البيئة الآمنة والمحايدة مرةً أخرى..

البيئة الآمنة والمحايدة مرةً أخرى..

May 21 2024

فاروق حجّي مصطفى
مع أهمية موجبات نجاح العملية السياسيّة الأخرى، فإنّ التركيز على خلق مناخاتٍ آمنةٍ ومحايدة أصبح إستحقاق للمرحلة السوريّة، وهي المناخات التي لا تقتصر على إعطاء حصانة لشريحة سكانية أو عددٍ من المؤسسات في عملية الإستجابة بقدر ما إنّ مثل هذه المناخات تتطلب "مروحة" أوسع بدءاً من عزل مصالح الناس عن أي إحتراب وانتهاءاً بخلق ظروفٍ وشروطٍ مناسبة لتنفيذ القرار(٢٢٥٤) والسير في مقاربة السلات الثلاثة؛
ولا بد من القول بإنّ عدم ذكرنا للسلة الأولى هي لإستحالة العمل عليها على الأقل في المرحلة الحالية ، فهي السلة التي أعتقد بإنها لم تكن من الضرورة طرحها أصلاً لكون تنفيذ السلاّت الثلاثة تحقق محتوى السلة الأولى.
والحال إنّ البيئات الآمنة أيضاً تمر حسب المتطلبات في الحروب، نختصرها في فتح ممرات ومساحات للاستجابة بعيداً عن الإكراه؛
وفي ظل سير العمليات التفاوضيّة بين الأطراف المتنازعة يتطلب تجميد النزاع مؤقتاً كبوادر لحسن النية؛
وفي عمليّاتٍ سياسيةٍ أكثر عمقاً وإستراتيجيةً تصبح البيئة الآمنة أمراً ملحاً، لأنّ مثل هذه العملية لا تقتصر على طرف دون الآخر فهي عملية تنعكس نتائجها على مستقبل البلاد برمته؛
ومن هنا فإنّ التمسك بخلق مناخاتٍ بيئةٍ آمنة تنبع من وطنيّة الموقف أولاً، واستجابةً لطي مراحل المخاطر، ويتلخص بـ"عدم تكرار النزاع".
استطراداً.. إنّ مدى فهمنا لمثل هذا الخيار هو مرهونٌ بمدى درايتنا لأحقية المطلب؛
وعليه فإنّ مثل هذا المطلب لا:
-يقتصر على الأطراف المثارة للنزاع؛
-يقتصر على جهدٍ محلي إنّما جهد إقليمي ودولي.
-يتم دون إشراك الكل المنخرط في العملية السياسية والإنسانية والحقوقية؛
-يمكن أن تظهر الملامح الحقّة دون أن تصبح قضية عامة مجتمعيّة، وبالتالي يصبح الحيّز المجتمعي شريكاً في عملية البناء الديمقراطي؛
بقي القول: إنّ المطلب في العمل على خلق مناخات آمنة، ليس لأجل عمل إسعافي مؤقت بقدر ما إنّ الأمر يمتد إلى البعد الحياتي اجتماعياً حيناً وسياسياً في حينٍ آخر، وقبل كل شيء تؤسس لمسار يكون فيه "الملكية الوطنيّة" للعملية السياسيّة عامل ملازم لإنتاج أي مسودات داعمة للعملية الدستوريّة والتي هي جامدة بسبب غياب بيئات آمنة للعمل الدستوري على ضوء التدخل الروسي الواضح!