ما الدور الذي ينتظره الحوار الكُردي من المجتمع المدني؟

ما الدور الذي ينتظره الحوار الكُردي من المجتمع المدني؟

Jul 05 2020

فاروق حجي مصطفى
ما إن انطلق الحوار الكُردي-الكُردي بين القوى السياسية الكُردية السورية حتى ظهرت النداءات، وتعالت الأصوات، من قبل شخصيات ومنظمات عاملة في الحقل المدني في المنطقة، لمطالبة القائمين على الحوار بضم المجتمع المدني وإشراكه في الحوار.
ثمّة من رأى بأنّه لن يتكلل الحوار بالنجاح ما لم يشارك المجتمع المدني فيه، وهناك من أراد إصدار بيانات، أو القيام بحملات، وهناك من أكتفى بكتابة بوست فيسبوكي.
للوهلة الأولى، قد يبدو لدى البعض إنّ هذا المطلب ايجابي، ولعل ايجابيته تكمن في أنّ هناك أشخاص يرون في أنفسهم ضمن حقل المجتمع المدني، وهذا يعني أن لهم استعداداً للعب دور ما عند استحقاق نجاح الحوار، وإن عليهم التزامات تجاه ما يجري.

ولكن ما لا يدركه البعض، أنّ ما يجري اليوم هو حوار سياسيّ بين القوى السياسيّة الكُرديّة وصولاً إلى طي صفحة الخلافات فيما بينها من جهة، وميثاقاً سياسياً محكماً يرسم ملامح خارطة الطريق السياسي على المدى المنظور من جهة ثانية؛ فالمجتمع المدني لا يمكن أن يكون شريكاً سياسياً، إنّما وظيفته تكمن في تقديم خبراته عند صياغة منتج تشريعي، أو مسوغ قانوني، أو حلولاً توافقية، ومراقباً نزيهاً، وقد يكون ضاغطاً لإبراز ما هو للصالح العام في أي وثيقة نهائيّة، بمعنى أوضح أنّ الحوار هو حوار سياسيّ، وقد يكون أحد مخرجات الحوار، ظهور "جسم سياسي" له بُعد سلطوي.
والحال، فإنّه من المنطقي ألا يكون المجتمع المدني جزء من هذا الحوار، ولا من مخرجاته؛ إنما شريكاً لراعِ الحوار وداعمه؛ فالمسؤولية التي تقع على عاتق المجتمع المدني هنا، هي دعم المسار الحواري، وتقديم الرؤى التوافقية إنّ أمكن، ودوراً تيسيريّاً إنْ دعت الحاجة، ولاعباً مجتمعياً سلساً كون بإمكان المجتمع المدني المساهمة في لعب أدوار ايجابية بين الحاضنتين الاجتماعيتين اللتين على خلاف في أطوار بناء الثقة، والحق أنّه من مصلحة المجتمع المدني نجاح الحوار وبلورة صيغة الانسجام/ الاستقرار السيّاسي، إضافة إلى بناء أفق مجتمعي محلي متماسك مستنداً إلى روح تشاركي، والإدارة الرشيدة لمصالح المجتمع المحلي وقد تصبح تجربّة يمكن الاستفادة منها وطنيّاً وسورياً على المستوى الحكم وادارة مصالح المجتمعات المتنوعة.
بقي القول، إنّ غياب المجتمع المدني أو عدم جوازه لحضور طاولة الحوار كطرف لا يعني أنّ المجتمع المدني يغيب عن طاولة الحوار، بل يقع على عاتق الأطراف الكُرديّة التفكير مليّاً بأنه يجب ألا ينسى المتحاورون ضرورة وجود اتفاق/ توافق على مساحة خاصة للمجتمع المدني، وحريّة التحرك وحارس الصالح العام، وتاليّاً يكون واقع هذا الحيّز هو أحد مخرجات التوافق الكُردي - الكُردي، كون المجتمع المدني هو الضمان الوحيد والمساهم أن يكون الحكم/ الإدارة هو الحكم الرشيد محلياً ولاحقاً وطنيّاً.