كوباني.. والمعاناة من قلة المشافي وضعف الخدمات الصحية

كوباني.. والمعاناة من قلة المشافي وضعف الخدمات الصحية

Jun 29 2020

برجاف |كوباني _ زوزان بركل
مدينة كوباني التي عانت ومازالت تعاني من قلة المشافي، وسوء الخدمات الطبية، حيث كانت هذه المدينة تعاني سابقاً وقبل الأزمة السورية، من عدم وجود مشافي حكومية، وسوء خدمات طبية.
حيث كان أهالي المدينة يضطرون للذهاب إلى مشافي منبج وحلب لعلاج مرضاهم، الأمر الذي كان يثقل كاهل أهالي كوباني من حيث المصاريف ومشقة الطريق، وغالباً كانت الحالات الإسعافية تفارق الحياة في الطريق قبل وصولها إلى مشافي منبج وحلب.
وفي عام 2009 بدأت الحكومة السورية ببناء مشفى حكومي كبير في المدينة، وعلى طراز الحديث، وبمختلف الأقسام والاختصاصات، وكان من المقرر أن يتم إرداف المشفى بكافة الأجهزة الطبية الحديثة، وبمختلف الأقسام والاختصاصات الطبية، وكان من المقرر أن يتم افتتاح المشفى في عام 2011، ولكن الأحداث والأزمة السورية حالت دون افتتاح المشفى وتكميل بنائه، ومع هجوم داعش على مدينة كوباني، تمكن داعش من إحتلال المشفى، حيث تعرض المشفى للقصف الجوي أدى إلى دماره.
وبعد تحرير مدينة كوباني من داعش، ومع إعادة إعمار كوباني كانت هناك محاولات لتحسين الجانب الصحي والخدمات الصحية وبناء مشافي في المدينة، حيث تم افتتاح وبناء مشفى ايكور الخاص بتوليد من قبل منظمة ألمانية، كما قام منظمة أطباء بلا حدود بافتتاح مستوصف مشتنور، ورعاية مشفى كوباني (فينا سابقاً)، وقيام الهلال الأحمر الكردي بافتتاح مستوصف كوباني، ووجود مشفى الأمل الأهلي ومشفى العسكري، إلا أن الواقع الصحي والخدمات الصحية في كوباني لم يصل إلى المستوى المطلوب.
وفي ظل الظروف الراهنة وصعوبة الأوضاع الإقتصادية والمعيشية لأهالي شمال وشرق سوريا عامة، وأهالي كوباني خاصة، وبسبب الإرتفاع في عدد السكان في كوباني، وقلة وجود المشافي وسوء الخدمات الصحية والطبية في كوباني، يعاني الأهالي من صعوبة في تلقي الرعاية الصحية والطبية في المراكز والمشافي في كوباني، مما يضطرون للتوجه إلى مشافي منبج والرقة وقامشلو، وزيادة في المصاريف والمعاناة من مشقة الطرقات.
وفي الآونة الأخيرة شهد مشفى كوباني الوحيد، والصغير في حجمه مقارنةً مع كبر مساحة كوباني وازدياد في عدد سكانه، والذي يفتقر إلى الكثير من الأجهزة والخدمات الطبية والصحية، الكثير من المشاكل والمعاناة لأهالي كوباني وأيضاً لكوادر هذا المشفى، وبحسب دكتور خورشيد فاحي طبيب اسعافي في مشفى كوباني، بأن مشفى كوباني الصغير ولا يناسب مدينة بحجم ومساحة مدينة كوباني وعدد سكانها، وأن مشفى كوباني فيه فقط عشرين سرير، وستة اسرة لقسم الإسعاف والطوارئ، وعدد المراجعين والمرضى يفوق قدرة المشفى.
ويضيف فاحي بأن مشفى كوباني يعاني من قلة في الأجهزة والأقسام والاختصاصات الطبية، وأن الأوضاع المعيشية والاقتصادية لأهالي كوباني، تجبرهم على التوجه لمشفى كوباني الحكومي الوحيد في المنطقة، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث الإزدحام الشديد في المشفى، وحدوث مشاكل بين الأهالي والكوادر الطبية العاملة في المشفى، وأيضاً تزيد من معاناة الأهالي.
ودعى الطبيب خورشيد فاحي الجهات المسؤولة إلى أخذ معاناة الأهالي وحاجة كوباني إلى مشفى حكومي على الطراز الحديث والكبير يستوعب عدد سكان كوباني وريفها والمنطقة، ويضم كافة الأجهزة والخدمات الطبية والأقسام والاختصاصات.
وتجدر الإشارة إلى أن مدينة كوباني يتواجد فيها حالياً مشفى كوباني (فيينا سابقاً) ومشفى الأمل الأهلي ومشفى ايكور الخاص بتوليد ومشفى عسكري، وجميع هذه المشافي صغيرة في حجمها وهي أقرب إلى مراكز صحية منها إلى مشافي، والمستوصف صحي وحيد في المدينة، وعدد قليل من المستوصفات الصحية في أرياف المدينة، وتعاني كوباني من عدم وجود الكثير من الخدمات الطبية والأجهزة، الأمر الذي يؤدي ويدفع بالأهالي للتقصد مشافي منبج والرقة وقامشلو، والزيادة في تكاليف العلاج ومعاناة السفر.




الشرق الأوسط:

الشرق الأوسط: "كورونا" ينقل إعلام شمال شرقي سوريا إلى الفضاء الافتراضي... فهل انفكت القيود؟

Jun 29 2020

برجاف| صحافة
في ربيع 2013 وبعد مرور عامين على انطلاقة الحراك المعارض لنظام الحكم بسوريا وتغير المشهد الإعلامي؛ أطلق نشطاء وصحافيون مركزاً إعلامياً من مدينة عين العرب بريف حلب، أو «كوباني» بحسب تسميتها الكردية، التي تقع أقصى شمال سوريا، حمل اسم «برجاف» أو عين الحقيقة بالعربية، تحت شعار «همّ الناس همّنا». والصحافي فاروق حجي مصطفى، الذي يعمل بمجال الكتابة منذ 20 عاماً، كتب خلالها في صحف عربية، بينها جريدة «الحياة» اللندنية وصحف «النهار» و«المستقبل» اللبنانية ومجلة «الآداب العربية» إلى جانب مواقع سورية وكردية، هو مؤسس وصاحب فكرة المركز، ولدى حديثه إلى صحيفة «الشرق الأوسط» عن بدايات التأسيس، يقول مديرها التنفيذي: «جاءت فكرة التأسيس في مارس (آذار) 2013، بهدف بلورة واقع إعلامي موضوعي بالمناطق الكردية التي كانت تطغى عليها الصحافة الحزبية»، مشيراً أنهم توجهوا إلى مشاركة الناس همهم وقضاياهم اليومية ونقل صورة الواقع كما هي، مضيفاً: «نحن منظمة مستقلة غير ربحية نعمل نحو صحافة مجتمعية حيادية».
شبكة «برجاف» تخاطب جمهورها عبر موقع إلكتروني وجريدة شهرية، صدر منها 36 عدداً، ومجلة دورية، وصفحات على منصات السوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعي، كما أصدرت مجموعة من الكتيبات والكراسات والدراسات، إضافة إلى تنظيم دورات وورشات عمل في مجال بناء القدرات والتنمية وقضايا الديمقراطية والمجتمع المدني. وأوضح حجي مصطفى: «لكل حقل مساره وتحدياته، نحرص على اتباع طرق المنهج المهني والحرفية، فالهدف العام لعملنا الصحافي المادة المستوحاة من الواقع، وإدخال الوسائل الجديدة ومواكبة تطورات العصر»، وأضاف أنهم عقدوا عشرات الورشات، واستهدفوا جيل الشباب الموهوبين: «لقد دربنا جيلاً شاباً جديداً على أهمية القصة الخبرية والتوجه نحو الصحافة الاستقصائية والبحث عن المصادر الموثوقة في كتابة التقارير».
فيما نقلت رنا عمر، وهي مديرة البرامج لدى المركز، أنهم نظموا كثيراً من الأنشطة على مستوى الإعلام وتمكين المرأة، وشاركوا في الحملات والمناشدات الإنسانية بتوجيه خطابات ونداءات إلى مكتب المبعوث الأممي للأزمة السورية، غير بيدرسن، وهيئات الأمم المتحدة، بغية تسليط الضوء على مناطق شمال وشرق سوريا التي تعاني من ظروف قاسية جراء استمرار الحرب التي دخلت عامها العاشر.
ولم تخفِ رنا أن جائحة كورونا انعكست سلباً على خطط وأنشطة المركز، ولفتت قائلة: «فُرض علينا نظام عمل مختلف، أبرز سماته أنه (أونلاين) بالتواصل مع فريق العمل، لكنه لم يمنعنا من مواصلة نشاطنا، وعقدنا سلسلة من اللقاءات مع نشطاء المجتمع المدني عبر برنامج الزووم»، وأخبرت أن التحديات التي رافقت انتشار الفيروس والمصاعب الكبيرة في التنقل والسفر، «إلا أننا نعتبر استمرارنا وقدرتنا على الصمود هو أكبر نجاح لنا، نطمح دائماً أن نكون صدى للناس في مناطقنا، وأن نكون بقدر شعارنا (همّ الناس همنا)».
تعمل زوزان بركل مراسلة وصحافية مع «برجاف» منذ عامين؛ حيث أنهت دراستها الجامعية سنة 2016 وتخرجت من كلية الإعلام، لتكون أول تجربة إعلامية لها، وعن بداية عملها تقول: «بداية كانت هناك صعوبات كثيرة، أبرزها أن العمل الميداني والمراسلة والتصوير بحاجة إلى خبرة وتعلم، وهي أمور جديدة بالنسبة لي، لكنني خضت أول تجربة إعلامية».
وتسلط الضوء عبر عدسة الكاميرا والأفكار التي تتناولها من الشارع، بالتركيز على مواضيع تتعلق بالمجتمع المحلي القريبة من اهتمامات الناس، وتستضيف شخصيات ثقافية وسياسية وقيادات مجتمعية، وتطرح المواضيع الخدمية وتتحدث عن التجارب النجاحة وتسرد قصصهم، وحصد تقرير مرئي لها عن عيد نوروز القومي لدى الأكراد نحو نصف مليون مشاهدة، وقالت: «موادي تلقى تفاعلاً كبيراً من المتابعين، فمادة حياة البدو الرحل بالمنطقة شاهدها ربع مليون شخص، وتقرير ثانٍ عن صناعة المعجنات المحلية تابعه أكثر من 200 ألف مع مئات التعليقات والمشاركات». وترى زوزان أن مهمة الصحافيين مع انتشار جائحة كورونا عالمياً لا تقل أهمية عن دور الأطباء والممرضين الذين كانوا في الخطوط الأمامية، وعلقت قائلة: «لعب الإعلاميون دوراً حاسماً في اطلاع عموم الناس على ما يتعلق بالفيروس والجهود التي تبذلها الحكومات، ولقد أثروا بشكل عملي على المتابعين»، وكونها تعمل مع وسيلة إعلامية محلية كان لا بد لها من مواكبة الحدث ونشر الأخبار والتقارير الصحافية، وعلقت لتقول: «أغلب متابعي (برجاف) من كوباني ومنبج ومدينتي الرقة ودير الزور والجزيرة، فأي خبر ينشر يتفاعل معه الجميع وتأتينا تعليقات أن الخبر الذي ننشره على صفحاتنا له مصداقية».
وتعمل في المناطق الكردية شمال شرقي سوريا، عشرات من الجهات الإعلامية والإذاعات والصحف والمجلات المطبوعة والدوريات الخاصة، لتؤسس إعلاماً محلياً موجهاً للجمهور باللغتين الكردية والعربية، ويشير الصحافي فاروق حجي مصطفى إن مركز «برجاف» ينشر محتواه باللغة العربية، ويستهدف كل السوريين لعكس رؤاهم بشكل غير منحاز، وقال: «نبحث عن الحقيقة من خلال إبراز صورة الجميع في التقارير والمواد الصحافية، لأن (برجاف) عين الشمال المتنوع والمتعدد ونهتم بالدرجة الأولى بقضايا الناس ونرغب أن نكون منصة لكل السوريين».
وتقول رنا عمر إن عمل المركز يخدم تفعيل الحوار المحلي السوري للوصول إلى منصات وطنية فاعلة، تهدف إلى «إتاحة حياة عامة غير مكبِلة لدور المواطنين، ولا تقيد حرياتهم، وتكون بمثابة فرصة للنشطاء والسياسيين والإعلاميين وأصحاب الكفاءات لإبراز دورهم عبر منصاتنا».
وأعربت زوزان بركل عن سعادتها بالظهور أمام عدسة كاميرا، أطلت على جمهورها عبر شبكة محلية، وقالت: "أعمل لصالح جهة كردية محلية، أركز على معاناة الناس ومطالبهم وأشياء قريبة منهم، ورغم أنها مهنة المتاعب فقد تورطت فيها، وهي ورطة جميلة للغاية".
المصدر: الشرق الأوسط_كمال شيخو




