فاروق حجّي مصطفى: التجربة والتراكمية للحراكين(الكُردي 2004 وربيع دمشق) فرضتا واقعاُ آخر و له انعكاس ايجابي على الشأن العام(*).

فاروق حجّي مصطفى: التجربة والتراكمية للحراكين(الكُردي 2004 وربيع دمشق) فرضتا واقعاُ آخر و له انعكاس ايجابي على الشأن العام(*).

Apr 24 2019

أجرى الحوار: مصطفى عبدي
فاروق حجّي مصطفى اسم معروف في عالم الصحافة والدوريات العربية والكُردية، يعتبر من قادة الرأي في الحيّز الكُردي، والسوري. درس العلوم السياسية والإدارية، ولم يكمل دراسته بسبب قرار منع مغادرة القطر المفروض عليه منذ سنين. معتقل سياسي سابق.
كتب،ويكتب في الصحف اللبنانية والخليجية ككاتب وصحافي حر منذ 1999، إضافة إلى ذلك فإنه عمل مراسلاً (2003-2007) للعديد من الصحف كـ “الوسط البحرانية” و”المستقبل” اللبنانية”، له عدة مشاركات في الحوارات التلفزيونية. وله كتاب قيد الطبع تحت عنوان" الكُرد السوريون، والحراك الديمقراطي " سيصدر بعد أيامٍ قليلة . هذا فضلاً عن أن له دراسات وأبحاث عدة عن الديمقراطيّات والحريّات وثقافة المجتمع المدنيّ نشر بعضها في المجلات والمواقع الإلكترونية ويتحضر لإنجاز كتاب بهذا الصدد. عن تجربته في حقل الكتابة ومقاربته للحالة الكُردية والثورة كان لنا معه هذا الحوار:
- قبل كل شيء هل لك أن تحدثنا عن بداياتك، وما هي العوامل التي أسهمت بشكل فاعل في مسيرتك لتختار درب الكتابة، والصحافة وأن تكون كاتب مقال سياسي، رغم الصعوبات المعترضة، وما يشبه الحظر الإعلامي الذي كانت وما تزال مفروضة على واقع حريّة الرأي في تعيشه سوريا؟
* لا استطيع أن أنكر أن للأحزاب الكُرديّة ولا سيما حزب الوحدة الذي كنت عضواً في قياداته المنطقية فضل كبير في اخذ منحى الكتابة السيّاسيّة. وكذلك في دراستي لكلية العلوم السياسيّة في الجامعة اللبنانية واكتساب الخبرة السياسيّة والكتابة، وهذا مسلك كان صعباً حيث كُنت أعاني من بعض المعاناة الاقتصاديّة حتى كنت على خلاف دائم مع الأهل. وحينما أردت الذهاب إلى تقديم الامتحانات في السنة الأولى طلبَت مني زوجتي انّ أغض النظر عن الدراسة لكني أقنعتها وسحبت إحدى أعداد مجلة "الحوار"-وهي مجلة كردية ناطقة بالعربيّة تهتم بالحوار الكردي العربي يموّلها ويوزعها حزب الوحدة الديمقراطي الكُردي في سوريا لكنها مستقلة-، وقلت لزوجتي مرد تسجيلي في كلية العلوم السياسيّة هو أن اكتب مقالاً في هذه المجلة. بمعنى أن أصبح كاتباً ليس في الصحف الرسميّة العربيّة وأن اكتب في الدوريات (النشرات والمجلات) الكُرديّة. حملت حقيبتي وفي جيبي 4000 آلاف سوريا أخذتها من زوجتي كانت للتو عروسة، وسلكت دربي للذهاب إلى بيروت لتقديم الامتحانات عسى ولعل أن أصبح كاتباً. وهنا اذكر لك حادثة حيث قبل سنتين من تسجيلي بالكليّة ذاتها حاولت لمرّات عديدة أن أكتب مقالا عن كوباني ومزقت عشرات الأوراق، لكني أخفقت في كتابة سطر واحد عنها، نعم انّ مهنة الكتابة ليست ككل المهن، هي عدا انّها مهنة شاقة ومتعبة وتحتاج إضافة إلى موجبات اللغة موهبة وحرفيّة عالية. وإذا أسقطنا هذا على واقعي حيث أنحدر من قرية تابعة لمدينة مهمّشة من بين المدن الكُردية، فانّ ما أنجزته يعتبر انجازاً قياساً في الواقع الذي نعيشه. هذا فضلاً عن عدم إجادة اللغة العربية كما يجب(لا قراءة ولا كتابة).

