لافا مسلم: ليس الفنان هو فقط من ينتج الفن وإنما الفنان هو ذلك الإنسان الذي يبهره الألوان ويبهره القصائد والموسيقا والسينما والرقص..

لافا مسلم: ليس الفنان هو فقط من ينتج الفن وإنما الفنان هو ذلك الإنسان الذي يبهره الألوان ويبهره القصائد والموسيقا والسينما والرقص..

Dec 22 2021

برجاف|مواهب
فنانةٌ بدأتْ ممارسة الرسم منذ فترةٍ قصيرةٍ واستطاعتْ تحدي كل الصعوبات بريشتها وألوانها اللتين بالنسبة لها هما مفتاح من مفاتيح داخلها، وتجسيد لمشاعرها بالفرح والانكسار ومليئة بالشغف والحماس للاستمرار والتقدم بعالم الفن التشكيلي .
كان لبرجاف مع الفنانة التي اعتبرتْ أنّها ناقصة من دون الفن لافا مسلم الحوار التالي:
- في البداية نود أنْ نعرف من هي لافا؟
أنا لافا مسلم من مواليد 1991 , ولدتُ في مدينة حلب وترعرعتُ فيها ,ودرستُ جزء من مرحلتي الجامعية في " كلية الهندسة الميكانيكية " في جامعة حلب , ولكن للأسف بسبب الحرب التي كانت دائرة في سوريا بشكل عام وحلب على الوجه الخصوص لم أستطع إكمال جامعتي, وبعد أزمة الحرب في حلب انتقلتُ إلى مدينة كُوباني وقضيتُ سنة فيها لتبدأ أزمة كُوباني أيضاً وغادرتُ مع أهلي إلى تركيا , حيث عملتُ مع بعض الإذاعات هناك على مدار سنتين , ومن ثم توجهتُ إلى ألمانيا وبعد ترتيب أموري وأوراقي الآن أدرس في إحدى جامعاتها "إدارة الأعمال والاقتصاد الدولي".

- متى بدأتِ الدخول في عالم الفن؟ ومن شجعك؟
صراحةً بدأتُ دخول عالم الفن التشكيلي منذ أربعة سنوات فقط، وخلال هذه السنوات الأربعة استطعت بناء علاقات مع فنانين وفنانات ألمان، وكان لهم دور كبير بتشجيعي وتمهيدي لأبدأ السير في الطريق الصحيح كفنانة تشكيلية، وبفضلهم وفضل جهودي أنا اليوم عضوة في نقابة الفنانين التابعة للمدينة التي أعيش فيها، وكما أقيم معارضي ومناسباتي الفنية هنالك.

- من هو الرسام أو الرسامة المشهور/ة الذي/التي أثر/ت بك علي المستويين الفني والشخصي؟
حقيقةً كفنانة تذهلني أعمال بيكاسو وتكعيباته التي كثيراً ما حاولتُ تقليدها، وأنا من أشد معجبي " المدرسة الوحشية" التي فرضتْ نفسها في العالم الفني بالأشكال والألوان الخارجة عن المألوف وكما أنّها كسرتْ الكثير من القواعد الكلاسيكية التي قيدتْ الفنان ضمن إطارٍ معينٍ.
على الصعيد الآخر أنا متأثرة بالفنانة المكسيكية "فريدا كاهلو"، حيث أراها نموذجاً للإنسان قبل الفنان بكل عيوبه ونواقصه بكل جوانبه المظلمة والشريرة والخيرة.

- من أين تستمدِ أفكار لوحاتك؟ ومتى ترسمين؟
استمد أفكار لوحاتي ومواضيعها من حياتي وتجاربي التي أمر بها وأعيشها، وأيضاً من تجارب من هم حولي فكثيراً ما أتقمّص معاناة الآخرين ومشاعرهم وأحلامهم حتى،أقوم بالرسم دائما حتى إنْ لم أكن في مرسمي، عقلي يرسم وهو متمسك بالريشة، أحياناً كثيراً ما تكون اللوحة جاهزة ومرسومة في خيالي قبل رسمها على الورقة أو القماش.

- في الحياة ثمة صعوبات وتحديات لتجاوز أي طريق، فكيف واجهتي ذلك؟
ما يجعل الطريق ذو قيمة ويستحق العبور هو تلك الصعوبات والتحديات التي نواجهها فيه! وكثيراً ما اتخذ من تلك الصعوبات واللوحات مادة للوحة جديدة، وأيضاً كثيراً ما أحاول تجسيد تلك الصعوبات والتحديات على القماش وعندما انتهي من رسم اللوحة، تصبح اللوحة ذاتها صديقتي ومرآتي التي تحتفظ بصورة لي في كل مرة انظر فيها إلى نفسي.

