الثورة الإيرانية .... ثورة وعي
بقلم : أحمد حسن
على الرغم من اتّصاف نظام الشاه محمد رضا بهلوي، ووالده رضا شاه بجملة من العيوب والمآخذ والأخطاء والعنف والقمع والوحشية خاصة تجاه الشعب الكردي كما حدث مع ثورة الشهيد سمكو الشكاكي والشهيد قاضي محمد وكافة الاحتجاجات التي كانت تصدر من هنا وهناك ومن كافة المكونات، إلا أنه كان هناك هامش لبعض القوانين والدساتير الحضارية والحريّات الشخصية وجملة من الإصلاحات، ومنها استبدال القانون المدني المستمد من القوانين الغربية بدلاً من القوانين الإسلامية لأن المجتمع الإيراني متعدّد المكوّنات، ولم يكن مسلماً صرفاً.
فقد تمتّعت المرأة بنوع من الحريّة الشخصية في إزالة الحجاب واللباس المفروض عليهم دينياً إلى جانب دراستها سوياً مع الجنس الآخر، وحقّ المرأة في التصويت؛ كذلك الإصلاح الزراعي؛ مبيعات بعض المصانع المملوكة للدولة لتمويل الإصلاح الزراعي؛ وتأميم الغابات والمراعي؛ تشكيل هيئة محو الأمية؛ ووضع خطط لتقاسم الأرباح للعاملين في الصناعة، وسُمّيت جملة هذه الإصلاحات في عهد الشاه بالثورة البيضاء التي ساهمت في التقدُّم الاقتصادي والتكنولوجي لإيران، إلا أن فشل بعض برامج الإصلاح الزراعي والافتقار الجزئي للإصلاحات الديمقراطية، فضلًا عن العداء الشديد تجاه الثورة البيضاء من رجال الدين والملاكين العقاريين مهّدت الطريق لثورة إسلامية وساهمت في نهاية المطاف إلى سقوط الشاه والانقلاب الخميني في عام 1979. نتيجة عدم نجاح الاستراتيجية الاقتصادية «للثورة البيضاء» وعدم استخدام الأموال النفطية الموجهة إلى النخبة في خلق فرص العمل والمصانع، وتوزيع الأموال في نهاية المطاف، ولكن بدلًا من ذلك باتت الثروة تتركّز في أيدي عددٍ قليل جدًّا ممن يتحكمون بالسلطة.
لا شك أن إيران موطن السياسيين والفلاسفة والشعراء والكُتّاب والعلماء في كافة المجالات والاختصاصات، ومن كافة المكونات والعرقيات أمثال سمكو الشكاكي وهيمن موكرياني وعمر الخيام والفردوسي وحافظ الشيرازي وسعدي الشيرازي وابن سينا والفارابي وقاضي محمد وعبدالرحمن قاسملو، وصادق شرفكندي .......الخ . إلا أن بعد انقلاب نظام الملالي 1979 وولاية الفقيه حكمت إيران بالحديد والنار، وغيّرت اسمها إلى الجمهورية الإسلامية ذات أيديولوجية شيعية ضاربة عرض الحائط كلّ القوانين والدساتير المدنية والحضارية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية معتمدة على أشرس جهاز ديكتاتوري قمعي ألا وهو الحرس الثوري الإيراني الموالي لخامنئي كامبراطورية صناعية إلى جانب أنه قوّة عسكرية، وتتمتع بنفوذ سياسي يسيطر على صناعة النفط. فعلى مدى عقود، تستعين المؤسسة الدينية الحاكمة بالحرس الثوري الإيراني المخلص لها لسحق انتفاضات عرقية بعنف وكذلك أي اضطرابات يقوم بها الطلبة أو احتجاجات على الأزمات الاقتصادية.
لا يخفى على أحد أن الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية تسير من سيّئ الى أسوأ كذلك وضع الحريات العامة من حرية الأحزاب والصحافة وحرية الرأي كلها تخضع لسياسة التجهيل والقمع ومصادرة الرأي الآخر وعدم الاعتراف به وفرض أيديولوجية شيعية واحدة والتعامل بوحشية مع الآخر المختلف أو المطالب بحقوقه القومية أو السياسية والاجتماعية ......الخ . ناهيك عن تدخل ولاية الفقيه في شؤون عدد من دول المنطقة (سوريا – العراق – اليمن – فلسطين – لبنان – دول الخليج - .......... ) لتصدير أزماتها إلى خارج إيران وفتح صراعات وهمية مع إسرائيل وأمريكا ودول أوربية لإيهام شعبها أنها دولة مقاومة وممانعة الذي لا أساس له.
كل هذه الظروف الداخلية والخارجية (الذاتية - الموضوعية) مجتمعة أدت الى حالة احتقان كبيرة قابلة للانفجار في أي لحظة كانت.
