هواجس التفكك الأسري للاجئين

هواجس التفكك الأسري للاجئين

Apr 03 2018

يسمع المرء وهو يتابع أخبار اللاجئين في أوربا قصصآ مثيرة وغريبة مما يثير دهشته في بادئ الأمر . ولكن عند الخوض في تفاصيلها ظروفها وملابساتها يجد نتيجة الأمر اعتيادية مقارنة بالظروف المحيطة بها سواءاً أكانت من الناحية الإجتماعية وتغير الحالة الاقتصادية وصولآ الى المستجدات القانونية المؤثرة على حياة اللاجئ الشخصية والأسرية... ...
فهناك الكثير من حالات الطلاق والتفكك الأسري التي حصلت ..ربما لم تكن لتحصل لو لم تختلف البيئة الحالية عن البيئة التي نشأت فيها تلك الرابطة الأسرية
وكما أن جرائم عدة ارتكبها اللاجئين بحق البعض من أفراد أسرهم وغالبآ ماتكون المرأة هي الضحية ربما لم تكن لتجد تلك الجرائم طريقها الى الظهور لو لم تختلف البيئة الاجتماعية
الكثير من الصعوبات تعترض طريق اللاجئ في أوربا من جميع النواحي ( الإجتماعية - الإقصادية والموقع القانوني ) ...وهناك فئات عدة تعاملت مع الواقع الجديد بأساليب مختلفة منها :
1-الكثير من الأسر تشق طريقها بسلاسة وتتابع حياتها وفق المستجدات الطارئة معتمدة على التماسك الأسري والوعي الاجتماعي والتأقلم مع الواقع الجديد دون الإنسلاخ من الواقع الإجتماعي الذي تأسس عليه لايجاد نوع من التوازن بين الواقع الإجتماعي السابق والحالي ولابد من وجود بعض المنغصات والصعوبات التي تعترض سبيل هؤلاء ونسبة هذه الفئة هي الغالبة بين اللاجئين .
2- فئة أخرى وهي قلة قليلة اختارت طريق الإندماج الطوعي والمباشر وتشق طريقها في المجتمع الجديد والإنسلاخ من مجتمعه السابق والتي غالباً ماتكون دون مقدمات صحية تؤدي بالبعض من أفرادها إلى الشذوذ الإجتماعي والإنعزال والإنطواء على الذات مما يؤثر سلباً على الأسرة ككل . لأنها تقع في التناقض بين القيم الإجتماعية التي تأسست عليها وأسس المجتمع الجديد . وفي غالب الأحيان لايعرف الكثير عن العادات والقيم الإجتماعية للمجتمع الأوربي ويكون الأمر اعتباطيآ غير منتظم .
3- هناك البعض يتخبط ويتعثر في إيجاد وسائل ناجعة بالتوفيق بين ماكان عليه ومااستجد من الأمور مما تؤدي إلى خلق مشاكل أسرية تنطلق شرارتها بين الزوجين وتنتهي إلى الطلاق. ( أو للأسف الشديد قتل الزوجة ) وهذه الفئة أيضاً نسبتها ضئيلة بالمقارنة مع الأعداد الهائلة للاجئين .
وبمقاربة بسيطة بين حالات الطلاق والتفكك الأسري يصل المرء إلى العديد من القواسم المشتركة في الأسباب والدوافع التي أدت إلى وصول تلك الأسر للحالة التي هي عليها ... ومن هذه الأسباب حسب قناعتي والمعطيات التي حصلت عليها هي :
1- تأثير إختلاف الرؤية حول الرابطة الأسرية فيما بين المجتمع الأوربي الذي يرى بأنه توافق في الميول والرأي والقناعة الشخصية ويمكن إنهائها بكل يسر وسهولة عند ظهور المعوقات ... أما المجتمع الشرقي الذي يرى بأنه رابط مقدس مستدام وحالة اجتماعية واجبة ومفروضة يجب الحفاظ عليها بأي شكل من الأشكال .
2- استمرار الرجل في التعامل مع أسرته وبشكل خاص مع المرأة بالعقلية السلطوية الرجولية دون الأخذ بعين الإعتبار الواقع الجديد وآراء أفراد الأسرة . ومحاولة المرأة الإنعتاق من السلطة الذكورية بعد أن تهيأت لها الظروف وفي الكثير من حالاتها تكون بردات فعل غير سليمة مما تترتب على تصرفات الإثنين معاً نتائج وخيمة تنعكس سلباً على باقي أفراد الأسرة .
3- إنتفاء القيود والمعوقات الإجتماعية والإقتصادية وإمكانية تدارك أو تخفيف الآثار السلبية على الأطفال ..ونبسطها بالأمثلة... ففي مجتمعنا وعند ظهور المشاكل الأسرية يأخذ الزوجان الواقع الإجتماعي وآراء الأهل والخوف من تشرد الأطفال وضياعهم أو وقوعهم تحت رحمة زوجة الأب ( من جانب الزوجة ) بعين الإعتبار لذا لايفكران في الطلاق إلا في حال إستحالة إصلاح ذات البين . وكما أنهما يخشيان من سلبية رأي المحيط الإجتماعي وتجد المرأة نفسها بحاجة لإنفاق الرجل عليها مما يدفعها إلى تحمل الوضع حفاظاً على نفسها وترضخ لسلطة الرجل ويجد الأخير نفسه سيد الموقف والآمر الناهي في بيته .. ولكن هنا في المجتمع الأوربي تنتفي تلك المعوقات ولايجدون أي خوف على الأطفال من التشرد والضياع ومع انعدام الحاجة المادية للرجل عند الزوجة وانتهاء القيود الإجتماعية مما يدفعهما إلى اللجوء للطلاق كحل لمشاكلهما
وفي مجمل الأحوال فإن الأسر التي إنبنت على أسس متينة من التفاهم وتمتلك قدرآ من الوعي الإجتماعي تحافظ على ذاتها من التفكك ... أما الأسر التي تعاني سابقاً من المشاكل وانعدام التفاهم وفيها خلل في تماسكها الأسري تنتهي بها المطاف أما إلى الطلاق والتفكك أو تدارك الأمر ووضع حلول ناجعة لحالتها .
ولكن لو أخدنا النسبة المئوية لحالات الطلاق والتفكك الأسري التي حصلت وتحصل بين اللاجئين نسبة لأعدادهم ومقارنتها بما يحصل من حالات الطلاق في مجتمعنا نجد أن نسبتيهما المئويتين متقاربتين ولانجد تلك النسبة المخيفة المرعبة وإنما هي جداً طبيعية ولاتنذر بتفكك أسري واجتماعي .