استطراداً عندما كنت بالجامعة انخرطت في وسط بعض الشباب الذين يكتبون في "شباب النهار"، وفيما بعد سمعت عن نظام مارديني وكذلك محمد سعيد حمادة(وهو شاعر وأديب مهم من منبج) ما أثار الرغبة لديِّ للقاء بهما. ولم يدم زمنّاً طويلاً حتى التقيته، من خلال زميل من الحزب القومي السوري الاجتماعي، وهو كان من منبج. يمكن اعتبار ذلك اللقاء الحد الفاصل بين فاروق الحزبي وفاروق الكاتب(المستقل)، اعتبرت نفسي من ذاك الوقت جزء من وسط الكتّاب والصحفيين. أول مقال نُشر لي نظام مارديني في "الديار"، وفيما بعد تعرّفت على نخبة من الصحفيين في "المستقبل"، و"الحياة "، و"النهار"، وغيرها، وكان للأستاذ وليد نويهض –احد أهم الكتّاب والصحفيين اللبنانين- دور كبير في نقلي من حالة الكتابة بلغة البيانات الحزبيّة إلى لغة الصحافة، والآن وبعد أكثر من 13 عاماً، ما زلت أتعلم الصحافة وكتابة المقالة..

نعم هناك فرق بين الإعلام الكردي، والإعلام العربي. ولست مخطئاً إن قلت أنّه من الصعب القول بمصطلح الإعلام الكُردي، لأن ما يصدر في الإعلام الكُردي هو عبارة عن تصورات لبعض المهتمين بالشأن السياسي؛ نجمعها في إطار مقال وننشره. ليس كما في الإعلام العربي حيث المهنية وصياغة المقال واستحضار الأفكار وشروط أخرى....

نعم عندما بدأت بالكتابة ساورني الخوف وفكرت مليّاً، هل اكتب (أو أوقع ) باسمي الصريح أم اسم مستعار، وفي الأخير اخترت اسمي الصريح الثلاثي، واخترت كتابة المقال السياسي بالدرجة الأولى مع أني مارست الصحافة الخبرية والاستقصاء، وكنت في الحرب العراقية 2003 في السليمانية وأربيل أمارس صحافة الحرب لصالح "النهار" وكذلك "الوسط البحرانية". وكتبت في مجال الثقافة أيضا. المقال السياسي أو مقال الرأي هو مهنتي الأساسيّة لأنّ لي همّ سياسي ودفعت ثمنه حيث دخلت السجن (مرتين) وأنا منذ العام 2004 ممنوع من مغادرة سورية، والحق لا أعرف سبب انخراطي في هذه المهنة، ومن يدري، ربما السبب هو انخراطي في الواقع الحزبي. لكن أستطيع القول باني لست نادماً وما يجري اليوم ليس نهاية التاريخ. وأنا سعيد بما أنا فيه.

- تاريخ الحركة الكردية الممتد من العام 1957(الصيف) وحتى الآن مليء بالأحداث والانتكاسات التي أثرت سلباً في مسارها ومدى نجاحها، من ناحية الانشقاقات والانشطارات التي أضعفتها عن الأداء بشكل فعال ومؤثر في الحراك وبحيث انه كان اقل قدرة على التواؤم مع ثورة الشارع سواء أكان في انتفاضة الكرد 2004 أم حتى في الثورة السورية حالياً، هل لك أن تسهب في الأسباب التي أدت إلى أن يكون الحراك الكردي الحزبي ضعيفا بشكل متكرر، وهل لعوامل انطلاقته التي كانت على يد فئة يمكننا اعتبارها إقطاعية أو رأسمالية دور من ناحية تركيزها دائما على الطبقة الغير أكاديمية.

* في الواقع انّ ثمّة مصدران للثورة: مصدر عاطفي وهو يمثل شريحة الشباب، ومصدر عقلي(يتراءى للبعض انّه يمثل قوة العطالة في الثورة)، وهو يمثل الأحزاب التي بالشأن العام والسياسة، وهناك منطق طبيعي يقول بأنّ من يكون في عمر كبير يكون محافظاً حيث يقرأ الأحداث بعمق. ومن يكون في عمر الشباب يكون لديهم الحماس والانخراط حتى لو كان يشكل هذا الانخراط مغامرة. هذا أمر طبيعي. ثم هناك عامل آخر وهو انّ الأحزاب الكُردية والعربية هي التي ساهمت بشكل أو بآخر في بقاء واستمرار هذا النظام، وان كانت تعارضه لكن حسب نظرة العلوم السياسية، فالأحزاب بالمجمل معارضة وموالية تشكل مكملة ومؤسَسَة النظام العام. هذه الأحزاب التي عانت من الاستبداد وعملت مع النظام لعقود على فرض هيمنته ليس عيباً أن تشعر بأنّها لا يجب أن تصادق على ضعف النظام أو حتى سقوطه. ونعتقد اّنه قد يتواجد حتى الآن من يظن أن هذا النظام غير آيل للسقوط وان كان يعاني من التصدعات والانشقاقات ومكامن الضعف واضحة في هيكله بل هو في حالة لا حول له ولا قوة. انّما في واقع الحال فانّ النظام الذي ينسى وظيفته عموماً ويهتم فقط بوظيفة خاصة وهي وظيفة القهر والطغيان مستغلاً مسألة السيادة، وعواطف البعض ممن مازالوا ينظرون إليه على انه نظام الممانعة انما في واقع الحال فهو نظام لا يستحق البقاء. ولا نستغرب انّ هذا النظام لم يقف في حدود استبداديته فحسب انّما يمارس الاستبداد حتى في مسألة انتزاع الرضى وقبول الشعب به.

