على أوتار القدماء.. جيلٌ جديدٌ في كوباني يلحن عزف بزق المستقبل

على أوتار القدماء.. جيلٌ جديدٌ في كوباني يلحن عزف بزق المستقبل

Aug 30 2023

برجاف| كوباني/ عمر محمد
على بُعد مسافةٍ قصيرةٍ من الحدود السورية التركية في عمارة بطابقها الثاني ضمن إحدى أزقة مدينة كوباني الضيقة، يجلس "مصطفى حسين" على كرسي خشبي وأمامه طاولةٌ مربعةٌ بمساحة كبيرة واضعاً عليها عدة أنواع من الآلات الموسيقية، ومن حوله جيلٌ جديدٌ من الأطفال الصغار يتعلمون ويتقنون منه العزف على أنغام الموسيقى الكُردية.
مصطفى حسين شاب كردي من مدينة كوباني في عقده العشرين هوىّ حب العزف عندما كان في الثامنة من عمره، بدأ مسيرته الفنية بتعليم نفسه العزف على البزق" الطمبور" بالموسيقى الكُردية، على أيادي كبار العازفين كالفنان "رشيد صوفي"، إلا أنه ما آلت إليه البلاد في سوريا، أجبرته على الهجرة والاستقرار في تركيا في ذلك الوقت.
لم تثني الهجرة من حبه للعزف فعمل على تنمية مهارته الموسيقية بشراء آلة البزق عندما كان في السابعة عشر من عمره، وأتقن إيقاع العزف على الآلات الموسيقية واحدة تلو الأخرى.
مع مرور الزمن ومشقته في عمله اليومي وتلبية احتياجات المنزل، تلقى مصطفى الدعم العائلي مادياً ومعنوياً ما دفعه لإكمال مسيرته الفنية بثبات.
يقول حسين لـ #برجاف_FM بأنه انضم إلى معهد هارموني للموسيقى والرسم في كوباني، بعد سنوات من عودته إلى مسقط رأسه في خطوة منه للاستمرار في مسيرته الفنية، ليرث ذلك الشغف إلى الجيل الجديد ويحفزهم بحب الموسيقى الكُردية ويسرد به أنغامه القديمة والجديدة.
ويوضح العازف خلال حديثه لبرجاف بأنه يشرف حاليًا على تدريب جيل جديد من الأطفال والشباب على الموسيقى الفلكلورية الشعبية الكُردية، ويطور ذلك الدافع ويحوله إلى واقع يُلحّن.
يقول مصطفى بأن العزف على البزق أو أية آلة موسيقية باليد لها نكهة ومزاج استثنائي رغم التطورات الحاصلة من الناحية التكنولوجية في صناعة الموسيقى, والتي مزجت بعضها ببعض ولم تُبقي من الفلكلور شيء.
يقضي مصطفى معظم أوقاته في المعهد منذ ثلاثة اعوام لينقل ذلك الإلهام إلى طلابه الذين توجهوا اليه لتعليم العزف، بآلاته المختلفة، ليكونوا صوتًا جديداً لماضي العزف القديم.
ويعاني الموسيقيون في المدينة المشقة بسبب قلة في الإمكانيات المتاحة لديهم، وكونه لا توجد جهة رسمية تدعمهم، معتمدين على ذاتهم لتطوير مهاراتهم.
هذا وعلم ”مصطفى حسين" قرابة 80 طلاباً/ةً على العزف خلال سنوات عمله في المعهد.
ويطالب مصطفى في ختام حديثه الجهات المعنية بالعمل على دعم الموسيقيين في مدينة كوباني، والعازفين على التطوير للحفاظ على الفلكلور الكُردي من الاندثار.
إلى جانب عمله في المعهد يعزف مصطفى لوالدته في المنزل خلال أوقات الفراغ على آلة البزق، والتي تعتبر من الآلات الموسيقية القديمة ذات قيمة تراثية للقدماء أكثر من الجدد.
ويحضر مصطفى حالياً ويعد طلابه للمشاركة بالمهرجان الموسيقي مع طلابه خلال الأيام القادمة, الذي سينطلق فعاليته في مدينة كوباني.
ومن منظور مصطفى حسين إنه بإمكان إي شخص إتقان العزف على آلة موسيقية خلال مقدار غير ثابت اعتمادا على نفسه في التعليم بثبات، مع العلم بعدم وجود أي أكاديمية أو جامعة أو معهد حكومي رسمي مدعوم لتعليم الموسيقى والعزف في مدينة كوباني.
ويختتم مصطفى حسين حديثه مع #برجاف_FM بأن الازمات التي تشهدها سوريا يؤثر بشكلٍ سلبي على التعليم بجميع أنوعه.
وبحسب الفنانين في المنطقة فأنّ الأهالي ينقسمون إلى جهتين لتعريف الموسيقى والعزف جهة تراها ترفيهية وتسلية والأخرى تراها ثقافة ويجب الاعتناء بها.