مدنيات المهجر:اسئلة مرتبكة، وقلقٌ على الهوية

مدنيات المهجر:اسئلة مرتبكة، وقلقٌ على الهوية

Feb 21 2019

علاء الدين زيات
المشهد المدني في اللقاء الأخير للمجموعة الجغرافية التركية
من غير المتوقع أن تقدم أنشطة جماعية ليوم ونصف من نقاش مختلف المسائل خطوة داعمة لتجذير هوية المنظمات المشاركة ، على الرغم من طرح أسئلة مباشرة حول ذلك ، لأن عملية من هذا النوع تتم باستقلالية عالية جدا عن رغبات جغرافيه واحدة بعينها وبخاصة أن البعض يظن أن حمايتها من التذويب يمكن أن يتم بتطبيق إجراءات عزلها عن باقي الشركاء في المناطق الأخرى ، هو عمل أقرب للتبوغ منه للحماية .
وتبقى الإشارة مهمة أن رد الفعل المتوقع على فاشية المنتصر (منتصر شكلا) بفاشية التبوغ تلك تعني فشلا كاملا في تجذير الهوية لأن العدو الأول لفكرة العمل المدني هو عدم تجاوز تلك النظرة الإقطاعية للمجتمع.
ما يبدو عليه المشهد العام لهذا اللقاء هو لوحة سورية متراكبة من استمرار السباق والتنازع بين الأيديولوجيا والفكر المدني ، والتنازع بين المهمة الاقتصادية للعمل المدني مقابل الاجتماعية ، وتنازع بين فكر المؤسسة اللاربحية والمؤسسة التجارية وآخرا بين استنباط عميق للدروس المستفادة والبكاء على أطلال عبس وذبيان.
ليست خسارة أبدا عقد مثل هذه الاجتماعات لأنها واحدة من مساطر قياس وزن ومدى وعمق درجات النضج لما حققناه على مدى سنوات ومعيار بياني مهم للحركية العامة لمدنيات المهجر في صورتها الأوضح في تركيا حيث هي مرآة كبيرة عن حالة المجتمعات التي تمثلها .
واسمحوا لي متابعة استخدام مصطلح مدنيات المهجر مؤقتا طالما أن فكرة هذه المدنيات عن الاجراءات العملية لاختراق خطوط الصراع وردم الخنادق المجتمعية بقيت مشوشة ولا تغادر دائرة الأسئلة المرتبكة، فهي تظن أن تفاعلها مع الشركاء فقدان للهوية في حين أرى تلك الخطوة أولى خطوات الصعود لامتلاك الهوية .
تبقى مسألة أن حشدا بهذا الحجم بعضاً من أفراده لم يتحدث بأي فكرة هل يعتبر ذلك هدرا للمساحة ؟. ربما ولكن دون ابتكار آلية تضمين عادلة وموسعة وفعالة لا أظن أن مشاركة عدد من الصامتين يعد خطأ ، فما دام أن لا هرمية من نوع تنظيمي داخلي للمنظومة المدنية تتيح ذلك التضمين وتعززه وتكون مسؤولة عنه ستظل تلك الحالة قائمة.
أذكر أن ورقة الاجندة التي حددها المشاركون تضمنت منح ذلك الدور التنظيمي لرابطة الشبكات مرحليا ، لكن فكرة التبوغ المطروحة كتوصية لا تبقي من فكرة الهرمية الا أوراق خريف ، وهو خريف تجلت ملامحه في العديد من مناحي النقاش




كوبا أخرى أم سوريا ثانية؟

كوبا أخرى أم سوريا ثانية؟

Feb 20 2019

سمير عطا الله*
هل العالم أمام كوبا أخرى أم سوريا ثانية؟ الشطر الأول من السؤال تطرحه الصحيفة الإسبانية «لا فانغارفيا»، الثاني تطرحه الصحيفة الروسية «بروفيل». لكن يبدو أن صحف الصين هي الأكثر اهتماماً وقلقاً على ما يحدث في فنزويلا. تقول صحيفة «ساوث تشاينا مورننغ بوست» إن بكين قد راهنت على الحصان الخاسر نيكولاس مادورو، الذي تصف حكومته بأنها «الأكثر فساداً والأكثر فَشَلاً على هذا الكوكب».
صرفت الصين حتى الآن أكثر من ستين مليار دولار في محاولة دعم النظام اليساري. ولم يكن الدافع حزبياً فقط، وإنما بالدرجة الأولى، اهتمام الصين بدولة بترولية في حجم فنزويلا. فالأخيرة في حاجة ماسة إلى استثمارات، والصين في حاجة ماسة إلى مزيد من الحقول المالية تُؤمّن لها ما يكفي من الطاقة في تقدمها الصناعي الهائل. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن احتياط فنزويلا لا ينحصر في النفط والطاقة، بل يتعداه إلى ثروات معدنية كثيرة.
هناك أيضاً البعد السياسي أو الاستراتيجي في سياسات الصين العالمية. فقد كانت فنزويلا في العام 2001 أول دولة لاتينية تعقد «اتفاق شراكة تنموية واستراتيجية مع بكين». وفي ذلك وجدت الصين حليفاً شديد الأهمية في منافساتها مع الولايات المتحدة. غير أن نظام مادورو كان مخيباً للآمال كما تقول صحيفة «ساوث تشاينا». فقد أصيبت معظم المشروعات الصينية بالإفلاس. وعجزت كراكاس عن تسديد الديون والالتزامات. وفي الوقت نفسه انهار الاقتصاد تماماً، وبلغت نسبة التضخم أرقاماً أبعد من الخيال، أي نحو 1698488 في المائة وفق مجلة «الإيكونوميست».
أما بالنسبة للنموذج السوري وصحيفة «بروفيل»، فإنها تعرض المشابهات بين البلدين. وتقول إن العالم انقسم حول النظام في البداية، واعتقد الكثيرون أنه لن يصمد في وجه الحرب الدائرة، لكن بعد ثماني سنوات، تبيّن أنه قد انتصر على خصومه، وأعادت عواصم العالم النظر في موقفها منه. إضافة إلى أن مادورو يتلقى الآن، مثل النظام السوري، دعماً روسياً وصينياً في وقت واحد. ويبدو وفقاً لصحيفة «ساوث تشاينا» أن الصين تشعر بشيء من الندم بعدما وقفت دول كثيرة ضد مادورو، بينها، خصوصاً، 14 دولة من أميركا اللاتينية. لكن هذا لا يعني أنها تفكر في خفض العلاقة مع حليفها وشريكها. والذي لا يعرفه المحللون ولا يشير إليه أحد حتى الآن، هو المدة التي قد يستغرقها الصراع، أو ما إذا كان سوف يتحول إلى حروب كما حدث في سوريا. وصحيفة «نيويورك تايمز» ترى أن الحل السريع هو في شراء جنرالات مادورو. إلا أن عدداً قليلاً جداً من هؤلاء قد أعلن، حتى الآن، ولاءه للمعارضة.
في النموذج الكوبي، لا تزال القضية عالقة منذ 50 عاماً. وفي السوري منذ ثماني سنوات. وفي غضون ذلك هاجر من البلاد نحو ثلاثة ملايين مواطن. الفقراء دائماً يدفعون الثمن فيما يصرّ القادة والزعماء على أنهم يعملون من أجلهم.
*كاتب وصحافيّ لبناني، عمل في كل من صحيفة النهار ومجلتي الاسبوع العربي والصياد اللبنانية وصحيفة الأنباء الكويتية.
(الشرق الأوسط)




