في القيّم

في القيّم

Aug 14 2018


فاروق حجّي مصطفى:

ماذا يعني عندما نقول إنّ فلان يحمل قيّم (س)، وان لمؤسسة ما تلك القيّم ، وإن المجتمع كذا يحمل قيّم مشتركة كذا، وهكذا الدوليك؟ ماذا تعني القيّم؟ أيعني التباهي بعدد من السلوكيّات؟ أو بعض التصرفات ويمكن لأحدنا أن يمثلها بإتقان للإيحاء بحسن القيّم أم هي مجموعة من السلوكيّات تظهر ملامحها من خلال تصرفات الفرد؟
القيّم تظهر من خلال تصرف الفرد والذي يقف في خلفه سلوك معين، أو تظهر من مقاربة المجتمع في علاقته مع أبنائه أو مع مجتمعات أخرى، أو حتى مع القوى الحاكمة المهيمنة أو الديمقراطيّة، وقد تُرى من خلال أنماط سلوك مجتمع ما..
معادلة حتميّة، هي، لا يستطيع المرء أن يحمل قيّم ويقاربها مع الآخريين إن لم يكن المحيط حامل نفس القيّم..
القيّم لا تُصنع بقرار، وليس بوسع أحد ٍ تبنيها بين ليلة وضحاها، فهي عمليّة تراكميّة، تجدها مع الزمن، على شاكلة التدرج العمري، فعندما نكون أطفالاً لا نفكر بعواقب شيء، نعارك كل شيء دون حسبان، وبفكر الطفل أنّ باستطاعته فعل كل شيء وكما محاولاته لا تنتهي عند فشل ما، ومع الزمن يحس أو تصبح الواقعيّة جزء من سلوكه، ويصبح واقعيّ، يخجل من تصرفاته ويفرمل حركاته، ويحاول أن يقدم نفسه على أنه يسمع كلام الأسرة، ويتكتم أحياناً، لكنه ما يلبث ويتحول إلى كيان آخر في فترة المراهقة، كما لو انه كيان آخر وتجد لديه سلوك آخر، يخاطر ويغامر ولا يخاف، هي فترات البلوغ ولكل مرحلة من مراحل النشأة تداعياته، بيد أنّه سرعان ما يعود ويضبط نفسه، ويتعامل مع الواقع بمقاربات معقولة وينخرط في العمل، ليتأسس ويوزع وظائفه على نفسه يدرك الواجبات مع الأسرة ومع نفسه ومع مجتمعه ويحاول فهم القانون، هنا يتعزز معه القيّم، ولكن لا يصبح ناضجاً إلا في عمر الملوك عند ذاك لا يحمل قيّم فحسب إنّما يروّج لها أيضاً..
تماماً مثل المجتمعات وتدرج تطورها، من الريف إلى المدينة، ومن البداوى أو الحضر، ولكل حقبة قيّمها، وذلك تبعاً للتطور الإقتصادي أو لنقل الإنتاج، بيد أنّه من الصعوبة بمكان أن ندعي بالقيّم المدنيّة حتى وإن كنا بمدينة وأدوات إنتاجنا بدويّة، فالمدنيّة لا يعني فقط شوارع وأرصفة إنما السوق والتعامل- التواصل وتبادل الثقافات من خلال جلب ما هو متنوع ومراعاة مزاج الكل هنا تبدأ القيّم بفرض نفسها وبقوة..
ما نود قوله أنّ تصرفاتنا توحي قيّمنا، دعونا نحسن أو نضبط تصرفاتنا مع أنفسنا أو مع الآخرين حتى يتسنى للآخر معرفة قيّمنا وللإشادة بها وبلورتها…، والسؤال هل سنفعل؟