا من شروط «التطبيع» مع دمشق، و«شرعنة النظام»، والمساهمة في إعمار سوريا، لكن بعض الدول الأوروبية قلقة من تفكك «الجدار الجماعي» إزاء ذلك، خصوصاً بعد إعلان هنغاريا فتح سفاراتها في العاصمة السورية. لذلك، فإن اجتماعات عدة ستعقد في بروكسل لهذا الغرض، قبل الاجتماع الأوروبي الوزاري منتصف الشهر.

- أربعة شروط

وكان لافتاً أن باريس وضعت على طاولة حلفائها ورقة حددت شروط قبول نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية في سوريا، و«إلا، لن تكون شرعية»، واقترحت أربعة مبادئ للموقف الجماعي، هي:

أولاً، إرساء تدابير بناء الثقة على أرض الواقع، بهدف تهيئة الأجواء والبيئة الآمنة والمحايدة، قبل وأثناء وعقب انعقاد الانتخابات، وذلك لضمان تمتع العملية الانتخابية بالمصداقية، في ظل الشروط الأمنية الكافية، مع حماية حقوق الأطراف كافة. ويشمل ذلك وقف النار وإطلاق معتقلين.

ثانياً، ضمانات تؤكد على مشاركة ووصول النازحين واللاجئين إلى مراكز الاقتراع، فضلاً عن حملات التثقيف والتوعية الانتخابية.

ثالثاً، شروط قانونية وعملية ميسرة لإجراء الاقتراع التعددي. وفي ظل وجود 12 مليون لاجئ خارجي ونازح داخلي في سوريا، من الأهمية البالغة أن يتمكن جميع المواطنين السوريين في الشتات من التصويت، مع حيازتهم لحق الترشح أيضاً في الانتخابات المقبلة.

رابعاً، إشراف منظمة الأمم المتحدة على الانتخابات، وتوفر الحياد الصارم في العملية الانتخابية. ومنعاً لوقوع أي شكل من أشكال التلاعب، مع ضمان الإعداد الجيد للانتخابات في مرحلة ما بعد الصراع، ينبغي لإشراف الأمم المتحدة أن يكون شاملاً، يتضمن تنظيم وإجراء الانتخابات، مع الدعم الأممي للبيئة الانتخابية الآمنة، ومراقبتها بعناية فائقة.

وذكرت الوثيقة بموقف دول الاتحاد الأوروبي، وأنها على «استعداد تام للاضطلاع بدورها في إعادة إعمار سوريا، في حالة وجود عملية انتقالية سياسية شاملة حقيقية، على أساس قرار مجلس الأمن 2254».
المصدر :الشرق الاوسط




ست نقاط أساسية في فكرة الدستور السورية*

ست نقاط أساسية في فكرة الدستور السورية*

Oct 05 2019

ماجد كيالي
قبل البحث في فكرة الدستور، قيمه ومعاييره ومضامينه، يفترض بنا الإجابة عن تساؤل أي نظام سياسي نريد، هل نريد نظاماً ملكيا أم جمهوريا؟ استبداديا أم ديمقراطيا؟ برلمانيا أم رئاسيا؟ فدراليا أم مركزيا؟ طائفيا أو قوميا أم دولة مواطنين؟

الآن، وعلى فرضية أن الشعب السوري، بأغلبيته على الأقل، عانى الاستبداد، والدكتاتورية، والدولة المركزية والحكم الوراثي، والانقسامات الطائفية والمذهبية، فإن الإجابة عن ذلك السؤال قد تبدو معروفة أو سهلة، على الرغم من كل الإشكالات المتضمنة فيها، ذاتيا وموضوعيا.

على ذلك فإن هذه المقالة ستركز على القضايا الأهم (من وجهة نظر الكاتب) التي يفترض أن يلاحظها الدستور السوري المفترض، أو المعنيون بصوغ دستور لسوريا، اليوم أو غدا، وهي:

أولاً، استعادة قيم النظام الجمهوري، لأن فلسفة ذلك النظام، وهو من منتجات الحداثة، على صعيد النظم السياسية، تقوم على أسس عدّة؛ أهمها:

1) إنهاء الحكم المطلق.

