رسالة إيران الخشنة والقاتلة
برجاف|إيلي ليك
عندما ترغب قوة إقليمية في التأكيد على قوتها وتخويف منافسيها، تجد أمامها خيارات عدة: تنظيم تدريب عسكري، أو اختبار صاروخ، أو ربما حتى إلقاء مسؤول عسكري رفيع المستوى خطبة نارية... ونادراً ما كانت رسائل الردع تعني قتل الأبرياء.
ومع هذا، كان ذلك تحديداً ما فعلته إيران في وقت سابق من هذا الشهر عندما أطلقت سيلاً من الصواريخ على مقر رئاسة «الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني» أثناء انعقاد اجتماع للجنته المركزية المؤلفة من 21 عضواً. وأسفر الهجوم عن مقتل 6 أعضاء، وفقاً لما أفاد به أحد الناجين من أعضاء اللجنة ويدعى خالد عزيزي.
وانطوى الهجوم على أهمية كبيرة لأسباب عدة؛ أولها: موقع الهجوم: فقد جاء خارج الأراضي الإيرانية، تحديداً شمال العراق. المعروف أن إيران دعمت ميليشيات تورطت في قتل عراقيين وجنود من قوات التحالف داخل العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة الأميركية عام 2003، إلا أن هذه المرة الأولى التي تشن فيها ضربة عسكرية مباشرة داخل الأراضي العراقية منذ منتصف تسعينات القرن الماضي، أثناء الحرب الأهلية الكردية.
الأهم من ذلك أن إيران لا تواجه خطراً حقيقياً من جانب الأكراد، خصوصاً «الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني».
يذكر أن بعض الانفصاليين الأكراد شنوا هجمات ضد أهداف إيرانية على مر السنوات، لكن «الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني» تحديداً اتبع استراتيجية تنبذ العنف للمطالبة بحقوق سياسية متكافئة داخل إيران.
في هذا الشأن، أكد مايكل روبين، الخبير المعني بالشؤون الإيرانية والعراقية لدى «أميركان إنتربرايز إنستيتيوت» أنه «ليس ثمة دليل» على أن «الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني» شن هجمات إرهابية، واصفاً الحزب بأنه «بصورة أساسية مجرد تجمع لعدد من العناصر الكردية الإيرانية المنفية لتناول القهوة وتبادل أطراف الحديث».
اللافت أنه حتى بعد وقوع الهجوم الصاروخي، تجنب «الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني» الدعوة لرد فعل عنيف. بدلاً من ذلك، أعلن عن إضراب عام داخل الإقليم الكردي بإيران. وعلق عزيزي على ذلك بقوله: «لا نرغب في حمل السلاح أو التدريب على حمله داخل أراضي دول أخرى»، وأكد أن الحزب بدلاً من ذلك يسعى لإيجاد حل سياسي. وأضاف: «يكمن الانتقام الأمثل في تنظيم صفوف الأكراد داخل إقليم كردستان الإيراني في مواجهة النظام... وإيجاد أجندة مشتركة بين جميع فصائل المعارضة الإيرانية».
على الطرف المقابل، وصفت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية بادئ الأمر الهجوم بأنه عملية ناجحة في مجال مكافحة الإرهاب. إلا أنه سرعان ما سقط القناع وظهرت حقيقة الأمر خلال مقابلة تلفزيونية مع قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني، ذكر خلالها أن الضربة الصاروخية المقصود منها إيصال رسالة تحذير إلى أميركا. وأضاف الميجور جنرال محمد علي جعفري: «يحمل الهجوم ضد الإرهابيين في كردستان العراق رسالة للأعداء، خصوصاً تلك القوى العظمى التي تظن أن باستطاعتها فرض مخططاتها الشريرة على إيران والتنمر علينا».
ويبدو هذا تهديداً واضحاً للقواعد العسكرية في إقليم كردستان بالعراق، التي تستضيف قوات عمليات خاصة أميركية وكذلك ضباط استخبارات. في الواقع، أطلقت ميليشيات مدعومة من إيران في الفترة الأخيرة قذائف على مجمع مطارات في البصرة، حيث توجد القنصلية الأميركية. وبعد ذلك، حذر البيت الأبيض إيران من أنه سيجري تحميلها مسؤولية أي هجوم ضد مواطنين أميركيين.
