التعليم في شمال شرق سوريا: قلة الخبرة، وعبئ

التعليم في شمال شرق سوريا: قلة الخبرة، وعبئ "التعليم عن بعد"

Jun 03 2020

برجاف|هوشه منه هوشو-كُوباني
أمران يتحكمان بالتعليم في ظل كورونا، الأول: تحدي الإستمرار؛ والثاني: فقدان الخبرة في مجال التعليم عن بعد.
في العامل الأول، إنّ الظروف الحالية لا تسمح بالإستمرار في التعليم بينما العالم كله منع فتح المدارس.
وفي الثاني: إنّ واقع "تعليم عن بعد " بات واقعياً، إلّا إنّ الشروط والظروف الغير متوفرة في مناطقنا.
وبين العاملين ،يفتقد التلاميذ تعليماً ذات جودة.
من المعروف إنّ التعليم هو الحيّز لدى الناس، ويشكل تحدي حقيقي ليس لدى أي إدارة للحكم إنّما لدى العائلات أيضاً.
ويعاني الحقل التعليمي في مناطقنا من العديد من المشاكل: أولى هذه المشاكل هي الكوادر التعليمية، خاصة إنّ الخبرة التعليمية باللغة الكُرديّة أمرٌ جديدٌ، اُعتمد مع السنين الأولى للثورة.
وثاني المشاكل: هي الجودة، وبات معروفاً إنّ مجال التعليم كله يفتقر إلى الجودة، ولعل غياب الجودة ينسحب الى مجال المحتوى وأيضاً العمل الفني وكل ما يتعلق بالمرافق والخدمات.
والمشكلة الثالثة : هي نمط التعليم حيث "التلقين"، بمعنى التلميذ ليس حراً في اختياراته.
دون شك إنّ الحقل التعليمي في سوريا كان محل الانتقاد لدى العديد من المؤسسات الدولية ولدى أصحاب الشأن، ولعل جل الإنتقاد ارتبط بأمرين:
محتوى المنهاج: حيث إنّ هذا المنهاج لم يساعد الجيل على الثقافة الوطنية، فكان ثمة انتقاد على إنّ الحكم فضّل القومية على الوطنية.
والانتقاد الثاني: كان على النمط التعليمي، وصفه البعض بالميكانيكي أي الحفظي، وهذا الذي لم يساعد التلميذ على الإبداع أو الإبتكار في مجال تعليمه.
ومع وجود التغييرات وتغيير مواضع الحكم في الجغرافيات، بات التعليم الذاتي هماً، وسرعان ما رأت الإدارات الحكم مسؤولية التعليم ولا سيما التعليم بلغته الام.
وسرعان ما تغيرت الأحوال مع كورونا، ومع فرض واقع "تعليم عن بعد"، ومع هذا الظرف تفاقمت الأزمة، حيث كان الأهالي يعانون من عدم الإعتراف بالشهادات التعليمية لدى الحكومة السورية، وأصبحوا اليوم امام تحدي من نوعٍ آخر هو "تعليم عن بعد"، وفي وقت إن النظام لم يُعممه بعد، والخوف الكبير ان عُمم في بلادنا وان نكون حجة للنظام وبالتالي يرفض الإعتراف بالمنجز التعليمي ، والسؤال الذي يفرض نفسه، ترى، ماذا على الأهالي والإدارة فعله؟!




اللاجئين السوريين في كُردستان.. الخوف من الملل ومن كورونا..

اللاجئين السوريين في كُردستان.. الخوف من الملل ومن كورونا..

Jun 03 2020

برجاف|رنا عمر-هولير
اثار مؤخراً خبر إصابة لاجئ سوري في مخيم "دارشكران" القريب من هولير بفيروس"كورونا" حالةً من الهلع بين اللاجئين في كل مكان وفي المخيمات في إقليم كُردستان التي يتواجد فيها السوريون .
ولعل سبب الخوف هي الظروف السيئة التي تحيط باللاجئ أولاً اضافة الى ظروفٍ أخرى.
بلند كندال، أحد السوريين المقيمين منذ ست سنوات بهولير ، قال لبرجاف" صحيحٌ إنّ كورونا بات كشبح ،إلّا إنّ الشبح الأكبر هو مدى استطاعتنا تجنّبه"، وتابع" سيبقى هذا الشبح يلازمنا إلى حين اختفاءه"، وأضاف كندال" الأشباح تلحقنا نحن السوريين".
وبالرغم من تحسن الوضع مؤخراً بسبب الإجراءات الإحترازية لحكومة كُردستان وإتخاذ التدابير اللازمة لمنع تفشي الوباء ،إلّا إنّه سرعان ما تفاقم الوضع وازدادت الحالات، ففي السليمانية وحدها شهدت ١٠١ حالة إصابة بـ"كورونا".
سيتم حنيفي متزوجة وأم لطفلين، قالت" أمس توفى إثنان بكورونا"، وتابعت" لا ندري ازدادت الإصابات بشكلٍ مفاجئ، مع إن الوضع كان جيداً "، وأضافت" مرةً أخرى نُحشر كالحمامات في القفص بالحجر".
وبات الحجر المكان المخيف للناس، وأكثر خوفاً للاجئ بسبب حالة الفقر.
أيوب جميل، وهو عاملٌ يعمل بشكلٍ يومي ومقيم في ضواحي هولير/ أربيل، شاطر حنيفي" العبارة لا تقف بحدود الحجر الصحي، إنما هو انّ البقاء في المنزل وحاجة أحدنا إلى المصروف"، وتابع، وهو يشير بيده إلى بناية في طور الإنشاء، "إن لم نعمل هنا، فإننا سنموت جوعاً "، وأضاف" هل هناك من دعم؟".
وتجدر الإشارة إنّ حكومة كُردستان فرضت حظر التجوال لمدة اسبوع بعدما شهدت مدن كُردستان حالات متزايدة من الإصابات بكورونا، و الناس تترقب انتهاء مدة الحجر او حظر التجوال بأسرع وقت بسبب الظروف الاقتصادية أولاً، وبسبب الملل الذي يرافق الحجر لمجتمعٍ طالما تعوّد على الحركة والعمل.