لم يعد يهمّ النظام رضى الشعب لأنّه اتخذ سبيل الحرب. والحقيقة انّ المعارضة أيضا تركت مصير الشعب بيد قوتين عسكريتين تتقاتلان، وتشردان الناس. وهذا أمر لا يجوز، وهو بمثابة وصمة عار للقوى الحزبيّة التقليديّة المعارضة على الأقل. التي كان من المفترض ان لا تغيب عن القيام بوظيفتها في الحراك السلمي، وأن تشكل غطاء سياسيّاً للثورة، ما لا تدركه هذه القوى المعارضة التقليديّة انّ تجنبهم فعل أي شيء في الحراك يعني انّ يطلق يد النظام في شن حرب مجنونة تحت حجة الحفاظ على السيادة، وبالتالي تفرغ الثورة من محتواها. لذلك أنا من أنصار انّ الذي يساعد الثورة ويصبح وقوداً لها هو الحراك المدني الذي يعيق النظام في حربه ويسهل على "الجيش الحر" مهمّة إسقاط النظام وإزالة الحجج أمامه.

الحراك هو مبرر للثورة وذلك له أهميته، والسؤال هل باستطاعة قوى المعارضة التقليدية الاستمرار في الحراك؟ هنا مربط الفرس. أثبتت الوقائع على الأرض ان هذه القوى عاجزة حتى عن لعب دور منظمات المجتمع المدني. ومن هنا لا اعتقد ان الامتيازات أو الطبقة الثرية ( الرأسمالية أو الإقطاعية( لها علاقة بما يجري بالعكس حبذا لو نظرت الأحزاب بنظرة هذه القوة الاقتصادية لكانت على الأقل تقرأ من منطلق الربح والخسارة. فمن هو واعي يعرف أين يكون مكان الربح أو أين يكون خسارته، خصوصاً بعد حادثة الأربعاء اختلف الوضع في سوريا إذا ظهرت على السطح قوتان وهذا يعني أن الولاءات ستتوزع على القوتين والأقوى سيربح في النهاية وكلما صار أقوى زاد تقديم الولاءات له.

- عملت فترة طويلة ضمن الحركة النضالية الكردية، هل لك أن تذكر لنا السبب الذي دفعك إلى أن تبتعد عن هذا التحزب، حيث أننا يمكن اعتبارك تعمل على تيار المستقل انتمائياً، دون أن نلحظ أي توجه حزبي لك، هل لهذا دور في عملك كصحافي وككاتب مقالة بت تمثل بشكل أو بآخر الموقف الكردي العام؟
* أعمل بشكل مستقل حتى لا أكون أسيراً لايديولوجيا ما أو نظرية سياسيّة وبالمناسبة لا توجد عند الكُرد نظرية ولا منظرّين. الحزبي مجبر على تبني خط حزبه بينما المستقل يتمسك بالخط العام، وهذا يعني الخير العام أي يأخذ دور السلطة الوسيطة. الحزبي هو من يلهث وراء مكتسبات آنية أو ذاتية فيما المستقل لا يهمّه هكذا نوع من المصالح ويفضل المصلحة العامة على المصالح الخاصة. كما انّ الحزبي لا يستطيع رؤية الأشياء من حوله بنظرة عميقة وثاقبة انّما ينظر بنظرة المصلحة على عكس المستقل الذي تتاح له رؤيّة وقراءة كل ما يجري من كل الزوايا. هنا قانون فلسفي. أردت ان أكون مستقلاً لأني كنت أتمنى ان أكون حرّاً. غير خاضع لنقد أحد الأعضاء، وهو الذي صرف كل يومه باحثاً عن مصالحه، وبالتالي بحكم الوظيفة الحزبيّة يحاسبني على كل كلام اردده أو اكتبه لذلك اخترت ان أكون مستقلاً. لكني وبالرغم من استقلاليتي اشعر الآن(ودائماً) بأني مسئول عن الجميع وخطاب الجميع يهمني ويخصني .. والخطوات التي تستحق الوقوف عندها فانا لست غائبا عن الإشادة بها والخطوات الخجولة لم أتردد في انتقادها، فمثلا دافعت عن "إعلان دمشق " بقوة، وكما أني أدافع اليوم عن أهمية المجلس الوطني الكُردي وأرى من واجبي ان أحثّ الناس على احترام وثيقة "هولير" التي تنقذ شعبنا من الاحتراب الداخلي.. وهذا يعني خدمة للثورة لأن بناء الديمقراطية يمرّ من طريق الاستقرار وتعزيز أهداف الثورة. وعندما أنقذنا أنفسنا من الاحتراب فهذا يعني أننا حمينا الثورة من الفشل أيضاً. فوحدة الصف الكُردي، والاتزان في خطابه لا يعني انه موجه ضد خط ما أو تيار معارض، إنّما يساعد الجميع على انجاز الهدف بثقة تامة. لكني بالرغم من كل ذلك اعتبر نفسي جزء من المشهد السياسي الكُردي، فانا الذي أتابع الحراك والسياسة العامة بشكل لحظي متابعة حثيثة، فأنا أصلا متفرغ للسياسة والكتابة عنها.