2) سيادة الشعب وعدّه مصدر السلطات.

3) الفصل بين السلطات الثلاث: التشريعية والقضائية والتنفيذية، واستقلال كل واحدة منها في مجالها.

4) شرعنة المكانة الحقوقية والسياسية للمواطن الفرد، القائمة على مجتمع من الأفراد المواطنين والأحرار والمستقلين عن أي انتماءات جمعية أخرى، في إقليم ـ دولة يشكلون فيها الأمة.

وكان واضعو نظريات "العقد الاجتماعي"، وهم من آباء فكرة الليبرالية، من مثل لوك وروسو وكانط (القرنين السابع عشر والثامن عشر)، أسّسوا لفكرة الجمهورية في مواجهة الحكم المطلق، وعلى أساس أن السيادة في النظام الجمهوري تعود إلى الشعب الذي يؤلف الإرادة العامة، ويتألف من مجموعة أفراده، الأحرار والمتساوين، وعلى أساس حكم مدني، والفصل بين السلطات. بل إن لوك وروسو توافقا على أن شرعية أي سلطة مشروطة بالتزام الحاكم بصيانة الحقوق والحريات الفردية وإلا فللناس حق الثورة عليه. وعند روسو، أيضا، فإن الإرادة العامة للشعب هي فوق أي إرادة فردية". أما كانط فقد ركز على مكانة الدستور المدني الذي يتأسس على ثلاثة مبادئ: “حرية أعضاء المجتمع، ومبدأ خضوعهم جميعا لقانون وحيد مشترك، ومبدأ المساواة بين الجميع، وعلى قاعدة الفصل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.”

إذاً، من دون استعادة النظام الجمهوري، ومن دون تكريس قيمه وأسسه السياسية والأخلاقية والقانونية، لا يمكن التأسيس لدستور جديد يكفل إعادة خلق السوريين بوصفهم شعبا، وخلق الدولة، بوصفها دولة مؤسسات وقانون، بمعنى الكلمة.

ثانيا، زرع فكرة المواطن ومكانته، ذلك أن أي عملية انتقال سياسي في سوريا يفترض أن تتأسس على إقامة دولة مواطنين أحرار ومتساوين، بخاصة أن الإدراكات السياسية السائدة، عند النظام كما عند أغلب المعارضة، ما زالت تفتقد إلى مفهوم المواطنة، أو لتحديد المكانة الحقوقية والقانونية للمواطن في الدستور، علما أنه لا يمكن الحديث عن نظام ديمقراطي من دون ذلك، وبافتراض أن ذلك وحده هو ما يجعل من السوريين شعباً، بغضّ النظر عن انتماءاتهم الأولية والإثنية والطائفية، وما يجعلهم يدركون ذواتهم الفردية بوصفها جزءا من مجتمع، أو جزءا من شعب، مع حقوق وواجبات، ذلك أن الأقانيم الثلاثة لتمكين المواطن، هي الحرية والمساواة والاستقلالية (أي حصانة الحيز المستقل للفرد). هنا يجب التمييز بين التعريف بالفرد مواطنا، بالمعنيين السياسي والقانوني، وتعريفه منتميا إلى جماعة قبل وطنية، أي بدلالة انتمائه القبلي أو الطائفي أو الإثني، على ما هو حال لبنان تاريخيا في نظام الديمقراطية الطائفية الذي يرهن مواطنيه بطوائفهم، والعراق الذي بات على هذا النحو أيضا، والاثنان يشتغلان وفق مبدأ يسمى بـ “الديمقراطية التوافقية"، وهي ديمقراطية مزيفة، ولا تختلف كثيرا عن ديمقراطية الانتخابات، أو الاستفتاءات.