دعونا نفرح، وإنْ لم نُدر ظهرنا للحرب

دعونا نفرح، وإنْ لم نُدر ظهرنا للحرب

Jun 03 2020

برجاف| نازي علي الحسين-كُوباني
"انظر إلى هذه المرأة وكوفيتها"، هذه الجملة سمعتها بينما كنّا نهرب نحو الحدود في يومٍ خريفيٍ مشمسٍ لا يخلو من الغبار، عند هجوم داعش ( خريف ٢٠١٤) على مدينتي كُوباني.
شخصان كانا يمشيان بهدوء نحو الحدود وأعينهم مكشوفةً تُراقب وتواكب الناس دون أن يكلفا أنفسهما لمساعدة أهلهم، همّهُما الوحيد: انظر إلى ذاك، وذاك وتلك . ويدققان حتى بنوع وشكل لباس الناس، وماذا يفعلون، في لحظة إفراغ مدينتهم من السكان.
احدهما قال للآخر، وماذا ستنفع الكوفية؟ فيما رد الآخر "أتظن ان كل أيامنا بات حروباً، أليس من حقنا الفرح أيضاً؟".
قد لا يدرك الشابان إنّ كوفية تلك المسنة هي من ضرورات لباس المسنّات في بلدي (كُوباني) ، ومع انهما من كُوباني برأي أحدهما انّ من يهرب نحو الحدود مع (تركيا) عليه ارتداء نوع آخر من اللباس .
والجدير بالذكر إنّ نساء كُوباني وأغلب المناطق الكُردية مازلنّ يرتدين زيّهم الكُرديّ ، و تجد النساء الكُرديات سعادتهنّ في إرتداء الزِّي الفلكلوري؛ سواءً في الأفراح اوالأتراح.
والزي الكُردي الظاهري مكون من : الكوفية، والقفطان، والفستان... ووو.
وباتت غالبية النساء الكُرديات اليوم ترتدين هذا الزيّ في المناسبات، بينما المسنّات منهنّ إعتدن على هذا النوع من اللباس بشكل دائم.
وتسرد صديقة لي عن كيف هي اجتازت الحدود وفي ظهرها حقيبة مليئة بالقفاطين والفساتين وكل لوازم أيام الفرح، قالت لي:"كيف لي أن اترك خلفي ألبستي ؟!".
ولم يمر يوم، وفي الوقت الذي كان "داعش" يدكّ مدننا وبيوتنا، كانت النساء ترتدين أجمل ما عندهنّ من زيهنّ الفلكلوري والقومي.
كما غنى شفان برور( وهو مغني سياسي كُردي مشهور) عن إن الكُرد من جهة يقيمون الفرح ومن جهة أخرى يخوضون الثورة.
وقد لا نستغرب حينما نقول إنّ الفرح من لٌدن الثورة.
بقي القول، إنّ الكُرد يخوضون حروباً لاجل تحقيق الفرحة الكبيرة، وهم بذلك لا يفوتون فرصة إلّا ويخلقون الفرح ، فدعونا نفرح وإن لم نٌدر ظهرنا بعد للحرب!