نساء «داعش»... بين الترويج والتوعية

نساء «داعش»... بين الترويج والتوعية

Feb 20 2019

مينا العريبي*
خلال الأيام الماضية، انشغل الإعلام الغربي برواية شميمة باغوم، البريطانية التي هربت من منزل أهلها لتلتحق بمقاتلي تنظيم داعش الإرهابي في سوريا قبل 4 أعوام. كان عمر شميمة حينها 15 عاماً، تباهت بالانضمام إلى مجموعة من القتلى الذين ارتكبوا جرائم شنيعة على الأراضي العراقية والسورية وغيرها. اشتهرت قصتها حينها وأصبحت «مثالاً» لأخريات يرغبن في الالتحاق برجال أبو بكر البغدادي. ولكن الأمور تغيرت مع تغيير مسار المعارك ضد «داعش». اليوم، تطالب شميمة بـ«المغفرة» والسماح لها بالعودة إلى المملكة المتحدة، مع ابنها الذي ولدته في مخيم لعائلات مقاتلي «داعش»، الذين إما قُتلوا أو أُلقي القبض عليهم.
من المثير اهتمام الإعلام الغربي بقصة شميمة ومناداة بعض وسائل الإعلام لها بتعبير «عروس داعش»، كأن قصتها قصة رومانسية فيها بعض المغامرة، مما ساهم في الترويج لها بطريقة غير مباشرة. الواقع هو أن شميمة ومثيلاها التحقن بتنظيم إرهابي وكنّ على وعي كامل بجرائم التنظيم. في مقابلات مع قناتَي «سكاي نيوز» وهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» هذا الأسبوع، ناشدت شميمة مسؤولين بريطانيين السماح لها بالعودة إلى المملكة المتحدة. قالت شميمة إنها «عانت الكثير»، مما يستوجب التعاطف معها حسب تعبيرها، في تصريح مثير للسخرية. لكن هذا التعاطف شبه مستحيل، بعد أن كانت تناصر تعذيب النساء العراقيات والسوريات وغيرهن على أيدي «داعش».
شميمة ليست وحدها، فهناك المئات من النساء والأطفال الذين يبقى مصيرهم معلقاً بينما يتلاشى «داعش» ويفقد السيطرة على آخر الأراضي التي استولى عليها في سوريا. ولكن هناك مجموعة من النساء اللواتي يحملن جنسيات غربية يتوقعن حصولهن على حقوق مواطني الدول الغربية التي لطالما «أنقذت» مواطنيها عندما يقعون في ورطة وهم في الخارج. ولكن بعد أن اعتبرن تلك الدول «دول كفار»، كيف يتوقعن من حكومات تلك الدول الاهتمام بأمرهن؟ إنها نفس العقلية التي أدت إلى انضمامهن لـ«داعش»، غرور ممزوج بسذاجة بأن لديهن حقوقاً خاصة.
وهذا الدليل واضح على هدى مثنى، الأميركية الوحيدة في مخيم يحتض 1500 امرأة وطفل في سوريا، التي أجرت حواراً مع صحيفة «الغارديان» البريطانية. هدى عمرها 24 عاماً، تزوجت ثلاث مرات منذ انضمامها إلى «داعش» عام 2014. ولديها ولد عمره 18 شهراً. بعد أن كانت هدى تروج عبر وسائل التواصل الاجتماعي للقتل الجماعي وتبني أفكار «داعش»، تقول اليوم إنها «نادمة» على ما حدث وتريد العودة إلى الولايات المتحدة. ليس لأحد أن يقرر ما في نفوس أناس مثل شميمة وهدى، ولكن من الصعب التصديق أن الندم الذي تعبّران عنه اليوم لم يأتِ سوى نتيجة لخسارة «داعش» المعركة.
لم يتضح بعد كيف ستتعامل بريطانيا مع شميمة ولكن على الحكومة البريطانية أن تخطو بحذر. فيجب أن يكون العقاب شديداً على من يروج للإرهاب ومن يعلن التخلي عن بلده وقيمها. ولكن في الوقت نفسه، لا يمكن عدم الانتباه إلى هذه القضايا. بعد سنوات قليلة، ممكن أن يصبح أبناء هؤلاء النساء جنوداً في صفوف تنظيم إرهابي آخر.
ليس من العدل تصوير هؤلاء النساء على أنهن ضحايا. ولكن في الواقع، تسجيل ما حدث لهن وحديثهن عن أخطائهن أمر مهم عسى أن تتعظ به أخريات من الالتحاق بمجموعات إرهابية مثل «داعش». فالمعركة ليست فقط معركة قتالية على الأرض، بل هي أيضاً معركة فكرية خاصة مع فئة معينة من الشباب الذين ينظرون إلى التنظيمات الإرهابية كأنها وجهة للتحرر من القيود المجتمعية. تسجيل ندم شميمة وهدى وأخريات مهم ليتعظ آخرون.
وفي الوقت نفسه، لا يمكن إلا التعاطف مع طفل شميمة الرضيع، فلا حول ولا قوة له ولآخرين وُلدوا من آباء وأمهات في صفوف «داعش». ويجب ألا نتجاهل المسؤولية الأخلاقية تجاه أي طفل، فلا أحد يستطيع تحديد أبويه. ولكن في الوقت نفسه، أطفال «داعش» ليسوا أهمّ من آلاف الأيتام في العراق وسوريا الذين خلّفتهم الحروب، ويتّمهم مقاتلو «داعش» وأمثالهم. ويجب العمل بشكل جدي لحماية الأيتام بغض النظر عمن يكون آباؤهم.
قضية المقاتلين الأجانب فيها جانب سياسي مهمّ بالنسبة إلى الدول التي عانت من إرهاب «داعش». على سبيل المثال، العراق يصر على محاكمة مَن أجرم على أراضيه في المحاكم العراقية، بينما هناك دول مثل فرنسا، تفضل أن يبقى المقاتلون الذين يحملون جنسية فرنسية في العراق وسوريا. ولكن من اللافت أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب بدأ يطالب حلفاءه الأوروبيين بقبول عودة مواطنين أوروبيين كانوا قد انضموا إلى «داعش». وفي إحدى تغريداته النارية، قال ترمب: «الولايات المتحدة تطالب بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا وحلفاء أوروبيين آخرين بإعادة أكثر من 800 مقاتل من (داعش) ألقينا القبض عليهم في سوريا، ليمْثلوا للمحاكمة»، مضيفاً أنه في حال رفض الأوروبيين ذلك «فالبديل ليس جيداً، إذ سنضطر إلى إطلاقهم». ولم يفلح التحالف الدولي ضد «داعش» في الخروج بسياسة موحدة ومتفق عليها للتعامل مع مقاتلي «داعش» وأسرهم.
وتأتي القصص عن نساء «داعش» في وقت تتسارع فيه الأخبار عن اقتراب موعد تحرير الأراضي السورية كافة من مقاتلي «داعش» بعدما تحررت الأراضي العراقية. هذا فصل مهم في حرب هزيمة «داعش» ولكنه ليس الفصل الأخير. قيادات «داعش» ما زالت طليقة، والأسباب التي أدت إلى نهوض «داعش»، مثل الانفلات الأمني وبقاء مساحات كبيرة من دون حوكمة حقيقية ورعاية لسكانها، كلها تنذر بموجة جديدة من العمل الإرهابي.
ومن أجل إنجاح الحرب ضد «داعش»، من الضروري اتخاذ خطوات قانونية ضد رجال ونساء التنظيم. العودة إلى القضاء والعدل، بدلاً من القتال المفرط، تعني محاربة فكر «داعش» بالقانون الدولي. الحل الأمثل يكمن في إقامة محاكمة دولية تحاكم المقاتلين في صفوف «داعش»، بالإضافة إلى محاكمة كل من سهّل أمر انتقال هؤلاء المقاتلين الأجانب إلى سوريا والعراق. كما أن كل من موَّل ودعم «داعش» يجب أن ينال أشد العقاب، بما في ذلك كل من روّج له... وإلا قد يفكر هؤلاء في فتح جبهة جديدة لإحياء التنظيم الإرهابي.

