في حاجتنا إلى وحدة إرادة

في حاجتنا إلى وحدة إرادة

Sep 06 2014

فاروق حجّي مصطفى
يحتاج الكُرد إلى قراءة متأنيّة، أي كيفيّة استثمار ما حصل في رفع سويّة مجتمعاتنا المحلّية إلى سقف "المجتمعات الناضجة" والمنسجمة مع روح السّياسة، التي تجرى الآن على قدمٍ وساق. خصوصاً وأنّ انتقال أطر مجتمعاتنا من كونها مجتمعات تعمل جاهدة في الهمّ الخاص كما لو أنّها تعيش في عالم آخر إلى مجتمعات تتلقى وتستجيب للتطورات بسرعة مذهلة، ما يجعلها مساعدة للحالة السياسيّة والدبلوماسية، وتاليّاً تمكين ما أُنُجز خلال هذه الفترة ليكون محطة انطلاق إلى حقبة ديمقراطيّة أخرى، وهو لا يتم إلا عبر مأسسة الفعاليّات الموجودة صاحبة المصلحة الخاصة والعامة.
صحيح أنّ تجربة "شنكال" كانت حلقةً مفصلية في واقعنا السّياسي والمجتمعي الكُردي، بدءاً من استنفار جميع الفعاليّات الكرديّة والكُردستانية والمساعي لنسيان ما هو ثانوي في سبيل الهدف الرئيسي، الذي هو تعزيز ما وصل إليه الكُرد من خلال تاريخهم النضالي وتعزيز مكانة مؤسسة الرئاسة والبرلمان والدّور الذي لعبته البيشمركة في التّصدي لأخطر تنظيم إرهابي عالمي وانتهاءاً بالهمّ الشّعبي، الذي لا يقلُّ أهميّة عن أهميّة البنية الفوقيّة في السّياسة، فالمناخ الشعبي هو بمثابة الحاضنة لأي مشروع سياسي ناجح!
لكن، ما هو غيرمقبول هو بقاء المشهد الكُردي مشتتاً بهذا الشكل، فما هو شائع لدى الكثيرين هو إدارة هذا الإنجاز القومي للصالح الحزبي، والغالبية من قوانا الحزبيّة استغلّت الهم القومي لاستثماره حزبيّاً، في الوقت الذي يمرّ فيه الكُرد بلحظات قوميّة مفصلية، وربّما يحقّ لنا القول: بأنّها مسألة وجود.
لوحظ في المرحلة الأخيرة أمران أساسيان: الأول: المقاومة الكُردية وتحديّها للتاريخ، بأنّهم يرفضون الفكر القروسطي، وتالياً يملكون مشروع أنضجْ من كلّ المشاريع في منطقتنا، وهو المشروع، الذي جذب كل الدّول، لتساند القيادة والقوى الكُرديّة في حربها ضدّ "داعش"، وبالتالي، فإنّ الكُرد أصبحوا في خانة يمكن تسميتها، أنّهم يعيشون ويؤسسون تاريخاً آخر على غير ما عاشوه في السابق.
الأمر الثاني: هو الصّراع الذي رأيناه في قاع المشهد الحزبي، ولعلّ الإعلام الحزبي، الذي لعب دوراً سلبياً في استثمار الحدث، وبدا أنّ تجربة الإعلام المستقل لمْ تنضجْ بعد.
في الأمرين يحتاج الكُرد إلى قراءة متأنيّة، أي كيفيّة استثمار ما حصل في رفع سويّة مجتمعاتنا المحلّية إلى سقف "المجتمعات الناضجة" والمنسجمة مع روح السّياسة، التي تجرى الآن على قدمٍ وساق. خصوصاً وأنّ انتقال أطر مجتمعاتنا من كونها مجتمعات تعمل جاهدة في الهمّ الخاص كما لو أنّها تعيش في عالم آخر إلى مجتمعات تتلقى وتستجيب للتطورات بسرعة مذهلة، ما يجعلها مساعدة للحالة السياسيّة والدبلوماسية، وتاليّاً تمكين ما أُنُجز خلال هذه الفترة ليكون محطة انطلاق إلى حقبة ديمقراطيّة أخرى، وهو لا يتم إلا عبر مأسسة الفعاليّات الموجودة صاحبة المصلحة الخاصة والعامة.
ولا نستغرب أنّ ما سلف يحتاج إلى عملٍ حثيث، حتى تتمكن القوى الكُرديّة من سير عملها لبناء واقع جديد، ولعلّ أوّل جهد هو التفكير ثانيّة بعقد المؤتمر القومي الكُردستاني، وهو ممكن حال ماتعرف القادة كيف يمكن استثمار تطلعات الفعاليّات الفوقية والتحتية أي الشعبية، على أنْ تكون ضاغطة للقوى السّياسية والحزبيّة المغرورة في المشهد، لتتنازل وتؤمن بمشروع له فائدة للكُرد جميعاً، وأنّ التّاريخ لا ينسى الحقائق، إنّما يدوّنها حتى قبل ظهورها!
بقي أنْ نقول: أنّ الواقع الكردي المتطوّر فعليّاً، باستثناء بعض الشوائب يحتاج إلى إعادة نّظر في مقاربتنا لواقعنا الحزبي والقومي، ولعلّ الكُرد أمام استحقاق تاريخي وهو كيف أنّهم سينتقلون من الخطاب في شكله الحزبي إلى الخطاب الناضج والموجّه إلى كلّ المكوّنات، دون إيجاد فرز أو عنصرية، تجاه مكوّنٍ قد اتخذ موقفاً سلبيّاً من كل ما جرى..ونحن على ثقة بأنّ القيادة التي تتسامح مع "جحوش صدام حسين" بإمكانها طيّ الصفحة الجديدة..!