ثالثاً، بين الفدرالية والمركزية، إذ ثمة فكرة ظلّت محمّلة بالالتباسات وهي تتعلق بالحديث عن سوريا بوصفها دولة لا مركزية، أو تتعلق بشجب فكرة الفدرالية، على ما درج في خطابات المعارضة السائدة. وفي الحقيقة فلا شيء اسمه دولة لا مركزية، بل إن اللامركزية تتضمن المركزية أساساً، والقائلين فيها يوحون بالخشية على سوريا من "التقسيم". وفي الحقيقة فإن ما يمنع التقسيم ليس نصاً معيّناً، سواء كان يتضمن اللامركزية أم المركزية، لأن ثمة دول كبرى قسّمت من دون أن تكون فدرالية، وثمة دول ذات نظام فدرالي، هي من أقوى دول العالم وأغناها وأكبرها، من دون أن تخشى من شبح التقسيم. والفكرة هنا، أولا، أن التقسيم يحصل أساساً وقبلاً في الشعب، لا في الجغرافيا. ثانيا، إن شعور فئة من شعب معين بأنها مغبونة وأنها غريبة في دولتها هو الذي يفتح على خطر التقسيم. ثالثا، إن درء التقسيم يتطلب المساواة بين المواطنين، والمساواة في توزيع الموارد، في نظام يتأسس على الحرية والمواطنة المتساوية والديمقراطية.

على ذلك فإن النظام الفدرالي ليس هو مصدر التقسيم أو الذي يفتح الأبواب على التقسيم، وإنما نظام الاستبداد، واستلاب الحقوق، مع معرفتنا أن الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا والصين وروسيا ودولا كثيرة تأخذ بالنظام الفدرالي. ثم إن النظام الفدرالي هو الذي يحول دون إعادة إنتاج الاستبداد، في حين إن النظام المركزي يسهل ذلك، والنظام الفدرالي يتيح توزيعا عادلا للموارد، بعكس النظام المركزي الذي يجعل العاصمة تستأثر بالموارد. وأخيراً، لعل ما يجب التركيز عليه أن الدولة الفدرالية لا تتأسس وفقاً لمعايير إثنية أو طائفية، وإنما وفقا لمعايير جغرافية، وهذا ما يفترض الانتباه إليه، للتخفّف من الخشية من فكرة الفدرالية، ولوضع حد للمداورة عليها بفكرة اللامركزية التي لا تعني شيئا، أيضا يمكن أن يشكل هذا رداً على طروحات "الفدرالية" الإثنية التي تلوح بها بعض القوى الكردية.

رابعا، بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني، إذ من البدهي أن إقامة نظام سياسي برلماني، هو المدخل الملائم للقطع مع النظام الرئاسي الذي قد يعيد إنتاج نظام الاستبداد، أو حكم الدكتاتور، وربما يمكن أخذ التجربة الفرنسية هنا، حيث ثمة نظام مزدوج رئاسي وبرلماني، مع توزيع الصلاحيات بين الجهتين. وأهمية ذلك الطرح أنه يساهم في إخراج الأمر من دوامة الصراع السياسي والتفاوضي على منزلة الرئيس، على نحو ما شهدنا في تجربة المفاوضات، وذلك في النص في أي دستور جديد على نظام برلماني، أو نظام مزدوج، لتجاوز هذه العقبة نهائياً.

خامساً، بصدد المسألة القومية الكردية، لا يمكن طرح أي دستور جديد في سوريا، أو خلق إجماعات وطنية سورية، من دون معالجة المسألة القومية، لا سيما للجماعة القومية الثانية في البلد، أي الكرد، والفكرة هنا أن الحديث عن حقوق المواطنة وحده لا يكفي، بمعنى أنه مع النص على حقوق المواطنة الفردية، يفترض أيضا النص على الحقوق الجمعية للكرد، بوصفهم جماعة قومية، تنتمي إلى جماعة قومية أكبر في بلاد أخرى، تماما مثلما بالنسبة إلى العرب السوريين، وذلك في اللغة والتعليم والثقافة والأعياد والرموز.

سادساً، نظام ديمقراطي، حتى الآن فإن هذا النظام الذي يتأسس على تداول السلطة، والاحتكام إلى الدستور، والفصل بين السلطات، وحل الخلافات وتعيين التوازنات السياسية بوساطة الانتخابات هو الأفضل بالنسبة إلى النظم السياسية في العالم، على الرغم من كل الثغرات فيه والمآخذ عليه، لكن ذلك النموذج هو الأفضل والأرقى لإدارة أي بلد، لكن ذلك النظام يفترض أن يكون محتكما إلى فكرتي المواطنة والحرية، إذ ديمقراطية الانتخابات والديمقراطية التوافقية ليستا من الديمقراطية في شيء، فالديمقراطية من دون ليبرالية، كما الليبرالية من دون ديمقراطية، لا تفيدان في شيء. وما يفترض إدراكه هنا أنه في الديمقراطية الليبرالية لا توجد أقليات وأكثريات طائفية أو إثنية، وإنما توجد أقليات نسبة إلى المصالح السياسية والاقتصادية، بمعنى أنه لا توجد انقسامات عمودية، وإنما انقسامات أفقية على المصالح والرؤى.

