دور المجتمع المدني في: سوريا الآن ومستقبلاً…

دور المجتمع المدني في: سوريا الآن ومستقبلاً…

Apr 26 2023

فاروق حجّي مصطفى
يظنُّ البعض إنّ دور المجتمع المدني ينتهي بزوال الحرب، أو عندما تدخل سوريا إلى حالة من الإستقرار، كما لو إنّ وجود المجتمع المدني من مفرزات الحرب.
في العموم هذه النظرة هي نظرةٌ سطحيّة ونظرةُ أهل العوام.
ليس هناك ضرورة لشرح ماهية المجتمع المدني، ولا الحديث عن أهمية وجود المنظمات الإنسانية في زمن الحروب والكوارث..، لعل هذا يعرفه على الأقل القائمون على هذا الحيّز الإستجابويّ!
إستطراداً.. إنّ دور المجتمع المدني لم يفعّل بعد، وما نجده اليوم هي ظاهرة مدنيّة مقبلة على إنتاج مجتمع مدني فعلي وحقيقي ليقوم بالدور المؤسسي ويعزز مكانة الدول ويسهر على الفصل بين السلطات العامودية والأفقيّة إضافةً إلى مسائل تتعلق بالتنمية وتكافؤ الفرص وصولاً إلى الحكم الرشيد..
بيد إنّ الدور الأساسي للمجتمع المدني يكمن في البحث عن تشجيع حقوق الإنسان أو الأصح القانون الدولي لحقوق الإنسان، وهذا ما يدفع بجميع الفاعلين والفاعلات في الحقل المدني لتسخير جل طاقاتهم في تطوير الركائز القانونية في البنية المؤسسية للدولة، بمعنىً آخر يبحث المجتمع المدني عن تطوير الذهنية التشريعية وتمرين موارد السلطة على إحترام إرادة المواطن ودوره في تفعيل الشأن العام عبر حق المشاركة السياسية لكل المواطنين: أفراداً، وجماعات.
ولا نستغرب إنّ المجتمع المدني السوريّ أمام إستحقاق المساهمة في عملية المشاركة لكن هذه المرّة وكون هناك عملية سياسية جاريّة ولو ببطئ في جنيف، المشاركة نفسها في تقديم الرؤى المعقولة المنسجمة مع استحقاق المرحلة وأفكار خلاّقة للانتقال التدرّجي وصولاً إلى حكمٍ قادرٍ على التمثيل والتعبيرعن الناس في كل محطاته، ولعلّ هذا ما تفتقده سوريا الآن..
مشكلتنا لا تقف في حدود جمود العملية السياسية، ولا في تداعيات الزلزال بقدر ما إنّ المشكلة الأساسية هي العجزعن بناء سلطة مشروعة تدير البلد من المركز وتخاطب المجتمع الدولي بمعيّة مشروعية الوجود، وتدرك أهمية الحكم المحليّ ووظائفه واختصاصاته ودوره في إشراك الجميع في صناعة القرار على مستوى الدولة.
بالمختصر، نحن أمام استحقاقين: العمل على كيفية تفعيل العملية السياسية الدستوريّة ودعم هذا المسار أملاً في تحقيق شرط بناء قاعدة دستوريّة تفتح المجال أمام الإصلاح الانتخابي وتاليّاً حكومة منتخبة.
والأمر الثاني المجتمع المدني يمكّن نفسه ليكون قادراً على إمساك زمام الإصلاح المؤسسي الذي يضمن مسار العدالة الإنتقالية وإصلاح المؤسسة القضائية من ضمن ذلك مراجعة القوانين الوطنية تأهيلاً لتكون منسجمة مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.
بكلمتين: لا كورونا، ولا الزلزال تركتا لنا عبرة ودرس لأهمية اصلاح الحكم وأحوال الناس، وحالياً الجالية السوريّة في السودان عرّت ليس على مستوى الحكم فحسب، إنّما حتى على مستوى حيّز المجتمع المدني!