بسمة قضماني تقدم استقالتها من هيئة التفاوض السورية

بسمة قضماني تقدم استقالتها من هيئة التفاوض السورية

Jun 28 2020

برجاف| سوريا
قدمت الدكتورة بسمة قضماني استقالتها من هيئة التفاوض السورية، معلنة أنّها هذه المرّة ستفضح جميع الممارسات التي أوصلتها إلى اتخاذ قرار الاستقالة هذه المرة، وهو ما لم تقم بفعله قبلاً.
وقالت قضماني أن استقالتها جاءت رداً على فئة بعينها من المنضوين تحت لواء هيئة التفاوض، ممن لم يحترموا المبادئ الأساسية، التي أنشئت على أساسها الهيئة، معتبرة أن الائتلاف السوري هو العنصر المعطّل لكلّ الاتفاقيات والمبادئ الجوهرية التي أنشئت على أساسها هيئة التفاوض.
وقالت قضماني في بيان استقالتها أن "ثمة كتلة في هيئة التفاوض لديها "الأكثرية الرقمية" تشكّلت بفضل دعم المستقلين السبعة الآخرين والدعم التلقائي من قبل أغلبية ممثلي الفصائل العسكرية لموقف الائتلاف، مما جعلها وحيدة في سعيها لملئ الدور المنوط بمجموعة المستقلين في هيئة التفاوض".
وبحسب قضماني، فالائتلاف "اعتمد على الكتلة الداعمة له، متخلّياً عن قاعدة التوافق في الهيئة، ومتخذاً ما يريده من قرارات بالتصويت".
وأشارت إلى أنه "تم اتهامها بإنشاء قطب جديد داخل الهيئة هدفه معاداة المستقلين الآخرين، عندما قامت مع بعض زملائها بطرح خطة لإنقاذ الهيئة من أزمتها"، مبنية "على عدة خطوات من شأنها أن تساعد على الخروج من المأزق، وتؤدي إلى حل توافقي يعيد التوازن داخل الهيئة ويحترم استقلالية مكّوّن المستقلين، ويعيد العمل على القواعد التي تأسست الهيئة على أساسها".
وأضحت الدكتورة سميرة قضماني فقد تم الاتفاق، في مؤتمر الرياض 2 عام 2017، على مبدأ جوهري أول هو ضرورة تمثيل إضافي للمجتمع السوري من خارج الأجسام السياسية القائمة، وذلك من خلال انتخاب مجموعة من الأفراد المستقلين، الذين يمثلون عيّنات من مختلف شرائح وقطاعات المجتمع السوري.
ورغم انتخاب رئيس هيئة تفاوض جديد وهو أنس العبدة، إلا أن الخلاف ما زال قائماً داخل الهيئة على وضع كتلة المستقلين، وهو الخلاف الذي نشأ نهاية العام الفائت بعد أن قامت مكونات ثلاثة في الهيئة -برعاية سعودية- بعقد اجتماع في الرياض أقرّت فيه ثمانية أسماء مستقلين جدد، تنوب عن "كتلة المستقلين" الموجودة في الهيئة.
وتتكون هيئة التفاوض السورية (بنسخة عام 2017) من 36 عضواً، هم 8 من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، و4 من منصة القاهرة، و4 من منصة موسكو، و مستقلون، و7 من الفصائل المسلحة، وخمسة من هيئة التنسيق الوطني.
وتطلّع هيئة التفاوض على مسارات العملية التفاوضية مع الحكومة السورية، وهو ما ترعاه الأمم المتحدة، كما تشمل مهامها الإشراف على اللجنة الدستورية السورية التي تشكّلت عام 2019.
ختاماً، أوضحت بسمة قضماني في بيان استقالتها أنه “ثبت خلال العامين ونصف من عمر هيئة التفاوض أنه تم اغلاق المساحة، التي كنت أعتقد أنها مساحتنا كمستقلين، يحملون مطالب فئات من المجتمع غير ممثلة في الهيئة، وتتواصل معنا من خارجها، وأعتقد الآن أنه سيكون من الصعب استعادتها في المستقبل. لذلك أغادر الهيئة وأنا أتمنى لزميلاتي وزملائي تدارك الأخطاء، والتوفيق في خدمة الشعب".




