«ثلاث عقد» أفشلت اجتماع الوزراء «الضامنين» في جنيف

«ثلاث عقد» أفشلت اجتماع الوزراء «الضامنين» في جنيف

Dec 19 2018

دي ميستورا تمسك برعاية الأمم المتحدة ولجنة دستورية... ولافروف وجاويش أوغلو وظريف غيروا البيان الختامي
«ثلاث عقد» أدت إلى فشل اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث «الضامنة» لعملية آستانة - سوتشي في الأمم المتحدة، في جنيف، أمس. إذ فوجئ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بتمسك المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بمعايير عمل اللجنة الدستورية السورية، وقائمة المستقلين فيها، فانتهى اجتماع «الضامنين الثلاثة» من دون اختراق، أو تشكيل للجنة.
ويعني ذلك أن الملف رحل إلى بعد غد، حيث ستجري مشاورات مكثفة في نيويورك بعد الإيجاز الأخير الذي سيقدمه دي ميستورا قبل انتقال الملف إلى خلفه الدبلوماسي النرويجي المخضرم غير بيدرسون.
وقال قيادي معارض لـ«الشرق الأوسط» إن الفشل في إحداث اختراق أسفر عن تغيير مسودة البيان الختامي، بحيث إنه تم حذف عبارة نصت على «إعلان تشكيل اللجنة الدستورية بالتنسيق مع جميع الأطراف».
من جهته، قال دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط» إن «العقد» الثلاث التي أدت إلى فشل الاجتماع الوزاري بين لافروف ونظيريه التركي مولود جاويش اوغلو والايراني جواد ظريف، هي: الأولى، الخلاف حول دور الأمم المتحدة في العملية الدستورية، بين تمسك دي ميستورا بـ«رعاية» الأمم المتحدة واقتراح «الضامنين» عقد اجتماعات اللجنة «تحت سقف» الأمم المتحدة أو «في جنيف». والثانية، معايير عمل اللجنة الدستورية، ذلك أن الأمم المتحدة تمسكت بخيار استعجال الاتفاق على المعايير، وليس ترحيل الموضوع إلى العام المقبل، لإلزام المبعوث الجديد غير بيدرسون بالعمل في هذا الموضوع. والثالثة، تركيبة القائمة الثالثة (في اللجنة) التي تضم مستقلين وممثلي المجتمع المدني، إضافة إلى استعجال موسكو الحصول على موقف الأمم المتحدة. وقال الدبلوماسي: «أخذوا 9 أشهر لتقديم القائمة الثالثة، ويريدون موقفنا خلال 24 ساعة!».
ونقل قيادي في المعارضة السورية عن مسؤول غربي قوله إن نقاشاً حاداً جرى بين دي ميستورا وممثلي «الضامنين» الثلاثة، ذلك أن مبعوث الأمم المتحدة أشار إلى أن اقتراح تسمية الحكومة 30 والمعارضة 20 من ممثلي القائمة الثالثة يقوض مفهوم بيان الحوار الوطني السوري في سوتشي، الذي نص على أن تضم القائمة الثالثة ممثلي المجتمع المدني والمستقلين والأقليات والعشائر.
وكان الجانب الروسي قد تمسك بأغلبية 60 في المائة في اللجنة الدستورية، أي ما يوازي سيطرة القوات الحكومية على الأرض من مساحة سوريا (30 في المائة لحلفاء واشنطن، و10 في المائة لحلفاء أنقرة)، في وقت تمسكت فيه دمشق بأغلبية الثلثين، وأن تملك صلاحية تسمية غالبية أعضاء «القائمة الثالثة»، وحذف أسماء كان قد اقترحها دي ميستورا. وجرت ترجمة ذلك في قائمة حملها الوزراء الثلاثة أمس إلى جنيف، من دون أي خبير أو شخصية بين الذين شاركوا في المفاوضات غير الرسمية حول الدستور السوري خلال السنوات السابقة.