- كثر الحديث مؤخراً عن مصطلح" المجتمع المدني" بحيث أصبحنا نجد أن أغلب التجمعات أو الجمعيات الوليدة حديثاً في مناطقنا الكردية تحاول أن تكنى بها، هل لك أن ترسم لنا خطاً عريضاً في هذا المفهوم من ناحية تبيان ماهيته، وشرحه؟
*في الحقيقة وأنا اسأل نفسي هذا السؤال ألاحظ بين حين وآخر انّ ثمة مؤتمرات تُعقد تحت عناوين عريضة"منظمات المجتمع المدني" في أربيل واعتقد أنه يتم التحضير حالياً لإحداها في السليمانيّة، وكذلك في المناطق الكُردية. وهناك احزاب كردية تتباهى بانّ لها منظمات مجتمع مدني أو منظمات مستقلة لا علاقة لها بالأحزاب. انما الأحزاب تساعدها في تطوير وتحسين عملها. هذا ما نسمعه أما عند التفكير بالعمق فانّ منظمات المجتمع المدني لا تتواجد في سوريا بشكلها المعروف. فسلطة البعث أسست نقابات وشوهت صورة المجتمع المدني، وفي الحقيقة بغض النظر عن معرفتنا عن عدم دعم السلطة لبناء المجتمع المدني بشكل صحيح فان الثورة اثبتت ان ما دعت السلطة بانها منظمات المجتمع المدني ما هي الا فقاعات صابون والحق لو كان هناك مجتمع مدني في سوريا لما وصلنا لهذه الحالة. ولعملت لمنع انزلاق الاوضاع الى الهاوية. اما من جانب المعارضة والتي هي ربما تكثر من ترديد هذه المقولة واحيانا نرى مقالا افتتاحيا في نشراتها عن المجتمع المدني مع العلم لا علاقة هذه التنظيمات بالمجتمع المدني. الله يرحموا انطون مقدسي كان صادقاً مع المجتمع المدني وكذلك حاول البعض من النخبة في سوريا إحياء منظمات المجتمع المدني على اعتبار أنها كانت تملك نواة قبل استلام البعث للحكم وهم الآن يحاولون مجددا إحيائها. ولكن هذا المشروع بقي في طوره النظري.

ولعل سبب بقاء وعدم تخطي هذا المفهوم الطور النظري يعود إلى ان المفهوم بحد ذاته تم ترويجه في خطاب الأحزاب والإعلام العربي بعد التسعينيات ثم ان هذا المفهوم لم يكن واضحا، والحق انّ الكثيرين ممن يتحدثون عنه هم نفسهم داروا في إطار الدوامة. انجلز ينظر بنظرته لهذه المنظمات وكذلك ماركس وحتى أرسطو او أفلاطون. وعند العرب هناك من تحدث عن هذا المفهوم لكن أيضا يفتقر الى دراسات جديرة تتحدث وتشرح عن المجتمع النظري كمفهوم وكمنظمات. رضوان زيادة تحدث عن خطاب المجتمع المدني. وعبد الرزاق عيد حاول تقريب هذا المفهوم الى الذهنية في كتاب له" ويسألونك عن المجتمع المدني"..وربما عزمي بشارة نجح في شرحها...الخ.
في الحقيقة ان الكرد ما زالوا يتجاهلون هذه الثقافة وحتى لو رددنا هذه المفردة مائة مرة الا انّنا لا نجيد ممارستها وكذلك لا نعرف بضبط ماذا تعني منظمات المجتمع المدني. في بداية "ربيع دمشق" تأسست منظمات حقوقية ونسائيّة وبنت تلك المنظمات علاقة جيدة مع المنظمات الغير حكومية في اوربا وربما استفاد اصحاب هذه" الدكاكين" ماديّا لكن لم تقدم هذه المنظمات أي دعم للناس. فقط المنظمات الحقوقية حاولت كتابة تقارير عن التعسف والاضطهاد وهناك بعض المنظمات عملت بصدق ووثقت حالات التطاول في حق المواطنين والسجناء السياسيين.
المجتمع المدني ثقافة تساعد على فك اللغز في علاقة السلطة بالناس وبالعكس وهو الذي يحمي المجتمع السياسي ويطوره.