التعذيب كثير في الحياة العربيّة... نادر في الثقافة السياسيّة العربيّة

التعذيب كثير في الحياة العربيّة... نادر في الثقافة السياسيّة العربيّة

Jun 03 2020

حازم صاغية
أواخر السبعينات كتب المثقّف السوري الراحل ياسين الحافظ كلمات بدت صادمة عند صدورها، ولا تزال تصدم كثيرين اليوم: «مع الاستعمار، ولأوّل مرّة في التجربة العربيّة الحديثة، أمكن الفرد العربي أن يعارض سلطة قائمة من دون أن يُقتل أو يُحاصَر إلى أن يستسلم من جهة، وأن يحظى بضرب من العطف السلبي الصامت من جهة أخرى. من هنا يمكن القول إنّ التجربة الكولونياليّة هي التي أطلقت، ومن دون أن تتعمّد ذلك، عمليّة تسييس المجتمع العربي الذي لم يكن يعرف التقليد السياسي من قبل، وإنّ نزع الاستعمار، الذي تلاه استبداد شرقي مُحدث، كان إشارة بدء عمليّة معاكسة، عمليّة تصفية رواسب (الديمقراطيّة الكولونياليّة) ونزع السياسة عن المجتمع، أو إجبار الناس على الابتعاد عن السياسة».
وحين تحدّث الحافظ عن أثر بيروت عليه، وكان قد خرج للتوّ من سجنه في سوريّا، قال: «أصبحت أنام ملء جفوني من دون أن يؤرّقني هاجس زوّار الليل. ومن لبنان وفيه وحده أيضاً كانت كتبي تُطبع ومقالاتي تُنشر. أكثر من ذلك، بفضل لبنان، أصبحت على اتّصال حميم بالثقافة الحديثة. تعلّمت كيف أتعامل على نحو أقلّ فأقلّ شرقيّة مع زوجتي وأولادي...».
آراء الحافظ نسيج وحده في الفكر السياسي للمشرق العربيّ؛ خصوصاً عند ظهورها. سبب فرادتها أنّ نظام أولويّاته مختلف. صحيح أنّه كان مع مبادئ «الوحدة العربيّة» و«مناهضة الإمبرياليّة» و«تحرير فلسطين» و«بناء الاشتراكيّة»، لكنّه كان يحاكم هذه المبادئ وحامليها تبعاً لموقفهم من الحرّيّة. وبفعل هذا القياس، استطاع أن يسجّل، بشجاعة غير مألوفة، إيجابيّات الاستعمار، واستطاع أن يؤكّد، بنزاهة غير مألوفة أيضاً، تفوّق النموذج اللبناني آنذاك (النموذج «العميل» و«الرجعيّ») على النماذج القوميّة العسكريّة في المنطقة.
في هذا كلّه، كان الحافظ مهتمّاً بالعنف المضمر في نزع السياسة، وما ينجرّ عنه من عنف مباشر، مدروس ومنظّم، تشهد عليه السجون والزنازين في البلدان التي تصرّ أنظمتها على «تحرير فلسطين» وباقي الشعارات الملازمة. فالأكثر تقدّميّة، بحسب الحافظ، هو الأكثر إتاحة للسياسة والأبعد عن القسوة والتعذيب.
في المقابل، قامت أفكار «التيّار العريض» على تهميش مسائل السياسة والحرّيّة والقسوة والتعذيب، وعلى غضّ النظر عنها، حين يكون منفّذها من القائلين بـ«تحرير فلسطين» أو «بناء الاشتراكيّة» أو «مناهضة الإمبرياليّة»، وليس ضروريّاً أن يكون أولئك القائلون فاعلين، حتّى مهتمّين بما يقولون.
لهذا، ورغم أنّ الحياة العربيّة تضجّ بأعمال القسوة والتعذيب، فإنّ المكتبة السياسيّة العربيّة شديدة الفقر في أعمال كهذه. صحيح أنّ بعض الناجين من السجون كتبوا نصوصاً معبّرة، بعضها إبداعيّ، عن تجاربهم ومعاناتهم، وصحيح أيضاً أنّ ثمّة كتّاباً اهتمّوا بالتعذيب وأشكال القسوة وأدواتها كما عرفتها حقب سابقة في التاريخ الإسلاميّ. لكنّنا نكاد لا نقع على نصّ يتناول القسوة والتعذيب بوصفهما نظاماً، أو يفسّر الصلة بين هذه الظاهرة والخطابات الآيديولوجيّة السائدة التي تتجاهلها لمصلحة القضايا الأخرى الموصوفة بالقداسة أو ما يشبه القداسة.
وربّما كان الكاتب العراقي كنعان مكيّة أوّل من خرق هذه القاعدة في كتابه «جمهوريّة الخوف» إبّان عهد صدّام حسين. فتحت اسم مستعار هو «سمير الخليل»، قال مكيّة إنّ المسألة الأمّ بالنسبة إلى نظام صدّام هي كونه نظام قسوة يعتدي، في وقت واحد، على عقل العراقي وجسده، ويمارس في سعيه هذا أقصى درجات التفنّن والقهر. أمّا مسائل الإمبرياليّة والصهيونيّة وسواها فتبقى ثانويّة بالقياس إلى تلك المسألة.
وبالفعل انهالت يومذاك الشتائم على مكّيّة – الخليل لأنّه يقول «ما يقوله الغربيّون» عن نظام «يتصدّى للإمبرياليّة والصهيونيّة». وفي وقت لاحق، صار التشهير بمكيّة رياضة يوميّة للمثقّفين العرب، لأنّه طبّق ذاك المبدأ النقدي على أولويّات أولئك المثقّفين في كتابه «القسوة والصمت»، ولأنّه أيّد في 1991 إخراج صدّام من الكويت، واعتبر أنّ إطاحة نظام القسوة في بغداد، أهمّ من هويّة الطرف الأميركي الذي يطيحه، داعياً هذا الأخير إلى «إكمال المهمّة».
وبالفعل بدأ يتزايد في السنوات الأخيرة عدد المثقّفين العرب الذين يغيّرون في نظام الأولويّات المعطى. يصحّ هذا خصوصاً في السوريين منهم الذين عرفوا بلحمهم أقصى القسوة، لكنّهم سمعوا بآذانهم أقصى التشدّق بالقضايا «المصيريّة». لقد كانت المقارنة بين طرفين أقصيين بالغة الدلالة والكشف في سوريّا.
واحدٌ من أبرز هؤلاء الكتّاب هو ياسين الحاج صالح الذي قضى 16 سنة في السجن، وكتب مؤخّراً: «في سوريا لا يكاد يكون بين مَن هم في السجون مَن لم يمروا بالتعذيب أولاً. التعذيب هنا بنيوي، ونسقي، وليس شيئاً يصادَف أن يمارَس. ما يعني أيضاً أن الإذلال بنيوي ونسقي. ومن السمات البارزة للحقبة الأسدية، بعد التعذيب، المُدَد الماراثونية التي قضاها سوريون كثيرون في السجون، والتي تتجاوز مدة الحكم النازي كله (...) ما تقوله خبرة السنوات المنقضية هو أن (سوريا الأسد) دولة تعذيب، وأنه لا يمكن لسوريا بدون تعذيب إلا أن تكون سوريا لا أسدية».
المصدر :الشرق الاوسط




قصّتي مع سمير

قصّتي مع سمير

Jun 02 2020

جيزال خوري
وصل الى مكتبي في تلفزيون "المؤسسة اللبنانية للإرسال" مغلف من "دار النهار للنشر".

كان في داخله كتاب "الحرب اللبنانية" لسمير قصير ورسالة صغيرة منه ان الكتاب حصل على جائزة فرنسية وانه مسافر غداً الى باريس. وكنتُ قد طلبت منه في لقائنا الأول، قبل أسبوع ان يرسل اليّ كتب الدار كمادة لبرنامجي الأسبوعي بصفته مديراً للدار.

بوصول المغلّف. ابتسمت وطلبت مكتبه فوراً. ضحكنا كثيراً ووعدته بالاستضافة فور عودته من العاصمة الفرنسية، ولكنني طلبتُ أيضاً الكتب الصادرة عن الدار. "لن أرسل شيئاً سأسلمها باليد سيدتي"، أجاب.

بعد أسبوعين التقينا وفي يده كتاب واحد باللغة الفرنسية لغارسيا ماركيز "الحب في زمن الكوليرا"، وقال لي: كتب الدار أصبحت في مكتبك ولكن هذا الكتاب هدية مني.

طبعاً قصة ماركيز هي عن حب بلا أمل يصبح حقيقة بعد انتظار الحبيب لحبيبته أكثر من ثلاثين سنة.

وهكذا امتزجت قصة حبنا برواية غارسيا ماركيز وانتظرنا عشر سنوات كي يصبح ارتباطنا ممكناً.
انا الإعلامية الصاعدة في البرامج الحوارية.

وهو هذا الحالم العائد من باريس.

