زيلان حمو: بعض الطقوس التي تحدثُ حول الإنسان قد تكون بسيطة إلاّ أنّها تأثرُ به لاإرادياً، ويكون هذا التأثير إيجابي

زيلان حمو: بعض الطقوس التي تحدثُ حول الإنسان قد تكون بسيطة إلاّ أنّها تأثرُ به لاإرادياً، ويكون هذا التأثير إيجابي

Dec 09 2021

برجاف|كوباني
كاتبةٌ ناشئةٌ وصاعدةٌ بدأتْ تجربة الكتابة نتيجة المعاناة والصعقات التي مرّتْ بها، واستمعتْ طويلاً لقصص جدّتها المسنّة إلى أنْ قررتْ توثيقها على أوراق دفاترها، وضيّعتْ حروفها تحت الركام، لكنها وافقتْ بين فكرتين (إعادة الكتابة، مقابل إعادة الإعمار)، ولم تستسلم وكتبتْ ثانيةً.

كان لبرجاف مع الكاتبة التي اعتبرتْ أنّه لا كتاب من دون قراء، زيلان حمو الحوار التالي:

- من هي زيلان حمو؟
هي ابنة مدينة المقاومة (كُوباني)، زيلان حمو, ولدتُ وترعرعتُ في كُوباني، و درستُ مرحلتي المدرسية حتى (البكالوريا)،وبعدها بدأت الأزمة السورية , وتابعتُ الدراسة فيما بعد في كُوباني , فدرستُ في (أكاديمية ويجه الكوردي) بكُوباني، وأيضاً درستُ في أكاديمية الفن قسم السينما في تربه سبيه (القحطانية)، لفترةٍ عملتُ كمدرّسة لتعليم اللغة الكردية في المدارس، وانهيتُ كورس مستويات اللغة الكردية، وكتبتُ ما يقارب عشرة سيناريوهات للأفلام, وكما قمتُ بإخراج ستة أفلام قصيرة , وأعمل حالياً في ( كومين فيلم روجافا), قسم كُوباني.

- كيف كانت بدايتكِ في عالم الكتابة عموماً والقصة تحديداً؟
كانت بدايةً بديهيةً كأي فتاة لها جدّة مسنّة تروي لها حكايات وقصص , وتملكُ تلك الفتاة دفتر يوميات تدوّنُ على أوراق ذلك الدفتر خواطرها ويومياتها , وشيئاً فشيئاً زادَ شغفي بالقراءة والكتابة معاً , وأصبح الاطلاعُ عادةً لا يمكن الاستغناء عنها , فمنذ صغري كنت أزورُ المركز الثقافي وأقرأُ الكتب والقصص وبدأتُ بالاستمرار في القراءة دون التفكير ولو لوهلةٍ أنّني سأكتبُ يوماً وأصبح كاتبة ,فبداية 2014 , أستطيع اعتبارها أنّها كانت بداية انطلاقتي في عالم الكتابة بشكلٍ عام والقصة بشكلٍ خاص فقررتُ حينها أن أجمع قصص وحكايات جدتي في كتاب وأنشرها لكن نتيجة الأزمات التي مرّرنا بها والمعاناة تمّ نشره عام 2019 .

- بمنْ تأثرتِ من الأدباء والشعراء في بدايتكِ؟
عندما بدأتُ بالقراءة لم يكن هناك كتب باللغة الكُردية وكما قلت كنت دائماً اتجه نحو المركز الثقافي لأقرأ، لذلك كنت أقرأُ كتب عربية في البداية، قرأتُ ل " جبران خليل جبران “. " فيكتور هوكو “، وكما قرأتُ من الأدب الروسي، و"غابرييل غارسيا ماركيز ", و"مي زيادة"، و"واسيني الأعرج"، وبالنسبة للكتب الكُردية كانت غير متوفرة في بداية الأمر وكانت تنعد على الأصابع لبعض الكتّاب الكرد، إضافةً إلى كتب كلاسيكية ل "ملاي جزيرة"، فهنا يمكنني القول بأنّ القراءة هي التي أثرتْ فيني وشجعتني على الكتابة.