• المثقف لا يكون حزبيّا هذا مفهوم مغلوط نسبياً فهناك المئات من المثقفين هم أصلا مثقفون ومروجون لنظرية ما. لكن من المفترض ان يميز المثقف نفسه عن الحزبي. فوظيفة المثقف تتماهى مع وظيفة المجتمع المدني، والمجتمع المدني له وظيفة واضحة وهو مساعدة الناس على اخذ حقوقهم وكذلك يعمل لكي لا تنزلق السلطة الى الاستبداد. حيث تكمن أهمية المثقف في بقاءه بطور المعارض بشكل دائم لانه صاحب احساس ووعي قوي وهو الذي يدرك المخاطر قبل الكل ويؤسس المعطيات للساسة الذين يستفيدون من تحليلاتهم وآرائهم.
• للاسف في الحقل الكردي يتماهي الحزبي مع المثقف. وسرعان ما نرى اننا نركض وراء ارهاصات ما او ندافع عن مصلحة حزبية او نبرر الأخطاء. هذا عدا عن ابتعادنا عن قراءة نتاج الشعوب من سياسات ونظريات. نستهلك وقتنا في سجال حربي عقيم دائر بين احزابنا وهو سجال احياناً يقارب السجال السوقي. لم نرتق بعد الى تصنيف المثقف والحزبي والسياسي حتى وان كان كل هؤلاء يكملون بعضهم البعض.

. - تعرضت للاعتقال في أكثر من مناسبة وهل يمكنك أن تذكر لنا عن تجربتك في المعتقل ومدى تأثير ذلك على مسارك اللاحق؟
* السجن(أو الاعتقال) هو موت بعينه لكن بشكل آخر. فالمهجع هو قبر، والسجّان هو عزرائيل. لكن السجن يعزز مواقف الشخص، ويعزز من همته وإرادته. في الحقيقة انّ الصديق ياسين حاج صالح لم يترك لنا شيء في ذلك. أنا أعتقد أنّ المناضل الذي يعتقل يختلف عن المناضل الذي لم ينل نصيبه من ذلك. فالمناضل الذي يعتقل يفتح المجال أمام تصادم إرادات. إرادة البقاء وإرادة الفناء. المعتقل هو الذي يواجه الاضطهاد بشكل صلب وواقعي ولا ينتظر حتى يعرف الاضطهاد. الاضطهاد هو صورة السجين السياسيّ. والحريّة هي عقيدته بالدرجة الأولى ولا أريد الإطالة في هذا المجال حتى لو كان لهذه التجربة أهميتها. المهم انّ المناضل الذي له تجربة السجين السياسيّ هو مناضل اقرب الى معرفة الثورة عن كثب.

- في سورية الأكراد لديهم طموحات متعددة يمثلها أكثر من توجه فالبعض نجده ينادي بالإدارة الذاتية، والبعض الأخر طرح حق تقرير المصير ثم تنازل منه إلى اللامركزية، في حين تتبنى اغلب التنسيقيات مطلب الفيدرالية كخيار وحيد، فيما أنت كنت تركز في أغلب مقالاتك مؤخراً على أن يلتزموا بحدود الحفاظ على الهوية السورية دون التطرق إلى نبض الحراك الشبابي أو الحزبي، هل لك أن تعرض وجهتك في الموقف الكردي والطرح المناسب لمصيرهم وخاصة انك تكتب في كبريات الدوريات والصحف العربية، وبشكل أو بآخر يمكننا أن نقول أنك تنقل الموقف الكردي للقارئ العربي، وفي ذلك يتهمك البعض بأنك تمثل الرأي المعتدل والوسطي ولا تحاول نقل الفكر القومي الكردي.
* تحدثنا قبل أيام مع شخصية مهمة في هيئة التنسيق "نجيب ددم" (وهو محامي من حلب) وقلت له لن نختلف لأنك رجل قانون وأنت أدرى من غيرك بما تعنيه حقوق الشعوب، فإذا تحررت من عصبيتك، وأنا كذلك (تحررت من عصبيتي) سنصل إلى التفاهم.
نعم إن بناء سورية تعددية وديمقراطية هو من مصلحة الكُرد وإن الكُرد ما كانوا ليصرّوا على حقوقهم بهذه الروح الحماسية لو لم يجدوا أمامهم أناساً شوفينيين أو أناساً يريدون عزل الكُرد عن الحداثة و المشهد السياسي والإداري في سوريا مستقبلاً. مسألة الحقوق: الإدارة الذاتية أو الفيدرالية أوالامركزية السياسيّة مفردات حسب القانون الدستوري وهي صيغ من أسس بناء دولة قويّة مستقرة، ولا نستغرب انّ هذه المفردات وان يتراءى للبعض بأنها تقسم البلد إلا أنها صيغ اتحاد. الهدف منها إعادة بناء دولة تضمن حقوق كافة افرادها وتضمن كذلك اعادة توزيع الصلاحيات بشكل متوازن بين كافة الاقاليم .