كانت بيروت حبيبته فامتزجنا بها.

كنا نسير كعاشقين في فيلم سينمائي على أنغام "ليالي الانس"... ولكن في بيروت.

كنا نضحك كثيراً ونسهر كثيراً ونتحدث كثيراً.

كان يشبه وليد مسعود بطل رواية جبرا إبراهيم جبرا، هذا المتمرد المناضل، العاشق الغارق في كل تفاصيل الانسان المعاصر.

من فلسفة مع "كانط" و"نيتشه" الى سباق السيارات كل النقاشات مفتوحة على مصراعيها.

والتناقضات أيضاً... مع المجتمع مع الزواج، في دائرة مراقبة الجوازات ولسمير مع الأمن العام غير قصة، فذات يوم صادر أحد رجال الأمن العام جواز سفره. كان السبب مقالاً اتهم فيه الأجهزة بالعمل لحماية النظام المستبد والوصاية ومدراء الأجهزة، فكتب: هذا ليس جهاز أمن عام بل جهاز أمن خاص.

لم تكن المرة الأولى التي يتعرض فيها لمضايقات وليست الأخيرة.

الملاحقات اليومية التهديدات التلفونية والتسريبات من العملاء كانت واضحة لقمع قلمه كمرحلة أولى.

عشنا سويّاً بتهديد دائم ولكننا كنا سعداء. بيروت الشاهدة على قصة حب فريدة بطلها مؤرخها.

عشر سنوات وسمير يكتب تاريخ بيروت وانا أكتشف معه الأبنية وتاريخها، شخصياتها، مسرحها، مجتمعها في كل العصور... في ليلة من ليالي بيروت الجميلة خرجنا في الواحدة فجراً وجلسنا في مقهى بين العمارات في شارع كليمنصو. كنا، وعاشقون آخرون، في هذا المقهى وفي هذه الساعة المتأخرة من الليل والباكرة من الصباح. إنتظرَ كي نصبح وحدنا وطلب مني ان استمع الى صوت المدينة. لم أكن أعرف أن للمدن أصواتاً وان صوت بيروت رائع.

بعد عشر سنوات حصلنا على الطلاق كل من جهته وتزوجنا أمام الله والمجتمع.

يوم الاثنين في 14 فبراير/شباط وبعد احتساء القهوة، استعديت للخروج الساعة الحادية عشرة صباحاً لدفع راتب الجامعة الأميركية لأولادي في مصرف قرب فندق فينيسيا.

نظر الي متوسلاً ألا أذهب الآن وأن موعده الأول هو الساعة 12 والنصف ظهراً.

كان غريباً ذاك الصباح وكان سعيداً فالليلة السابقة كانت أول دعوة للعشاء في منزلنا، كان غسان التويني ومجموعة مرموقة من الأصدقاء. كان فرحاً بحياتنا الجديدة الهادئة.

غادرنا المنزل معاً في الثانية عشرة هو الى جريدة "النهار" وأنا الى المصرف.

ولكني اخترت مصرفاً آخر تتعامل معه الجامعة الأميركية أقرب الى منزلي، لأن الوقت داهمني لتسديد استحقاقات الدراسة.

حوالى الواحدة بعد الظهر وانا في المصرف في الأشرفية، سمعت صوت انفجار ضخم ورأيت المارة في الشارع مذعورين.

حاولت الاتصال بسمير ولكن الخط مقفل، وكذلك الأمر مع ابني الخط مقفل. حاولت مع ابنتي التي اجابتني انها في الجامعة ولا يعلمون هناك شيئاً عن الانفجار.

قررت التوجه الى جريدة النهار لأطمئن عليه، وإذ باتصال يردني من مدير قناة العربية التي كنت اعمل فيها وأبلغني ان الانفجار استهدف رفيق الحريري.

لم أستطع الوصول الى سمير الاّ بعد ساعة، عانقني وقال لي: لا أتخيل انه كان من الممكن ان تكوني ضحية الانفجار لأن المصرف قد احترق في الحادثة.

توجهنا الى منزل رفيق الحريري وبدأت الثورة.

وتحولت حياتنا من المنزل الى الساحات. قلقت عليه ولكن كنت اريده لي لفترة صغيرة لاستراحة من عشر سنوات في الخفاء والخوف والمراقبة. سخر مني وقال لي: لم تغاري من امرأة تغارين من ثورة.

بعد ثلاثة أشهر دعتني الـ"سي.أن.أن "بعيدها الـ 25 الى الولايات المتحدة، كي أشارك بندوة عن حرية التعبير في إطار احتفالات القناة. كانت ليلة الخميس ليلة كتابة مقاله الأسبوعي، عاد اليّ في العاشرة مساء وذهبنا الى مقهانا المفضل قبل ان يوصلني الى المطار. وعدني انه بعد أسبوع عندما اعود سنذهب في إجازة.

صباح الخميس التالي، وبعد ان كنت قد تكلمت معه هاتفياً من أميركا وأبلغته ان وصولي سيكون يوم السبت، وتبادلنا كل كلمات الحب الممكنة والمستحيلة، جاءت رسالة على هاتفي عن انفجار في بيروت. اتصلت بسمير وكان خطه مقفلاً، بابنتي وكان أيضاً خطها مقفلاً ثم بابني الذي أبلغني ان الانفجار طاول سمير هذه المرة.

ثم توالت الأخبار انني كنت معه في السيارة وانني قتلت أيضاً.

رأيت خبر موتي على شاشة التلفزيون ثم رأيته في سيارته سانداً رأسه نائماً، ميتاً.

***

كان القرار أن أعيش وأن أذكّر القاتل أن إعدام الجسد لا يلغي الروح.

وانشأتُ "مؤسسة سمير قصير" كي تكون شهادته من أجل الحياة ودعوة لتجديد ثقافة الحريات.

تضم المؤسسة الآن حوالى العشرين موظفاً وتدافع عن حرية الصِحافيين والمثقفين في المشرق العربي. تقوم بمشاريع ثقافية منها "مهرجان ربيع بيروت" المجاني لتدعم الفن والثقافة.