الفلسطيني والكردي

الفلسطيني والكردي

Jun 27 2020

أحمد برقاوي
يتميز الفلسطيني والكردي عن سائر سكان منطقة الشرق الأوسط بأنهما مكافحان من أجل الحق في تقرير المصير ، مع اختلاف جوهري بينهما ألا وهو إن الأول وطنه محتل ،والجزء الأكبر من سكانه الأصليين لاجئ. فيما الثاني يعيش على أرضه دون القدرة على تكوين دولته المستقلة . صحيح إن كلاهما يخوض كفاح تحرر وطني، ودفع ويدفع ثمناً باهظاً في سبيل ذلك،لكن الفلسطيني رغم ما يعانيه من ذوي القربى تظل حقوقه الثقافية مصانة، لأن ثقافته لا تختلف عن ثقافة أمته ، فيما الكردي يعيش حال الإضطهاد الثقافي بسبب تبعثره على عدة دول لا تعترف بحقوقه الثقافية كاملة .
ما يتفق فيه الفلسطيني والكردي بأنهما ينظران إلى المحيط وإلى كل ما يجري في العالم من أحداث انطلاقاً من قضيتهما فقط .
فالأول يضع نظارة فلسطينية على عينيه فيشاهد العالم باللون الفلسطيني ، والآخر يضع النظارة الكردية فيشاهد العالم باللون الكردي .
لا شك إن هناك مبررات موضوعية لهذه الحال و استمرارها،ولكنها حال غير محمودة النتائج دائماً من حيث السلوك و فهم الوقائع.أي لا تصلح هذه الحال للعمل السياسي.
فالفلسطيني ، مثلاً ، لم يرَ لبنان منذ دخول المقاومة إليه وحتى خروجه منها ، إلى من زاوية رؤيته لقضيته فقط ،وصار جزءً من صراعات الداخل اللبناني على أساس كهذا،في الوقت الذي لا تشكل فيه القضية الفلسطينية للدولة اللبنانية هاجساً وطنياً أصيلاً . و طوائف لبنان مختلفة اختلافًاً كبيراً حول الوجود الفلسطيني.وقس على ذلك . أن يكون للفلسطيني قضيته التي يدافع عنها بكل الوسائل المشروعة تاريخاً من الكفاح السياسي الى الكفاح الأخلاقي الى الكفاح العسكري فهذا ما لا يستطيع أحدٌ أن يجادل فيه،أما أن يطالب كل ماهو غير فلسطيني أن يرى العالم من زاويته هو ، أي من زاوية فلسطين فهذا أمر مستحيل التحقق في العالم المعاصر ، ولهذا فكفاحه العالمي يتطلب أن يحشد الدعم الدولي له وفق الممكن الذي تنطوي عليه هذه الدولة أو تلك.صحيح إنه يطلب من الحكام العرب أن يكون لهم موقف خاص بسبب الإنتماء القومي ، ولكن حتى هذا الأمر أمر صعب التحقق ، لذا عليه أن يسعى نحو الحصول على دعم وفق علاقات ودية وحسنة مع سلطات العرب بمعزل عن تناقضات الوضع السياسي الفلسطيني ، فلا يمكن أن تطلب حماس،مثلاً،دعماً لها من جميع الدول العربية،في في الوقت الذي تقيم فيه علاقة مع إيران التي تدعم حركات إرهابية وإنفصالية في بلادنا.
أما الكردي الذي يواجه عقبات كبيرة في إنشاء حلمه بدولة كردية في كل أماكن وجوده،فليس من حقه أن ينظر إلى مصيره في سوريا بمعزل عن مصير الثورة السورية وكفاحها،والتي هو جزء منها . وبالتالي فمسألة انفصاله لا تستقيم مع مسألة كفاحه المدعوم عربياً وسورياً،ولا يستطيع أن يحمل العربي السوري أن يضع على عينيه نظارتين كرديتين فقط،كما لا يجوز أن تكون رؤيته لمستقبل سوريا انطلاقاً من كرديته فقط.
لا يحق للكردي أن يجعل من نظرته إلى قضيته وأساليب الكفاح من أجلها نظرة كلية للآخرين أيضاً.
لا يستطيع الكردي ان يفرض عدائه لتركيا موقفاً على يرون لهم مصلحة في علاقة مع الأتراك،كما ليس من الحكمة أن يطلب الموافقة على شكل العلاقة القائمة الآن بين الحركات الكردية الإنفصالية وأمريكا.
وكما علينا نحن الفلسطينيين أن نوحد أهدافنا أولاً بشكل واضح جداً،وأن نحقق وحدة وطنية ما حول هذه الأهداف دون إلغاء الإختلاف الموضوعي ونبني علاقة مع الآخرين تأسيساً على وحدة الأهداف وأساليب تحقيقها ،كذلك أمام الكردي تقع مهمة كهذه.
أما أن يكون هناك انقسام فلسطيني،ويبني كل قسم علاقات خارجية خاصة به،ويطلب من الآخرين أن يروا ما يراه فهذا ليس أمراً مشيناً فحسب، بل طعنة نجلاء في ظهر القضية الفلسطينية.
وأن يكون الأكراد منقسمين في الأهداف والأساليب ويطلبون من الآخرين دعماً لهم فهذا امر طوباوي.
و ما يُطلَب من الفلسطيني أن يحققه هو ذاته ما يُطلب من الكردي أن يحققه.كيف يتحقق ذلك ؟ أنا لا أدري . حسبي أن أضع يدي على الجرح .
‏المصدر: من صفحته الفيسبوكية




دمج المحادثات حول شمال شرق سوريا مع نهج يشمل جميع أنحاء البلاد

دمج المحادثات حول شمال شرق سوريا مع نهج يشمل جميع أنحاء البلاد

Jun 27 2020

جمانة قدور و كانسو كامليبل
منذ عام 2019، عقدت الولايات المتحدة عدة جولات من المحادثات لتخفيف التوترات بين أصحاب المصلحة في شمال شرق سوريا، مع التركيز على المناقشات الكردية -العربية والمناقشات الداخلية بين الأكراد نحو الهدف النهائي المتمثل في التيسير نحو الانخراط في محادثات بين تركيا والأكراد. وقد أحرزت هذه الدبلوماسية تقدماً ملحوظاً خلال وقف إطلاق النار المستمر الذي فرضه تفشي فيروس كورونا - وكان آخر [هذه التطورات] عقد اجتماع الأسبوع الماضي بين ممثلي جماعتين كرديتين رئيسيتين هما «وحدات حماية الشعب» و«المجلس الوطني الكردستاني»، وسار الاجتماع على ما يرام وفقاً لبعض التقارير. وجاءت المحادثات بعد وساطة مثمرة قام بها نائب المبعوث الأمريكي الخاص ويليام روباك والزعيم الكردي العراقي مسعود بارزاني، الذي يتمتع بعلاقات حميمة مع كل من الأكراد السوريين والحكومة التركية.

ومع ذلك، غالباً ما تكون التسريبات المتعلقة بالجهود الأمريكية في هذا المجال محرجة لأنقرة. ولطالما كان الملف الكردي حساساً بالنسبة للرئيس رجب طيب أردوغان وأعداد كبيرة من الجمهور التركي، لذا فإن الكشف عن أخبار إجراء مثل هذه المحادثات هو أمر حساس. وفي الوقت نفسه، يجب أن تجري المفاوضات المستقبلية بتنسيق أكثر شمولاً مع تركيا، سراً وعلانية، من أجل مواجهة سلسلة من القضايا الشائكة. وتشمل هذه فصل «قوات سوريا الديمقراطية» التي تقودها «وحدات حماية الشعب» عن «حزب العمال الكردستاني» - العدو الداخلي لتركيا - بشكل فعلي؛ إنشاء هيكلية حكم أكثر شمولاً من الناحية العرقية والدينية في شمال شرق سوريا؛ وسحب الأسلحة الثقيلة التي زودتها الولايات المتحدة من «وحدات حماية الشعب»، مع اتفاقات واضحة حول ما إذا كان بالإمكان أن تبقى هذه الأسلحة قيد الاستعمال خلال عملية الانتقال السياسي.

وحتى الأهم من ذلك، يجب أن تُجرى المفاوضات مع الجهات الفاعلة في شمال شرق البلاد مع الأخذ في الحسبان المصالح الأمريكية والتركية الأوسع نطاقاً، بدءً من تحديد علاقة نظام الأسد بسوريا ككل وإلى استمرار القتال ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» («داعش»). وعلى الرغم من أن بعض جوانب السياسة السورية لا تزال موضع خلاف بين واشنطن وأنقرة، إلا أن الدولتين الحليفتين ضمن "منظمة شمال الأطلسي" متحدتان في رفضهما لوضع بشار الأسد الراهن المزعزع للاستقرار ورغبتهما في الحفاظ على وقف إطلاق النار الحالي في محافظة إدلب، حيث يلوح في الأفق خطر وقوع كارثة إنسانية محتملة أخرى. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما هي أفضل السبل لمراعاة هذه المصالح المشتركة مع تجنب المزيد من الغارات العسكرية التركية ومواصلة إجراء محادثات حساسة إلى حدّ كبير مع أكراد سوريا.

لماذا بقي اردوغان خارج المحادثات؟

من وجهة نظر تركيا، يرتبط أي تعاون مع «وحدات حماية الشعب» بالضرورة بصراع أنقرة المستمر منذ عقود مع «حزب العمال الكردستاني» («الحزب»). فمنذ أواخر 2012 إلى 2015، أجرت الحكومة التركية محادثات سلام محلياً مع «الحزب»، الذي لا يزال مدرجاً على قائمة المنظمات الإرهابية بموجب القانون الأمريكي. وقد انهار وقف إطلاق النار الناتج عن هذه المحادثات في صيف عام 2015 لأسباب متعددة، هي: تجدد هجمات «حزب العمال الكردستاني»؛ عدم وجود دعم كردي لخطة أردوغان لتحويل تركيا دستورياً من نظام برلماني إلى نظام رئاسي؛ وواقع اتجاه «وحدات حماية الشعب» - التي تدور في فلك «حزب العمال الكردستاني» المسلح - نحو كسب اليد العليا من الناحية العسكرية في القتال ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا.

وبالفعل، عندما أصبحت «وحدات حماية الشعب» الشريك المحلي الرئيسي للتحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» في ذلك العام، أثار ذلك مخاوف أردوغان من قيام منطقة حكم ذاتي كردي بقيادة «حزب العمال الكردستاني» عبر الحدود الجنوبية لتركيا. وأدى التوتر الناتج عن ذلك إلى ضغوط في العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا - على الرغم من أنه مع مرور الوقت، برزت انقسامات داخلية في واشنطن بشأن ما إذا كان [يجب] اعتبار «وحدات حماية الشعب» منظمة تدور في فلك الجماعات الإرهابية أم لا (على سبيل المثال، توصلت "وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية" و"القيادة المركزية الأمريكية" إلى استنتاجات خاصة بهما بشأن هذه المسألة).

هل سيستمر التوقف العسكري التركي؟

على الرغم من أن هذه العوامل السياسية لعبت دوراً في تردد أنقرة في الانضمام إلى المحادثات الأخيرة مع «وحدات حماية الشعب»، إلا أن العامل الحاسم قد يكون عسكرياً في طبيعته. فقد أدّت حملتان تركيتان عبر الحدود - "عملية غصن الزيتون" في منطقة عفرين شمال غرب سوريا في كانون الثاني/يناير 2018، و"عملية ربيع السلام" في شمال شرق سوريا في تشرين الأول/أكتوبر الماضي - إلى منع «وحدات حماية الشعب» من السيطرة على مساحة كبيرة، متجاورة، تمتد على قطعة أرض شبيهة بالدولة على طول الحدود بأكملها. والآن بعد ضمان هذه الضرورة الأمنية الوطنية الأساسية، ربما لا يرى أردوغان حاجة كبيرة للمشاركة في المحادثات في الوقت الحالي.

