"مساحة آمنة ومحايدة" ضرورةٌ لعمليةٍ دستوريةٍ ناجحة !

Jun 10 2024

فاروق حجّي مصطفى
لم يطرح الزملاء والزميلات فكرة "مساحة آمنة ومحايدة" من فراغ، إنما من معطياتٍ موضوعيّة، ومن الواقع الذي يعيشه الوضع السياسيّ السوريّ.
دون شك إنّ أساس الفكرة جاء لضرورة الإستجابة، وكشرطٍ لا بد من توفره لحفاظ الحيز المدني على تماسكه، ووحدته وفعاليته وأثره على المسار السوريّ العام؛
ولا نستبعد بأنّه عند طرح الفكرة لم يكن البعض من الفاعلون والفاعلات على درايةٍ بأنّ المطالبة بفكرة ( مساحة آمنة ومحايدة) لا تنحصر بالعمل والفعل المدني بقدرما إنّ تأمين هذا الشرط هو ضمانه لنجاح أي عملية سياسيّة حتى قبل أن تكون حاجةً مدنيّة؛
ومع فرض الطرف الروسي لشرط عدم عقد اللجنة الدستوريّة لاجتماعها في جنيف، زادت أهمية المطالبة بـ " مساحة آمنة ومحايدة"، وحتى إنّ هذه الفكرة باتت من شروط نجاح العمليّة؛
ولا نستغرب أنّ هذه الفكرة طرحها يناسب طرف من الأطراف السوريّة اليوم، وغداً سيكون حاجةً لطرفٍ سوريٍّ آخر، ومن هنا فإنّ مطلب مثل" مساحة آمنة ومحايدة" هو مطلبٌ يجب أن يكون مطلبٌ سوريّ، وعلى السوريين والسوريّات رؤية المصلحة فيه.
قد لا نبالغ بإنّه عند التمسك في هذا المطلب، والمناداة به، فإنّنا نحقق شرط الضمانة للأطراف السوريّة، خاصةً إنّ التنوع السوري وتعدد خلفياته السياسية والدينية والقومية وحتى الفكريّة والثقافية هو غنىً وثراء ويخلق مجتمعاتٍ متطورة إلا إنه في العالم العربي يخلق نوعاً من بيئة المخاطر، ولعل تجربة عددٍ من الدول العربيّة وعلاقات الدول الإقليمية ببعض أطرافها هو أكبرُ دليلٍ على إنّ "مساحة آمنة ومحايدة" هي نفسها مساحة المصلحة المشتركة، وهي نفسها مكان إلتقاءٍ وإتفاقٍ يمكن الرهان عليه للبناء والتأسيس.
بقي القول، إنّ الدروس العربيّة وحالة التبعيّة السياسية السائدة في منطق السياسة العربيّة وثقافتها السياسيّة تدفع بأنّ ننظر إلى فكرة "مساحة آمنة ومحايدة" على إنها "علبة الأدوات" وليست قطعة من الأدوات، وهذا الأمر يمكن إسقاطه على العملية السياسيّة، وترك الفاعلون والفاعلات للعمل بموجب مقتضيات الصالح العام ودون تدخل طرف من "قوة العطالة" الدولية كانت أو إقليمية فإنّ الأمر سيكون سهلاً ومناخاً ملائماً لنجاح العملية الدستوريّة.