*مساعدة رئيس التحرير السابقة، عملت مديرة مكتب «الشرق الأوسط» في واشنطن بين عامي 2009- 2011 وهي الان رئيسة تحرير صحيفة «ذا ناشيونال» الإماراتية
(الشرق الاوسط)




بثينة شعبان، وعقدة الكُرد

بثينة شعبان، وعقدة الكُرد

Feb 20 2019

فاروق حجّي مصطفى
لا أظن بأنّ الكُرد يرغبون بالحوار مع النظام لأنّهم في مأزق..
الحوار مع كل المكونات، والقوى السورية، بما فيها النظام هي مسألة مبدأ لدى القوى الكُردية، لأن الكُرد يرون أن قضيتهم بقدر ما تخصهم فهي قضية وطنية.
ومن هنا يمكن القول إنّ مقياس أي شخص سوري ووطنيته مرتبط إلى حد بعيد بمقاربته وتعامله مع حال الكُرد، ويمكن تعميم هذا على مستوى الديمقراطية أيضاً، إذ لا يمكن أن تكون سوريا ديمقراطية ما لم يلتزم بحل القضايا التي تمس الديمقراطية في بلده..
الكُرد مكون أساسي من المكونات السورية ولهم الحق سواء في مسألة الحكم الذاتي أو الفيدرالية ؛ بمعنى آخر لهم الحق في تقرير مصيرهم.
ومن المنظور الحقوقي لا يمكن أن يرفض أحد هذا الحق، ومن المنظور السياسي مرتبط إلى حدٍ كبير بمسألة القوة والضعف، ومسألة الإستقطابات والـتجاذبات السياسية ومسألة التوازنات في الزاويتين الإقليمية والدولية، وبينهما الداخلية. أما من المنظور الوطني لا يمكن أن يُرفض حق وطني لأي شخص سوري، إذاً لا يمكن الحديث عن الوطنية وأنت ترفض حقاً لمكون من وطنك.
ولا نستغرب إنّ مسألة رفض الحقوق هي مسألة ثقافية، وهي بالأصل مرتبطة إلى حدٍ كبير بالذهنية. فأصحاب هذه الذهنية يتعاملون مع المكونات والحقوق بالعموم كما لو أنّها ملكٌ لهم، ويجوز لهم فقط أن يقرروا مصائر الناس، بمعنى الحق هو الهبة!
في الحقيقة ليست المرة الأولى التي تطلق بثينة شعبان هذا الحكم المطلق، وما نتأسف عليه هو ثمانية سنوات من الأزمة و ما زال النظام ينظر إلى حال السوريين كما لو أنّهم خدم على بابه وليسوا مواطنين و قيمتهم بقيمة اي موظف حكومي أو موظف في الدولة.
شكل خطاب شعبان يوحي إلى حدٍ كبير بأنّ النظام لم يتغير ذهنيته ومقارباته لحل قضايا البلد ولا سيما قضية الحقوق، وقضايا الديمقراطية، وبهذا الشكل لا يمكن ان نقول إنّنا نمر في اللحظات الأخيرة من أزمتنا بقدر ما تأسس شعبان ومن يشبهها بتمهيد لأزمة أخرى وقد تكون التداعيات أكثر ضراوة من تداعيات الازمة التي عشناها طيلة ثمان سنوات.
بقي القول، أنّ السوريون يعانون من الأزمة الوطنية المزمنة، ومنذ خروج الفرنسيين إلى اليوم لم يستطع السوريون بلورة صيغة وطنية تتحقق فيها شرط الكرامة للأفراد والمجتمعات ،الأمر الذي يضعنا في حالة من الأزمة الدائمة، وسببها ذهنية شعبان، وعقدتها تجاه القضية الكُردية وقضايا البلاد بشكل عام.




العمل لافتتاح مشتل

العمل لافتتاح مشتل "مشتنور" الزراعي

Feb 19 2019

برجاف|كوباني -زوزان بركل

تقوم بلدية كوباني بالعمل على افتتاح مشتل "مشتنور" الزراعي بالمدينة، وزرع أنواع مختلفة من الأشجار والازهار للمساهمة بتحقيق الأكتفاء الذاتي وتزويد المنطقة بمختلف أنواع الاشجار والنباتات الخضراء ونباتات الزينة، بالإضافة لتشغيل الأيدي العاملة في المدينة.

المهندسة الزراعية أمينة ويسو والمشرفة على مشروع مشتل "مشتنور" قالت لـ"برجافFM " "أنه تم بدء العمل والتحضير بالمشتل منذ أسبوعين، وسينتج العديد من الأشجار المتنوعة والزهور بالإضافة إلى نباتات الزينة، حيث يقدر العدد التقريبي للأشجار التي سيتم غرسها منها10 ألاف شجرة فستق و5 ألاف شجرة جوز ولوز، فضلاً عن زراعة 3 ألاف أنواع الأزهار، كما وسيجلب ما يقارب 100ألف شجرة من منطقة السد أو منبج وذلك لسد احتياجات المنطقة.

وأضافت ويسو "يعمل في المشتل عمال وعاملات بدعم من منظمة كونسيرن بالتنسيق مع البلدية والمنظمة هي التي تتكفل بتخصيص الراتب للعمال، حيث تقدر مساحة المشتل ما يقارب 3 ألاف متر مربع.

بدورها قالت شمسة علي إحدى العاملات في المشتل "أن هذا المشروع يساهم بتوفير فرص عمل لهن لإعالة أسرهن، ويكون عملهن فقط تعبئة أكياس الغراس بالتراب، ويبدأ دوامهن من الساعة الثامنة صباحاً حتى الواحدة ظهراً، ويكون العمل بمبلغ سبعة دولارات يومياً".

ويذكر أن المدينة التي شهدت دماراً وخراب بشكل شبه كلي تعاني من نقص الخضار والأشجار والحاجة لزيادة المساحة الخضراء، كما يساهم المشروع اقتصادياً في المدينة، والذي سيغطي احتياجات المنطقة الزراعية من أشتال ونباتات وأشجار.