وأخيراً، فإن من جوانب أهمية الهجوم الدقة التي تميز بها. منذ 11 عاماً، زرت هذا المجمع مترامي الأطراف، وأدرك جيداً أن نجاح إيران في استهداف الغرفة التي كان ينعقد فيها اجتماع اللجنة المركزية لـ«الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني»، يعني أنها تحظى بمعلومات استخباراتية قيمة وتكنولوجيا متطورة لاستغلالها.
من ناحيته، بدا أن عزيزي استكان للموقف السيئ الذي وجد الحزب نفسه فيه. وقال: «تحاول إيران إشعال فتيل حرب كي تتمكن من قتل المزيد منا. إنهم يسعون لتشتيت أنظار الشعب الإيراني عبر الادّعاء بأننا العدو».
وبالتأكيد هذا تحليل صائب، علاوة على أن الأكراد الإيرانيين أيضاً يتميزون بقدر كاف من الحكمة لتجنب الرد على العدوان الإيراني بالصورة ذاتها. أما الغرب، فلا ينبغي له إبداء القدر ذاته من ضبط النفس، وإنما ينبغي للولايات المتحدة والقيادات الأوروبية عقد قمة مع وفد من الأكراد الإيرانيين لمناقشة كيف يمكن للعالم الحر مد يد العون لهم في نضالهم. ويجب أن تتلقى القيادات الإيرانية هذه الرسالة بالتأكيد.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»-
المصدر (الشرق الأوسط)
-
الاقتراع السوري الواعي الديمقراطية السورية المأمولة
Mar 31 2024 -
بمناسبة عيد المرأة العالمي:
Mar 08 2024 -
دروس دستورية في مقابلة الرئيس بارزاني مع"مونتي كارلو"..
Mar 03 2024 -
في حوار حصري مع مونت كارلو الدولية: الزعيم الكردي مسعود برزاني يقول إن النموذج الديموقراطي مهدد في العراق وصف قرارات المحكمة الاتحادية بالاجحاف ضد الاقليم وتحدث عن القلق حيال الانسحاب الامريكي من العراق
Feb 28 2024 -
بيدرسون: النظام السوري رفض عقد جولات اللجنة الدستورية في جنيف
Feb 28 2024 -
بناء الثقة .. كشرط لتقدم العملية السياسيّة..!
Jan 27 2024 -
لنعمل لأجل بناء الثقة!
Jan 14 2024 -
لنعمل لأجل بناء الثقة؟
Jan 04 2024 -
يدون تاريخ المنطقة، ويزيل الستار عن خفايا "الهندسة الديمغرافية "! كتاب تقسيم "كوردستان العثمانية" لدكتور آزاد أحمد علي
Dec 30 2023 -
"الحركة الكُردية في العلاقات الدولية" للراحل رشيد حمو
Dec 16 2023
-
دلبخوين دارا: من شاشة روداو العربية!
Jun 11 2020 -
تقزيم المسألة السورية في قالب (صياغة الدستور)
Aug 15 2018 -
جمهورية شرق الفرات
Oct 14 2018 -
أولويات التفاوض كُردياً: الحفاظ على نظام الإدارة الذاتية، وعفرين:
Aug 14 2018 -
الدنمارك: ستة وجوه من حَمَلَةِ شهادات الماجستير على خشبة التكريم الكُردية.
Oct 17 2018 -
ورحلت القامة: رحيل الرجل الشجاع
Aug 21 2018 -
(الإصابة بالتوحد) أسبابها وأعراضها وكيفية االمساعدة على تحسن حالة الطفل التوحدي
Sep 01 2018 -
حقن البلازما بين هوس النساء والحقيقة العلمية..
Feb 21 2019 -
اختطاف المحامي ياسر السليم من كفرنبل بعد دعوته التعايش مع الدورز والكُرد وأهل الفوعة
Sep 22 2018 -
المحلل الإقتصادي خورشيد عليكا لبرجاف: الضغط على البنك المركزي ليس حلاً..والأزمة تتفاقم!
Aug 14 2018