العقل المنفلت!

العقل المنفلت!

Oct 05 2020

نوري بيخالي
إعادة سيادة العراق مسؤولية كبيرة لا مفر منها, وهي تقع على عاتق الحكومة وقواها الوطنية والديمقراطية. والعملية برمتها مرهونة بالدرجة الاولى بالحد من التدخلات الخارجية في شؤون العراق من جانب, وبإعادة الإستقرار السياسي و الأمن الإجتماعي من جانب آخر.

العراق الآن أمام تحدياتٍ ومخاطر جمة, لا يمكن غض النظر عنها, بل ولابد من مواجهتها حكومةً وشعباً, وهذا يتطلب توحيد الجهود السياسية والأمنية والعسكرية على مستوى الحكومة الفيدرالية وإقليم كوردستان معاً.

في بيانه الرسمي عشية الهجوم الصاروخي على قاعدة التحالف الدولي في أربيل, أشار السيد نيجيرفان البارزاني رئيس اقليم كوردستان إلى إنّ مجموعة تخريبيّة قامت بالهجوم وأعده اعتداءاً على شعب اقليم كوردستان وحلفائه في محاربة الإرهاب, كما أكد سيادته وبصراحة تامة بإنّ “الذين ينفذون الهجمات التخريبية أعداء للعراق كله، ويجب على جميع القوات العراقية أن تواجههم بيدٍ واحدة وتقديمهم للقانون”.

وبما إن كل من الأجهزة الأمنية والعسكرية في العراق واقليم كوردستان قوي قانونية تنضوي تحت راية منظومة الدفاع العراقية, فلا حرج, بل لا ومن الواجب أن تلم شملها وتجمع قواها البشرية واللوجستية والمخابراتية في عملية التصدي لهذه العقلية وقطع دابر الإرهاب والتخريب في كافة أنحاء البلد.

ولذلك حث السيد رئيس اقليم كوردستان الجميع على التكاتف والتضامن والعمل المشترك من أجل التصدي لهؤلاء المرتزقة قائلاً “نرى أنه يجب على كافة القوى الأمنية في إقليم كوردستان والعراق، قوات البيشمركة والجيش العراقي والحشد الشعبي، أن توحّد جهودها لمنع أي عمل تخريبي تُقدم عليه المجاميع الفوضوية والتخريبيّة جميعاً”.

الموقف الوطني هذا لسيادته نابع من إيمانه العميق بضرورة تجسيد مبادئ وقيم التعايش السلمي بين مكونات وأطياف العراق كافةً وتثمين تضحيات الجميع الذين قدموا الغالي والنفيس من أجل إحلال الامن والإستقرار وإبعاد شر الإرهاب وأيادي التخريب عن العراق واقليم كوردستان وأهلها, مؤكداً على وجوب “أن تكون تضحيات البيشمركة وجميع القوات العراقية وقوات التحالف حافزاً يدفعنا إلى حماية أمن واستقرار العراق عموماً وكل سفارات وممثليات العالم في العراق”.

كثيراً ما نسمع بأن السلاح المنفلت بأيدي مجموعات خارجة عن القانون هو أحد المخاطر التي تهدد العراق, لكن في الواقع الخطر الأكبر ليس السلاح المنفلت, بل هو العقل المنفلت الذي يدير المجموعات هذه وأصبح تهديداًعلى حاضر ومستقبل السلم و التعايش والأمن في البلد.

اذاً مواجهة هذه العقلية المنفلتة التي باتت خطراً جدياً على العملية السياسية وتهديداً على جميع مكونات العراق دون الآخر, سواءً كان عربياً أو كوردياً, مسلماً (شيعياً - سنياً) كان أم مسيحياً وايزيدياً, بحاجة إلى التنسيق الأمني والتكاتف الجماهيري بين الحكومة الفيدرالية واقليم كوردستان، وإلا هذه العقلية المريضة المخربة ستؤدي بالعراق إلى الهاوية والتهلكة, حينئذٍ لايسعف قول الشاعر أحداً:
إذا كُنتَ في كُلِّ الأمورِ مُعاتِباً صَديقُكَ لَمْ تَلقَ الذى لا تُعاتِبُه