- ما الفرق بالنسبة لكِ بين كتابة القصة وكتابة الشعر، وأيهما تفضلين؟
من المؤكد هنالك فرق أكاديمي بينهما من حيث القواعد وحتى الشكل، لكن بالنسبة لي أنا أميلُ جداً لكتابة القصة وذلك لقدرتي على كتابة القصة بشكلٍ جيد وأحب الأسلوب القصصي فأفضّل القصة أكثر وهذا لا يعني أنني لا أحب كتابة الشعر بالعكسِ تماماً، لكن أحتاجُ إلى المزيد من التطور لكتابة الشعر على نحوٍ أفضل، وكما أنّهما نوعان من أنواع الأدب وممتعان كلٍ منهما بشكلٍ أو بآخر.

- من الذي شجعكِ على الخوض في هذا المجال؟
أحياناً بعض الطقوس التي تحدثُ حول الإنسان قد تكون بسيطة إلاّ أنّها تأثرُ به لاإرادياً، ويكون هذا التأثير إيجابي فمصدر تشجيعي استلهمته من طقوس قراءة أختي الكبيرة للكتب وحبها للاطلاع والكتابة، فأصبحتْ أختي قدوتي في الكتابة ومعظم الكتب التي قرأتها كانت كتبها وكما إنّ فضولي وشغفي بالقراءة والكتابة أيضاً ساهما في المضي قُدماً بمجالي هذا.

- لا يخلو أي أمرٍ في الحياة من الصعوبات والمعوقات، فهل ذقتِ تجربة التحديات وكيف تخطيتي الأمر؟
الصعوبات والتحديات لابدّ منهما في كل مجال! لكن صعوباتي وتحدياتي لم تكن تلك الصعبة جداً , فالحرب على سبيل المثال والهجرة إلى تركيا كانت أكبر وأول تحدي , فللمرة الأولى كتبتُ "230" صفحة بيدي في دفاتري وعلى عجلة الهروب من حرب داعش على مدينة كُوباني للأسف لم أستطع حمل كلماتي ودفاتري معي , تركتها بقلبٍ مكسور , ولسوء الحظ كان منزلنا من أول ما تمّ قصفه وانهدم , فعند عودتنا كانت الصدمة أنّ كل دفتر وكتاب كان مغموساً تحت الركام لا يُعرف له عنوان رغم هول المشهد حاولتُ لملمة كم الدفاتر المتبقية والمغطسة بالطين , فضيعتُ تعبي في الحرب وكان بمثابة يأس بالنسبة لي, لكن بقي عدم الاستسلام سيد الموقف وبدأتُ أقنع نفسي أن هناك العديد من الناس حاولوا لسنواتٍ طويلة بناء بيوتهم لكن بهذه الحرب الشرسة فقدوا تعب أعمارهم في البناء ، وزاد حماسي بأنّني أستطيع الكتابة من جديد لا مستحيل ! قررتْ إعادة الكتابة مقابل إعادة الإعمار الذي حصل في مدينتي وكما إنّ الأمر لا يخلو من التحديات المادية أيضاً.

-المبدعة زيلان حمو، دعيني الآن أقف عند عنوان مجموعة قصتك القصيرة" çîrok bi roj nayên gotin"“، فكيف تشرحين لنا سر كتابك هذا؟
مجموعتي " çîrok bi roj nayên gotin" هي إرث جدتي المسنة وحكاياتها الجميلة ، منذ طفولتي كنت أستمتع بسماع حكاياتها وقصصها التي لا تنتهي، فبما أنّه كان يوجد ما يسمى ب " الأدب الشفاهي " و " الحكايات الشعبية " فقلتُ لماذا لا أدوّن قصص جدتي للحفاظ عليها وعدم ضياعها، فعندما كانت تروي جدتي لنا كانت هي أيضاً قد استمدتْ حكاياتها من أجدادها وترويها بحماس لنا، وبما أنّنا أصبحنا بوقت الأجهزة الإلكترونية أصبحتْ مسيطرة بشكلٍ كاملٍ فكان من الضروري أنْ أحافظ على حكايات وقصص جدتي وأدونها في مجموعتي هذه للحفاظ على إرث الحكايات الشعبية.

