كُرداغ..عام من الـ

كُرداغ..عام من الـ"تاريخ"..!

Jan 20 2019

فاروق حجّي مصطفي
العام الذي مضى، كان عاماً ثقيلاً، مثقلاً بالأوجاع حيناً، ومفزعاً من الإرهاب حيناً آخر. لم يكن عاماً عاديّاً، هو ليس بعام أصلاً، ما لبث، وتحوّلت أيامه إلى أيام جهنميّة؛ من هنا، يمكن القول إنّ الأعوام كهذه لا تُحتَسبْ، أو لا تُسجَلْ في التاريخ، ولذلك هو عام من الـ"لا تاريخ"، لأنني مؤمن فقط بالتاريخ الذي صفحاته ناصعة البياض، أو لنَقُل أنا أؤمن بالتاريخ الذي يدوّن الأمجاد، أو النجاحات.

في حالة عفرين ليس هناك مجد، ولا هناك حدث، وما أن بدأت الضربات التركيّة على عفرين وناسها وأشجارها حتى ذاقت تلك الجغرافيّة وناسها أيام النار.
زيتونها تُسرق من أيدي مالكيها، وشبابها يُختطفون من مفارق الطرق وقارعتها، وهناك الكُثر سُحبوا من سرير العائلة. مئات الأطفال تم ترهيبهم وترعيبهم عندما واجه أهلهم التنكيل، والإختطاف، والآلاف من الأطفال الذين تعودوا على القراءة والكتابة بلغة أمهاتهم حُرموا من الإنتماء.
لماذا اللاتاريخ؟
التاريخ يصبح تاريخاً، عندما يكون هناك منجز ما، وما ينفك و يشارك الناس بهذا المنجز. في عفرين كل شيء تم بالغصب. لا إرادة للناس في أي منجز لا إداري ولا ثقافي، ولا حتى على مستوى الحراك. في عفرين مات الحراك، وماتت السياسة، ومات الفعل الحزبيّ و المدني أيضاً.
لا أحزاب سياسيّةً هناك، حتى لا يوجد لحكامها حزب، ولا يستطيع أن يفكر هذا الحاكم المحليّ بالمنطق الحزبي. ولا يحق لأحد المشاركة في الحياة العامة في البلد، حتى أنّهم ليسوا أحراراً في التجوال بالعقل المستريح في سوق مدينتهم. جميلات عفرين يُخبئن أنفسهنّ في بيوتهن، خوفاً من السطو. هل ما يحدث هو التاريخ؟!
ما يحدث في عفرين، لم يحدث في التاريخ أبداً. أمر جديد حدث بكل المقاييس. ترك الناس لثلة من الحاقدين الذين لا دين لهم ولا ضمير، شغلهم الشاغل العبث بالناس وترهيبهم، الأمر الوحيد الذي يلقي بظلاله هناك هو الإرهاب!
ولا نستغرب إنّ الكل مسلح هناك مطلق اليد. لا حسيب ولا رقيب . لا قانون ولا دستور ولا نظام. ما يعني أنّهم حولوا عفرين التي كانت من أهم مدن الكُرد إلى غابة.
فقط هناك قانون وقواعد الغابة.. لا شيء آخر.
لعفرين تاريخ آخر ينتظرها، والأيام التي تستحقها تنتظرها، ومن المؤكد أن تنتقل "كُرداغ" من حالة اللا تاريخ إلى حالة تسرد التاريخ سيرة نصرها!
تحية لعفرين التي نريدها..