مسؤول كردي يقول إنه لا توجد سجون كافية لمقاتلي «داعش» في سوريا

مسؤول كردي يقول إنه لا توجد سجون كافية لمقاتلي «داعش» في سوريا

Feb 18 2019

قال مسؤول كردي، إنه لا توجد سجون كافية لكل مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي، وإن «السلطة بقيادة الأكراد لا يمكنها تحمل العبء وحدها تجاه مقاتلي التنظيم» في سوريا.
وتابع عبد الكريم عمر، أحد مسؤولي شؤون العلاقات الخارجية في المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد في تصريحات لوكالة «رويترز»: إن مقاتلي «داعش» المحتجزين وعددهم 800، علاوة على 1500 طفل و700 زوجة يمثلون قنبلة موقوتة، ومن الممكن أن يهربوا خلال هجوم على المنطقة الكردية.
وتابع: إن أعداد المحتجزين لدى «قوات سوريا الديمقراطية» من «داعش» الأجانب وأسرهم يزداد عددهم بالعشرات يومياً.
وقد قالت السلطات بقيادة الأكراد في شمال سوريا اليوم (الاثنين)، إنها لن تفرج عن مقاتلي تنظيم داعش الأجانب المحتجزين لديها.
وقد دعت «قوات سوريا الديمقراطية» الدول الأوروبية إلى «عدم التخلي عنهم» بعد انتهاء المعارك التي يخوضونها ضد تنظيم داعش، والمساهمة في نشر قوة دولية في شمال سوريا؛ لحمايتهم من التهديدات التركية، على ضوء اقتراح واشنطن إقامة منطقة آمنة.
وقال ألدار خليل، أحد أبرز القياديين الأكراد، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية أجريت في باريس مساء أمس (الأحد): إن «تلك الدول لديها التزامات سياسية وأخلاقية» تجاه الأكراد الذين احتووا، بقتالهم تنظيم داعش، خطر توسع التهديد الإرهابي إلى أوروبا.
وأضاف: «إذا لم يفوا بها (التزاماتهم)، فهم يتخلون عنا».
وتهيمن وحدات حماية الشعب الكردية على تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» العربي - الكردي الذي يستعد لإعلان الانتصار على تنظيم داعش. لكن مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه يريد الانسحاب من سوريا، تبدو هذه القوات في وضع ضعيف أكثر من أي وقت مضى.
ولم تهدأ خلال الفترة الأخيرة التهديدات التركية بشن هجوم جديد ضد المقاتلين الأكراد انطلاقاً من مدينة منبج (شمال). ومن أجل تهدئة الأجواء، اقترح الرئيس الأميركي الشهر الماضي إنشاء «منطقة آمنة» بعمق 30 كيلومتراً على طول الحدود بين الطرفين.
ودعا المسؤول الكردي فرنسا، العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، خصوصاً إلى أن تعمل لصالح نشر قوة دولية في سوريا فور انسحاب القوات الأميركية منها.
وقال خليل: «يمكن لفرنسا أن تقدم اقتراحاً إلى مجلس الأمن لحمايتنا: يمكنها أن تقترح نشر قوة دولية بيننا وبين الأتراك تكون فرنسا جزءاً منها، أو يمكنها حماية أجوائنا».
ويتضمن النطاق المقترح لنشر القوة الدولية، الذي قد يمتد على عمق نحو 30 كيلومتراً في الأراضي السورية، مدناً كبرى تسكنها الأقلية الكردية.
وتابع المسؤول في الإدارة الكردية شبه الذاتية في سوريا القائمة منذ 2011: إن هذه القوة الدولية يمكن أن تكون أشبه بقوات الـ«يونيفل» التابعة للأمم المتحدة المنتشرة في جنوب لبنان لتأمين الحدود مع إسرائيل.
لكن الأوروبيين قد تغاضوا بالفعل عن الاقتراح الأميركي بإنشاء «قوة مراقبين» تستبدل الأميركيين في سوريا.
وعلّق مصدر حكومي فرنسي: «واشنطن تحاول العثور على حلول للخروج ليست في الواقع حلولاً»، مشيراً إلى أنها تقول: «نحن راحلون وأنتم باقون».
ويضغط دونالد ترمب على الدول الأوروبية لإعادة مئات من مواطنيها الذين يحتجزهم أكراد سوريا بعدما كانوا انضموا إلى التنظيم.
ويقول الأكراد أيضاً، إنهم جاهزون لتقديم تنازلات.
ويرى بعض المراقبين أن النظام يريد استسلاماً غير مشروط من الأكراد الذين هم الآن في موقف ضعيف.
وأقرّ مصدر حكومي من باريس بأن «الحل الأخير الوحيد هو اتفاق بين النظام السوري والأكراد».
(الشرق الأوسط)




إعادة الإعمار  في المناطق الكُردية … التقديرات والسيناريوهات

إعادة الإعمار في المناطق الكُردية … التقديرات والسيناريوهات

Feb 18 2019

كمال اوسكان
قد تكون الدراسة التي وضعتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) بعنوان ” برنامج الأجندة الوطنية لمستقبل سوريا”، ونشرتها مطلع العام 2017 في بيروت، أقرب إلى الدقّة والموضوعية في تقدير أكلاف الحرب السورية القائمة، إذ تقدّر الإسكوا في دراستها خسائر الحرب في سوريا بــ” 327.5 مليار دولار. هذا الرقم لا يقترب من تقديرات البنك الدولي، الذي أكّد في تقرير له، نُشر في تموز 2017 بعنوان: “خسائر الحرب: التبعات الاقتصادية والاجتماعية للصراع في سوريا”، أن الاقتصاد السوري خسر 226 مليار دولار جرّاء الحرب.

خسائر الاقتصاد السوري: أرقام وحقائق

بالعودة إلى دراسة الإسكوا نجد أن الاقتصاد السوري تكبّد خسائر كبيرة جراء النزاع الذي عصف بسوريا وتداعياته التي كانت كارثية؛ وللاستدلال إلى جسامة انعكاساته على الاقتصاد يكفي أن نعلم بأن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي قد انكمش بنسبة تقارب 65% بين عامي 2010 و2016، حيث تراجع من 60 مليار دولار في العام 2010 إلى 21 مليار دولار تقريباً في العام 2016

تعرّض رأس المال المادي إلى تخريبٍ هائل وتحمّل قطاع البناء والتشييد القسم الأكبر من خسارة مخزون رأس المال خلال فترة النزاع والمقدّرة بـ 100 مليار دولار، وهو ما يشكل حوالي 30% من إجمالي الخسائر نتيجة العمليات القتالية والدمار الذي لحق بالمباني الخاصة والعامة والمنشآت الحكومية والمدارس والمشافي، كذلك أصابت قطاع الصناعة التحويلية خسائر كبيرة في مخزون رأس المال الثابت قدّرت بـ 18% ونال قطاع الصناعة الاستخراجية والمعادن نصيبه من خسائر نتيجة تدمير البنية التحتية للحقول ومكامن الاستخراج وشبكات النفط والغاز تم تقديرها بـ 9% من إجمالي الخسائر . كما حصل دمار كبير ضمن قطاع المرافق (شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي) يعادل ( 9% ) من إجمالي أضرار.

أدّى النزاع السوري ايضا إلى تراجع قطاع الزراعة الذي يمثل صمام أمان الأمن الغذائي، مما أدى إلى تدهور الأمن الغذائي تدهوراً غير مسبوق. ومن أسباب هذا التراجع عدم تقيّد المزارعين بالخطط الزراعية لعجزهم عن الوصول إلى الأراضي الزراعية بسبب الاقتتال وارتفاع تكلفة الإنتاج في ظل الحصار الاقتصادي وعدم القدرة على استيراد مستلزمات الإنتاج التي ارتفعت أسعارها ارتفاعاً كبيراً، يضاف إلى ذلك ارتفاع تكلفة المحروقات اللازمة للعملية الزراعية، وتعرّض الممتلكات الزراعية للسلب والتدمير نتيجة غياب الأمن.

وتشير التقديرات إلى انخفاض الإنتاج الزراعي بمعدل 57% بين عامي 2010 و2015 ويعزى تراجعه إلى تراجع المساحات المزروعة بنسبة 25% . بلغت المساحة المزروعة خلال هذه الفترة 3600 ألف هكتار من أصل المساحة القابلة للزراعة البالغة 6 مليون هكتار. وقد أثّر هذا التراجع على حياة السكان وفق تقديرات برنامج الغذاء العالمي التي تشير إلى أن حوالي 33% من السكان غير آمنين غذائياً في سوريا، وتزداد حالة انعدام الأمن الغذائي بشكل خاص بين سكان الأرياف.. وهنالك تقديرات تقول أن ما يزيد عن 45%من سكان منطقة الجزيرة (محافظة الحسكة) يفتقدون للأمن الغذائي وفق برنامج الغذاء العالمي.

كما توصّل برنامج الغذاء العالمي في تقريره إلى أن أكثر من 71% من الأسر السورية تقع تحت خط الفقر ، وترتفع تلك النسبة في منطقة الجزيرة حيث يعانيه نحو 90%من سكانها.

تقسّم الإسكوا في دراسة لها كلفة الحرب السورية إلى 227 مليار دولار بسبب الفرص الضائعة، و100 مليار قيمة الدمار الفيزيائي؛ لكن ذهبت دراسات أخرى لتقديرات أكبر، منطلقة من الكتلة المالية التي تحتاجها إعادة إعمار كل قطاع وفقاً للخسائر، وصلت إلى 111 مليار دولار في العقارات، و 75 مليار دولار في الصناعة، و 45 ملياراً ضمن قطّاع الخدمات، يُضاف إليها 24 مليار دولار في الخدمات العامة، و 18 ملياراً في مجال النقل والاتّصالات، و 15 ملياراً في الزراعة، و 12 ملياراً في الخدمات المالية.