كما أنه من غير المحتمل أن يشن حملة عسكرية جديدة في شمال شرق سوريا، على الأقل في المدى القريب. فالحكومة التركية لا ترغب في مواجهة ردود فعل عنيفة محلية بسبب سقوط ضحايا في صفوف القوات العسكرية، خاصة بعد مقتل 33 جندياً في إدلب في شباط/فبراير الأخير. وقد يكون للقيود المتعلقة بـ "كوفيد-19" على تحركات القوات التي تم الإعلان عنها في نيسان/أبريل تأثير تقييدي. وستؤثر القضايا الاقتصادية في عملية صنع القرار العسكري أيضاً - فقد أدى الوباء إلى زيادة الضغط على العملة التركية، مما دفع الليرة إلى أدنى مستوياتها القياسية التي كانت عليها خلال أزمة عام 2018، الأمر الذي يثير توقعات بحصول كساد قد يستمر لمدة عام أو أكثر.

على المسؤولين الأمريكيين ألا يفترضوا أن هذا التردد سيستمر إلى أجل غير مسمى. فقد أظهر أردوغان ميلاً كبيراً نحو سحب "ورقة التدخل في سوريا" عند الضرورة لتعزيز قاعدة ناخبيه في الداخل، ويبدو أن الكثير من الأتراك يؤيدون هذه التحركات. ففي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، على سبيل المثال، أفادت بعض التقارير أن الدعم الشعبي التركي لـ "عملية ربيع السلام" وصل إلى 79 في المائة، حيث رأى العديد من المجيبين أن التوغل هو قضية تتعلق بالأمن القومي. وإذا دعا المسؤولون الأتراك لإجراء انتخابات مبكرة في صيف عام 2021، فقد يحاول أردوغان إبقاء شركائه في الائتلاف من «حزب الحركة القومية» سعداء من خلال زيادة تشديد سياسته تجاه «حزب العمال الكردستاني» - بما في ذلك من خلال شن عملية جديدة في جزء آخر من الأراضي التي تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية».

موازنة المحادثات الكردية مع "عملية جنيف"

أوضح كبار المسؤولين الأتراك أنهم لا يعتزمون تقرير مصير شمال شرق سوريا بشكل منفصل عن سياسة أنقرة الأوسع نطاقاً تجاه سوريا. إن القيام بذلك من شأنه المخاطرة بسيناريو يشبه ما حدث في العراق: تشكيل منطقة ذات أغلبية كردية تتمتع بحكم ذاتي وعلاقة غير واضحة بالدولة المركزية وتطلعات انفصالية محتملة. بالإضافة إلى ذلك، ستتطرق المحادثات بين تركيا و«قوات سوريا الديمقراطية»/«وحدات حماية الشعب» بالضرورة إلى نقاشات أوسع نطاقاً، تشمل: جواز أن يكون للأكراد السوريين قوات أمن خاصة بهم منفصلة عن تلك التابعة للحكومة المركزية (سواء كانت قوات الشرطة أو كيان يشبه الجيش)؛ مدى اللامركزية في سوريا وهياكل السلطة المحلية؛ ومسألة من سيدير ​​أثمن الموارد الطبيعية في البلاد، والتي لا يزال الكثير منها تحت سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية». وترتبط كل واحدة من هذه القضايا ارتباطاً وثيقاً بمسارات السلام والمسارات الدستورية لعملية جنيف المستمرة برعاية الأمم المتحدة، والتي تهدف إلى إنهاء الحرب في سوريا مرة واحدة وإلى الأبد وبدء عملية انتقال سياسي عن طريق المفاوضات. وبناءً على ذلك، يجب أن يشارك جميع السوريين في القرارات المتعلقة بهذه القضايا، مع مراعاة الاستقرار والسلام العام في البلاد.

وفي وقت تدرس فيه الولايات المتحدة خطواتها المقبلة في شمال شرق سوريا، عليها أن تركز بالتالي على الإجراءات التالية:

الحفاظ على النفوذ العسكري. بعد تسع سنوات [على اندلاع الأعمال القتالية]، لا تزال الحرب تثبت أن الأطراف التي تملك قوة عسكرية على الأرض أو في الجو هي التي ستكون صانعة القرار النهائي بشأن مصير سوريا. فالوجود العسكري الأمريكي المحدود بل المدمر في شمال شرق البلاد وجنوبها منح واشنطن نفوذاً قوياً لضمان الالتزام بأولوياتها المعادية لإيران والمناهضة لتنظيم «الدولة الإسلامية». وعلى المدى القريب، يجب على الولايات المتحدة الاستمرار في مساعدة «قوات سوريا الديمقراطية» على القيام بما يلزم لاحتواء تنظيم «داعش»:

• التأكد من أن البنية التحتية النفطية في سوريا لا تسقط في أيدي تنظيم «الدولة الإسلامية»

• منع المقاتلين من إعادة التجمع وسط تزايد هجمات تنظيم «داعش» في دير الزور والحسكة

• الحفاظ على الأمن في مراكز الاعتقال التابعة لـ تنظيم «الدولة الإسلامية»، التي لا تزال تحتجز ما يصل إلى 10,000 مقاتل

• إدخال تحسينات على قضايا الحكم المحلي، على النحو المفصل في تقرير أخير قُدِّم من قبل المفتش العام الرئيسي لـ "عملية العزم الصلب"/»عملية الحل المتأصل« إلى الكونغرس الأمريكي

وسوف يفشل نظام الأسد وروسيا والمفسدون الآخرون إذا بقيت واشنطن ملتزمة بوجودها العسكري شمال شرق سوريا، بينما تُكثف في الوقت نفسه جهودها الدبلوماسية في جنيف وتُهمّش الجهود الموازية غير المفيدة مثل "عملية أستانا". ويمنح الوجود الأمريكي لـ «قوات سوريا الديمقراطية» خياراً أفضل من مجرد الموافقة على أي صفقة قد تعرضها موسكو ودمشق على المدى القصير. وقد أثبت الوباء مدى قلة ما يمكن أن تتوقعه «قوات سوريا الديمقراطية» من أي من هذه الجهات الفاعلة، التي لديها اليد في حجب الإمدادات الطبية الحيوية عمداً من السكان في شمال شرق البلاد.

الضغط على تركيا لإجراء محادثات مع الأكراد السوريين. يجب تشجيع أردوغان على متابعة هذه المبادرة على أعلى المستويات، لأنه الوحيد القادر على إقناع الشعب التركي باستئناف المحادثات مع جماعة تابعة لـ «حزب العمال الكردستاني» المكروه إلى حدّ كبير. بإمكان الرئيس ترامب أن يطلب منه شخصياً القيام بذلك، وربما حتى السماح لأنقرة باستضافة المحادثات. وفي غضون ذلك، ينبغي أن تواصل واشنطن جهودها الخاصة للمصالحة بين مختلف أصحاب المصلحة السوريين.

إعادة التركيز على "عملية جنيف". بغض النظر عن شدة الحملة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، فإن أي أمل في حدوث استقرار على المدى الطويل سيتطلب من واشنطن مواصلة "عملية جنيف" حتى بإصرار أكبر. وترتبط العديد من المشاكل الأساسية في الصراع بين «وحدات حماية الشعب» وتركيا بأسئلة تتطلب إجماعاً وطنياً سورياً أوسع للإجابة عنها، وحتى أن حل أجزاء من هذا الصراع العابر للحدود سيترك الأكراد في موقف ضعيف مع دمشق. وبناءً على ذلك، على الولايات المتحدة أن تبقى ملتزمة بمقاربة "سوريا بأكملها" التي تمثلها "عملية جنيف"، مع الإقرار بأنه سيتعين على السوريين في النهاية التفاوض بأنفسهم بشأن حلول قابلة للتطبيق لمعظم هذه القضايا.

جمانة قدور هي زميلة أقدم غير مقيمة في "المجلس الأطلسي" وعضوة في "اللجنة الدستورية السورية" التي يسّرتها الأمم المتحدة. كانسو كامليبل هو رئيس تحرير صحيفة "دوفار إنجليش" المستقلة على الإنترنت التي تُنشر في اسطنبول.
المصدر:معهد واشنطن




التسوية السّياسيّة مقابل رفع العقوبات..

التسوية السّياسيّة مقابل رفع العقوبات.. "قيصر" قانون المأساة السّوريّة القادمة

Jun 24 2020

تحوّل قانون (قيصر) إلى قِصّةٍ معيشيّةٍ في الدّاخل السّوريّ، إذ يدرك السّوريّون أنّ أمريكا لا تريد حمايتهم، وأنّ قانون حماية المدنيّين السّوريّين 2019 المعروف بقانون قيصر، يزيد من تعقيدات الأزمة السّوريّة، ويفتح لها فصولاً جديدةً ملؤها التّفقير والتّجويع، وعنوانها الرّئيس صبّ الزّيت على النّار التي كوت بحرقةٍ الشّعب السّوريّ المنقسم سياسيّاً. وبعيداً عن المرامي السّياسيّة للقانون الأشهر في تاريخ العقوبات على سوريا منذ 1979، فإنّ الجانب الاقتصاديّ لهذا القانون الأمريكيّ، لا يدفع (كما يروّج له) إلى تضييق الخناق على النّظام السّوريّ، وحرمانه من إمكانية استيراد أو تصدير المنتجات. وتتمثّل نقطة التّحوّل بقانون قيصر؛ أنه يصيب من الشّعب السّوريّ مقتلاً، وتبرز هنا المأساة السّوريّة بتجرّدٍ تامٍ، تسع سنواتٍ من الحرب الطّاحنة، سيزيدها قيصر تهاوياً اقتصاديّاً. الآن ما الخيارات المتاحة أمام الحكومة السّوريّة لتخفيف أعباء (قيصر)؟