واستبق اجتماع الوزراء الثلاثة، أمس، لقاء هاتفي عقده المبعوث الأميركي إلى سوريا، جيميس جيفري، مع ممثلي «المجموعة الصغيرة»، واتصالات بين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والأطراف السورية، بينهم رئيس «هيئة التفاوض السورية» المعارضة، نصر الحريري. وبحسب المعلومات المتوفرة لـ«الشرق الأوسط»، فإن «المجموعة الصغيرة» اتخذت موقفاً نقل إلى الأمم المتحدة، ودي ميستورا، وتضمن «خطوطاً حمراً»، بينها أن يكون إقرار اللجنة مرتبطاً بموافقة الأمم المتحدة والمعارضة، إضافة إلى ضرورة التمسك بدور «الرعاية للأمم المتحدة»، وإقرار معايير عمل اللجنة.
وبعد مشاورات ماراثونية، اكتفى الوزراء الثلاثة بسقف منخفض لاجتماع جنيف، تمثل بقراءة لافروف (بحضور نظيريه التركي والإيراني) البيان الختامي من دون مؤتمر صحافي. وقال لافروف إن الوزراء أبلغوا دي ميستورا بـ«النتائج الإيجابية لمشاوراتهم مع الأطراف السورية حول تشكيلة اللجنة الدستورية»، وإن الدول الثلاث أكدت عزمها على «الإسهام في إطلاق عمل اللجنة الدستورية، بما في ذلك عن طريق صياغة مبادئ إدارية عامة، من خلال التنسيق مع الأطراف السورية، والمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا». وأوضح البيان أنه سيتم بناء على هذه المبادئ «تحديد القواعد الإجرائية التي ستضمن العمل الفعال الثابت» للجنة الدستورية.
وشددت الدول الضامنة لعملية آستانة على أن «عمل اللجنة الدستورية يجب أن يكون مبنياً على شعور التوافق، والمشاركة البناءة الرامية إلى التوصل للاتفاق العام بين أعضائها، مما سيتيح لنتائج عملها الحصول على أوسع دعم ممكن من قبل الشعب السوري»، وأكدت أن عمل اللجنة الجديدة ينبغي أن يحكمه «إدراك للحلول الوسط والحوار البناء».
وتم الغاء المؤتمر الصحافي المشترك الذي كان مقررا عقده بعد الاجتماع الثلاثي، اكتفى الوزراء بتصريحات أحادية. وقال لافروف، وفقاً لما نقلته عنه وكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية، إن
النتيجة التي ستتوصل إليها اللجنة في هذه الحالة ستحظى بـ«تأييد واسع النطاق من قبل الشعب السوري»، ووصف مشاورات جنيف بأنها «إيجابية للغاية».
من جهته، قال دي ميستورا، عقب المحادثات مع روسيا وإيران وتركيا، إنه لا يزال «ينبغي عمل المزيد» في «الجهود الماراثونية» لضمان تشكيل لجنة دستورية متوازنة شاملة جديرة بالثقة، وأضاف في مؤتمر صحافي أنه سيرفع تقريراً إلى غوتيريش اليوم، وإلى مجلس الأمن غداً، وأنه يتوقع أن يستكمل خليفته بيدرسون عمله ابتداء من السابع من يناير (كانون الثاني)، وتابع: «ينبغي بذل المزيد من الجهد، لكننا نقدر بالتأكيد العمل المكثف الذي تم إنجازه».
وفي البيان العلني، أكد دي ميستورا المبادئ التي قالها في الاجتماع، لجهة رعاية الأمم المتحدة وآلية العمل، وقال إن مشاوراته أمس «جزء أساسي من الجهود المكثفة التي يبذلها المبعوث الخاص، بناء على طلب الأمين العام، للتقدم بشكل أساسي نحو إمكانية إنشاء لجنة دستورية، بقيادة وملكية السوريين، وبتيسير من الأمم المتحدة، من أجل صوغ إصلاح دستوري يعرض لموافقة شعبية، كمساهمة في التسوية السياسية في سوريا، بشكل يضع بيان سوتشي في سياق عملية جنيف، لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2245»، وأضاف: «هناك جهد إضافي يتعين القيام به لضمان التدابير الضرورية لتشكيل لجنة دستورية ذات مصداقية متوازنة شاملة - ولإدراج ترتيبات متوازنة للرئاسة ولهيئة الصياغة، وكذا لنسبة التصويت - يتم إنشاؤها تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف».
(الشرق الأوسط)