وعن الإنتخابات في سوريا..

وعن الإنتخابات في سوريا..

Jul 14 2024

فاروق حجّي مصطفى
غدا ستُجرى الإنتخابات في منطقة الحكومة السوريّة، بغياب مشاركة المعارضة والمكونات ذات الهويّات المختلفة (الكُرديّة والأشورية-السريانيّة، والدرزيّة) وفي ظل القوانين ذاتها؛
وتجدر الإشارة إنّ التعبير السياسي لكل مكون أو إثنية هي مؤسسات تلك المكونات السياسيّة، وعندما نجزم بعدم مشاركة الكُرد على سبيل المثال لا الحصر، فلأنّ تنظيماتهم السياسيّة لا تشارك الإنتخابات، حيث لم تشارك منذ عام ٢٠١١، وقبل ذلك كانت تشارك ببيان مشروط وسرعان ما ينحسب ممثليهم بسبب ظهور "قوائم الظل" الأمنية على العلن.
برأي الحكومة فإنّ إجراء هذه الانتخابات هي تماشياً مع الإستحقاق الدستوري، بيد إنّ المنطق يقول إنّ سورياً وكونها في حالة عملية لصياغة دستور جديد فإنّ مفاعيل الدستور القديم هي نفسها غير قانونية.
استطراداً.. فإنّ الإنتخابات ليست دائماً مؤشراً للشرعيّة، وبهذا المعنى فإنّ الإنتخابات الحالية لا تجلب الشرعيّة بقدرما إنها خطوة مخالفة لقرار مجلس الأمن ٢٢٥٤/٢٠١٥، وذلك لإنّ القرار ذاك يفيد بما معناه إنّ الإنتخابات تجرى بموجب دستورٍ جديدٍ ويشمل النازحين واللاجئين، كما تُجرى بمراقبة دولية وأممية.
عادةً فإنّ الغرض من الإنتخابات هي لتحقيق شرط التداول، وكون المعارضة غائبة في الإنتخابات بالتالي فإنّ إجرائها لا يفي بالغرض ومن هنا فإنّ الانتخابات تلك هي ليست مضيعة للوقت بقدر ما هي استهلاك للمشهد العام وإنشغالهم بشيء لا يجلب "رأس الزير سالم"!
بالعموم إنّ غالبيّة دول منطقتنا لا تشهد انتخابات حرة وذلك بسبب:
عدم وجود معايير انتخابية تلائم المعايير الديمقراطية وغياب القوانين لا تفتح الآفاق أمام المشاركة الفعلية وبالتالي لا تفتح الطريق أمام تمثيل الكل أي الفئات المهمّشة والأقليات، وفوق كل ذلك هيمنة القوى المتسلطة؛
وفي سوريا الوضع أعمق من ذلك، لأنّ البرلمان نفسه لا يقوم بدور برلماني، كون صلاحياته محدودة، ليس لأن البلد تحت هيمنة المؤسسة الأمنية بقدر ما أنّ الدستور نفسه قلّص صلاحيات البرلمان لصالح مؤسسة الرئاسة مثل مراسيم العفو والمراسيم الأخرى؛
وانطلاقاً من ذلك، وعدا عن إنّ سوريا تمر بظروف الحرب،وعن إنّ الدستور الحالي والذي تجري الإنتخابات في ظله متوقف، وعن إنّ المعارضة لا تشارك، فإنّ سوريا لا تحتاج إلى انتخابات التي لا تحقق أهم شرط وهو التداول في السلطة.
بقي القول: إنّ ما يجري الآن هو شكل من أشكال الهروب من استحقاق سوريا، وهو بناء السلام، والدفع بالعملية السياسيّة للخروج بدستور جديد، تُجرى الإنتخابات في ظله وتعزز مكان السلطة التشريعية وصلاحياتها في التشريع والمراقبة، ما يعني نحن أحوج إلى تفعيل العملية السياسيّة وعقد اللجنة الدستورية لجلستها التاسعة تمهيداً للانتقال الديمقراطي ، وصانعوه (هذا الانتقال) كل الأطراف السوريّة صوناً لاستقلال البلاد وسيادته من الإنتخابات الحالية والتي تجرى فقط لأجل العامل الخارجي!.