النّظام وقيصر

جنحت حكومة دمشق إلى ممارسة دورٍ يصبّ في مصلحة مرامي قانون (قيصر)، مستبقةً تطبيقه منتصف حزيران الجاري. وأول قرارٍ اقتصاديٍّ لهذه الحكومة، أنّها أوقفت التّسهيلات الائتمانيّة، في خطوةٍ غير منطقيّةٍ، تخالف كلّ القوانين الاقتصاديّة. كما اتّخذت سلسلةً من القرارات المتعلّقة بالتّحويلات الخارجيّة، حرمت من خلالها السّوريّين الذين يعيش أكثر من 80% منهم تحت خطّ الفقر من الحصول على مساعدات ذويهم في الخارج. كما انطلقت دعواتٌ من الخارجيّة السّوريّة لجمع التّبرعات من السّوريّين في الخارج تحت شعار مواجهة مخاطر كورونا. فيما ذهبت المستشارة السّياسيّة والإعلاميّة بثينة شعبان إلى دعوة السّوريّين إلى الصّمود.
هذه الإجراءات تلقي بظلالها على السّوريّين، وتعصف بحيواتهم المريرة، وأجبرتهم على الخروج بمسيراتٍ تندّد بالعقوبات، لكن لم تقترب حكومة النّظام من القطاعات الإنتاجيّة (الزّراعة، الصّناعة) التي يمكن أن تخفّف من عواقب (قيصر)، ولم تعتمد خطّة طوارئ اقتصاديّةٍ تساعد النّاس، تستند إلى ما تبقى من عناصر قوّة لدى الاقتصاد السّوريّ الإنتاجيّ، بل ذهبت إلى أبعد ما يمكن وصفه بدفن الرّأس بالرّمال لمواجهة عاصفة قيصر.

ترميم الثّقة

تصف وزيرة الاقتصاد السّابقة لمياء عاصي قانون قيصر "بالعدائيّ"، وتوضّح أن القانون "يفرض حصاراً على الشّعب السّوريّ" من قبل الولايات المتّحدة الأمريكيّة على كلّ من يقوم بتزويد سوريا بأيّ تقنياتٍ، أو ينخرط بأيّ عمليّةٍ من مرحلة إعادة الإعمار. وفي حديثها ل (صور) ترى المسؤولة السّوريّة السّابقة، التي عملت سفيرةً لبلادها في ماليزيا، أنّه برغم "تأثيرات القانون السّلبيّة" الكثيرة على حياة السّوريّين، قد يشكّل "فرصةً ثمينةً للعودة إلى الاعتماد على الذّات" في كثيرٍ من المنتجات الزّراعيّة والصّناعيّة. وردّاً على سؤال ما النّقاط التي لا بدّ من التّركيز عليها في هذا الصّدد؟ تقترح عاصي بداية "إعادة ترميم الثّقة بين النّاس والحكومة"، بأن يشعر النّاس بأن القرارات والإجراءات الحكوميّة "تُتّخذ وفق منهجيّةٍ مفهومةٍ" بالنّسبة لهم، وتحويل "الشّعارات العائمة والتّصريحات الفضفاضة إلى أهدافٍ قابلةٍ للقياس" ضمن أرقامٍ أو نسبٍ مئويّةٍ دقيقةٍ وإطارٍ زمنيٍّ محدّدٍ، ومقارناتٍ مع أعوام سابقةٍ، أو اتّخاذ سنة أساسٍ، وأن "تَحُلَّ المصارحة مع النّاس بدل الوعود الخُلبيّة". ويشهد الدّاخل السّوريّ فجوةً عميقةً بين حكومة دمشق ومواطنيها، تتعلّق بعدم الرّضا الشّعبيّ على عمل حكومات فترة الحرب 2011 ـ 2020، وعدم المصارحة وغياب الشّفّافيّة رغم تغيير أربع حكوماتٍ خلال هذه الفترة، فضلاً عن التّعديلات الوزاريّة، في سابقةٍ غير معهودةٍ لدى النّظام السّوريّ، إذ شغلت حكومتان العقد الأول من الألفية الحالية منها نحو سبع سنواتٍ لحكومةٍ واحدةٍ 2003 ـ 2011.

ويوجّه الشّارع السّوريّ اتّهاماتٍ بالفساد والتّراخي وعدم العمل كما يلزم بحقّ المسؤولين الكبار ومنهم الوزراء، وعدم اتّخاذ قراراتٍ جدّيّةٍ تسهم في تخفيف الأعباء عن النّاس.

الاعتماد على الذّات
يصوّب السّوريّون على الانفتاح التّجاريّ غير المدروس الذي اتّبعه النّظام خلال فترة ما قبل الحرب السّوريّة، ويُحمّلون هذا الانفتاح جزءاً من مسؤوليّة تردّي الأوضاع الإنتاجيّة والمعيشيّة. وتؤكّد الوزيرة السّابقة عاصي أنه لا بدّ من "تعليق سياسة الانفتاح التّجاريّ وتحقيق مبدأ الاعتماد على الذّات"، في معظم السّلع الأساسيّة. وتشدّد على "اعتماد السّياسات الحمائيّة" لتشجيع وحماية الإنتاج المحليّ، و"فرض رسومٍ جمركيّةٍ عاليةٍ" على البضائع المستوردة، و"منع استيراد" البضائع التي لها بديلٌ محليٌّ.

وتدلّل عاصي على موقفها هذا بقولها: "إنّه في حالة الحرب والعداء الذي تواجهه سوريا من قبل الكثير من الأطراف الدّوليّة؛ لا يمكن اعتماد سياسة الانفتاح التّجاريّ أو المضي بأيّ مشروعٍ للإصلاح الاقتصاديّ". لكن هذا لا يعني إطلاقاً أن تبقى سوريا في حالة من العزلة الاقتصاديّة، وتقترح عاصي "الانضمام إلى اتّفاقيّات تبادلٍ تجاريٍّ مع دولٍ حليفةٍ"، مثل الاتّحاد الأوراسي (روسيا، بيلاروسيا، كازاخستان، أرمينيا، وقرغيزيا) الذي انطلق عام 2010 ولم يُستكمل بعد. كما تولي اهتماماً للتوجّه شرقاً، وتفسّر ذلك بأنّ الصّين وهي الدّولة الأكثر تأثيراً في التّجارة الدّوليّة، " بدأت بالخروج من سيطرة الدّولار" كعملةٍ للتجارة الدّوليّة، وأنشأت قبل سنواتٍ صندوقاً للتبادل التّجاريّ بالعملات المحليّة مع دول آسيا.

أخطاء السّياسة النّقديّة
أول انعكاسات قانون قيصر تحسّسته العملة السّوريّة، وبدأت أسعار اللّيرة بالتّهاوي، وفقدت قيماً جديدةً من سعرها السّوقيّ، إذ وصل سعر صرف اللّيرة إلى ثلاثة آلافٍ مقابل الدّولار الواحد، ما أدّى إلى شبه توقّفٍ للعمل الاقتصاديّ، وبالذّات عمليّات البيع والشّراء، وشهدت معامل الأدوية توقّفاً جزئيّاً، ما أصاب النّاس بالذّعر. فضلاً عن القرارات الحكوميّة المجحفة في تسعير الحوالات الخارجيّة، رغم أنها الملاذ الوحيد لرفد مصرف سوريا المركزيّ بالقطع الأجنبيّ، ولمساندة النّاس الذين يحصلون على هذه الحوالات.

إذ سَعَّر المركزيّ دولار الحوالات الخارجيّة ب 700 ليرةٍ، ومن ثم رفع السّعر إلى 1200 ليرةٍ، إلّا أنّ الفارق بين هذا السّعر وسعر السّوق الموازية البالغ في حدّه الأعلى 3000 ليرةٍ مقابل الدّولار، سيحرم سوريا من أكثر من مليار دولارٍ سنويّاً كتحويلاتٍ (بعض الأوساط المعارضة تقدّر الحوالات الخارجيّة بنحو 1.4 مليار دولارٍ سنويّاً). وتؤكّد عاصي أنّ الشّأن النقديّ، "يعتمد" على الوضع الاقتصاديّ والماليّ للدولة، ولا يمكن التّعامل معه بمعزلٍ عنهما، ولكن هناك "أخطاءٌ كبيرةٌ في السّياسة النّقديّة" لا بدّ من معالجتها. ولعلّ أهمّها ـ برأي عاصي ـ سعر الحوالات الخارجيّة "البعيد جداً" عن السّعر الموازي، إضافةً إلى سعر الفائدة "غير المتناسب مع حالة التّضخّم" في البلد. وتنتقد عاصي "إيقاف القروض والتّسهيلات الائتمانيّة" التي تعتمدها الحكومة، كونها تؤدّي إلى "توقّف المشاريع الإنتاجيّة" وتعمل "بشكلٍ معاكسٍ" لتشجيع الإنتاج المحليّ والاعتماد على الذّات وفقاً للوزيرة السّابقة عاصي.

لا يوجد فائضٌ زراعيٌّ
رغم دورها الكبير في حماية الاقتصاد السّوريّ، ظلّت الزّراعة مهملةً، وخارج اهتمامات النّظام، ولم تنتقل من مجرد مهنةٍ يعمل بها سكّان الرّيف إلى داعمٍ قويٍّ للاقتصاد، وأحد ركائز التّنمية. بل أن نسبة مساهمتها بالنّاتج المحليّ تراجعت، رغم الميّزات التّفضيليّة التي تمتلكها المنتجات الزّراعيّة السّوريّة الخالية من الأثر المتبقي، وساهم الجفاف وسني الحرب في إلحاق ضررٍ كبيرٍ بالقطاع الزّراعيّ، والذي فقد الكثير من عناصر قوّته، لا سيّما فيما يتعلّق بالثّروة الحيوانيّة.