نصيب منطقة الجزيرة من الخراب

تعتبر منطقة الجزيرة من أغنى المناطق السورية بمواردها الاقتصادية وتمتاز بتنوّع هذه الموارد، غير أنها كانت طوال فترة حكم “حزب البعث” من أفقر المناطق، حيث همشت وفرض على أبنائها سياسات استثنائية وقيود اقتصادية.. كما أنها تعرّضت للتدمير كبقية المحافظات السوريةأثناء الحرب وسيطرة التنظيمات الإسلامية المتشدّدة على أجزاء واسعة منها.

اليوم ومع ظهور مؤشرات جديدة في الوضعين السياسي والعسكري وانحسار الحرب جزئيا في المناطق الكردية بعد انهيار تنظيم الدولة(داعش) شرق نهر الفرات ومواكبةً للحديث الجاري عن إعادة الإعمار في سوريا، يخشى أبناء المناطق الكردية عموماً والكرد منهم وجه الخصوص من تهميش مناطقهم كما تم تهميشهم في المفاوضات التي تجري بين المعارضة والنظام في كل من جنيف وأستانة.

غير أن ما يمنح الناس بعض التفاؤل بأنْ تكون منطقة الجزيرة مدرجةً ضمن مشاريع إعادة الإعمار هي أنها منطقة تتمتّع بالموارد الطبيعية والثروات الباطنية؛ لكن، هناك وجهات نظر تقول إن إعادة الإعمار ليست عملية اقتصادية بحتة، بل تلعب السياسة الدور الرئيس فيها، خاصة مع غياب حل سياسي شامل في سوريا ووجود تهديدات تركية متكررة بغزو المناطق الكردية ومناطق شرق الفرات عموما وعلى إثر هذا قد لا تقدم أية شركة على الاستثمار في منطقة تواجه مصيراً مجهولاً وبالأخص بعد حالة الفوضى الكبيرة التي عمت منطقة عفرين بعد اجتياح تركيا والفصائل الموالية لها للمنطقة وحالة الفلتان الأمني و التوجه الواضح نحو تغيير ديمغرافية المنطقة.

ويرى البعض أن للعوامل السياسية هنا دور مهم لعدة أسباب، مثل سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على أهم مصادر الطاقة في سوريا، والتي لا يمكن إهمالها، فهي إما ستكون سبباً للحرب، وبالتالي تأجيل موضوع إعادة الإعمار أو ستفرض إدراج تلك القوى في المفاوضات، وبالتالي سيكون لها دوراً التوازنات السوريةالجديدة. لذلك فإن كانت عملية إعادة الإعمار سياسية أو اقتصادية أو مزيج منهما، فلا يمكن إهمال الواقع المفروض في المنطقة.

المرتكزات الاقتصادية لإعادة الإعمار في منطقة الجزيرة

أقرّت الإدارة الذاتية في مقاطعة الجزيرة موازنتها السنوية لعام 2016 بقيمة /2/ مليار و/700/ مليون ليرة سوريامعتمدة على عائداتها من النفط والغاز، والمحاصيل الزراعية، والضرائب، حيث تعتبر المنطقة التي تدار من قبلها من أهم مصادر الثروات الباطنية والطبيعية والمحاصيل الزراعية وتقع على ضفاف أكبر نهرين في منطقة الشرق الاوسط. بالإضافة إلى أنها لم تتعرّض للتدمير أو التخريب في بنيتها التحتية الموجودة كمثيلاتها من المناطق السورية، لكن هذا لا يعني أن الحرب لم تؤثر فيها، حيث شهدت العديد من القطاعات تراجعاً كبيراً تجاوز 50% من طاقاتها الإنتاجية نتيجة الحرب والحصار.. وهي بحاجة لملايين الدولارت حتى تستعيد عافيتها. نحاول استعراضها هنا بشكل سريع:

قطاع النفط:

يبلغ عدد آبار النفط في منطقة الجزيرة /1839/ بئراً، منها /1464/ بئراً منتجاً، أما الآبار المتبقية فهي معطلة تعاني من مشاكل فنيةٍ . إضافة إلى وجود قرابة 25 بئرا من الغاز في حقول السويدية بالقرب من حقل رميلان

تزايد إنتاج النّفط في تلك الآبار، منذ حفرها وحتى عام 2011، بشكلٍ طرديٍّ، حتى بلغ الإنتاج لحقول الحسكة /165/ ألف برميل يومياً آنذاك. وانخفض إنتاجها بعد الأزمة حتى صار /15/ ألف برميلٍ يومياً بحسب بعض المصادر.

ومن مجمل الآبار الموجودة في المحافظة تم إعادة تشغيل 200 بئر من قبل الإدارة الذّاتيّة لأجل تأمين احتياجات المنطقة من مشتقات النفط والغاز وإمداد مناطق أخرى من سوريا بها ويتراوح إنتاج الغاز المنزلي بين 10 آلاف و12 الف أسطوانة يومياً.

قطاع الزراعة

منطقة الجزيرة التي تبلغ مساحتها حوالي 2.3 مليون هكتار تشتمل على أكبر مساحة للأراضي الزراعية بين المحافظات السورية، وتبلغ مساحة الأراضي القابلة للزراعة فيها (1578) ألف هكتار، وهي تعادل (27.7%) من إجمالي المساحات القابلة للزراعة على مستوى سوريا البالغة (6) مليون هكتار؛ حيث تنتج العديد من المحاصيل الزراعية وتعد مصدر الأمن الغذائي، إلى جانب كونها تشكّل بنية تحتية قوية للصناعات الزراعية.

فمنطقة الجزيرة لوحدها تنتج حوالي 696 ألف طن حبوب، أي بنسبة 37% من إنتاج سوريا للحبوب، كما تنتج بحدود 15 ألف طن من القطن أي بنسبة 39% من إنتاجها بحسب المجموعة الإحصائية 2016 ويلاحظ التراجع الكبير حسب الأرقام الواردة مقارنة بإنتاج 2007 حيث وصل إنتاج محصول القمح 1471 ألف طن وبمعدل تراجع أكبر بالنسبة لإنتاج القطن حيث وصل الإنتاج 273 ألف طن 2007 .

القطاع الصحي:

تُبيّن الأرقام واقع منطقة الجزيرة قبل اندلاع الأزمة في سوريا، من حيث افتقارها إلى الخدمات والكوادر الطبية والبنى التحتية حتى بالمقارنة مع بقية المناطق السورية، بحسب مكتب الإحصاء المركزي وفق أرقام العام 2016؛ حيث تضم منطقة الجزيرة (31) مشفى بين حكومي وخاص يتوفر فيها (1353) سريراً فقط، أي بمعدل سرير لكل (1198) شخص.

بالنظر إلى واقع بعض البلدان التي توفر الرعاية الصحية الجيدة لمواطنيها، فإن دول الاتحاد الأوروبي توفر (63) سريراً مقابل (10) أسرّة في إفريقيا لكل (10.000) نسمة. ما يجعل المتوسط العالمي يتراوح حول (36) سريراً لكل (10.000) نسمة، أي بمعدل (277) شخصاً لكل سرير، وهو رقم يبدو بعيداً عن واقع معدل الأسرّة بالنسبة للسكان في محافظة الحسكة، حيث يبلغ المعدل (1198) شخص لكل سرير. وهو يعادل
أربعة أضعاف المعدل العالمي.

وفق ارقام الاحصاء المركزي يبين الجدول التالي عدد الاطباء والصيادلة في منطقة الجزيرة ومتوسط عدد السكان لكل طبيب وصيدلي :

قطاع التعليم

بلغ عدد المدارس في منطقة الجزيرة في 2010، أي قبل الأزمة2277 بينما وصل عددها في 2016 الى 2353 مدرسة من بينها 2149 مدرسة للتعليم الأساسي و165 مدرسة ثانوية و 39 مدرسة للتعليم المهني وذلك وفق أرقام المكتب المركزي للإحصاء.

