لا بديل لتنفيذ القرار 2254 لحل الأزمة السورية
رمزي عز الدين رمزي*
هناك شعورٌ عامٌّ متزايد، حتى بين السوريين، بأنَّ المجتمع الدولي سلَّم بأنَّ الطريق إلى التسوية السياسية في سوريا أصبح مسدوداً إلى أن: يتم اتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا على كيفية الحل، تتوصل كل من الولايات المتحدة وإيران إلى صيغة مقبولة للتعايش، اتخاذ الدول العربية مبادرة جماعية للتسوية في سوريا، يتمكن العرب وتركيا من التفاهم على ترتيب يحقق التوازن في مصالحهم في المنطقة. فإذا كان هذا هو الحال، فالأرجح أننا سننتظر طويلاً. ولكنَّ هناك طريقاً آخر لتسريع الحل السياسي في سوريا، وذلك فيما إذا قرر المجتمع الدولي، ولا سيما الدول الفاعلة على الساحة السورية، أن يعكسوا هذا المنطق ويصلوا إلى تفاهم على أسلوب مبتكر للمضي قدماً في تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، على أساس أن التسوية في سوريا ستفتح الباب أمام حلحلة بعض المشاكل الإقليمية وحتى بين الدول الإقليمية والقوى الكبرى.
إن سجل قرارات مجلس الأمن الدولي يعكس تخبطاً في التنفيذ، حيث نُفذت بعض القرارات ولم يتم تنفيذ البعض الآخر، وحتى تلك التي نفذت لم تنفذ بالتسلسل الوارد في القرار أو خلال الإطار الزمني المنصوص عليه.
فيما يخص القرار 2254 الخاص بسوريا فما زال مصيره غير واضح. فهناك أمل في تنفيذه حتى إذا لم يتم بالتسلسل الوارد في القرار، وبالتأكيد ليس في الإطار الزمني المنصوص عليه. وذلك لتحقيق الهدف الأساسي منه إلا وهو أن يحقق الشعب السوري تطلعاته في تقرير مستقبله، من خلال انتخابات حرة ونزيهة تدار تحت إشراف الأمم المتحدة.
إن القرار 2254 يوفر إطاراً عاماً للتسوية السياسية في سوريا يتضمن العناصر التالية: وقف إطلاق النار بالتوازي مع مفاوضات تؤدي إلى نظام حوكمة ودستور جديد يجري على أساسه انتخابات، على أن يتم ذلك في بيئة تتمتع بوقف إطلاق للنار مع التصدي لظاهرة الإرهاب، وتدفق المساعدات الإنسانية، والإفراج عن المحتجزين والمختطفين، وعودة اللاجئين وبدء عملية إعادة الإعمار.
فيما يخص وقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية، فقد خفَّت حدة القتال بشكل ملحوظ في معظم أرجاء البلاد، ولا يبقى سوى استكمال الترتيبات في منطقة إدلب وشمال شرقي سوريا، من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار الشامل.
وفيما يتعلق بمسألة الحوكمة، فإنَّ الصيغة الأكثر منطقية هي تقاسم السلطة بين الحكومة والمعارضة. وللأسف لم يتم استكشاف بشكل جدي إمكانية التوصل إلى صيغة مقبولة بهذا الشأن. فمن جهة لم تكن المعارضة قابلة لأي شيء سوى تشكيل هيئة حكم انتقالي، الهدف منها الإطاحة بنظام الحكم السائد، ومن جهة أخرى لم يذهب مفهوم الحوكمة لتقاسم السلطة إلى مدى مقبول. وعلى الرغم مما تقدم لا تزال هناك فرصة للوصول إلى صيغة مقبولة للحوكمة، من خلال عملية الإصلاح الدستوري.
والآن، لم يعد هناك مناطق محاصرة أو مناطق صعبة الوصول إليها. هناك فقط مناطق حدودية خارجة عن سيطرة الحكومة. وللأسف فإنَّ تلك المناطق ضحية لخلاف بين معظم الدول المانحة التي ترى أن تمر المساعدات عبر الحدود وبين الحكومة التي تصر على أن توجه المساعدة من خلالها. ويمكن علاج هذه المسألة في إطار مجموعة شاملة من الإجراءات لتنفيذ القرار 2254.