ويقول الخبير الزّراعيّ حسان قطنا: إنّ قطاع الثّروة الحيوانيّة "بحاجةٍ إلى معالجةٍ موضوعيّةٍ"، إذ فُقِّد خلال الحرب "نصف عدد القطيع"، ويتمّ استيراد الأعلاف والحليب المجفّف لإنتاج الألبان، فيما يطالب البعض "السّماح بتصدير" منتجات الألبان رغم ارتفاع أسعارها إلى مستوياتٍ قياسيةٍ، على اعتبار أنّ لدينا فائضاً من هذه المنتجات.

ويؤكّد قطنا ل (صور) أن سوريا "لم يعدّ لديها فائضٌ من المنتجات الزّراعيّة"، وما يظهر في السّوق هو "فائضٌ نظريٌّ"، لأنّه لو كان المواطن السّوريّ يحصل على دخلٍ يكفيه لشراء هذه المنتجات، لما وجدنا فائضاً بأيّ منتجٍ زراعيٍّ، بل سنواجه عجزاً حقيقياً في المتاح من المنتجات الزّراعيّة. ويقترح قطنا ضرورة "دعم برنامج تحقيق الأمن الغذائيّ"، الذي يؤكّد على "إتاحة الغذاء وتعزيز قدرة الوصول إليه"، وأن يحقّق معايير الجودة، معتبراً أن القمح هو "أقوى سلاحٍ" لتحقيق الأمن الغذائيّ.

ويرى قطنا أنّ الإنتاح التّصديريّ مسارٌ تسويقيٌّ آخر، يجب تنظيمه ودعمه وربطه بأسواقٍ مستهدفةٍ، وهو يدعم الاقتصاد الوطنيّ والمواطن، أما مسار "إنتاج البلد للبلد" فهو الإنتاج اللازم لتلبية حاجة السّكّان من الغذاء بأسعارٍ مناسبةٍ، مؤكّداً أن "مايجري حالياً خلاف ذلك"، وأن ما يُصَّدر هو "جزءٌ من الإنتاج اللازم لتحقيق الاكتفاء الذّاتي والأمن الغذائيّ" وهو يؤدّي إلى "ارتفاع أسعار المنتج". ويشير إلى أنه لو كان لدينا إنتاجٌ متخصّصٌ للتصدير لأصبح التّصدير "أحد أوجه تخفيض أسعار" المنتج المحليّ المتاح للمستهلك ووسيلةً إيجابيّةً لدعم الفلاّح والمواطن.

لا توجد خطّة مواجهةٍ

يسترجع قطنا الحصار على سوريا في ثمانينيات القرن الماضي، والذي كان من أهمّ الإجراءات المتّخذة لمواجهته "الاحتفاظ بمخزونٍ استراتيجيٍّ" من القمح والشّعير والقطن والزّيوت النّباتيّة. ويؤكّد أن سوريا تتعرّض حالياً "لحصارٍ ظالمٍ جديدٍ"، ما يتطلّب "إعادة إحياء برنامج المخزون الاستراتيجيّ" من الحبوب. ورغم أنّ التّصدير مصدرٌ مهمٌّ للقطع الأجنبيّ، يوضّح قطنا أنه ليس صحيحاً في ظلّ الحصار أن "نصدّر منتجات القمح" المصنّعة كالفريكة والبرغل وغيره ونحن نستورد القمح، وأن نزرع البطيخ والخضار بدلاً من زراعة المحاصيل التي نستوردها كالذّرة وفول الصويا، وليس صحيحاً "إيقاف منح" القروض للمشاريع الزّراعيّة تحت عنوان "تجفيف السّيولة لدعم اللّيرة"، فشراء القمح من الفلاّحين سيؤدّي إلى طرح ٤٠٠ مليار ليرةٍ سوريّةٍ في السّوق. ويرى ضرورةً ملحةً "لإعادة ترتيب هذه المتناقضات" في ظلّ الحصار.

ويبدي الخبير الزّراعيّ دهشته من عدم الاستعداد للعقوبات، إذ منذ أشهرٍ نعلم علم اليقين "تصاعد القيود والعقوبات الظّالمة" على سوريا، لافتاً إلى أن البلاد تستورد سنويّاً ما لا يقلّ عن 1.5 مليون طُنٍّ من الذّرة اللازمة لتربية الدّواجن، كما أنّه لدينا ما لا يقلّ عن ١٥٠ ألف هكتارٍ مساحاتٍ مرويةٍ شاغرةٍ كانت تُزرع بمحصولي القطن والشّمندر السّكريّ ولا تزرع حالياً بهذه المحاصيل، إذ كان "يجب التّخطيط لزراعتها" لإنتاج أكثر من ٤٠٠ ألف طُنٍّ من الذّرة بعروتها العادية التي لا تحتاج إلى استخدام المجففات.

ويؤكّد قطنا أنه لو "تمّ التّفكير" بذلك في وقته، وقامت المؤسّسات المعنيّة بتوفير البذار استيراداً، وتسليمه للفلاّحين بدعم 50 بالمئة، عندها نقول: إنّنا "نضع خطّةً لمواجهة الحصار وقانون قيصر والاعتماد على الذّات والإحلال محلّ المستوردات". ويحذّر قطنا أنه في حال لم تفضي الاجتماعات إلى حلولٍ لدعم الزّراعة، سنكون أمام "انهياراتٍ أخرى مماثلةٍ لانهيار قطاع الدّواجن".

ويرى أن سعر كيلو القمح بعد رفعه مؤخراً أصبح قريباً من السّعر العالميّ، ومتكافئاً مع التّكلفة ويحقّق هامش ربحٍ مجزٍ، لافتاً إلى ضرورة "تمكين" مؤسّسة الحبوب من شراء أكبر كميةٍ ممكنةٍ من الإنتاج المحليّ، متوقّعاً أن تصل الكميات المسوّقة إلى مليوني طُنٍّ، وهو ما يغطي حاجة الاستهلاك المحليّ من الطّحين، والتّوقّف عن استيراد القمح.

نفقٌ جديدٌ

يُدخِّل (قيصر) الشّعب السّوريّ بنفقٍ مظلمٍ جديدٍ، ويقطع عنه بعض الموارد التي تمنع موته جوعاً، هذه المنهجيّة العقابيّة، غير قادرةٍ على إسقاط النّظام، وتاريخ العقوبات الأمريكيّة على الدّول يثبت ذلك، إذ نالت من الشّعوب وأبقت الأنظمة، والتي وجدت بالعقوبات فرصةً جديدةً للاستمرار.
المصدر: مجلة صور




الجمهورية الكرديّة

الجمهورية الكرديّة

Jun 24 2020

مها حسن
في حديث مع صديق روائي عربي لا يمت بصلة إلى السجالات المتعلقة بالتخوّف العربي من المطالب الكردية، وفي سياق جاد، قال لي: لا أفهم أين تكمن المشكلة في تشكيل كيان كردي مستقلّ في سوريا، بل أين المشكلة في حال تأسيس فيدرالية في سوريا، حتى لو أنّ سوريا صارت الجمهورية الكردية، أين المشكلة، في حال عاش في ظلّها الجميع، من عرب وأكراد وباقي المكونات بسلام وأمان، ماذا يهمّ الناس، التسميات الشكلية أو العيش الحقيقي اليومي؟.

بطريقة ممازحة، رحتُ أتخيّل مع الصديق مستقبل الجمهورية الكردية، تخيّل يا أخي أن تتحوّل سوريا إلى جمهورية كردية، تُفرض فيها اللغة الكردية على الجميع، ويُعاقب أي مواطن عربي يتحدّث بالعربية، ويُمنع من الدراسة والتعلّم باللغة العربية، ويُصفع أي تلميذ عربي غضّ على مقاعد المدرسة، إن تحدث بالعربية.
أوقفني صديقي العربي قبل أن أكمل حديثي التخييلي الفانتازي الذي لن يحدث أبداً، ولا يمكن حدوثه، لسببين رئيسيين: أنّ مشروع “الجمهورية الكردية” أمرٌ ستسعى جميع الأطراف في العالم للوقوف ضده، وأنّه لا يمكن للكرد، الذين عانوا من الشوفينية والتمييز ضدهم، أن يمارسوا الأمر نفسه، ولا حتى ضمن حدود المخيال الأدبي.

أوقفني صديقي عن الكلام، مازحاً: إذن من الأسلم لنا أن ندافع عن الفيدرالية في سوريا، والقبول بدولتين عربية وكردية معاً، حتى لا نتعرّض للاضطهاد من قبل الكرد، فيما لو تأسست الجمهورية الكردية.

صديقي الروائي السوري العربي، المبتعد عن السجالات الفارغة، والمنعزل عن المشهد المزدحم بالحقد والكراهية، قال لي دون دعابة هذه المرة: صدقيني لو تأسس كيان كردي مستقل في سوريا، وعاش في ظلّه العديد من الطوائف والإثنيات والقوميات، سأذهب شخصياً لأعيش في ذلك المكان. لا يهمني من يحكم سوريا، أن يكون كردياً أو عربياً، أو من أي طرف آخر، يهمني نظام الحكم الذي يحقق الأمان والديمقراطية والعدالة لجميع المواطنين.
كروائيّة، تخيّلت أن أبني روايتي القادمة على هذه الفكرة: “جمهورية كردية يتحدّث فيها المواطنون بعدّة لغات”. محاولة إيصال فكرة الأذى النفسي وحجم الضرر الذي يحمله الكردي مهما كبر وابتعد عن المكان.

تجمعني علاقات عميقة وقوية مع كثير من النساء والرجال الكرد القاطنين في الشتات، ولكلّ منهم حكاية تستحق بمفردها أن تكون مشروع كتاب مستقل، ليقدم للعالم عامة، وللسوريين خاصة، حجم الشعور بالمهانة والتمييز والنبذ الذي يعانيه كل منّا. لهذا ربما أحاول وضع القارئ المحايد، الشريك العربي تحديداً، في عمق المعاناة الكردية، ليدرك خطورة أن يُباد أحدنا مادياً ومعنوياً، لأنّه من أصول مختلفة.
في سوريا، وفي باقي بلاد المنطقة، اعتادت شعوبنا اغتيال الآخر الذي يفشل في التماهي مع نظرتنا وتقييمنا، الآخر الرافض للدخول ضمن قوالبنا التي نعتقد أنّها الأصحّ والأهمّ والجديرة بالتعميم والتطبيق.