مقارنة هذه الأرقام مع أعداد المدارس التي تديرها الإدارة الذاتية في مقاطعة الجزيرة وفق تقرير نشر على وكالة أنباء مقربة من الإدارة الذاتية حول الوضع التربوي والتعليمي في المقاطعات الثلاث للعام الدراسي 2015/2016 يتبيّن أن عدد المدارس في مقاطعة الجزيرة هو 1394 مدرسة ابتدائية و195 مدرسة إعدادية و110 مدارس ثانوية و111 مدرسة مشتركة لهذه المراحل الثلاث، كما أن عدد معاهد إعداد المدرسيين هي 12 معهداً وأكاديمية واحدة لتأهيل المدرسات، كما يوجد بعض المدارس لا تزال تدار من قبل النظام.

هذه الارقام التي استعرضناها عن منطقة الجزيرة ( محافظة الحسكة) في خضم الحرب السورية وهي أقل المناطق الكردية تضررا من الحرب مقارنة بكل من كوباني وعفرين فالأوضاع في عفرين كارثية بعد أن أصبحت تحت الاحتلال التركي منذ قرابة السنة، فقد دمرت كافة المقومات الاقتصادية بعد تعرضها للنهب والسرقة من قبل الفصائل المسلحة المدعومة تركياً .

وبالعودة الى الاوضاع الاقتصادية في عفرين بعد خروجها من سيطرة النظام السوري فقد شهدت تقدما اقتصاديا في مجموعة من القطاعات وفق تقرير صادر عن مجموعة عمل اقتصاد سوريا في شهر آب 2015 توضح البنية الاقتصادية في عفرين بالارقام على الشكل التالي:

الزراعة :

هناك 18 مليون شجرة زيتون في عفرين، ويقدر إنتاج الزيتون سنويا بمليون طن هو المحصول الرئيسي تصل كمّية إنتاج زيت الزيتون في السنوات الماضية إلى 270 ألف طن تقريباً،بالاضافة الى 30 الف شجرة رمان، وتوجد أنواع أخرى من الشجر المثمر كالعنب والكرز وكلها محاصيل تحقق الاكتفاء الذاتي لعفرين ويزيد الإنتاج عن حاجة المنطقة.

الصناعة :

يوجد في عفرين العديد من الصناعات على النحو التالي 20 معمل للبيرين ( تفل الزيتون)، وهي معامل ضخمة.

20 معمل فحم (فحم اركيلة) مصنع من البيرين، كما يقدر عدد معاصر الزيتون بـ 250 معصرة منها 158 معصرة فنّية قديمة ذات طاقة إنتاجية ضعيفة، و92 معصرة فنّية حديثة ذات طاقة إنتاجية كبيرة،حيث تعرّض أكثر من نصفها للسرقة من قِبَل الفصائل المسيطرة على عفرين بالاضافة الى العديد من المعامل وورشات انتاج صابون الغار والكونسروة وتعبئة المياه و 400 ورشة ومعمل لإنتاج الألبسة، وأغلبها تنتج الجينز، و3 مصاف للنفظ وحوالي 20 مقلعاً للاحجار ومواد البناء والرخام

التجارة:

أصبحت عفرين مركزا تجاريا مهما في الشمال السوري بسبب الاستقرار الذي كانت تشهده قبل الاجتياح التركي إذ كانت مقصدا للتجار لاستثمار رساميلهم في تجارة زيت الزيتون والبيرين والفحم والصابون والمواد الغذائية، وتجارة السيارات وقطع التبديل وتجارة العقارات التي كانت رائجة بشكل كبير وتكاد تكون الاولى على مستوى سوريا في مشاريع البناء بسبب زيادة الطلب على السكن والمجمعات الصناعية .

الصحة:

كان القطاع الصحي في عفرين قبل الغزو التركي يشتمل على مشفى آفرين هو مشفى نصف مأجور توفر فيه جهاز طبقي محوري وأجريت فيه شتى العمليات الجراحية، وضم أقساما للاطفال فيه 36 سريراً و للنساء ولغسيل الكلية وللقثطرة القلبية.

إضافة لمشفى آفرين الذي طاله القصف التركي في الأيام الاولى كان هنالك مشفى عفرين الجراحي ومشفى قنبر ومشفى ديرسم ومشفى جيهان ومركز الهلال الاحمر الكردي.

دمرت الحياة الاقتصادية في عفرين ونهبت ممتلكات السكان المهجرين والعائدين حيث قدر الدكتور أحمد يوسف رئيس جامعة عفرين في دراسة منشورة له أن “إجمالي حجم الدمار والنهب قد وصل إلى ما يعادل مليار دولار أمريكي بعد شهر واحد من الاحتلال فقط.”

أما مدينة كوباني وهي واحدة من الثماني مدن الأكثر تدميرا في سوريا وفق الدراسة التي صدرت عن البنك الدولي بعنوان “خسائر الحرب التبعات الاقتصادیة والاجتماعیة للصراع في سوريا” لانها تحولت الى ساحة معركة بين تنظم الدولة الاسلامية وقوات التحالف الدولي، حيث دمرت المدينة بشكل شبه كامل وكذلك ريف كوباني الذي كان مهمشا بالأصل، فبعد تحرير المدينة من التنظيم لم تشهد كوباني أية تنمية حقيقية حتى الآن، واستثنيت من المنح المقدمة عن طريق المنظمات سوى بعض المشاريع الصغيرة والمحدودة على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة سنوات على تحريرها.

في هذا التحقيق تحاول مجلة شار عرض وجهات نظر بعض الخبراء والاقتصاديين حول مرحلة إعادة الإعمار والتصورات والسيناريوهات الممكنة والفرص المحتملة على ضوء الأرقام الصادرة عن مراكز الدراسات والجهات البحثية بغض النظر عما إذا كان من سيقوم بإعادة الإعمار جهات دولية أو محلية.

يرى الاستاذ الجامعي الدكتور أحمد يوسف رئيس جامعة عفرين (التي أقفلت بسبب سيطرة فصائل المعارضة المدعومة تركيا على المدينة) أن إعادة الاعمار من أكثر المواضيع تعقيداً في بلدٍ شهد دماراً شاملاً على صعيد البنية التحتية والقيم الأخلاقية والاجتماعية، ويحاول الاستشهاد بالتجربة العراقية في هذا السياق للدلالة على ان أن مسألة إعادة الإعمار لا تؤخذ على محمل الجد، ولا تسير وفق ما تمليه مصلحة شعوب الدولة المعنية.

انطلاقاً من هذه الحقيقة القاسية التي تعيشها دولة جارة ومتشابهة في الكثير من ظروفها مع الظروف السورية، يرى يوسف بأن عملية إعادة الإعمار، وإن تم الإعلان عنها من قبل جهات دولية ذات كفاءات اقتصادية عالية، لن تتجاوز تنمية بعض المشاريع التي تكون من صلب عمل الشركات العالمية المتعددة الجنسيات ، والتي تستفيد من الظروف الاستثنائية التي تمر بها سوريا، ولن تكون لها تأثيرات إيجابية مباشرة على المواطنين السوريين.

أمام هذه المعطيات يرى يوسف بأن سيناريو إعادة الإعمار في سوريا سيكون أحادياً وبزعامة أمريكية روسية، وإن حدثت إضافات أخرى فلن تكون إلا في إطار تحقيق بعض التوازنات الاقليمية والعالمية عبر الأراضي السورية.

مثلاً قد تفرض أمريكا على دول الخليج العربي تنفيذ بعض المشاريع الإعمارية التي ستكون لها تكلفة مالية كبيرة دون أن يكون لها جدوى اقتصادية مباشرة، كمشاريع تأمين الإسكان للمواطنين المتضررين، وصيانة شبكات المياه والكهرباء، والهواتف. إلا أن تلك الدول لن تكون فعالة بشكل حقيقي في عملية إعادة الإعمار.

