دلبخوين دارا: من شاشة روداو العربية!

دلبخوين دارا: من شاشة روداو العربية!

Jun 11 2020

فاروق حجّي مصطفى
للوهلة الأولى، وعندما كنتُ أشاهد مقاطع من الحوار الذي أجراه الزميل دلبخوين دارا مع فهد المصري، وما خطر ببالي هو إنّ لغة الحوار على الأقل سماعياً كانت باللغة العربية، ولا اعتقد بأنّ أحداً ظنّ إنّ دارا الذي تعوّد الناس عليه بالكُردية/الكرمانجية يوماً من الأيام سينطق بالعربية، ومن يعرف دلبخوين يعرف إنّه لم يمارس الحرفة باللغة التي درسها في المرحلتين التعليميتين من بداية عمره، خاصةً إنّنا لم نجد له شيء من الكتابات في أي صحيفة عربيةّ.
في عمر الصحافي دلبخوين، كان يشكل بالنسبة للعربية مادة إعلامية وليس ناسجها، إنّما كان محور القصة، وليس كاتبها.
قد يكون هناك صحفيون كُثر لديهم إمكانية، لتقديم المنتج الإعلامي بعدد من اللغات، لكن ما لم يتوقعه أحد ،انه نجح في اللغة التي لم يتربّى عليها إعلامياً، حيث إنّ دلبخوين تربى وترعرعر على الألف الباء الكُردية من "شيخ مقصود"/حلب وثم البقاع وأماكن الاخرى، فالمانيا.
ولا نستغرب إن دارا واجه الجمهور (قبل ٢٥عاماً) عبر شاشة "ميد تي ڤي"، وحينذاك كانت تُعتبر شاشة الكُرد الأولى؛ والشاشة الوحيدة التي فرضت نفسها قبل شاشات حكومات المنطقة، وبهذا المعنى فإنّ دلبخوين هو أول كُردي سوري على الإطلاق تدرّج على طول الشاشة وعرضها في : البرامج الحوارية، النشرات الإخبارية، وحول شاشته شيئاً فشيئاً إلى منصة"الهم" و"المآلات"، و" بحث عن حلم"، و"تنفيس الإحتقان"..كل ذلك بلغته الأم!
لم أشهد يوماً إنّ دلبخوين دارا تناول القضايا بلسان العربي أو بلغة الضاد، ولم يخطر ببالنا إنّه يوماً ما سيكون مقدماً لبرامج ناطقة بالعربية.
تقدم دلبخوين وظهربعيداً وشيئاً فشيئاً كمشهدٍ صغيرٍ مطلٍ على الشاشة، سرعان ما كبرت صورته، وأفصح عن لسانه، كان جميلاً في النطق والمحتوى،هذا ما حدث في لقائه مع المعارض"فهد المصري" قبل يوم.
صحيح إنّ الشاشات تكبّر أحدنا، وتصغّرنا أيضاً، لكن مع دلبخوين الشاشة تبقى كبيرة وصوتٌ عالي كصوت الفرات في صمت الليل.
كنت جميلاً زميل دلبخوين، والأجمل هو صقل التجربة وتعزيز المقدرة والتحضير للمواجهة بلغةٍ لم تنطق بها إلّا نادراً، وذلك عند الحاجة، ما برح و تبيّن إنّ لدى دلبخوين حرفة باللغة الأم، وباللغة التي تعلم بها من الأستاذ"حسين حملوري". وبهذا كنت الجميل الذي يوماً ما نشرت مقالاً في أفيستا لأحدهم، ربما كان حاقد علينا نحن الذين كتبنا ونكتب بالعربية، واعتبَرَنا المقال "كتّاب الدولار"!
النطق هو الشكل الذي يجذب المتلقي، والأهم هو النطق الجاذب الذي يتسرّب إلى الآذان كخرير الماء، وهذا تماماً ما فعلته كاك دلبخوين. تحية لك.