تلك هي القضايا الأكثر حساسية والأكثر أهمية التي يفترض تضمينها في الدستور السوري المقبل، بيد أن ذلك يفترض التأكيد أيضا بأن أي دستور لا يمكن أن ينجز من دون استعادة الاستقرار، والتحرر من حقبة الاستبداد، ومن دون مداخلات دولية مؤثرة وحاسمة.

*بروكار برس (brocarpress.com)، تفتح باب المناقشة حول موضوع الدستور، واللجنة الدستورية، وهذه مساهمة في ذلك الموضوع.
المصدر: بروكار برس




منطقة إردوغان الآمنة

منطقة إردوغان الآمنة

Oct 05 2019

يوسف الشريف*
ما زال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يقف وحيداً حاملاً مشروعه لإنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا أو ما يسميه «ممر السلام». فرغم حديثه عن المشروع بشكل مفصل ورفعه خريطة له أثناء إلقاء كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتأكيده على أنه المشروع الوحيد الكفيل بحل أزمة اللاجئين السوريين ومعاناتهم، فإن أياً من المسؤولين الدوليين الذين حضروا أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة لم يلتفت إلى هذا المشروع ولو حتى بالتعليق، بمن فيهم أمير قطر الحليف الأساسي لتمويل المشاريع التركية في المنطقة مؤخراً.
رغم ذلك يخطئ من يعتقد أن الرئيس إردوغان قد يتراجع عن هذا المشروع بسهولة، مهما كانت التحديات والصعوبات، فالرجل أفرغ للمشروع ساعات طويلة من العمل مع فرق كثيرة من زملائه السابقين الذين عملوا معه سابقاً في بلدية إسطنبول، فقد كشفت وسائل الإعلام الموالية لإردوغان عن تفاصيل مشروعه الذي يريد بناءه على طول الحدود التركية - السورية وبعمق 30 كيلومتراً، لنعلم أنه درس أدق تفاصيله، لدرجة أنه وضع له خططاً بلدية لإدارته، فرسم القرى والنواحي والمدن، وحدد عدد السكان في كل منها ومكانها على الخريطة، وعدد المستشفيات والمدارس والمساجد التي سيتم إنشاؤها، بل وحتى تم وضع رسومات هندسية للمنازل والوحدات السكنية التي يفترض أن تبنى هناك لعائلات اللاجئين السوريين، وخرج بدراسة جدوى قدّر من خلالها أن هذا المشروع سيكلف 150 مليار دولار، طالب بتحصيلها من الدول المانحة، وأن تحتكر الشركات التركية تنفيذ هذا المشروع بحجة أن تركيا هي التي ستقدم الدعم اللوجيستي لإنشائه.
نعم، تبدو الفكرة غريبة وغير قابلة للتطبيق؛ من الرفض الأميركي - الروسي لإنشاء هذه المنطقة وتفرد تركيا بالسيطرة عليها، إلى استحالة توفير هذا المبلغ الضخم من الدول المانحة، بل وترك التنفيذ للشركات التركية التي ستجني أرباحاً منه تكفيها لعقود مقبلة، إلى جانب منطق أن تنفيذ هذا المشروع الذي سيستغرق سنوات، يتجاهل السعي لوضع حل سياسي للأزمة السورية، بل إن المعارضة السياسية في تركيا ممثلة في حزب الشعب الجمهوري، تنتقد هذا المشروع وتعتبره مخالفاً للقوانين الدولية وقانون حقوق الإنسان العالمي، لأنه تدخل على أرض دولة أخرى ذات سيادة من دون إذنها، وفيه إعادة قسرية للاجئين السوريين، وتغيير ديموغرافي للتركيبة السكانية في تلك المنطقة، ويهدد سيادة الأراضي السورية ووحدتها.