ويشير رئيس جامعة عفرين الى نقطة تتمتع بأهمية كبير عن الحديث عن إعادة إعمار سوريا قائلاً” الأرقام الفلكية التي تحتاجها عملية إعادة الإعمار. لا توجد دول في العالم يمكنها المساعدة بصورةٍ حقيقية في هكذا عمليات على حساب دافعي الضرائب لديها، لذلك سيقع الشعب السوري أسير قوتين متناقضتين، قوة داخلية تهدف البناء، ولن تكون قادرة على تحقيقها، وقوى خارجية تهدف إلى عرقلة الإعمار الحقيقي لتبقى متدخلة في بعض حيثيات الواقع السوري”.

في حين يرى الاستاذ الجامعي الدكتور مسلم عبد طالاس صعوبة في وضع سيناريوهات اقتصادية تتعلق بإعادة الاعمار في منطقة الجزيرة في وقت لم تتبلور فيه السيناريوهات السياسية بعد لكنه يرى بعض النقاط المفيدة في هذا السياق والتي يبدأها بسؤال عم اذا كانت منطقة الجزيرة قادرة على البدء بعملية إعادة إعمار، يقول طالاس:”الأمر هنا يتوقف على ثلاث قضايا : وجود الاطار السياسي الذي سيحتضن العملية، ووجود الإدارة الاقتصادية،من حيث المؤسسات والكوادر البشرية، وأخيراً وجود الموارد المالية من أجل تمويل عملية إعادة الاعمار”.

ويعتقد دكتور مسلم أن الحالة السياسية على مستوى مقاطعة الجزيرة لم تتبلور تماما ضمن الحالة السياسة العامة في سوريا، أي من حيث علاقة الوضع في الجزيرة مع الوضع السوري العام. من حيث المؤسسات الاقتصادية والادارية والكوادر البشرية،هناك حد معين من المؤسسات لكنه غير كاف وهناك نقص حاد في الكادر البشري بسبب الحرب والهجرة خارج البلاد، وهذا يعتبر عقبة اساسية وقاتلة يجب معالجتها، أي أنه يجب استرداد الكادر البشري وإلا ستكون العملية عبثية في الكثير الجوانب.

وعن الموارد المالية والجهات التي يمكن لها تنفيذ إعادة الاعمار يقول دكتور طالاس: “يمكن أن تقدم الدول والمؤسسات المالية الدولية المانحة للمساعدات بعض المساعدات التقنية تغطي جزء من النقص لكن ليس كله.” ومن حيث الموارد المالية و ليس هناك تقديرات دقيقة للخسائر والدمار، لكن في محافظة الحسكة،الخسائر والدمار في أدنى درجاتها نسبيا. مع ذلك لا يمكن الاعتماد على الموارد المحلية فقط من أجل القيام بعملية إعادة الاعمار، مع العلم أن هناك موارد محلية جيدة يمكن البناء عليها، أي أنه لا بد من تلقي بعض المساعدات المالية الدولية في المرحلة الأولى من العملية بحسب طالاس.

هكذا يبقى مصير إعادة الاعمار في المناطق الكردية رهن الوضع السياسي السوري العام والحلول التي يمكن أن تظهر في المستقبل، ولا يمكن استشفاف مسارات السياسية والاقتصادية في منطقة تعيش حالة غير واضحة المعالم في ظل الحرب التي تشهدها سوريا، وإذا كانت الإدارة الذاتية التي تم إعلانها في المناطق الكردية تملك تجاربة عسكرية ناجحة في محاربة الارهاب بالتنسيق مع التحالف الدولي إلا انها تفتقد الى الاعتراف الدولي الخارجي، كما تفتقد الى توافق داخلي مع حكومة النظام في دمشق، مما يعني أن مصير المنطقة الكردية غير واضح وسيبقى رهن التجاذبات الدولية التي تصاعدت في الآونة الأخيرة.
(مجلة شار )




جانب من استمرار الفنانات التشكيليات برسم لوحاتهن بالمرسم الذي اسهم منظمة برجاف بإنشائه.

جانب من استمرار الفنانات التشكيليات برسم لوحاتهن بالمرسم الذي اسهم منظمة برجاف بإنشائه.

Feb 18 2019

تساهم منظمة برجاف لبناء القدرات بمشروع مرسم للفنانات التشكيليات والشغوفات لفن الرسم، لدعمهن إيصال رسالتهن وما يطمحن إليه من خلال عرض لوحاتهن وإيصال رسالتهن للمجتمع.




واقع السلة الزراعية في الشمال السوري....  تستبشر خيراُ في هذا الموسم

واقع السلة الزراعية في الشمال السوري.... تستبشر خيراُ في هذا الموسم

Feb 15 2019

برجاف| الدرباسية- الحسكة / هديل سالم
يستبشر المزارعون خيراُ في هذا الموسم الزراعي نتيجةً للأمطار الغزيرة و المستمرة وندرة الإصابات الزراعية مقارنة بالأعوام السابقة. باعتبار الزراعة العامل الاقتصادي الرئيسي في المنطقة والتي تعكس بشائرها على كافة المجالات التجارية و الصناعية بالإضافة لتنشيط حركة الأسواق المحلية.
"برجاف" في استطلاعها لآراء بعض المزارعين يقول أبو يوسف (مزارع من ريف الدرباسية) أنه يستبشر خيراُ كبيراُ من واقع الزراعة هذا العام، فهو لم يتكلف أي مصاريف لسقاية أراضيه المزروعة بالقمح والشعير نتيجة هطول الأمطار.
ويتابع أن الأسعار الجيدة للبذور والبقوليات و توفر كافة أنواع المبيدات الزراعية والحشرية والأسمدة خلافاُ عن السنوات السابقة عوامل مهمة تسهم في ازدهار القطاع الزراعي في الشمال السوري.
كما رجح المزارع (حجي حسن من ناحية زركان) وهو يتأمل حقله المزروع بالشعير أن يبلغ إنتاج الزراعة البعلية هذا العام أعلى معدلاته نتيجة الأمطار الغزيرة، والتي أدت بدورها على زيادة المساحات المزروعة، والتي تجاوزت الخطط المعتمدة للكثيرين.

موجة صقيع... تنهي الإصابات الحشرية
فيما بين المهندس الزراعي "محمد حج فتاح" لبرجاف إنه من خلال الجولات الميدانية التي قام بها خلال هذا الأسبوع لتفقد الأراضي المزروعة بالقمح والشعير و التي قد تعرضت لإصابات حشرية الفترة الماضية، تمت ملاحظة التراجع الكبير في نسب الإصابة الحشرية وانحسارها نتيجة موجة الصقيع التي شهدتها المنطقة منذ أسبوعين، وتناوب الأجواء الماطرة والمشمسة أضاف على زيادة وتيرة نمو المحاصيل الزراعية.
إلا أنه أشار أن هناك بعض الإصابات المعروفة بـ "تعفن الجذور" نتيجة الأمطار المستمرة والرطوبة العالية إلا أنها تبقى ضمن المعدلات الطبيعية الغير مقلقة.
والجدير بالذكر أن المساحات المزروعة بمحصولي القمح والشعير في المقاطعة للموسم الحالي تجاوز 9 آلاف هكتار بالإضافة للزراعة العطرية.
ولكن يبقى المزارعون في تأمل لهطولات مطرية جديدة خلال الشهرين القادمين لزيادة وتيرة نمو المحاصيل الزراعية لتكتمل فرحتهم بالإنتاج الزراعي هذا العام.




الأكراد والثورة الإيرانية... مسلسل بلا نهاية من المآسي

الأكراد والثورة الإيرانية... مسلسل بلا نهاية من المآسي

Feb 13 2019

إحسان عزيز
عندما انتفضت الشعوب الإيرانية، قبل أربعين عاماً، للإطاحة بنظام «الشاه»، كانت تتطلع بأمل واسع إلى إرساء دعائم نظام حكم عادل، يوفِّر للإنسان الإيراني المضطهد، الحرية والديمقراطية والحياة الكريمة، وربما لم تكن تتصور أبداً أن المتدثرين بعباءة الدين سيفرضون على أبنائها حياة أفضل منها الموت، فتحولت الثورة، بحسب آراء العديد من الإيرانيين، من أمل في الخلاص والانعتاق والحياة الحرة الرغيدة إلى نقمة ووبال ومسلسل لا ينتهي من المآسي والويلات.

