المجتمع المدني، وحاجته إلى المرجعيّة..

المجتمع المدني، وحاجته إلى المرجعيّة..

Aug 23 2019

فاروق حجّي مصطفى
لا أحد من الأطراف الدولية والإقليمية ذات الشأن في سوريا ساهم في طمأنة المجتمع المدني السوريّ على الدور الذي سيلعبه في مسألة الدستور والمراحل اللاحقة، غير المبعوث الأممي الخاص وفريق العمل في مكتبه. هذا ما يتراءى لنا ظاهريّاً، وخلال إحاطات المبعوث والتصريحات الإعلامية، ومن خلال شكل وفعل التواصل مع الفاعلين في هذا الحيّز.
أكثر من عامين، وشد الحبل بين الأطراف حول قائمة المجتمع المدني جاريّة دون أن يفكر طرف من الأطراف بأنّ وجود المجتمع المدني في العمليّة السلميّة هو لفائدة العمليّة وليس العكس، إذ انّه لا لهدف سياسيّ أو الرغبة في تقاسم النفوذ السلطويّ لدى الفاعلين في هذا الحيّز المجتمعي والمدني بقدر ما انّ جل ما يصبون إليه هو المساهمة في الإنخراط العام للعملية السياسيّة والتسوية وصولاً إلى بناء دولة لكل مواطنيّها من خلال احياء مكانة للمواطنيّة الفاعلة وأحقيّة المشاركة في الحياة العامة.
ولا نستغرب، بأنّ المجتمع المدني السوريّ نفسه لم يقدم نفسه على إنه لاعب وطنيّ للصالح العام كما هو مطلوب، فهذا الحيّز انغلق على نفسه حيناً وانزلق في متاهات السياسة وحتى العسكرة أحياناً الأمر الذي ساهم في هذه الحالة في تشقق وإخفاء روح التضامن والاتساق في المشهد المدني-المجتمعي السوريّ.
والحق انّ عامل التضامن هو العامل الحاسم في نضالات المجتمع المدني، فمن خلال التضامن يمكن صياغة أمرين:
-التضامن يؤسس الحالة الجامعة الوطنيّة ويفرز روح التوافق على صيّغ البناء.
-التضامن يفتح الآفاق أمام بلورة:
أ-الهويّة من خلال دمج البيئات المحليّة ضمن سياق موجبات العمل الوطنيّ العام.
ب-هو العامل المتمم الأول، وهو لا هويّة بدون بلورة سلات من القيّم الأخلاقيّة والمعرفيّة، ولعله يشكل اليوم إلحاحاً أكثر،خاصةً في عملية الدستور، حيث لا يمكن ان يلعب ممثل المجتمع المدني في العمليّة ما لم يكن لديّه المرجعية القيّميّة، فإذا كان للطرفان السياسيان مرجعياتهم السياسيّة فإنّ فاعل المجتمع المدني لا مرجعيّة له غير الإستناد الى المرجعيّة القيميّة وهي غالباً مستوحاة من روحيّة الوثائق وعهود حقوق الإنسان، فضلاً عن حاجته إلى المرجعيّة الإجرائية وهي الأمم المتحدة.
بقي القول، إنّه، إذا كان المجتمع المدني قد شكّل نقطة الخلاف منذ سنتين تقريباً، مع انه كان يجب أن يشكل نقطة الاتفاق والإلتقاء فكيف بالبوسع أن يكون لهم دور في تفعيل وحل العقد والخلاف بين الحيزين السياسين والذي لهما مقاربات مختلفة، وأن يكون لهم دور تاريخيّ وازن في العمليّة ليس على مستوى رسم مسار الوفاق بين الطرفين المتعارضين فحسب إنّما كونه المعبّر عن حقوق الجميع أفراداً وجماعات.