رغم كل هذه الأسباب الواضحة والقوية، يصر الرئيس إردوغان على مشروعه هذا ولو خاض من أجله حرباً محدودة. فالأمر في ظاهره يتعلق بملف اللاجئين، ولكن في باطنه يتعلق بمشروع إنشاء ممر عربي سني في شمال سوريا، يفصل أكراد تركيا عن أكراد سوريا، وعلويي تركيا عن علويي سوريا، حيث يعتقد تيار القوميين في تركيا أن هذا هو الحل الوحيد الذي يمكن أن يمنع قيام حكم ذاتي كردي جديد في شمال سوريا، وتمدده إلى تركيا مستقبلاً. والأهم من هذا كله، أن إردوغان قد رهن - حتى الآن - مستقبله السياسي على هذا المشروع، لأنه دخل في تحالف قوي منذ عامين مع القوى القومية وما يسمى الدول العميقة، وهما قوتان لا يستهان بهما في تركيا، لجأ إليهما إردوغان بعد خلافه مع حليفه السابق الداعية فتح الله غولن. فمنذ المحاولة الانقلابية الفاشلة صيف عام 2016، وطرد عشرات الآلاف من موظفي الدولة بتهمة الانتماء إلى جماعة غولن، بدأ القوميون ملء تلك الوظائف، والسيطرة على مفاصل مهمة من الجهاز البيروقراطي والأمني في تركيا. وقد أفلت إردوغان لهم العنان من أجل شن حملات أمنية انتقامية ضد الأكراد وضد جماعة غولن.
ومع تراجع شعبية الرئيس رجب طيب إردوغان داخلياً، وحصول الانشقاقات في حزبه، وكشف المعارضة كثيراً من ملفات الفساد الكبيرة في البلديات التي كان حزبه يسيطر عليها سابقاً، فإن إردوغان ليس أمامه من حليف سياسي اليوم سوى هذا التيار القومي الذي يحاصره بالضغط لتنفيذ مخطط مشروع المنطقة الآمنة. لذا فإن إردوغان يرفع شعار «بقاء تركيا» في حملاته السياسية، لأنه يعرف أن منافسيه السياسيين خصوصاً حزب الشعب الجمهوري، والأحزاب الجديدة التي سيشكلها المنشقون عنه، تدعم خيار حل القضية الكردية سياسياً من خلال توسيع الحريات والديمقراطية في تركيا، وتبّني مشروع حكم يقلل من سلطات الحكومة المركزية لصالح مجالس محلية موزعة على 9 أقاليم.
من جديد، نحن أمام سياسة خارجية لحكومة رجب طيب إردوغان تتحكم فيها ضرورات السياسة الداخلية والبقاء لأطول مدة في الحكم، فالرئيس إردوغان الذي لم يمانع قبل يومين من دراسة مقترح خرج به مستشاره (أو تم دفعه للخروج به وجس النبض بشأنه) لخفض عتبة الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة من 50 إلى 40 في المائة فقط من الأصوات، يدرك صعوبة موقفه الانتخابي، وأن فرصه في الفوز في أي انتخابات رئاسية مقبلة باتت صعبة للغاية، لذا فإنه يتقرب أكثر وأكثر من الدولة العميقة الأمنية التي قد يلجأ إليها عند الحاجة، فإعلان حالة الطوارئ وتأجيل الانتخابات قد يكون حلاً في ظروف الحرب، ومشروع المنطقة الآمنة يوفر له هذا الشرط.
هناك من لا يزال يؤمن ببراغماتية إردوغان وقدرته على الاستدارة 180 درجة فجأة، إذ إن له سوابق في هذا الإطار، ويقول هؤلاء إن إردوغان قد يفجر مفاجأة في مؤتمره الحزبي المقبل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بالعودة من جديد إلى مشروع الحل السياسي للقضية الكردية، والانفتاح على الحوار مع أكراد سوريا وتنحية مشروع المنطقة الآمنة جانباً، بعد الأخذ بعين الاعتبار المواقف الدولية الرافضة لمشروعه هذا، واحتمالية أن يعيد له تحالفه مجدداً مع الأكراد جزءاً من شعبيته المتراجعة. لكن هذا السيناريو تواجهه عقبة مهمة وقوية؛ ألا وهي احتمال انتقام التيار القومي المتطرف من إردوغان للغدر بهم من جديد، خصوصاً أنهم يؤمنون بأن أي حل سياسي للقضية الكردية في تركيا سيؤدي حتماً لتقسيم أراضيها. وهنا تتفق مصالح المنطقة الآمنة في شمال سوريا، مع المنطقة الآمنة التي يفضل إردوغان أن يبقى داخل حدودها سياسياً في تركيا.
* كاتب متخصص في الشأن التركي
المصدر :الشرق الأوسط