لا يهمني كثيراً ان حصل للكُرد على حق الفيدراليّة أو الحكم الذاتي أو اللامركزيّة السياسيّة. وهنا تجدر الإشارة الى أنّ اللامركزية السياسيّة هي صيغة متطورة لللامركزيّة الإدارية وسبب تواجدها هو عدم كفاية اللامركزية الادارية كنظام عندها تصبح اللامركزية السياسية ملجأً اخر وهذا يعني بناء سلطات تشريعية وقضائية وتنفيذية في الاقاليم تكون صلة الوصل بينها وبين المركز.
أعتقد انّ على الكرد القبول بدولة المواطنة الحقةّ، وهي الصيغة الأرقى لقطع الطريق أمام الشوفينيين العرب ولا تزيد من الانشقاق المجتمعي في الوقت الذي نقف فيه أمام بناء دولة. حاجات البلاد هي من تفرض علينا الصيغ الأنسب لتعزيز وحدة الدولة. لذلك فانّ مسألة طرح المطالب وتحقيقها لا تحكمها الرغبة وانّما الحاجة.

لو يتفق كل الشركاء على بناء دولة المواطنة وحصر الانتماء في إطار الدولة الوطنيّة لا في المخيلة المجتمعيّة لأساطير بناء دولة الأمة الواحدة. ومن يدري لربما فرضت حاجة البلاد على الدولة قيام فيدرالية مع كرد العراق لأن بناء الاتحادات والتحالفات انما هي حاجة وتحقيق لتطلعات الأطراف ومن يدري ربما تم ذلك مع فلسطين أو لبنان حينما تفرض حاجة البلاد ذلك. فالكرة في ملعب العرب الذين يتباهون بالأكثرية لكنهم لا يملكون الحق في اتهام الكُرد بالسعي للانفصال وتقسيم البلاد في الوقت الذي يناضلون فيه هم انفسهم لدمج ومحي الكرد عبر مطالبتهم بالدولة العربية الكبرى. فإن هم تخلوا عن فكرة الدولة العربية الكبرى، فان الكرد سيتخلون ايضا عن فكرة الانفصال.
لا أظن ان الكُرد يبنون هويتهم من روحيّة "غوبينو" صاحب نظرية العرق الراقي. انّما من خلال معطيات مبنية على أساس الاعتراف بالشراكة وتحديد الانتماء الواقعي لا الأسطوري. للأسف بعض الأطراف المحسوبة على العرب تريد تأسيس دولة يشوبها الخوف وعندما انادي بمنح الحقوق فهذا يعني أني أصرّ على بناء دولة فيها مواطنون فعالون ومشاركون بقوة في المجتمع السياسي وليس دولة الخوف وإهمال تقوم على خدمة ثقافة مكون وإهمال الآخر.
- كيف تنظر إلى الثورة السورية من ناحية مشاركات الكرد، هل نجحوا كحراك سياسي، وثوري في التفاعل معها أم أن الحراك السياسي ظل متخلفا ومتراخيا كعادته؟
* ثمة عاملان يثيران مخاوف الشارع السياسي الكُردي.
الأول: غياب التنسيق والثقة بين الأحزاب الكُردية، وهذا يعني أن اتفاقية هولير التي أشرفت عليها رئاسة الإقليم معرّضة للخطر أو السقوط.
العامل الثاني: عدم وجود تعاون وتشارك بين الكُرد والقوى ومكونات الثورة من الجانب العربي والمكونات المجتمعية الأخرى، وهذا له مدلول كبير اذ ثمّة حساسية من الشارع العربي تجاه تصرفات بعض الأحزاب الكُردية، ولعل هذه التصرفات تكمن في اصرار القوى الكُرديّة على الاكتفاء برفع أعلام أحزابهم أو علم جمهوريّة مهاباد "آلَ رنكين" ما يثير انزعاج، ومخاوف لدى الشارع العربي.
كون الكُرد جزء من الثورة فمن المفترض ان يتفاهموا مع مكوناتها وأن توزع الأدوار فيما بينهم، ولكننا نقرأ العكس فالكُرد اخذوا منحى آخر وهو استخدام مفردات كبيرة. بالمقابل لو أسقطنا هذه المفردات مثل ال"تحرير" لرأينا انّ ما حدث في المناطق الكُرديّة هو ليس تحرير انّما استيلاء او سيطرة. وبدا لي أنه تمت السيطرة على بعض الأماكن ذات دلالة حكوميّة، وذلك لحؤول دون انزلاق الوضع الأمني..إذا ما حدث هو ادارة الأزمة وليس "تحرير".
والغريب أيضاً انّ بعض مكونات الثورة ركبت الموجة أيضاً وتعاملت مع ما جرى في كوباني كما لو انّ ما حدث هو انجازهم وهو ما صرح علناً وقالوا انّه ربما تحوّلت المناطق الكُردية إلى "بنغازي سوريا".
ما سلف يشكل مفصل حقيقي في العلاقة بين القوى الكُرديّة، وكذلك علاقة الكُرد فيما بينهم. مثلا لن يقبل "ب ي د" أي تواجد لمكونات الثورة في المناطق الكُرديّة. وهناك معطى آخر هو انّ تصرف الكُرد بشكل سطحي دفع بالعشائر العربيّة لتشكيل ميليشيات لها، وهذا يعني انّ المنطقة الكُرديّة صارت تزاحم القوى العسكرية في حين أرادت الحركة الكُردية ان تعطي هوية لنفسها على انها قوى لا عنفيّة تؤمن بالنضال والحراك السلمي.
وبالرغم مما حدث من تطورات بعد حادثة الأربعاء أي حادثة مبنى الأمن القومي في دمشق مازال المجلس الكُردي وكذلك مجلس غربي كردستان ينطلقون بقراءات قديمة، ولهذا لا نعرف ما هو الثمن الذي سيدفعه الكرد بعد أن وضعوا الحواجز داخل حلب ..ففي أحياء الشيخ مقصود والأشرفية تتواجد حواجز لـ" ب ي د "علنا مما يثير امتعاض العرب وكذلك "الجيش الحر" وهذا في الوقت الذي يقاتل "الجيش الحر" في عمق مدينة حلب جيش النظام..ليس صحيحاً انّ وضع الكُرد غير مطمئن وما حصل ليس انجازا بل لربما باباً او نافذة لنقل الحرب الاقليمية إلى المناطق الكردية.
- جاءت اتفاقية هولير بين المجلس الوطني الكردي ومجلس غربي كردستان كفرصة منتظرة النتائج لتكون صمام أمان تهدئة الساحة الكردية ووضع حد لإيقاف انجرارها إلى الاقتتال الكردي الكردي، وخاصة مع الحوادث الأخيرة التي شهدتها المناطق الكردية، هل لك أن تعرض لنا وجهة نظرك في هذين المجلسين ومدى قدرتهما على بناء موقف كُردي موحد؟
* للأسف وكأن اتفاقية هولير جاءت لإزالة الاقتتال الكردي-الكردي وهذا يعني بأننا كنا جاهزين للاحتراب. ومن يعلم فما دامت ظروف الاحتراب قائمة فانه سيبقى كعصا مرفوعة على الرأس. نعم ان هذه الاتفاقية مهمة .

