حينما يكون التسامح مطلباً وحاجة للتعايش

حينما يكون التسامح مطلباً وحاجة للتعايش

Nov 29 2018

سردار شريف
عنواننا لا يشي بالمثاليات، ولا يتحدث عن شيء يصعب العمل به، وهو في حقيقة الأمر نتعامل به كل يوم وليس كل ساعة؛ وقد لا يتراءى لنا، لكننا نمارسه، كونه جزء من مكونات ثقافتنا، والتي هي هويتنا، سواء إن كنا أفراداً أو جماعات، ولعل التسامح يظهر من خلال مبدأين، نتمسك به في حياتنا اليومية :
-الدين أو العقيدة، والذي لا يخلو من التسامح، وحتى بالنسبة للذين لا دين لهم، أو لا الدينيون فهم أيضاً يحملون في قيّمهم التسامح وثقافتها، بسبب كونه حاجة حياتيّة.
ثقافتنا الإنسانيّة، أو لنَقُل الآدميّة، فكل إنسان يعي أهميّة التسامح في حياته. دعونا لا نخوض في فكرة إن الإنسان شرير بطبعه أو أن الشراسة مكتسبة، فهذا الأمر يحتاج الى مقال خاص، ولكل مقام مقال!
لا يؤثر في مقالنا إن قلنا على أنّه ربما في المريخ وحده لا توجد ثقافة التسامح، بينما لا يمكننا القول ونحن نرى هذا الكوكب -الذي هو الارض، يعجّ بالثقافات واللغات والحضارات والأديان والمذاهب المختلفة والأرض التي يسمع فيها أصوات أجراس الكنائس وأصوات المآذن وهي الأرض التي تستطيع أن تتجول في أزقتها وتسمع من يتكلم بالعربية أو الأرمنية أو الكُردية أو السريانية وقد تشاهد عرضاً شركسياً في أحد المسارح أو الساحات العامة، وكيف أن روحك تحلق في السماء عندما ترى لون الثقافة أو مصادر غناها الإنساني.

ولنتعرج ونتعرف على أهميّة المناسبات مثل" .. الأيام التي تحمل أعياداً مختلفة وعادات مختلفة وطقوس روحانية تعطي للحياة معنى وأهميّة ما يصبح سبباً للتمسك بالتسامح.
ومما لا شك فيه إنّ وجود التنوع هو الوجود الحقيقي للتسامح، كون الأخير لا يتراءى، أو لا يمكن اكتشافه إن لم يكن هناك التنوع، فالتسامح هو مع الآخر، والتسامح هو جزء من المكونات الثقافيّة، ولا ثقافة تتأسس من ذاتها إنّما من التفاعل مع ثقافة الآخر، وهذا يسحبنا للقول بفكرة "التسامح المستدام " وهو بمثابة الجسر الذي يربط بين الثقافات والأديان والمذاهب المختلفة .

ثمّة من يقول بأن التسامح المستدام هي مسألة لا تحتاج إلى نظريات وتعقيدات كثيرة هي فقط علم بسيط جدا" نستطيع أن نتعلّمه ونعلّمه في البيت في المدرسة في العمل في المسجد والكنيسة والمعابد الدينية وزرع بذوره في أدمغة أطفالنا منذ الصغر للقضاء على العنصرية وتقبل الشخص مهما كان مختلفا" عنا في الرأي في العقيدة أو الدين أو اللغة أو اللون واحترام كل ما يحمله من فكر جميل جداً وأن نكون مع الأشخاص المختلفين عنا في طقوسهم وهم بالمقابل أن يكونوا معنا .

وعند التعليل في مسألة التسامح تلاحظ أنّ وجودك في المسجد وأنت لست مسلم أو وجودك في الكنيسة وأنت لست من الديانة المسيحية، ووجودك في عيد نوروز وأنت لست كُردي كل هذا ممهدات ودلائل قويّة على أنّ لكل ثقافة أو هويّة حيّز من بذور التسامح.
أحدنا يقول إنّ احترامك للثقافات المختلفة عن ثقافتك هي حقا" حالة من الإنسانية والتسامح المستدام فإذا أردنا أن نرى هذا الأمر في الدين فالله محبة وإذا أردنا أن نراها من ناحية الأخلاق فالأخلاق والأحترام محبة وعندما نستطيع بناء مجتمعنا بالمحبة ونعلق على جدران مجتمعنا لوحات تدعو إلى المحبة والتسامح فلا يمكن لمجتمع أن يُهزم مهما خلقت الحروب والنزاعات والآراء السياسية المختلفة وخلق أفكار التطرف سوف تبقى الشعوب تنتمي إلى اسم الإنسان .

بقي القول أنّ أسّ التسامح يتكأ على الطبيعة الرحمانيّة للإنسان، وكل شخص يستطيع أن يصبح رسول التسامح إن أعار الإنتباه لفعله الإنساني وأخذها على أنها حاجة حياتيّة وهو إثراء وضرورة لتعايش الأمم والشعوب.
لنكون إلى جانب من يبث التسامح ...والإنسانية أولا!!!