العملية الدستوريّة .. وغياب الإرادة!

العملية الدستوريّة .. وغياب الإرادة!

Feb 12 2022

فاروق حجّي مصطفى
في كثيرٍ من الجلسات الحوارية التي عقدناها في مناطقنا، كان هناك أمرٌ يقلقُ كل الحضور، ولعلّ هذا الأمر هو "المدة الزمنية لصياغة الدستور"؛ وبرأي الحضور إنّ تحديد الفترة الزمنية تعني بشكل من الأشكال " تهديدٌ للنظام"، وكأنّ الأخير يهمهُ الخروج بدستور ، أو " تهديدٌ للمعارضة" كما لو إنّ الإلتزام بالوقت لدى المعارضة وحدها تحافظ على المعارضة كلاعب.
عند صدور القرار (٢٢٥٤) حُدد الزمن، وكانت المدة (١٨) شهراً مفصلًا بشكلٍ جيدٍ المراحل التي يمكن المرور عبرها، إلا إنّ الواقع أصبح من "الفوات"، حيث هناك سبعة سنوات تفصلنا عن تلك المدة المقررة.
في كل العمليات الدستوريّة لا يمكن الرهان على الزمن، وشخصياً لست من أنصار تحديد الزمن ، لأنني من الناس الذين يريدون بأن تعمل اللجنة الدستوريّة دون أن تكون أسيرةً للزمن.
هناك لومٌ عراقي على الزمن الذي خُصص لصياغة الدستور العراقي، والمجتمع المدني في ذاك البلد طالب بتمديد عمر العملية واللجنة معاً، ولعل الزمن أصبح لدى العراقيين "حمّال الأوجه"، وكذلك هناك من يعزو سبب عدم خروج الأفغانيين بدستورٍ جيدٍ بالزمن، إذ إن الزمن لم يكن لصالح العاملين على الدستور حتى يجلبوا التمويل وبالتالي الخبراء أو فتح الطريق لعقد المشاورات العامة انسجاماً مع روحية "المشاركة العامة".
وبالمقابل ثمة دساتير أُنجزت بالزمن المعقول ألّا أنّه تبيّن عند المرحلة الإنتقاليّة بإنّه دستورٌ مثقّلُ بالثغرات، ويصلح فقط "رمي بكومة من التراب"، كدستور ليبيا فقط؛
وربما لو بدأت العملية بشكلٍ سليم، وفرصة المشاركة العامة متاحة، وأنا هنا لا أتحدث عن المشاركة من خلال إعطاء دور للناس في مرحلة "التصويت العام على المسودة"، بقدر ما إنّ المشاركة هي انخراط الجميع والإتاحة لسماع الرؤى والتوصيات..لما التجأ الليبيون لإصلاح الدستور!
ولا نستغرب بإنّ العبرة لا تكمن في مدة انجاز الدستور، لأنّ الزمن ليس خيارًا أو تكتيكاً لدى الطرفين المتفاوضين وأصحاب العملية، فالطرفان غير راضيان بالعملية أصلاً. النظام غير مقتنع بالعملية وهو مشارك تحت ضغط الضامن الروسي، والمعارضة مشاركة أيضا تحت ضغط لأنها تريد السلطة قبل الدستور؛
فقط المجتمع المدني، وعددهم قليل جداً، يرون بأنّه ربما من الخيارات المتاحة أو الناجحة.
بقي القول، إنّ ما ينقص عمليتنا الدستوريّة هو الإرادة، ولعل غياب الإرادة سببه عدم اقتناع الأطراف المفاوضة بإنّ الصياغة الدستوريّة هي ضرب من ضروب البناء، والدساتير لدول ما بعد(أو في حالة) النزاع (أصلاً لا تقدم المبادئ الدستوريّة إنما أبعد من ذلك بكثير إحداهما الدستور)!
لذلك إصلاح العملية إستحقاق، وهو ليس استحقاقاً سورياً فحسب إنما استحقاقُ (ومعضلة لدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن) وفي الأمم المتحدة!