شاب من كوباني يؤلف مجموعة قصصية

Oct 04 2019


 البدء بتدريس اللغة الكُردية في ولاية أمريكية

البدء بتدريس اللغة الكُردية في ولاية أمريكية

Oct 03 2019

بدأت مدينة ناشفيل الأمريكية بالتعليم باللغة الكُردية بالمدارس التابعة لها بعد تصويت مجلس المدارس على القرار مطلع العام الحالي.
وأوضح الاستاذ حيدر خزري القائم على مشروع تدريس اللغة الكُردية : “أن مدارس ميترو ناشفيل قد قبلت الإقتراح الداعي الى تدريس وتعليم اللغة الكُردية في المدارس الثانوية، ونحن بصدد إصدار الكتب وتحضير المدرسين الذين سيلقون المحاضرات حول الثقافة والادب الكُردي”.

وأشار خزري، “في عام 2011 ، قمت بالتدريس في قسم اللغة والأدب بجامعة ماردين أرتوكلو، وقمت بتأسيس أول برنامج أكاديمي كُردي في بلومنجتون ، جامعة إنديانا، ودرست 30 طالب وطالبة باللغة الكُردية، وفي صيف 2016 قمت مع طلاب القسم الكُردي بزيارة مدينة ناشفيل، وقدمنا ​​توصية إلى رئيس مركز صلاح الدين نوزاد هورامي حول تدريس اللغة الكُردية في ناشفيل”.

وأشار إلى “ان اللغة الكُردية ليست بوضع جيد مثل اللغات التركية أو الفارسية أو العربية، وذلك لأنه لم يتولى أي أحد تعليم هذه اللغة للآخرين، ولسوء الحظ فقد ركز الكُرد دائما على السياسة والاحزاب”.

والجدير بالذكر أن مدينة ناشفيل وهي عاصمة ولاية تينيسي الأمريكية يعيش فيها ما يقارب الـ 15 ألأف مهاجر كُردي بينهم ألف طالب على الأقل يدرس في مدارس المدينة.




رحيل المؤرخ عز الدين مصطفى رسول عن عمر ناهز  85 عاماً في السليمانية

رحيل المؤرخ عز الدين مصطفى رسول عن عمر ناهز 85 عاماً في السليمانية

Oct 03 2019

توفي في مدينة السليمانية صباح اليوم الخميس المؤرخ والمفكر الكُردي عز الدين مصطفى رسول عن عمر ناهز 85 عاماً.

ويذكر أن عز الدين، وهو مفكر وكاتب، قد ولد عام 1934 في السليمانية وأكمل مشواره الدراسي فيها كما درس في بغداد ودمشق والاتحاد السوفييتي.

وبالاضافة الى الدروس المدرسية درس المفكر الراحل مقدمات العلوم العربية والدينية لدى والده وأكمل الدراسة المتوسطة والثانوية بتفوق.

أمضى الراحل حياته في البحث العلمي حيث أنجز أكثر من 80 كتاباً بين القصة والشعر والدراسات الادبية، كما ربى أجيالاً عديدة من الطلاب في جامعات بغداد والسليمانية وصلاح الدين.

عمل في الصحافة العربية والكُردية، ويُعد مترجماً من الطراز الاول اذ نقل إلى اللغة العربية قصائد كُردية، وترجم قصائد عربية إلى اللغة الكُردية.

ترجم أيضاً من الروسية إلى العربية أعمالاً علمية أدبية.




Pages