- تكررت انسحابات الكرد من مؤتمرات المعارضة السورية بدأ من اسطنبول مرورا بالقاهرة وانتهاءً بباريس، هل تجد أن الانسحاب جاء بفعل ايجابي أم أنه صب الزيت على النار، وأضاع ما كان يمكن من حقوق كردية؟
- لا يشكل الانسحاب مورداً للقوة كما أنه لا يشكل نوعاً من انواع تسجيل الموقف انّما هو الوجه الآخر للهزيمة. ولذلك كان من المفترض أن لا ينسحب الكُرد بل أن يتبنوا قاعدة "قوة الإقناع" لأنه لا مفرّ من استحقاقات الوحدة وهذا لا يتم إلا عبر الحوار..الحوار هو الذي سيضع الحدود للكُرد وغيرهم. فحقوق الكُرد يجب تأمينها في ظل اصرار العرب على بناء دولة الأمة. وكما انّ الكُرد هم جزء من النسيج السوري الاجتماعي والتاريخي والسياسي فالحوار بروحية قبول الاخر هو بديل للانسحاب. ما جرى في القاهرة كان مخجلاً وأنا شخصياً اطلب من المجلس الوطني الكردي ان يعيد هيكلته وانتخاب لجنة علاقات خارجية أخرى بدلاً من هذه اللجنة. فهم وللأسف أظهروا الكرد كما لو انهم لا يعرفون فنون الحوار، وخاصة في هذه المرحلة التي يمكننا اعتباره الاصعب. يبدو أنه من حظنا أن تبقى هذه اللجنة الأمية في فن الحوار وان تمثلنا إلى مرحلة اخرى. وأنا اطلب من قيادة الديمقراطي ان لا تؤمن الفيّزا لكوادر الكُرد بقدر تأمين ذلك الكراس الذي يدور محتواه عن فنون الحوار والمفاوضات وهو من تأليف الراحل سامي عبد الرحمن. وقد قرأته في العام 1993 وهو مهم والآن ابحث عنه ولا اجده. نحن الكرد بحاجة الى ثقافة الحوار والحق ان الثورة كشفت كم ان الكرد بسطاء وساذجون ولا يتقنون السياسة.
- " فالغطاء الدولي (إنسانيا) أرحم من التدخل العسكري، والخيار الوطني للحل كان أفضل من كل الخيارات،"هذا اقتباس من إحدى مقالاتك كتبتها عقب مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في تونس، ومن خلاله وخلال أغلب ما تكتب نستشف عن رأيك المعارض لأي تدخل عسكري في سورية، هل ما تزال بذات التفكير أم أن استمرار النظام في انتهاجه سياسة القتل والقمع قد ولد لديك تصورا آخر خاصة وأننا بدأنا نلاحظ ارتفاع حدة نظرتك من خلال أواخر منشوراتك حول ذلك.
* نعم هذا صحيح، ان الغطاء الدولي الانساني ارحم من التدخل العسكري وهذا ليس ابداعاً من قبل فاروق انما القانون الدولي يقول ذلك وذلك لان التدخل العسكري عدا عن انه لا يرحم، فنهاية الحروب هي الدمار وتكون فيها كل القوى الوسيطة مستنفذة الطاقات وسيشكل هذا التدخل إن تم عبئاً ثقيلاً على الطبقة السياسية وحتى المجمعية في مرحلة ما بعد السقوط ولعلنا نحن الكرد نعرف اكثر من غيرنا معنى التدخل واعتقد ان الكل يعرف كيف ان تركيا في فترة خلافات قوات الاتحاد والديمقراطي بقيت قي محلها. نعم النظام المستبد لا يخرج إلا اذا كان ثمة ما يهدد وجوده، فالاستبداد بشكل أو بآخر يعني الضعف والجبن. ولذلك هذا الاستبداد يخاف من حركة المجتمع اكثر حتى من الرصاص، فالرصاص يبرر له حجة مداومة الحرب فيما الحركة السلمية هي التي تعتمد على رصيد كبير وتعاطف من الرأي العام العالمي. ويكون النظام محرجا لو بقيت الثورة سلمية ولذلك اخطار فالنظام يدفع كل القوى الثورية السلمية الى رفع السلاح لأنه يرى بان السلاح هو من يحدد المصير. وهنا سأعطيك مثلا فالسلاح في سورية افرغ كل قوى المعارضة التقليدية من محتواها وخاصة بعد حادثة الاربعاء (تفجير مبنى الامن القومي) فبدا كما لو ان كل القوى في حالة لا حول لها ولا قوة..حتى منظمات المجتمع المدني وان لم تتواجد بحقيقتها كون النظام منع ظهورها إلا ان الفاعلين ايضا صاروا في حالة حرجة بل ان الكثير منهم غيروا اماكن اقامتهم خوفا من الحرب او الموت. لذلك انا قلت إن الغطاء الانساني هو الغطاء الذين سيكون له مردود كبير في رفع معنويات الثوار وكما انه كان بمثابة غطاء دولي.