تشكّل "المؤسسة" اليوم مرجعاً عالمياً بموضوع رصد الإنتهاكات ضد الإعلاميين، ونظمت ورش عمل لصحافيين شباب في التقنيات الحديثة ووسائل الاتصال الاجتماعي.

دربت مراسلي الحرب لحماية أنفسهم في مناطق الاشتباكات مع أهم المؤسسات الدولية.

***

لم أكن أعرف اننا عندما كنا نسير في بيروت كنا نسير نحو قدرنا كالطيور نبحث عن مكان كي نموت.

حكايتي هي حكاية من منطقتنا.

قصة بدأت مع كتاب حصل على جائزة أوروبية و بـ"حوار" في برنامج تلفزيوني.

قصة تخطت حواجز المجتمع وأنهكت العاشقين.

قال لها: "أريد ان أمضي ما تبقى من حياتي معك".

المصدر :نداء الوطن




 الشباب ودورهم في سوريا المستقبل

الشباب ودورهم في سوريا المستقبل

May 31 2020

سردار شريف
الشباب السوري ومنذ بداية الأزمة السورية هم الأداة الأساسية لكل الأطراف العسكرية الموجودة على الأراضي السورية التي تتقاتل بين بعضها البعض؛ للحصول على المكاسب والمناطق والسيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي السورية ... ودائماً يكون الشباب هم الضحية الأكبر ونستطيع أن نقول :
هم حجر الشطرنج الذي يتحرك بواسطة أحدٍ ما أو طرفٍ ما، لا يهمه طموحات الشباب السوري بل العكس تماماً.
المسألة الأهم هي تحقيق المكسب الشخصي وليس تحقيق أحلام الشباب .
وبالفعل بقي الشباب طيلة فترة سنوات الحرب على جبهات القتال ويقف السوري ضد السوري وكل طرف يؤكد للشباب أنهم هم الحقيقة الصحيحة في هذه المعركة وان قُتلوا فهم شهداء من أجل سوريا الوطن
آلاف من الشباب السوري فقدوا حياتهم ورحلت معهم طموحاتهم وأحلامهم وما زال السياسيون في كل الأطراف يقفون دقيقة صمت على أرواح الشهداء الشباب الذين كانوا ضحية السياسات الخالية من الأخلاق... سياساتٍ إرادت تصفية سوريا من شبابها عن طريق الحروب والهجرة والإعتقالات والخطف والعنف الذي ليس له نهاية .
كل هذه الفترة من الحرب السورية لم يذكر أي طرف عن دور الشباب في سوريا المستقبل وفي المراحل القادمة عن أهمية الشباب في امكانية قيادتهم للمجتمع السوري واستخدام فكر الشباب لصناعة السلام في الأراضي السورية المقسمة حاليا وأُهُمل الشباب تماماً وتم استخدامهم فقط في الحروب والنزاعات التي كثيراً تكون دون نهاية .
ورغم أنه في الكثير من دول العالم يعتبر الشباب هم الثروة الحقيقية لتطوير حضاراتهم ومصدر قوتهم وهم الحاضر والمستقبل إلى أن في سوريا اختلف هذا الشيء تماماً فلم يتم تسليط الضوء على أهمية الشباب ودعوتهم إلى منصات الحوار والمؤتمرات فهم الدور الأساسي للخروج من الأزمة السورية ونزع السلاح من كل الأطراف التي كانت سبباً في خسارة سوريا لعددٍ كبيرٍ من طاقتها وصمام أمانها.
إشراك الشباب في مؤتمرات الحوار هي مسألة ضرورية ومهمة للغاية فلهم الدور الأكثر فعالية لبناء وطن جديد ومستقبل سوري ديمقراطي يتمتع بالتطوير والثقافة وحرية الرأي وأرضٍ خاليةٍ من المظاهر المسلحة والعنف وسياسة القائمة على قاعدة الأخلاق وهم الأداة لعودة التماسك الإجتماعي والطاقة الأساسية لسوريا المستقبل .
طموحات الشباب السوري هي مسألة أهم بكثير من دجهم في النزاعات الهمجية واستخدامهم كأداة لبقاء الحروب على الأرض السورية ومن حق الشباب أن يعيشوا بشكل طبيعي بعيد عن الحياة المسلحة والعسكرية ومن المهم أن يكون لهم محل من الإعراب في المستقبل السوري لأنهم هم الجسر الأقوى لوصول السوريين إلى الحياة المدنية الديمقراطية والمليئة بالسلام.




تقرير عن البدو

May 30 2020


راشد الغنوشي والشعوبية الإردوغانية!

راشد الغنوشي والشعوبية الإردوغانية!

