في المسألة السوريّة: اللامركزيّة سبيل في تعزيز المشاركة السياسيّة(٢-٥)..!

في المسألة السوريّة: اللامركزيّة سبيل في تعزيز المشاركة السياسيّة(٢-٥)..!

Jul 12 2023

فاروق حجّي مصطفى
قد يخطر ببال المتلقي ما علاقة اللامركزيّة بمسألة المشاركة السياسيّة، وقد يقول مختص حقوق الإنسان بأنّ المشاركة السياسيّة حق مضمون ومن الحقوق الملزمة خاصة في العهدين الدوليين، وقد يحجّج المختص الدستوري بأنّ الملكية الوطنية لأي عملية سياسية-دستوريّة تعني المشاركة السياسيّة، ولا يمكن الحديث عن الملكية الوطنية إذا لم تشمل المشاركة السياسيّة.
وبين كل هذه الحجج قد يبرر المشرعون بأنّ وجود البرلمان بحد ذاته هو شكلٌ من أشكال أو التعبير عن "المشاركة السياسيّة".

استطراداً.. نحن نتحدث عن المشاركة السياسيّة الحقيقية، وكل ما تم ذكره (أعلاه) صحيح وصاحب الحجة محق، بيد إنّ ما لا يدركه هو إنّما نتحدث عن سوريا، والأخيرة لها تفسير ووضع مختلف فهي لم ترتقي إلى مستوى الدولة بالمفهوم الصحيح، وتم بناؤها كموجب من موجبات حكم الحزب الواحد ولون سكاني واحد الأمر الذي نواجه فيه تحديٍ معقد وهو وجود دولة شكلاً وبمواصفات أي دولة، لكن الحكم فيه ليس حكم إدارة الدولة، وهنا نتحدث عن السلطة وقصة فصل السلطات ودور المؤسسات.
طيلة خمسون عاماً هُمّشت الأطراف، والمكونات، ولم يُتاح لأي مكونٍ سياسيٍ أو عرقيٍ أوقومي للعب دوره في القرار السياسي؛
وفوق كل ذلك نحن أمام ركام من المشاكل التي انتجتها سنوات الحرب.
في العموم ونحن نتمعن في تجارب الدول ما بعد النزاع، نادراً ما نجد دولة تتحدث عن المركزيّة وهي في حالة الحاجة إلى التعافي وهذا ما شهدته الدول العربية أيضاً.
في سوريا توجد مشكلة جغرافية وقضايا التنمية، وقضايا القومية وقضايا الحرية السياسيّة، لذلك فإنّ اللامركزيّة وحدها تستطيع أن تحل الكثير من القضايا.

بمعنى إنّ الدولة المتخيلة هي أمام استحقاق التمييز الايجابي لأطراف سوريا لتحقق التوازن بين ما هو للمركز وما هو لمحافظات الأطراف.
في تونس مثلاً عجز الدستور والتشريعات في تأهيل القادة المحلية ليكونوا قادة على المستوى الوطني، لأنّ إنخراط ما هو محلي في الشأن العام يحتاج إلى بناء دستوري وقوانين تلامس الإحتياجات وإرادة المركز.
وبقي القول انه إنّ أردنا الحديث عن التعافي وصياغة وضع لسوريا كبلد فاعل في المنطقة وترعى مصالح الكل السوري فإنّ اللامركزيّة هي الحل المأمول.
والسؤال: هل بوسعنا خوض نقاش أعمق حول اللامركزيّة لنخرج بمنتج يليق بسوريا ولسكانها المتنوع والمتعدد؟