رحل صوت الصدق بداخلنا..

رحل صوت الصدق بداخلنا..

Feb 10 2021

محمد حسن
شمعة أخرى أنطفأت في ظلمة كوباني، لينطفئ معها صوت الصدق بداخلنا، رحل"حمدو"
إلى صديق دربه "زعيم"، وإن كان بطريقة مختلفة.
خلال أتصالنا الأخير قبل أيام عندما تحدثنا عن صحته، أقترحت عليه أن يهتم بنصائح الاطباء، فأجابني أن "الزعيم أختار طريقة سريعة للموت لكنني أحب الموت ببطئ"، منذ ذاك الوقت وأنا أعيش هاجس موته.
عندما رحل عنا"الزعيم" قبل سنوات أرسل لي "حمدو" قصيدة قال فيها:
لن أعترفَ برحيلٍ زائرٍ يشبه رصاصةً طائشة
لن أعترفَ بمشيئةٍ تتقصدُكَ على طَرَفي سؤالٍ مُلغَز
لن أعترفَ بحبلٍ اعتصمتَ به فغدرَ بكَ
و لن نفترق
لن نفترق
لن نفترق
و لن أتبَعَ الظنَّ يا صديقي
لن اصدّقَ أحداً
لن أصدّقَ الملاكَ الذي يستجوبُكَ على حياةٍ بريئةٍ من أسمها
ربما لّم شملك به أخيراً، أبناء كوباني الذين طالما أختلفوا على كل شيء تقريباً، اتفقوا على صدقك وطيبتك، أنت الذي أخترت الحياة والموت على طريقتك الخاصة، "أبو تمام" الذي لم تستطع الحرب أن تشوهك رغم قسوتها.
بعد قيامة كوباني الكبرى وعودة الحياة إليها، كان "حمدو" من الأوائل الذين عادوا إليها، حينها قال لي" نعيش تحت أنقاض بيوتنا كالفئران، أفضل من العيش تحت رحمة الأتراك"، وبينما أنشغل الجميع بنبش أنقاض المدينة علهم يجدون بينها كنوزاً، أنتشل "حمدو" العديد من الكتب بين أنقاض المركز الثقافي في كوباني.
إذاً لن يكون هناك أنخاب جديدة بعدك، فالكيمياء أنتصرت في جولة أخرى على الصدق، وكل ما كتبته وحرقته أو مذقته أو تركته على هامش دفتر، سيشتاق إليك، كما هو حال "سقراط وسيلدا" ويُتمهما المبكر.