- هل هناك سر وراء لوحة من لوحاتك؟ ما هو؟
نعم! عند وصولي إلى ألمانيا كان هناك الكثير من التحديات والعقبات أمامي وأولها كان تحدي تعلّم اللغة الألمانية , حيث كنت أجهل تلك اللغة تماماً ولم يكن تعليمها بالأمر السهل والميسّر , تعبتُ كثيرا وبذلتُ جهداً كبيراً لتعلم اللغة تخللها سنوات من الألم والمعاناة , تعليم اللغة بالنسبة لي هي ثقافة جديدة وحتى مشاعر جديدة تختلف تماماً عما أنا عليه وما تعلّمته ونشأتُ عليه في بلدي , وكان الفشل نصيبي أكثر من مرة في امتحان المستوى الأخير للغة , ففي المحاولة الثالثة ابتلعني اليأس والحزن لدرجة أنني قمتُ بتمزيق كتبي وتحويلها لقصاصات صغيرة أحاطتْ بي من كل جوانب , وبعد ذلك قمتُ بلصق تلك القصاصات على القماش ووضعتُ نفسي مكسورة مهمشة في منتصف تلك القصاصات وامسكتُ العالم بيدي , ذلك العالم الذي لا يمكن لغريب أنّ يجد مكانه فيه بدون أن يتقن لغته. هكذا ولدتْ لوحتي الحقيقية الأولى التي أحبها جداً والتي جسدتُ فيها نفسي بأصدق حالاتي (حالة الحزن والانكسار).

- ماذا تمثل الألوان والريشة بالنسبة لكِ؟
الألوان والريشة هما مفتاحٌ من مفاتيحي الداخلية التي أنا نفسي أتجاهله في الكثير من الأحيان، فبالريشة والألوان أستطيع رؤية ما لا يمكن قوله، لو استطاع الإنسان أن يرى كل شيء لن يكون هنالك وجود للحلم والخيال وبدون الحلم والخيال لا وجود للفن، فنحن اخترعنا الفن لنكمل به إنسانيتنا، لنكمل النقص الذي يفتقره حواسنا، نحن ناقصون من دون الفن.

- كيف أثرت أزمة كُوباني عليك كفنانة؟
أنا أتأثر بكل أزمات العالم قبل أي كلام، الفنان ليس أكثر من إنسانٍ كثيف المشاعر والحواس والرغبات بحزنه وفرحه وأيضاً كثيف المشاعر بانكساره وخيباته، بالطبع ما حدث لكُوباني حفر حزناً عظيماً في وجداني، فهذه المدينة الصغيرة تعبق برائحة من أحب، تذكرني أبواب تلك البيوت فيها بالأعياد والسكينة وأصوات فرح الأطفال ورائحة كعك العيد التقليدي، وبالرغم من عدم عيشي بكُوباني إلاّ أنّها بالنسبة لي محطة فرح وملعب الطفولة الوردية وحب كبير لا وصف له.

- برأيك هل يحتاج الفنان/ة الموهوب/ة إلى دراسة أكاديمية؟
أرى الفن موهبة وهواية قبل كل شيء، يستطيع الفنان صقل موهبته بالممارسة والاطلاع والتجربة , فأنا كوني لم اتلقى الدراسة الأكاديمية بمجال الفن فلا أستطيع جزم أهمية الدراسة الأكاديمية , لكن برأيي الشخصي ليست الدراسة الأكاديمية هي التي تصنع الفنان وإنما الشغف والموهبة والحب والسعي نحو الاكتشاف هو ما يصنع الفنان المميز , كذلك أرى الدراسة الأكاديمية يمكن أن تقيد حرية الفنان , بينما أجد نفسي كعصفور حر وطليق عندما استخدم ريشتي وألواني , أتعامل مع الألوان بكثير من الفضول وأجرّب دون خوف وانكسار الأنماط والقواعد , لكن هذا لا يعني انّه من غير المهم أنْ يكون الفنان ذو دراية واطلاع كافيين على النظريات الأساسية بالفن مهم جداً الاطلاع على المدارس المتنوعة ومعرفة رواد هذه المدارس وما تركوه من حياة وتجارب من خلال لوحاتهم .

-هل شاركتِ معارض فنية؟
شاركتُ عدة معارض فنية على المستوى المحلي (أي داخل المدينة التي أعيش فيها)، و شاركتُ معرضاً فنياُ مشتركاً مع فنان بولندي وآخر ألماني وكذلك أقمتُ معرضاً فردياً تحت عنوان " خطوط الحياة " , وكانت أفكار لوحات ذلك المعرض مستوحاة من فن قراءة الفنجان , وكما شاركتُ معرضاً مع فنانة ألمانية , وكان هنالك لوحات رسمناها معاً واستخدمنا تقنية جديدة وهي الرسم بالخطوط والدوائر وبعض الأشكال الهندسية ما يُعرف بفن " الرسم العصبي " وكذلك شاركتُ في يوم المعرض المفتوح الذي يُقام سنوياً في ولاية براندنبورغ .
- أخيراً كلمة لمحبي الفن!
كلمتي لمحبي الفن: ليس الفنان هو فقط من ينتج الفن وإنما الفنان هو ذلك الإنسان الذي يبهره الألوان وتبهره القصائد والموسيقا والسينما والرقص ...الفنان هو من يستطيع رؤية الجمال والإحساس به

- كلمتك لبرجاف!
كلمتي لكم هي الشكر والتقدير على هذا اللقاء اللطيف، وشكراً لجهودكم لتسليط الضوء على مواهبنا وأتمنى لكم المزيد من التقدم والنجاح.