العنوسة... كابوس يلاحق فتيات العقد الثالث، أم نضوج يفضلهنّ الكثيرات

العنوسة... كابوس يلاحق فتيات العقد الثالث، أم نضوج يفضلهنّ الكثيرات

Mar 26 2019

برجاف |الدرباسية : هديل سالم
يعد تأخر سن الزواج عند فتيات العقد الثالث أو ما يعرف بـ"العنوسة" من المشاكل الاجتماعية التي أصبحت تعاني منها مناطق (روجآفا) مؤخراً، وخاصة بعد ازدياد نسبة هجرة الشبان إلى الدول الأوربية بسبب الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي مرت بها البلاد خلال الازمة الدائرة في سوريا منذ سنوات،إضافةً لتطوع عدد من الشباب في جبهات القتال والويلات التي أفرزتها وراح ضحيتها آلاف الشباب أسهم في زيادة هذه الظاهرة.

"أمل" فتاة في بداية عقدها الثالث تعيش حياة بائسة في منزل طيني، تملك قدراً من الجمال والأخلاق غير متزوجة، وفي ذلك تقول: "نصيب، قبل سنوات طلبني الكثير للزواج لكني كنت أرفض رغبت بالحصول على فرصة زواج مناسبة لي، وبمضي الوقت وبعد سفر أخوتي بسبب ظروف الحرب بقيت وحيدة أعيل والدتي التي تعاني من أمراض متعددة بسبب كبر سنها".

مضيفةً: "أرغب بالزواج للهروب من نظرة المجتمع وألسنته التي لا ترحم، وقلق والدتي على حالتي، أصبح الزواج يشكل هاجسي الأكبر".

تخالفها الرأي "فجر" ذات 35 سنة والتي رفضت مصطلح "عانس" ولا تشعر بالندم على أي فرصة أتتها في الماضي، فبرأيها أن مضيها وسعيها في حياتها العلمية والعملية دون أن يشكل تأخرها بالزواج عائقاً أمام طموحاتها أو يصير هاجساً يؤرق حياتها، لتقول:"الحرية الشخصية والاستقلالية المادية التي تعيشها في ذهابها إلى العمل جعلها أكثر قوة في كسر الإطار الاجتماعي الذي يصنف التأخر عن الزواج بالعانس فيما هذا المصطلح لا يطلق على الذكور".

بينما "كليستان" التي تخشى نظرة المجتمع وتفضل عدم الاختلاط مع الناس هروباً من سؤالهم المتكرر: لماذا لم تتزوجي حتى الآن؟ متى ستتزوجين؟ أسئلة تشعرها بالحرج والغضب أحياناً وكأنها من اختارت أو ساهمت في هذا الوضع.

وقالت: "أحبني رجل متزوج سابقاً ولديه ابنة،زوجته مصابة بمرض كبدي معدي يحول دون أن يعيشوا حياتهم الزوجية بشكل طبيعي ما دفعه لطلب الزواج بامرأة ثانية، وكنت أنا الثانية. لكن زوجته رفضت زواجه بشكل قاطع وقدمت شكوى لدار المرأة لمنعه من الزواج".

انتشار مشكلة العنوسة وتوسعها في مجتمعنا الكردي من المشكلات صعبة الحل نسبياً، وخاصة بعد إصدار الإدارة الذاتية نهاية 2014 مرسوم منع تعدد الزوجات في مناطق شرق شمال سوريا وعقوبة تعدد الزوجات هي اعتبار الزواج الثاني باطلاً لا ينتج أثراً ويعاقب من يخالف بالسجن سنة كاملة ودفع غرامة مالية قدرها /500/ ألف ليرة سورية.

خلافاً لما اقترحه القاضي الشرعي الأول في دمشق محمود المعراوي بتصريحات صحفية قال فيها: "ضرورة فرض الزواج الثاني كأحد الحلول المقترحة للقضاء على ظاهرة تأخر الزواج أو العنوسة في سوريا، وبحسبه 65 بالمائة زيادة عدد الإناث على الشباب في سوريا"
ويعود ذلك إلى انخفاض عدد الذكور مقارنة بالإناث نسبة لهجرة الشباب من الذكور إلى الدول المجاورة والأوربية وبالتالي زيادة عدد الإناث وبلوغ الفتيات لسن أكبر من الفتيان ما يؤدي إلى عدم التناسب وتوافق الأعمار بهدف الزواج وبحسب تقاليد مجتمعنا يجب أن تكون الفتاة أصغر سناً من الشاب.

وبحسب الباحث الاجتماعي "بهرم التمر" فإن الأوضاع الاقتصادية السيئة في ظل الأزمة السورية منذ بداية عام 2011 وحتى اليوم، أدت الى: "تبدل اهتمامات المرأة نفسها في أن تعيش حياة مرفهة شبيهة بالمجتمع الأوربي البعيدة كل البعد عن مجتمعنا ما يزيد من متطلباتها وشروطها للزواج وضعف الإمكانيات المادية للشباب يحول بالتالي إلى تأخر سن الزواج عند الفتيات".

مضيفاً مع تطور الأفكار والمفاهيم لم تتغير نظرة المجتمع كلياً في وصف من تأخر بالزواج بالعانس، وكأنها وصمة توسم بها الفتاة دون الشاب الذي يطلق عليه كلمة أعزب. معدداً بعض الأسباب التي تؤدي إلى العنوسة، منها، ضعف العلاقات الأسرية وخاصة بعد زيادة الهجرة، وغلاء المهور والمصاريف، وانتهاء الدراسة، والبحث عن فرص العمل، الى جانب عدم تزويج الأخوات الصغيرات قبل الأخت الكبرى، يضاف إليها أزمة السكن المتضخمة وغلاء الإيجار وطمع بعض الآباء المهاجرين أو اللاجئين إلى الدول الأوربية في مرتبات الأبناء".

في سوريا عامة تضاف أزمة العنوسة إلى مجموع الأزمات التي خلفتها الحرب، والتي باتت تحتل المرتبة الثانية عربياً بعد العراق التي وصلت نسبة العنوسة فيه /85/ بالمائة، وذلك وفق إحصائية تناولت موضوع العنوسة في البلدان العربية بشكل عام.