فبعد أربعة عقود، أدرك معظم الإيرانيين أن الثورة التهمت رجالاتها الحقيقيين، وأن الآمال العريضة التي انتفضت لأجلها شعوبهم قد تبخّرت، وذهبت أدراج الرياح، نتيجة لسياسات النظام الحالي، المستندة إلى فتاوى وإرشادات ومخططات «الخميني» الذي استحوذ على مقاليد السلطة، مستثمراً الفراغ السياسي وأجواء الفوضى التي ترافقت مع الثورة، ومتسلقاً أكتاف المنتفضين.

ويوضح تيمور مصطفايي عضو المركز السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، بزعامة مصطفى هجري، أن «الثورة كانت ثمرة نضال عسير للشعوب الإيرانية ضد نظام الشاه المستبِد، لكن الخميني وزمرته غيّرا مسارها الصائب نحو إقامة حكم مستبد وظالم، فخابت آمال الشعوب الإيرانية في تحقيق الحرية والديمقراطية والحقوق القومية المشروعة التي طالما حلموا بها، ومع مرور الوقت، حوّل النظام البلاد إلى معتقل كبير يخيم عليه أجواء الرعب والتعسف والاضطهاد والخوف، وتسببت سياساته الفاشلة في زج إيران في مآزق عويصة في مختلف مناحي الحياة، أبرزها الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تطحن الشعب بكل فئاته».

ويرى قطاع عريض من الإيرانيين، ولا سيما الأكراد، الذين أرغمتهم سياسات طهران على مغادرة بلادهم، أن نظام ولاية الفقيه أنصف فقط في توزيع الظلم والقهر على أبناء الشعوب الإيرانية، وأن الكيل قد طفح تماماً وحان وقت التغيير.

ويجزم مصطفايي لـ«الشرق الأوسط» بأن حزبه «أيقن النيات الخبيثة لنظام الخميني، منذ الأسابيع الأولى للثورة، عندما أرسل الحزب وفداً إلى طهران للتفاوض والتحاور مع رموز النظام الجديد بشأن قضية الشعب الكردي وحقوقه القومية المشروعة، بيد أن النظام عمد، بعد إحكام قبضته على مقاليد الحكم، إلى افتعال الأزمات والمشكلات الدموية في المناطق الكردية المحرَّرة، بغية إجهاض المفاوضات»، وأضاف: «الخميني تمادى في غيِّه وأوغل في إيذاء الشعب الكردي، وهضَم حقوقه، واستهلّ مخططه بتحريض زمرته على افتعال مشكلات في العديد من المدن الكردية مثل نغده وباوه انتهت بمقتل المئات من المدنيين العزل، وإصابة مئات آخرين، أتبعها الخميني بإصدار فتواه الشهيرة التي دعا فيها أتباعه إلى (الجهاد)، وحَرّضهم على ارتكاب المجازر والإعدامات الجماعية بحق الأكراد المسلمين، فلم يبقَ أمامنا من خيار سوى المقاومة».

ويضيف مصطفايي أن «تداعيات وآثار فتوى الخميني بإبادة الأكراد لا تزال قائمة في المناطق الكردية رغم مرور أربعة عقود، حيث يتعرّض الإنسان الكردي لشتى صنوف القهر والتعسف، ويعامَل معاملة المشبوه والعدو، ويتم إعدام العشرات من خيرة الشباب سنوياً لا لشيء سوى أنهم يطالبون بحقوق شعبهم».

ولفت مصطفايي إلى أن «كل العوامل المطلوبة لتغيير النظام باتت متوفرة الآن، مثل الغضب الشعبي الذي يملأ الشارع الإيراني، وعجز النظام عن حلحلة معضلات البلاد وأزماتها، خصوصاً الاقتصادية، إضافة إلى إجماع العالم على خطورة ذلك النظام وضرورة رحيله، لكن ما يعيق الأمر فقط هو غياب معارضة سياسية موحدة ذات أجندة مشتركة لرسم مستقبل إيران لمرحلة ما بعد نظام الخميني»، ويستطرد قائلاً: «إيران تحولت إلى مصدر للمشكلات في المنطقة والعالم، وتشكل تهديداً واضحاً للمصالح الأميركية والغربية في كل العالم، وأعتقد أن واشنطن بدأت تدرك حجم تلك المخاطر، وهي جادة فعلاً في ضغوطها على نظام طهران، ولكنها ليست جادة في إسقاطه، ونحن نعتقد بأن تغيير النظام ينبغي أن يتم من الداخل، بدعم وإسناد من الخارج، ونحن مستعدون للمشاركة في أي حركة خارجية كانت أو داخلية تنتهي بإزالة النظام الحالي، ونشدد على أن نظام الحكم في إيران المستقبل، يجب أن يكون ديمقراطياً فيدرالياً، وإلا فإن المشكلات والمعضلات الراهنة ستعيد نفسها من جديد».

وعن أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، يشير الناشط المدني كاروان شرفي، إلى أن الأوضاع تنحدر باستمرار نحو الأسوأ، منذ هيمنة ولاية الفقيه على السلطة، لا سيما في المناطق الكردية، مدلِّلاً على ذلك بالبيانات التي تصدرها المنظمات الدولية المعنية بأوضاع حقوق الإنسان في ظل النظام الذي بات يُعرَف بـ«نظام المشانق في العالم».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» يقول: «التعسُّف المفرط الذي يتعرض له الإنسان الكردي أرغم المئات من الشباب الذين يعانون من البطالة المدقعة، على العمل كمهربي بضائع في المناطق الحدودية لتأمين قوتهم، مما جعلهم عُرضة لنيران قوات النظام التي تقتل منهم نفراً في كل يوم، بل وتقتل حتى الدواب التي يستعملونها في نقل البضائع، أي أن الإنسان الكردي يتعرض لظلم وتعسف مزدوج مذهبي وقومي، وهو محروم من كل أشكال الحقوق المنصوص عليها في اللوائح الدولية». ويمضي شرفي إلى القول: «لقد طفح الكيل بالناس في إيران؛ فالخميني وعَدَهم في بداية الثورة بتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، من مياه وكهرباء وبلديات مجاناً، ووعدهم بحصة لهم من العائد القومي، لكنه لم يفِ بأيّ من وعوده، بذرائع وحجج شتى؛ فتارةً زعم أن نظامه فتيّ ولم ينضج بعد، ثم تذرع بالحرب ضد العراق لعشر سنوات، بعدها أوهم الشعب بما سمّاه بمرحلة الاستعداد والنهوض، لكن تلك التبجحات لم تعد تنطلي على الشعوب الإيرانية، التي تسمع يومياً عن سرقات بأرقام فلكية تحصل في البنوك الإيرانية لصالح أشخاص وجهات متنفذة، بينما يتضور الفرد الإيراني جوعاً وعوزاً».

ويتذكر حسين كريمي اللاجئ الإيراني المقيم في إقليم كردستان، بغصَّة وألم، مشاهد الإعدامات الجماعية التي اقترفها أتباع الخميني بحق المدنيين الأكراد، في معظم المدن والقرى، بعد صدور تلك الفتوى التي يصفها بـ«المشؤومة»، فيقول: «كنتُ في العاشرة من العمر وقتذاك، لكني ما زلتُ أتذكر صور الإعدامات الجماعية، وتدمير القرى بالجرافات وحرق البيوت، تماماً كما يتذكر إخواننا في كردستان العراق، مجازر الأنفال».

ويرى كريمي أن «نظام الخميني مموِّل رئيسي للإرهاب في العالم، وهي حقيقة ساطعة يدركها الجميع، لأن النظام يدعي أنه يحكم وفقاً للشرائع السماوية، وبناءً على ذلك يسمح لنفسه بالقضاء على كل مَن يخالفه الرأي والتوجه»
(الشرق الاوسط)




Pages