البيئة الآمنة والمحايدة كشرط للعملية السياسية الناجحة!

البيئة الآمنة والمحايدة كشرط للعملية السياسية الناجحة!

May 09 2024

فاروق حجّي مصطفى

أحتوت الإحاطة الأخيرة للمبعوث الأممي الخاص لسوريا غير بيدرسون عبارة "البيئة الآمنة والمحايدة والهادئة"، كما أشار السيد بيدرسون إلى أنّ الوضع في سوريا يسير في اتجاهٍ خاطئ، والحق كانت إحاطة دقيقة، ووضع إصبعه على الجرح.
في الواقع إنّ التطرق لحاجة سوريا إلى بيئة آمنة ومحايدة لها عدة مدلولات، وأولها: التحديّات العنفية، والتي لم يخرج بلادنا بعد من أجيجها ومن تأثيراتها، وثانيها: تدل إنّ سوريا ( كمؤسسات الحكم والمعارضة حاضنة الطرفين وداعميها) لم تستنفذ بعد من قدراتها النزاعية؛ وثالثها: قد تدل إلى فقدان إرادة الأطراف (كونها مرهونة للعامل الإقليمي والروس) لخوض مسار السلام بدءاً من عقد اللجنة الدستورية لجولتها التاسعة وانتهاءاً بالعمل لخلق بيئة التغيير مثل برامج التربية المدنيّة، ومسائل الديمقراطية كتقنيّة إجرائية للحكم الرشيد، ومروراً بمسألة جبر الضرر للضحايا، ورابعها: غياب بيئة بناء الثقة، والأخيرة متعلقة بالموروث الثقافي والسلوكي التاريخيّ الإستبداد كان مصدرها الأول.
استطراداً.. إنّ العمل على بيئة آمنة ومحايدة ومستقرّة ليس استحقاق المرحلة فحسب، بقدر ما إنّ هذا المسار والذي أشتغل عليه الزملاء والزميلات لسنوات، كانت حاجةً ملازمةً لكل العمل التفاوضي، إذ من خلال هذه البيئة يمكن إجراء حوارات جادة ومسؤولة، عدا إنّ مثل هذا المسار ( بيئة آمنة ومحايدة ) ينتج جيلاً لا يرى من مصلحته دوام النزاع، ويحشد حاضنة لبناء مستقبل يحمل اقتصاد منتعش، والتنمية المستدامة والمدارة بآليات اللامركزيّة وتوزيع مواردها على نحوٍ عادل.
منطقيّاً، قد ينظر المرء إلى مقولة "بيئة آمنة ومحايدة" كحيّز منفصل عن الحيّز الذي يعمل فيه عناصر النزاع، بيد إنّه لا يمكن أن يخلق بيئة نابذة للعنف، من خارج صندوق النزاع، وهنا يمكن الحديث عن تحديّات إيجادها مع وجود كل مقومات بيئة المخاطر.
ومن المنظار الأوسع يمكن تلمّس أحقية المناداة بـ"بيئة آمنة ومحايدة " عبر البرامج المدنيّة السياسيّة التي تحمل مضمون المناصرة حيناً وحشد الحواضن أحياناً آخرى مع إشراك العاملين والفاعلين من أصحاب المصلحة في مسار السلام..الخ.
بقي القول إنّ السيد المبعوث خير ما فعل عندما أشار إلى ضرورة العمل على بيئة آمنة ومحايدة كونه من خلالها فقط يمكن كسر إرادة قوى العطالة على المستوى الدستوري وعلى مستوى تنفيذ كل مضامين القرار 2254، والعملية السياسية في قمة كل ذلك.