شعوبنا هذه، متماهية مع شخصيّة الأخ الأكبر “بيج براذر” ،النموذج الشهير في رواية جورج أوريل، والذي تتحدّث روايته عن سلطة هذا الأخ كحاكم مستبد، لكن أوريل لم يتخيّل أنّه في بلادنا نحن، في الشرق الأوسط والبلاد العربية التي وُلدنا فيها، فإن كل منا، يحمل بذور الأخ الأكبر في داخله، ليحاول القضاء على أي آخر لا يشبهه ولا يمتثل لصورته المطلوبة.

اليوم، انتقل الكثير من السوريين، من عرب وأكراد، إلى العيش في بلاد الغرب، ويطّلع هؤلاء يومياً على تجارب وحكايات تنمّ عن توجه هذه الأنظمة إلى مبادئ العدالة والحق والتخلّص من إرث السلطة الفردية والحكم على الآخرين من خلال التشابه معنا أو الاختلاف.

في تفاصيل صغيرة، يصعب حصرها، يجد الكثير من السوريين العرب المسلمين مثلاً، أنّ ملفات مهمة وفاصلة في حياتهم في أوروبا، موقوفة على توقيع شخص مختلف تماماً عن هذا السوري، قد يكون من ديانة أخرى، من لون آخر، من انتماء سياسي آخر، من توجه جنسي آخر حتى.. لكن هذا الشخص، يدرس الملف الذي أمامه، بكثير من الحياد، وبإيمان مسبق بحقّ هذا “الأجنبي المختلف” بالحصول على حقوقه.. فهل يمكن فعلاً، للسوري، أن يضع نفسه في موقع موازٍ، ليمنح أي إنسان على ظهر الأرض، حقّه، ضمن فكرة الإيمان الأخلاقي بالحق، متخلياً عن سلطة الحرمان من الحق، التي تربّى وكبر عليها؟.

الكثير من السوريين الذين يعيشون في أوربا اليوم، من عرب وأكراد وغيرهم، سيحصلون على جنسيات هذه البلاد، ومنهم من حصل عليها، وصار يحق له العمل في السياسة، والترشح لمنصب الرئيس في هذا البلد الجديد، سيرة رؤساء الغرب تتضمن العديد من الشخصيات الذين وصلوا إلى الحكم، وهم من أصول مهاجرة، إذن، يمكننا التخيل بسهولة، أن يصبح رئيس أي بلد أوربي أو أمريكي، بعد عشرين عاماً مثلاً، أو أقل، من أصول سورية.

إذا كان هذا الاحتمال وارداً في الغرب، فهل يمكننا تخيّل أن والد الرئيس الأوربي القادم، السوري المهاجر أو اللاجئ، يعارض اليوم بشدة، فكرة حصول أي كردي في سوريا، على حقوقه القومية، بل لا يزال يناقش تفاصيل مملة وساذجة، حول تاريخ الكرد، للتشكيك في حقوقهم البديهية؟.

عزيزي المواطن العربي السوري، الذي تعيش في أوربا خاصة، وتتمتع بحقوق كبيرة، وسوف تتسع رقعة حقوقك هذه، لتختار رئيسك في بلدك الجديد، من فضلك، قليل من النزاهة وأنت تنظر اليوم إلى مطالب الكرد في سوريا. هل يمكنك أن تتخيل للحظة، دون خوف أو غضب أن القضية الكردية في سوريا، ليست كابوساً، وأنّها ليست ضد وجودك، ولن تحرمك من حقوقك، بل إنّ اعترافك بها، يعيدك كائناً متوازناً، ويحرّرك من أنانيتك ونظرتك الضيقة، على أنك وحدك صاحب الحقوق وموزّعها وفقاً لتاريخك السلطوي، بوصفك الأخ الأكبر.
المصدر :ليفانت




هل يزيد «قانون قيصر» فرص الحل في سوريا؟

هل يزيد «قانون قيصر» فرص الحل في سوريا؟

Jun 24 2020

روبرت فورد*
تتابع الغالبية العظمى من الأميركيين المظاهرات المشتعلة ضد العنصرية داخل المجتمع الأميركي، وتراقب كذلك مستوى التقدم الذي تحرزه البلاد في مواجهة وباء فيروس «كورونا» المستجد. وبالتالي، فإنهم مشغولون عن متابعة تنفيذ إدارة الرئيس دونالد ترمب لـ«قانون قيصر» الذي يفرض عقوبات جديدة ضد سوريا.
فيما مضى، وقفت العقوبات الأميركية عقبة أمام الصفقات المالية التي تجريها كيانات سورية والشركات الأميركية التي عملت معها دون تصريح رسمي. إلا أنه في الأسبوع الماضي، فرضت إدارة ترمب عقوبات مالية للمرة الأولى على شركات أجنبية تعمل مع الحكومة السورية وبعض كبار المسؤولين رفيعي المستوى بها. وعليه، استهدفت واشنطن من خلال هذه العقوبات شركات في كندا والنمسا ولبنان. وأفاد مسؤولون أميركيون أنهم سيضيفون مزيداً من الأسماء إلى قائمة «قيصر» خلال الأسابيع المقبلة.
من ناحيته، وضع بروفسور الجامعة الأميركية ستيف هيدمان الذي عمل على الملف السوري لسنوات تحليلاً لحساب «معهد بروكنغز»، الأسبوع الماضي، أعلن خلاله أن عقوبات «قانون قيصر» ربما تكون «القشة» التي تجبر النظام السوري أخيراً على قبول التغيير.
وكتبت محللة أخرى، إليزابيث تسوركوف، أن مسؤولين أميركيين يعتقدون أن عقوبات «قانون قيصر» ستزيد الضغوط على كاهل الاقتصاد السوري، وتوسع هوة الانقسامات داخل النظام وتدفعه نحو حافة الانهيار. وترى المحللة أن مثل هذه الأفكار تبدو أماني أكثر عن كونها تحليلاً. وأوضحت تسوركوف أن الاقتصاد السوري يعاني أكثر عن أي وقت مضى، وتسبب سعي الأسد لإحراز نصر عسكري في مواجهة انتفاضة 2011 في تدمير الجزء الأكبر من الاقتصاد، لكن الولايات المتحدة كان لها دورها هي الأخرى، ذلك أن الأسلحة التي أمدت بها الجيش السوري الحر أسهمت في إطالة أمد القتال.

وبعد أن كان معدل الصرف داخل سوريا يضع 50 ليرة سورية مقابل الدولار الأميركي الواحد عام 2011. أما اليوم، فقد ارتفع المعدل إلى حوالي 2.800 ليرة سورية لأسباب منها العقوبات الأميركية. وستعوق العقوبات جهود الاستثمار بمجالي البناء والطاقة. ومن شأن حدوث ركود بهذين القطاعين حدوث تفاقم في معدلات البطالة، في الوقت الذي ستضر البنية التحتية غير المناسبة بالمواطن السوري العادي. ومن الغريب أن نسمع مسؤولين في واشنطن ينفون أن تضر العقوبات بالمواطنين السوريين في الوقت الذي يتمثل الهدف منها في زيادة الضغوط بوجه عام على الاقتصاد.
من جهتي، لا أشعر بأمل كبير بخصوص سوريا. وتبعاً لتحليلي الخاص، فإن حكومة الأسد ووكالات الاستخبارات القوية الأربع التابعة لها لن تقبل بتنفيذ إصلاحات أو محاسبتهم عن الجرائم المروعة التي اقترفوها. ومقارنة بالمعارضة السورية، نجد أن صفوف الحكومة ظلت موحدة. وحتى هذه اللحظة، ليس ثمة بديل واضح للأسد، إضافة إلى أن الرئيس حافظ الأسد صمم نظام الحكم الحالي على نحو يجعل مسألة وقوع انقلاب عسكري أمر أقرب إلى المستحيل. وحتى إذا وقع انقلاب عسكري ناجح ضد الرئيس الأسد، فهل ستسقط واشنطن عقوبات «قانون قيصر» إذا ما تولى أحد جنرالات الاستخبارات الحكم؟ الإجابة: لا.
من جهتها، تطالب واشنطن الحكومة السورية بتغيير سلوكها ووقف قتل المواطنين وقمع منتقديها وقبول حكم القانون. والواضح أن الجهاز الأمني السوري سيقاتل لفترة طويلة قبل أن يقبل بخضوعه لأي محاسبة. كما أنه ليس لديه اليوم أي حافز للاستسلام.
تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه في العراق عام 2003. فكك الأميركيون جهاز الاستخبارات الذي كان تابعاً لصدام حسين وفرضوا المحاسبة. أما اليوم، فلن يفعل أحد ذلك داخل سوريا، وبالتأكيد لن تقدم أي من روسيا أو إيران على ذلك. ولا أرى سبيلاً نحو إقناع الجهاز الأمني السوري الحالي بوقف القتال دون حصول أفراده على نوع من العفو تقبل به جميع الأطراف وتحترمه. جدير بالذكر، أن الرئيس الجزائري السابق بوتفليقة، أقر قرارات عفو قبلت بها الاستخبارات العسكرية الجزائرية والمقاتلين الجزائريين. وبذلك، كتب نهاية الحرب الأهلية الجزائرية طويلة الأمد. في المقابل، لا نرى حتى هذه اللحظة مؤشراً يوحي بأن الجهاز الأمني السوري سيقبل ولو بعفو محدود. لقد قتل هذا الجهاز المئات من أفراد المعارضة ونال عفواً من خلال إقرار اتفاقات تسوية.
ومن غير الواضح كذلك أن المعارضة السورية والمدافعين عنها سيتخلون عن مطالبهم بالمحاسبة والعدالة بعد كل جرائم القتل التي وقعت على يد جهاز الأمن والجيش السوريين. هنا، تصل عقوبات قيصر إلى طريق مسدود.
والاحتمال الأكبر أنه سواء حال استمرار إدارة ترمب أو قدوم إدارة جديدة برئاسة جوزيف بايدن، ستبقي الولايات المتحدة في الحالتين على العقوبات وتعززها. وسيفقد رجال الأعمال السوريون الذين عملوا مع نظام ممتلكات لهم إذا ما تخلوا عن الأسد مثلما فعل رامي مخلوف أو سيقعون تحت طائلة عقوبات «قانون قيصر».
وستصبح سوريا أكثر عزلة عن أي وقت مضى، وستصبح شبيهة بكوريا الشمالية والتي نسمع منها بعض الأحيان تقارير عن سوء التغذية، بل والتضور جوعاً. ومع ذلك، نجد أن كوريا الشمالية، ورغم الضغوط الاقتصادية على عاتقها، ما تزال موحدة. إلا أنه من الممكن تخيل نجاح بعض الأقاليم داخل سوريا الخاضعة للحماية التركية والأميركية في الحصول على استقلال ذاتي محلي إذا افتقرت الحكومة السورية للقدرة الاقتصادية والعسكرية لفرض إعادة دمج هذه الأقاليم داخل كيان الدول السورية الموحدة. وبالفعل، بدأت بعض مدن الشمال السوري في استخدام الليرة التركية، في تطور يوحي بأن سوريا تفقد سيادتها الاقتصادية. ونعاين صوراً لضحايا الاستخبارات السورية التي نقلها المصور «قيصر» لنا، ويخالجنا الأمل في إقرار المحاسبة والعدالة. بيد أنه للأسف الشديد لا أتوقع من جانبي أن تثمر عقوبات «قيصر» حلا قريباً، وإنما بدلاً عن ذلك أعتقد أنها ستجلب مزيداً من المعاناة واليأس إلى المواطنين السوريين.