-كُوباني القلعة عانتْ وتحملتْ وتركتْ بصمتها في نفسية كل كاتب/ة، فكيف صورتي كُوباني من خلال حروفكِ؟
نعم عانتْ وتحملتْ وعُرفتْ بمدينة المقاومة , فأنا صورتها من جانبي بقصص وحكايات واقعية حدثتْ أثناء الحرب , فشاركتُ بكتابٍ مشتركٍ مع عشرة كتاب من مدينة كُوباني , والكتاب كان تحت عنوان çirûskek ji berxwedana kobanê”", فمشاركتي كانت بقصتين عن مقاومة كُوباني ومعاناة ناسها , قصتي الأولى كانت تحت عنوان " آخ آخ " وقصتي هذه كانت مقتبسة من حكاية مسنّة فقدتْ ابنها وأُجبرتْ على الهجرة وبقيتْ تنتظر لحظة تحرير كُوباني كي تُدفن بجانب ابنها الشهيد , وقصتي الثانية كانت تحت عنوان " زاروكي من سيوي مكا" وهذه القصة عن سيدة، زوجها كان مقاتل في الحرب وكل مرة يعد عائلته بالعودة وتكرر زوجته دائماً عبارة " زاروكي من سيوي مكا " ولكن للأسف يأتي يوم ويستشهد دون الوفاء بوعده.

- من وجهة نظركِ ما الدعم الذي يحتاجه المثقف في الوقت الراهن؟
من وجهة نظري هناك أولويات لكل شخص وفرد حسب الحاجة وطبعاً تختلف من شخص لآخر، فالكتّاب على سبيل المثال هم بحاجة إلى دعم كبير سواء على مستوى إقامة نشاطات أدبية، فهناك كتّاب كلماتهم اهترأت على أوراق الدفاتر تحتاج طباعة، نحن بحاجة إلى أمسيات شعرية وندوات ثقافية لتبادل الآراء والأفكار.

-ما الذي يستثيركِ للكتابة؟ أهو حدث أم صورة أم حالة معاناة للذات والآخر؟
حقيقةً أنا تستثيرني المعاناة والمواقف التي تحدث في محيطي أرى نفسي تحت مسؤولية التعبير عما يجول ويدور من حولي، فلذلك أغلب ما خطتْ قلمي إلى هذه اللحظة هو تصوير حالات الحرب ومعاناة ناسنا.

- كونكِ امرأة، تُرى هل نجد كتاباتك مكرّسة فقط للإناث؟
صراحةًً لم أخصص أي كٍتاب من كُتبي للنساء فقط، وإنما يوجد بين قصصي ما يخصُ المرأة وتسليط الضوء عليها، أستطيع أنْ أقول إنّني كتبتُ عن وجهة نظر امرأة وقصصها لكن لم أخصص كتاب خاص بها.

- برأيك ما هي أصعب مرحلة في الكتابة؟
في الواقع سؤالك هذا هو أصعب سؤال! أحياناً تنتابني حالات وتؤثر بي، وأريد التعبير عنها بقصة أو بقصيدة فأعجز تقمص الحالة التي أرغب بتجسيدها فهنا أرى أنّها أصعب مرحلة في الكتابة طبعاً بالنسبة لي.

-عن إصداراتكِ هل هناك من جديدة؟
إصداراتي هي: كتاب " çirûskek ji berxwedana kobanê” طبعاً ذاك الكتاب كان بالمشاركة مع كتاب آخرين، ومجموعتي القصصية " çîrok bi roj nayên gotin”، وأيضا كتاب Rodî û Perwîn”" بالمشاركة مع الزميل " آراس حسو “، فيما يخص الإصدارات الجديدة، يتم التحضير لإصدار نسخة أخرى من مجموعتي القصصية " çîrok bi roj nayên gotin”، بالإضافةً إلى كتاب شعري قيد الكتابة، وكما أنّني أكتب قصص في مجلات وجرائد وهي قصص قصيرة.

- كلمتكِ لنا "برجاف"!
لا توجد كلمات لأعبّر بها عن شكري وامتناني لمنصتكم الجميلة هذه، لإدراككم قيمتنا وتقديركم لمواهبنا، وأتمنى لكم دوام التوفيق والنجاح الدائم والمستمر.

-كلمتكِ الأخيرة للقراء لنختتم به هذا الحوار!
لأعزاءي وعزيزاتي القراء والقارئات أتمنى منكم ومنكن الاستمرار في القراءة وعدم نسيان أنّ ما يغذي الروح والعقل هو القراءة، والاهتمام بمواهبكم بمختلف المجالات وعدم الاستسلام، وشكراً لكم لأنكم/ ن تقرؤون كلماتنا وحروفنا، نحن نكبر بوجودكم وإنْ لم تكونوا بجانبنا لا معنى لوجودنا، لا قراء لا كُتّاب، أي أنّه لا كتاب من دون قارئ.