May 29 2020

رضوان السيد*
ما أخطأتُ قديماً في فهم الغنوشي، بل أخطأتُ في تحليل تصريحاته وتصرفاته بعد عام 2016. أواخر الثمانينات أرسل إليّ خير الدين حسيب رئيس مركز دراسات الوحدة ببيروت يومها، مخطوطة راشد الغنوشي عن قواعد وأصول الديمقراطية الإسلامية أو الديمقراطية في الإسلام. والنص متواضع، وقد بقي عندي ستة أشهر وأنا أصحّح وأُراجع تفاصيل في القرآن والحديث والنقول عن كتب في مقاصد الشريعة، وكان الواضح أن الرجل ينقل من مراجع ثانوية لا من المصادر ذاتها. وعندما أعدتُ الكتاب مصحَّحاً لحسيب بعد لأي، وقرأ تقريري عنه، قال: الرجل معذور فهو في المنفى في لندن، وليس عنده مكتبة! قلت في التقرير فيما أذكر: الأطروحة متواضعة، فالديمقراطية في الإسلام لعباس العقاد أكثر إقناعاً منها. الرجل ليس قطبياً بالتأكيد ولا حتى مودودياً، هو يقع بين القرضاوي والترابي، وليست لديه قدرات فكرية تنظيرية، ولا علم عميق بالإسلام، لكن قيل لي ممن يعرفونه إنه سياسي براغماتي، وقد يكون له مستقبل! وقد تبين حذره الشديد بعد سنوات المنفى (رغم استمرار تأثيرات القرضاوي والترابي)، إذ لم يصر على وضع نفسه في مقدمة المشهد. وعندما سقط الإخوان في مصر عام 2013 يقال إنه ذهب إلى تركيا لاجتماع العالمية الإخوانية، وقدّم نقداً مريراً لإخوان مصر، وكيف أرادوا الاستيلاء على كل شيء مرة واحدة ففقدوا كل شيء خلال أقل من عامين! ولفت انتباهي بعد ذلك تصريحه في اجتماعٍ حزبي أنه يقول بالفصل بين الدعوي والسياسي في عمل حزب النهضة. وقد علّقْتُ معجباً راجياً أن يكون في ذلك ابتعادٌ عن مسارَي إخوان مصر والسودان! فقال لي صديقي مشاري الذايدي: هذا تسرع ستندَم عليه! وردَّ عليَّ أحد أنصاره من الذين كانوا بلبنان في سنوات المنفى: القواعد غاضبة من الشيخ لأن ذلك بمثابة فصل الدين عن الدولة، وهذا التصريح لإرضاء علمانيي تونس ولن يرضوا عنه ولو شق لهم صدره!
منذ أكثر من عام، وعندما بدأ حفتر حملته على طرابلس، قال لي سياسي ليبي توفي مؤخراً: لن يسمح الجزائريون والغنوشي والطليان والقرضاويون وإخوان السودان وآخرون بزوال حكومة الميليشيات في طرابلس، من أجل الغنائم، ومن أجل إزعاج مصر وأمنها. ثم عرفتُ قبل أشهر من رجل أعمال ليبي قدم إلى لبنان عبر تونس، أنّ إخوان مصر يتكاثرون بطرابلس، وبعضهم قادم من تركيا والبعض الآخر من السودان. ثم تبين أنهم كانوا طلائع إردوغان الذي جُنَّ جنونه لحرمانه من غاز المتوسط ونفطه، ومن نجاح مصر، ومن إصرار السعوديين والمصريين والإماراتيين على معارضة غزواته في الديار العربية، وقد عدّ الإيرانيين رواد التخريب ناجحين؛ فلماذا لا يتدخل هو في ليبيا ومثل إيران عن طريق المرتزقة. وقد تردد رئيس حكومة الوفاق في قبول مقاربات إردوغان أولاً ثم خشي انتصار حفتر على ميليشيات طرابلس، وأقنعه الغنوشي بجدوى ذلك ولو لإيقاف حفتر. وما اقتصر دور الغنوشي على ذلك، بل سهل التفاهم بين الجزائريين والأتراك أيضاً. وقد كنا نظن أن رئاسة عبد المجيد تبون بالجزائر ستغيِّر في السياسات تجاه المغرب وتجاه ليبيا، ثم تبيّن أن الجيش لا يزال هو المتحكم بالقرار، وأن العلاقة بتركيا وإيران أهون على قلوبهم من العلاقة بالعرب! ما دوافع الغنوشي الماهر والبراغماتي في حسباني؟ دوافع غير عقلانية وغير وطنية: الشعوبية الإخوانية والتبعية للقرضاويين، وسقوط حكم الإخوان في السودان، والخوف من النجاح المصري، والإعجاب بإردوغان والخوف من تراجع حظوظه في الوقت نفسه!
وضْع تونس مع ليبيا، مثل وضع لبنان مع سوريا. فمنذ قامت الثورة في سوريا عام 2011 خشي حزب الولي الفقيه أن يسارع شبان السنة في لبنان لدعم الثوار على الأسد، وفي الوقت نفسه خشي المسلمون والوطنيون من التوسط في النزاع وفي بلدهم انقسام عميق؛ ولذلك اجتمعوا جميعاً في بعبدا، مقر رئيس الجمهورية، ووقّعوا على بيان للنأي بالنفس عن الأوضاع السورية كلها. إنما ما مضت أسابيع حتى تبين أنّ الثوار السوريين ترجح كفتهم على ميليشيات الأسد، فتجاهل حزب الولي الفقيه توقيعه على بيان النأي بالنفس، وتدخل في سوريا إلى جانب الأسد بعشرات الألوف، وقد سقط منهم ومن الإيرانيين ألوف بالفعل، لكنهم قتلوا عشرات الألوف من الشعب السوري، وهجّروا ملايين! إنّ مصلحة تونس البلد العربي الذي له حدود طويلة مع ليبيا، والذي هو الشريك الثاني لتونس بعد الاتحاد الأوروبي، والذي استفاد المليارات من لجوء الليبيين إليه وسفرهم من طريقه - أن يكون على الحياد بالفعل في النزاع، وبسبب الفوائد والمصالح من جهة، ولأنه شقيق عربي لا يجوز الإسهام في تخريبه وتقسيمه. «حزب الله» إيراني ذهنية وتسليحاً، فهل تكون حركة النهضة إخوانية إردوغانية؟ بالطبع لا، لكنه ضلال الغنوشي، وأوهامه، ونفاد صبره في شيخوخته، بعد إذ لم يصبح زعيماً أوحد في بلده، ولا مرجعية بارزة في «العالمية» الإخوانية!
لا أزال لا أفهم كيف يمكن لعربي أن يسكت بل أن يدعم دخول جيوش وميليشيات أجنبية إلى بلدٍ عربي جار. وليس بسبب العصبية وحسب؛ بل بسبب المصلحة والتقدير للعواقب. ها هو بشار الأسد قد استقدم إلى بلدٍ هو رئيسه عدة جيوشٍ لحمايته من شعبه. فلا هو نجا ولا سَلِم بلده، وبدلاً من التفاوض مع الثائرين من شعبه صار عليه أن يتعامل مع الإيرانيين والروس والأميركان والأتراك وميليشيات العراق ولبنان وأكراد سوريا وتركيا والعراق. ويبلغ من سوء وضع الشبان السوريين في مملكة الأسد أنّ آلافاً منهم يعملون كميليشيا عند الرئيس، وآخرين يعملون مع الروس والإيرانيين، والآن هناك ألوفٌ منهم يعملون عند المخابرات التركية سواء في مناطقهم بسوريا أو بليبيا وحتى في الصومال! فالذين لم يهاجروا بعيداً من السوريين، ما عاد عندهم سبيلٌ لكسْب القوت غير الارتزاق لدى الجيوش والجهات التي تحتل بلادهم.
يثبت الآن، وللمرة العاشرة أو العشرين، أنّ حزبيي الإسلام السياسي ومن أجل السلطة والاغتنام وكسب النفوذ الموهوم هم مستعدون لاستحضار جيوش وميليشيات إلى بلدانهم وجوارهم العربي، دون أن يحول بينهم وبين ذلك شرفٌ أو دين أو تقدير للعواقب!
*كاتب وأكاديميّ وسياسي لبناني وأستاذ الدراسات الإسلامية في الجامعة اللبنانية
المصدر:الشرق الأوسط