ففيما يتعلق بتدابير بناء الثقة، فهناك حاجة إلى مجهود ضخم، حيث لم تسفر عملية آستانة إلا عن تقدم ضئيل بشأن إطلاق سراح المحتجزين من قبل الحكومة والمختطفين من قبل المعارضة. فلم يتم إطلاق سوى العشرات من قبل الحكومة والمعارضة.
أما فيما يخص المكافحة الفعالة للإرهاب، فإنَّ ذلك يتطلب معالجة جذوره، وهي عملية طويلة ومعقدة. ولذلك ما ينبغي أن يكون أولوية للمجتمع الدولي هو وضع حد للدعم الخارجي للإرهابيين داخل سوريا. وفي هذا الصدد، يجب تنفيذ قراري مجلس الأمن 2170 و2178 لعام 2014 تنفيذاً صارماً، على أن يبدأ ذلك في إدلب.
أما العملية السياسية فقد أصبحت تتمحور حول عملية الإصلاح الدستوري من خلال إنشاء اللجنة الدستورية، التي أصبح لديها الآن جدول أعمال متفق عليه. وفي ضوء أن الدستور الحالي يحدد عام 2021 موعداً لإجراء الانتخابات الرئاسية، فمن الضروري أن تنهي اللجنة الدستورية أعمالها في توقيت يسمح بتنظيم الانتخابات في الموعد المحدد، وذلك على أساس أن تنعقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في توقيت متزامن بعد استكمال عملية الإصلاح الدستوري، الذي يمكن أن ينتج عنها دستور معدل أو جديد حسبما تتفق اللجنة الدستورية.
*سفير مصري ومسؤول أممي سابق
المصدر :الشرق الاوسط
-
هل تولد رؤية وازنة عبر تكتيكات طوارئ؟
May 17 2024 -
البيئة الآمنة والمحايدة كشرط للعملية السياسية الناجحة!
May 09 2024 -
الاقتراع السوري الواعي الديمقراطية السورية المأمولة
Mar 31 2024 -
بمناسبة عيد المرأة العالمي:
Mar 08 2024 -
دروس دستورية في مقابلة الرئيس بارزاني مع"مونتي كارلو"..
Mar 03 2024 -
في حوار حصري مع مونت كارلو الدولية: الزعيم الكردي مسعود برزاني يقول إن النموذج الديموقراطي مهدد في العراق وصف قرارات المحكمة الاتحادية بالاجحاف ضد الاقليم وتحدث عن القلق حيال الانسحاب الامريكي من العراق
Feb 28 2024 -
بيدرسون: النظام السوري رفض عقد جولات اللجنة الدستورية في جنيف
Feb 28 2024 -
بناء الثقة .. كشرط لتقدم العملية السياسيّة..!
Jan 27 2024 -
لنعمل لأجل بناء الثقة!
Jan 14 2024 -
لنعمل لأجل بناء الثقة؟
Jan 04 2024
-
دلبخوين دارا: من شاشة روداو العربية!
Jun 11 2020 -
تقزيم المسألة السورية في قالب (صياغة الدستور)
Aug 15 2018 -
جمهورية شرق الفرات
Oct 14 2018 -
أولويات التفاوض كُردياً: الحفاظ على نظام الإدارة الذاتية، وعفرين:
Aug 14 2018 -
الدنمارك: ستة وجوه من حَمَلَةِ شهادات الماجستير على خشبة التكريم الكُردية.
Oct 17 2018 -
حقن البلازما بين هوس النساء والحقيقة العلمية..
Feb 21 2019 -
ورحلت القامة: رحيل الرجل الشجاع
Aug 21 2018 -
(الإصابة بالتوحد) أسبابها وأعراضها وكيفية االمساعدة على تحسن حالة الطفل التوحدي
Sep 01 2018 -
اختطاف المحامي ياسر السليم من كفرنبل بعد دعوته التعايش مع الدورز والكُرد وأهل الفوعة
Sep 22 2018 -
المحلل الإقتصادي خورشيد عليكا لبرجاف: الضغط على البنك المركزي ليس حلاً..والأزمة تتفاقم!
Aug 14 2018