- عايشت فترة ربيع دمشق وما حدث خلالها من انقلاب على الحراك الذي بدأ ثقافيا وما شهد من زج لقيادات إعلان دمشق في أقبية السجون، وتلا ذلك بروز جماعة كنت ب"الربيع الكردي" هل أن تشرح بعالجة سردية بعضا من النقاط التي ساهمت في بروزهما ومن ثم اختفائهما مجددا بشكل مثير للريبة؟
* نعم عايشت "ربيع دمشق" وكانت مرحلة مهمة وذات منتوج كبير وهي التي اسست خطاب المعارضة العربية وحتى الامس القريب كانت كل المفردات الخطابية للثورة نابعة من خطاب "اعلان دمشق" والذي هو محصلة نضال النشطاء بالتلاحم مع القوى الكرديّة. إلا ان قوى المعارضة التقليدية وللأسف لم تستطع ابقاء الثورة ضمن سياق خطابها وذلك لسبب بسيط انها لم تحسن قيادة الثورة ولا استطاعت انجاز خطاب معقول للثورة. فالمسؤولية في إصباغ الثورة بهذا اللباس الذي اعتبره ساخرا برأي تقع على عاتق المعارضة التقليدية. نعم إن قيادات اعلان دمشق والتي تم سجن أغلب اعضائها افرزت ثقافة التحدي من قبلهم حتى إلى الثورة ونحن نلاحظ ان تيار اعلان دمشق كان الفصيل السباق لتبنى شعار الثورة والانخراط فيها. على عكس بقية التيارات التي انتظرت وتمهلت تنتظر النتائج؟
في الحقيقة انّ "ربيع دمشق" وهو ربيع النضال وذلك عبر الاعتصامات وكتابة المقالات وبناء المنتديات الثقافية والحقوقية وحملات تواقيع الادانة مختلف عن "انتفاضة القامشلي" في 2004 فهي كانت في وجه الظلم والتهميش والعنصرية والخيار الأمني وبدا انّ لي أنه لا الكُرد استفادوا من تجربة 2004 و لا النظام استفاد لتوسع دائرة الاحتجاجات نتيجة الخيار الامني الذي انتهجه. بكلا الحالتين فأنا لا أرى في تجربة انتفاضة الكُرد نسمة للربيع كما يكتب البعض انّما كانت تجربة أثبتت مدى احتقان الكرد وحجم الاضطهاد الذي عاشوه. فتجربة الانتفاضة وكذلك التراكمية النضاليّة للحراكين فرضتا واقعاً ثورياً ذا زخم وهذا له انعكاس ايجابي على الثورة وخطابها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*تم اجراء الحوار من قبل الزميل مصطفى عبدي، ونشر في موقع "كوباني كرد" وموقع "ده م"، ولأهميّة الحوار وصلاحيته أردنا إعادة نشره في موقع وصفحات السوشيال ميديا لبرجاف.