فكان استشهاد الشابة الكردية مهسا أميني (جينا أميني) في 16 أيلول 2022 شرارة الانطلاق لثورة الشعوب الإيرانية بكافة مكوناتها العرقية والاثنية وطبقاتها الاجتماعية وبمحافظات إيران 31 رافعة شعارات واعية (المرأة – الحياة – الحرية) و ( الموت للديكتاتور ) وأكثر مايميز هذه الثورة وهي تدخل أسبوعها الخامس تصدُّر المرأة لهذه الاحتجاجات والمشاركة الفعّالة من طلاب الجامعات والمعاهد إلى الثانويات والاعداديات، كذلك المعلمين والأساتذة والمثقفين والشعراء والكتاب ورجال البازار رغم الوحشية والقمع والقتل الذي يمارسه نظام الملالي، ممّا يدلُّ على وعي هذه الثورة وعلمانية هذه الاحتجاجات إنها «ثورة على رجال الدين» الذين تاجروا بالدين لقمع الشعب وتجويعه، ومن هنا كان التّجاوُب والتعاطف الكبير مع هذه الثورة (محلياً– إقليمياً – دولياً) .
حقيقة الشعوب الإيرانية تقوم بالثورة نيابة عن شعوب المنطقة في سوريا والعراق ولبنان وفلسطين واليمن ودول الخليج، لذا على كل شرفاء وأحرار المنطقة والعالم أن يدعموا هذه الثورة، وعلى المجتمع الدولي وصناع القرار (أمريكا – أوروبا – إسرائيل - ....... ) أن يقوموا بدورهم للضغط على الملالي المجرمين للكفّ عن وحشيتهم والحفاظ على سلمية الثورة لتقول الشعوب الإيرانية كلمتها، وتقرر مصيرها نفسها بنفسها للتخلص من هذا النظام المجرم الذي هلك شعبه والمنطقة والاتيان بنظام علماني ديمقراطي حضاري تعدُّدي إنساني يحققّ مطالب كافة مكوّناته وطبقاته، ويريح المنطقة من هذا الاخطبوط السرطاني ....
النصر لثورة الشعوب الإيرانية والخزي والعار لنظام الملالي وولاية الفقيه.
10/10/2022
-
الاقتراع السوري الواعي الديمقراطية السورية المأمولة
Mar 31 2024 -
بمناسبة عيد المرأة العالمي:
Mar 08 2024 -
دروس دستورية في مقابلة الرئيس بارزاني مع"مونتي كارلو"..
Mar 03 2024 -
في حوار حصري مع مونت كارلو الدولية: الزعيم الكردي مسعود برزاني يقول إن النموذج الديموقراطي مهدد في العراق وصف قرارات المحكمة الاتحادية بالاجحاف ضد الاقليم وتحدث عن القلق حيال الانسحاب الامريكي من العراق
Feb 28 2024 -
بيدرسون: النظام السوري رفض عقد جولات اللجنة الدستورية في جنيف
Feb 28 2024 -
بناء الثقة .. كشرط لتقدم العملية السياسيّة..!
Jan 27 2024 -
لنعمل لأجل بناء الثقة!
Jan 14 2024 -
لنعمل لأجل بناء الثقة؟
Jan 04 2024 -
يدون تاريخ المنطقة، ويزيل الستار عن خفايا "الهندسة الديمغرافية "! كتاب تقسيم "كوردستان العثمانية" لدكتور آزاد أحمد علي
Dec 30 2023 -
"الحركة الكُردية في العلاقات الدولية" للراحل رشيد حمو
Dec 16 2023
-
دلبخوين دارا: من شاشة روداو العربية!
Jun 11 2020 -
تقزيم المسألة السورية في قالب (صياغة الدستور)
Aug 15 2018 -
جمهورية شرق الفرات
Oct 14 2018 -
أولويات التفاوض كُردياً: الحفاظ على نظام الإدارة الذاتية، وعفرين:
Aug 14 2018 -
الدنمارك: ستة وجوه من حَمَلَةِ شهادات الماجستير على خشبة التكريم الكُردية.
Oct 17 2018 -
ورحلت القامة: رحيل الرجل الشجاع
Aug 21 2018 -
(الإصابة بالتوحد) أسبابها وأعراضها وكيفية االمساعدة على تحسن حالة الطفل التوحدي
Sep 01 2018 -
حقن البلازما بين هوس النساء والحقيقة العلمية..
Feb 21 2019 -
اختطاف المحامي ياسر السليم من كفرنبل بعد دعوته التعايش مع الدورز والكُرد وأهل الفوعة
Sep 22 2018 -
المحلل الإقتصادي خورشيد عليكا لبرجاف: الضغط على البنك المركزي ليس حلاً..والأزمة تتفاقم!
Aug 14 2018