
في المسألة السوريّة: اللامركزيّة والبُعد الإقتصادي (٤-٥)..
فاروق حجّي مصطفى
قبل الثورة، كلما كان يأتي الحديث عن اللامركزيّة، دار الحديث عن "التوزيع العادل للثروات"، وعندما كنت تتسائل من هم أنصار طلاّب اللامركزيّة وما هو سبب التركيز على هذا النمط من الحكم، كانوا يبررون بأنّ الناس بحاجة إلى التوزيع العادل لثرواتهم،
الأمر الذي دفع بالمرء للتفكير بأنّ أساس اللامركزيّة هو إقتصادي في وقت إنّ المطلب سببه التحرر من المركزيّة السياسيّة التي كانت سبباً مباشراً لعدم وجود حياة سياسيّة وغياب "رأي عام " مؤثر.
والحق إنّ دوافع مطلب اللامركزيّة متنوعة ومتعددة، فالمناطق المهمّشة كانت تحلم بتوزيع الموارد بشكلٍ عادل، بمعنى من المعاني إنّ الإستحقاق هو التنمية، والمناطق التي هي غنية بالثروات ولا سيما في المناطق الكُرديّة والجزيرة وكون هذه الثروات تُصرَف أو تستثمر في المناطق البعيدة عن منطقتهم، وإنّ الثروات لدى مناطق المركز أو القريبة عن المركز ( مثل الغاز في القريتين بالقرب من حمص) لا تعكس فوائدها بشكل مباشر على الناس في الجزيرة والمناطق الكُرديّة، سرعان ما أدّى لسماعنا بـ"التوزيع العادل للثروات"، وهذا يمكن اسقاطه على الاقتصاد السياحي والمدن الساحلية، ومناطق الاقتصاد الموسمي كجنوب سوريا.
بالمقابل إنّ مطلب اللامركزيّة حزبيّاً مصدره غياب المشاركة السياسيّة، وتغييب المكون القومي عن المشهد السكاني ما يعزز أحقية الطلب إلى اللامركزيّة السياسيّة ذات بُعد توزيع الصلاحيات على مستوى المركز، وأيضاً الأطراف( ولايات، محافظات، مقاطعات سكانية جغرافية)..الخ.
استطراداً فإنّ السوريين والسوريّات يمكنهم التمعّن إلى اللامركزيّة من خلال معطيين:
-أحدهما تاريخي وله بُعد دستوري، الأمر الذي يمكّن الحديث عن الميراث في اللامركزيّة ( دستور ملك فيصل ١٩٢٠).
-والثاني على المستوى الإداري متعلق بالجباية، إذ تم إعفاء سكان المحيط بمنطقة الفيجة من دفع فواتير المياه كون إنّ مصدر المياه من منبعها، وهذا ما لم تطبق في الجزيرة وديرالزور والرقة ومنابع النفط في تلك المناطق، وحتى لم يستفيد سكان تلك المناطق من "قطاع الأيد العاملة"!.
في العموم إنّ بلد كسوريا وكون الناس فيها عاشوا لعقودٍ من الإقصاء والغبن بسبب حصر كل القرارات السياسية والادارية لدى المركز، فإنّ اللامركزيّة هي الحل ويمكن من خلال "جبر ضرر " وتعزيز الشراكة السياسية الحقيقية بين المكونات السورية قومياً كانت أو سياسيّة أو حتى ثقافية، ولا نستغرب إنّ هذا الأمر يتحقق من خلال:
-تبني تقنيّة التمييز الإيجابي قومياً وسياساً.
-ومن خلال تأهيل البنية التحتية والتمكين الإداري على مستوى المناطق التي هُمّشَت.
بقي القول، إنّ فحوى كلامنا في هذا النص إعتُمد على معطيّات ما قبل الثورة وعند الحديث عن معطيات ما بعد الثورة فإنّ حجة طلب اللامركزيّة تصبح أقوى وذلك لأننا سنتحدث عن وحدة البلاد وإستقلاله!.
يتبع..
-
خالد خليفة… يموت؟؟!!
Oct 01 2023 -
رحيل الروائي السورى الكبير خالد خليفة..
Oct 01 2023 -
"ريفراندوم" تعزيزٌ للحق بتوقيع الرئيس بارزاني..
Sep 25 2023 -
في المسألة السوريّة: سؤال الهويّة!
Sep 21 2023 -
طاولة الزهر.. لعبة القدماء وتقاوم البقاء في كوباني على أيدي كبار السن
Sep 14 2023 -
آريا عطي مع لوحاتها في هولير
Sep 03 2023 -
على أوتار القدماء.. جيلٌ جديدٌ في كوباني يلحن عزف بزق المستقبل
Aug 30 2023 -
اللامركزيّة وسؤال الشراكة؟
Aug 19 2023 -
تصورات اللامركزية :من منظورات عيّنة من شمال وشرق سوريا
Aug 12 2023 -
في المسألة السوريّة: اللامركزيّة السياسيّة توحد البلاد (٥-٥)
Aug 10 2023
-
تقزيم المسألة السورية في قالب (صياغة الدستور)
Aug 15 2018 -
جمهورية شرق الفرات
Oct 14 2018 -
دلبخوين دارا: من شاشة روداو العربية!
Jun 11 2020 -
أولويات التفاوض كُردياً: الحفاظ على نظام الإدارة الذاتية، وعفرين:
Aug 14 2018 -
الدنمارك: ستة وجوه من حَمَلَةِ شهادات الماجستير على خشبة التكريم الكُردية.
Oct 17 2018 -
ورحلت القامة: رحيل الرجل الشجاع
Aug 21 2018 -
(الإصابة بالتوحد) أسبابها وأعراضها وكيفية االمساعدة على تحسن حالة الطفل التوحدي
Sep 01 2018 -
اختطاف المحامي ياسر السليم من كفرنبل بعد دعوته التعايش مع الدورز والكُرد وأهل الفوعة
Sep 22 2018 -
المحلل الإقتصادي خورشيد عليكا لبرجاف: الضغط على البنك المركزي ليس حلاً..والأزمة تتفاقم!
Aug 14 2018 -
حقن البلازما بين هوس النساء والحقيقة العلمية..
Feb 21 2019