التحدي الأكبر لروسيا في سوريا

التحدي الأكبر لروسيا في سوريا

May 26 2020

رمزي عز الدين رمزي*
عادت سوريا في الآونة الأخيرة لتكون محط اهتمام الإعلام العربي والدولي، ليس لوجود تطورات مهمة من شأنها أن تبعث الأمل في وضع حد لمأساة الشعب السوري وتعيد له طموحه في تحقيق أهدافه المنشودة في الحرية والكرامة والأمان والوئام، وإنما لكونها قضايا ذات طابع مثير مثل: ما يتردد عن وجود خلافات بين الرئيس بشار الأسد وابن خاله رجل الأعمال رامي مخلوف، والحملات الإعلامية المتبادلة بين موسكو ودمشق، فضلاً عما يشاع عن وجود مخطط مزعوم بين واشنطن وموسكو وأنقرة لاستبعاد الرئيس الأسد عن الحكم.
فبينما يذهب البعض إلى اعتبار تلك التطورات على أنها ذات طابع عارض أو عابر، ينظر إليها البعض الآخر كمؤشر على أن حكم الرئيس الأسد على مشارف نهايته، استناداً إلى أن إحداث أي تغيير سياسي في سوريا لا بد أن يمر عبر موسكو.
فبغض النظر عن صحة أي من هاتين وجهتي النظر، فمن المعروف أن موسكو حرصت - على الأقل على المستوى الرسمي - أن تنأى بنفسها عن الشأن الداخلي السوري.
ورغم أن التدخل العسكري الروسي - الذي جاء بناء على طلب الحكومة السورية - ساعد في الحفاظ على حكم بشار الأسد، فإن موسكو طالما حرصت بوسائل مختلفة على التأكيد أن الهدف من تدخلها هو إنقاذ سوريا من الإرهاب وليس إنقاذ نظام حكم في حد ذاته أو أشخاص بعينهم. ومع ذلك اعتبر البعض أن إنقاذ البلاد مرادف لإنقاذ النظام.
وفي هذا الإطار من المهم التنويه بأن الموقف الروسي - كما أفهمه - هو أنه طالما يوجد إرهاب يهدد الدولة في سوريا، فلا بد من الحفاظ على القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي هو رئيس الجمهورية بشار الأسد. والمنطق في ذلك أن هذا شرط أساسي للحفاظ على تماسك وصمود القوات المسلحة السورية، باعتبار أن أي خلل في تراتبية القيادة العسكرية خاصة في الظروف الحالية الاستثنائية سيؤدي إلى تفكك الجيش بالكامل، ومن ثم انهيار الدولة بأسرها.
أما الآن ورغم الانحسار النسبي للإرهاب في معظم أرجاء سوريا، فما زال للجماعات الإرهابية موطن قدم في محافظة إدلب. ولذلك فإن التركيز في المرحلة الراهنة على مكافحة الإرهاب منصب على محافظة إدلب. أما مواجهة «داعش» في الصحراء السورية فيبدو أنها قضية مؤجلة إلى مرحلة لاحقة.
فرغم أن عملية آستانة وما تمخض عنها من إقامة منطقة لخفض التصعيد في إدلب بالإضافة إلى الاتفاقات الثنائية المبرمة بين روسيا وتركيا والتي تعاملت كذلك مع الوضع في إدلب، فما زالت «جبهة النصرة» الإرهابية وحلفاؤها منتشرة ونشطة في تلك المحافظة بحيث دعمت من سيطرتها على مختلف جماعات المعارضة المسلحة الأخرى. وهنا تجدر الإشارة إلى أن التحدي المستمر الذي واجه الولايات المتحدة من قبل ويواجه تركيا الآن يتمثل في كيفية الفصل بين جماعة «جبهة النصرة» وحلفائها من جهة والجماعات المسلحة الأخرى من جهة أخرى.
وبالعودة إلى التدخل العسكري الروسي في سوريا، فمن المعروف أنه حظي في بدايته على تأييد واسع من قبل الشعب الروسي من منطلق أنه ينقل الحرب ضد الإرهاب إلى خارج الأراضي الروسية. وهنا يجب إلا يفوتنا التنويه إلى أنه في ذروة القتال المحتدم في سوريا، كانت التقديرات تشير إلى وجود عدد يتراوح بين عشرة وعشرين ألفاً من المقاتلين الروس ومن جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة الذين شكلوا أفضل العناصر المقاتلة بالنظر إلى الخبرات التي اكتسبوها في الشيشان، وآسيا الوسطى، والبلقان.
والآن، وبعد أن ضمنت روسيا وجودها الطويل الأمد في سوريا، ومنعت انهيار الدولة في سوريا وبذلك دعمت من موقفها على الساحة الدولية، يبقى أمام الرئيس بوتين أن يعلن أنه تمكن من إزالة تهديد مصدر الإرهاب في سوريا، حتى يستطيع الإعلان أنه حقق كافة أهدافه من التدخل في سوريا. ولا شك أن مثل هذا الإعلان سيسهم في استعادة الرئيس بوتين ولو لجزء من الشعبية التي فقدها مؤخراً لعدة أسباب ربما يكون من بينها انخفاض التأييد داخلي في روسيا للتدخل العسكري في سوريا.
وقد يكون إعادة فتح الطريق السريع الاستراتيجي «M4» الذي يربط مدينة حلب بمدينة اللاذقية الساحلية - وفقاً للاتفاق الروسي - التركي المبرم في مارس (آذار) الماضي - هو الإنجاز المطلوب تحقيقه، خاصة أن مثل هذا الأمر يتطلب إخراج مقاتلي بلدان آسيا الوسطى خارج بلدة «جسر الشغور» والمرتفعات المحيطة بها التي كانت على الدوام مصدر تهديد لقاعدة حميميم الجوية الروسية.
فبعد تعثر، يبدو أن هناك تقدماً ملحوظاً أحرزته الدوريات العسكرية الروسية التركية - المشتركة على طريق «M4»، حيث وصلت يوم 20 مايو (أيار) الجاري إحدى الدوريات إلى ما وراء مدينة أريحا التي تبعد قرابة 35 كيلومتراً عن بلدة جسر الشغور. وبمجرد أن تتمكن تلك الدوريات من تأمين طريق «M4» بشكل كامل والمنطقة العازلة المحيطة به، يمكن أن تنتهي التهديدات الإرهابية لقاعدة حميميم، وتستأنف الحركة التجارية بين مدينة حلب وميناء اللاذقية، وهو أمر حيوي للاقتصاد السوري. كذلك فإن ذلك سيعني حصر وجود الجماعات الإرهابية في منطقة محدودة المساحة تقع على جانبي الحدود بين محافظة إدلب وتركيا، بما يمكن للقيادة الروسية عندئذ أن تضع المسؤولية الأساسية للقضاء على بقايا تلك الجماعات، وخاصة تلك التي تسبب تهديداً لروسيا على عاتق تركيا.
وفي هذه الحالة، لن يكون مستبعداً أن تعلن القيادة الروسية عن تحقيق كامل أهدافها العسكرية في سوريا، وبالتالي فسيكون المنتظر من موسكو أن تركز جهودها على تسريع إيقاع العملية السياسية المتعثرة.
فالقيادة الروسية تدرك تماماً أن النجاح الحقيقي في سوريا يكمن في تحويل إنجازاتها العسكرية إلى مكاسب سياسية ملموسة تضمن مصالحها في الأمد الطويل، الأمر الذي يتطلب تحقيق التسوية السياسية من خلال التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي 2254 - الذي طالما تفتخر على أنه نتاج مبادرة مشتركة مع الولايات المتحدة - بدءاً بإنجاز الإصلاح الدستوري - الذي هو في الأساس فكرة روسية - ثم انتخابات حرة يشارك فيها كل السوريين.
ولذلك فسيكون على روسيا تكثيف جهودها في دفع دمشق للانخراط بشكل أكثر جدية في أعمال اللجنة الدستورية بشكل خاص والتعاون في تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 بشكل عام.
هنا لا شك أن موسكو ستتطلع إلى قيادة سورية متعاونة.
وفي هذه الحالة ستتحول كافة الأنظار إلى مراقبة كيفية تعامل الرئيس الأسد في التنفيذ الكامل للقرار 2254. وكذلك إلى ردود فعل المقابلة للقيادة الروسية. ربما يُقدر لتلك اللحظة أن تكون من اللحظات الحاسمة ليس في مستقبل سوريا فحسب، وإنما فيما يخص مصداقية روسيا على الصعيد الدولي.
أما فيما يخص موقف روسيا من مساندة الحكومة السورية على استعادة كافة أراضيها، فإن موسكو ستضعه كهدف يتم تحقيقه في المستقبل من خلال القيام بوساطة بين دمشق وأنقرة من أجل التوصل إلى حزمة متكاملة مستوحاة من اتفاقية أضنة لعام 1998 تتضمن: استقرار الحدود السورية - التركية المشتركة، حل القضية الكردية في سوريا، فضلاً عن مستقبل العلاقات السورية – التركية، وهو الأمر الذي إذا قُدر له النجاح سيكون من شأنه تعزيز موقف موسكو في منطقة الشرق الأوسط.
ختاماً من الأهمية التنويه إلى أن نجاح روسيا في تنفيذ سياساتها في سوريا يعتمد إلى حدٍ بعيد على كيفية إدارة علاقاتها ليس فحسب مع تركيا والولايات المتحدة، وإنما كذلك مع إيران.
*سفير مصري ومسؤول أممي سابق
المصدر الشرق الأوسط




وليام روباك:مناطق الادارة الذاتية مستثناة من قانون

وليام روباك:مناطق الادارة الذاتية مستثناة من قانون "قيصر"

May 23 2020

برجاف| كوباني
اجتمع مبعوث الولايات المتحدة وليام روباك، اليوم، مع الإدارة الذاتية في كوباني، وتباحث الجانبان الأوضاع العامة التي تمر بها المنطقة و المواضيع ذات الاهتمام المشترك.
واستقبل ممثلي الادارة الذاتية المبهوث الامريكي وليام روباك في مقر الادارة بكوباني، حيث بدء الاجتماع بتقديم روباك التهاني لأهالي كوباني بمناسبة عيد الفطر، متمنياً أن يعم السلام في المنطقة.
و تباحث الجانبان الأوضاع العامة التي تمر بها المنطقة والصعوبات التي تواجهها الإدارة الذاتية على المستوى الاقتصادي والخدمي.
وبخصوص الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تمر بها المنطقة جراء انهيار أسعار الصرف وتدهور قيمة الليرة السورية و تأثير ذلك بشكل سيء على الاوضاع المعيشة لاهالي شمال وشرق سوريا، اكد روباك بأن ما يتعلق بقانون العقوبات في إطار قانون (قيصر) سيستثني مناطق الإدارة الذاتية و سيكون هناك عمل و تنسيق مشترك في إطار برامج الدعم الأمريكي.
وفيما يتعلق بالجانب الأمني و السياسي وعد روباك برفع تقرير مفصل إلى القيادة الأمريكية و العمل على تصور حلول مناسبة لمجمل القضايا العالقة.




Pages