*السفير الأميركي السابق لدى سوريا والجزائر والباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن
المصدر: الشرق الأوسط




لماذا تهم مسألة العِرق في العلاقات الدولية؟

لماذا تهم مسألة العِرق في العلاقات الدولية؟

Jun 23 2020

مريديث لوكان*
لا يعد العِرق منظورًا للعلاقات الدولية وإنما سمة تنظيمية مركزية للسياسة العالمية. فقد قادت العنصرية المعادية لليابان الولايات المتحدة إلى مشاركة في الحرب العالمية الثانية وأثرت الكراهية الواسعة المعادية للآسيويين على عملية تطوّر وهيكلة منظمة حلف شمال الأطلسي. وخلال الحرب الباردة، ارتبطت العنصرية ومناهضة الشيوعية ارتباطًا وثيقًا باستراتيجية الاحتواء التي حددت النهج الذي تتبناه واشنطن في التعامل مع إفريقيا وآسيا وأمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي وأمريكا الجنوبية. لكن العرق يشكل حاليًا مفاهيم التهديد والاستجابات للتطرف العنيف، داخل "الحرب على الإرهاب" وخارجها. مع ذلك، ينكر مجال العلاقات الدولية السائد العرق باعتباره ضرورة أساسية لفهم العالم، وذلك على حساب الوحدة.
عند أخذ النماذج الفكرية الثلاثة الكبرى للعلاقات الدولية الواقعية والليبرالية والبنائية بعين الاعتبار فإنه يبدو جليا أن هذه الأطر السائدة لفهم السياسة العالمية قائمة على أسس فكرية عرقية وعنصرية تحد من قدرة هذا المجال على الإجابة على التساؤلات المهمة المتعلّقة بالأمن والتنظيم الدولي.
لا تزال مفاهيم أساسية على غرار الفوضى والتسلسل الهرمي قائمة على العرق، وهي متجذرة في الخطابات التي تخدم وتركز على أوروبا والغرب. جعلت هذه المفاهيم سواء بشكل ضمني أو صريح "التطور" في منافسة ضد "التخلف"، "الحداثة" ضد "البدائية"، "الحضارة" ضد "الهمجية". كما أن هذه المفاهيم الثنائية تُستغل لشرح التبعية والاستغلال في مختلف أنحاء العالم بشكل عنصري.
على الرغم من أن الواقعية والليبرالية كانت مبنية على المركزية الأوروبية واستُخدِمت لتبرير الإمبريالية البيضاء، إلا أنه لم يتم الاعتراف بهذه الحقيقة على نطاق واسع في هذا المجال. فوفقا لأنصار نظرية الواقعية الجديدة، مثلا، هناك "توازن في القوة" ضمن "القوى العظمى" وفيما بينها. وأغلب هذه القوى العظمى دول ذات أغلبية بيضاء، كما أنها تتربّع على عرش التسلسل الهرمي، تليها القوى الأصغر والتي يكون فيها العرق الأبيض أقلية. في هذا السياق، تهيئ التسلسلات الهرميّة ومفاهيم السيطرة القائمة على أساس العرق الطريق أمام مفهوم التعاون في الفكر النيوليبرالي؛ ذلك أن القوى العظمى هي التي تتحكم في ميزان القوى وتنظيمها وكيفية توزيعها.
لعلّ نموذج البنائية، الذي يُكمّل النماذج "الثلاث الكبرى" للعلاقات الدولية، يعدّ أفضل نهج للتعامل مع العرق والعنصرية. في الحقيقة، يرفض البنائيون حالة الفوضى القائمة ويصرون على أن الفوضى والأمن وغيرها من الشواغل الأخرى مبنية اجتماعيًا على الأفكار والتاريخ والخبرات المشتركة. ومع استثناءات قليلة بارزة، نادرًا ما يعترف البنائيون بكيفية تشكيل العرق لما يتم مشاركته.
على الرغم من هيمنة النماذج "الثلاث الكبرى" على الدراسة الحديثة للعلاقات الدولية، إلا أن العديد من الحجج التي تطرح في إطارها على غرار ميزان القوى، لا تدعمها بالفعل أدلة خارج أوروبا الحديثة. فنظرية السلام الديمقراطي، مثلا، تقدم افتراضين رئيسيين: أولا إن احتمال انخراط الأنظمة الديمقراطية في الحروب أقل مقارنة بالأنظمة الاستبدادية؛ ثانيا إن احتمال اندلاع حرب بين الأنظمة الديمقراطية ضئيل.
لكن يظهر السجل التاريخي أن الأنظمة الديمقراطية لم تكن في واقع الأمر أقل ميلاً إلى خوض الحروب ـ وذلك إذا ما أخذت الحملات الاستعمارية بعين الاعتبار. من ناحية أخرى، في مناطق مثل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، شهدت الدول الديمقراطية صراعات داخلية أكثر من نظرائها الأقل ديمقراطية. ومع ذلك، تذرّع الزعماء الغربيون بنظرية السلام الديمقراطي لتبرير غزو واحتلال البلدان الأقل ديمقراطية، وخاصة الدول التي يكون فيها العرق الأبيض أقلية.
إن ذلك عنصر أساسيّ للاستبعاد العرقي في العلاقات الدولية: فنظام الدولة الذي تسعى العلاقات الدولية لتفسيره مستمد من معاهدتي صلح وستفاليا التي تم التوقيع عليها سنة 1648، والتي أنهت حرب الثلاثين عاما وأرست المبادئ الأوروبية للدولة والسيادة. وبغض النظر عن مخلّفات القرن السابع عشر، تم التنصيص على هذه المبادئ في ميثاق الأمم المتحدة، الذي يمثل أساس الحوكمة العالمية منذ سنة 1945.
لكن الدول غير الأوروبية لم تتبنى طوعًا المفاهيم الأوروبية للدولة والسيادة، على عكس ما يصوره علماء العلاقات الدولية في كثير من الأحيان. متذرّعة بمعاهدة وستفاليا، قسمت أوروبا العالم بين الدول الحديثة "المتحضرة"، بينما استعمرت الدول التي كانت تعتقد أنها لا تنتمي إلى النظام الدولي.
زعم الباحث في مجال العلاقات الدولية سانكاران كريشنا أنه نظرًا لأن العلاقات الدولية تُفضّل التنظير على التفسير والتحليل التاريخي، فإن الميدان يتيح هذا النوع من التبييض. لذلك، يحظى التنظير للمفاهيم الغربية بأولوية على حساب تطبيقها في العالم. وقد أطلق كريشنا على ذلك وصف "سياسات النسيان المنهجية وفقدان الذاكرة المتعمد بشأن مسألة العرق".
لكن الأهم من ذلك أن العلاقات الدولية لم تكن تتجاهل مسألة العرق بشكل دائم. ففي أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، استحضرت النصوص التأسيسية مسألة العرق باعتبارها النقطة الأساسية التي تجمع بين الإدارة الاستعمارية والحرب. قدم الإيمان بالتفوق البيولوجي والسوسيولوجي للبيض ازدواجية منمقة بين المتحضر والبربري التي برّرت الاستغلال القاتل الذي يتعرض له البربري على يد المتحضر.
من جهة أخرى، وصف مؤسس العلاقات الدولية الحديثة والسياسة الخارجية، بول صموئيل رينش، القرن العشرين بأنه "عصر الإمبريالية الوطنية". وخلص إلى أن الدول "تسعى لزيادة مواردها، من خلال استيعاب أو استغلال المناطق المتخلفة والأعراق المتدنية". مع ذلك، أكد رينش للقراء أن هذا "لا يتعارض مع احترام الأعراق الأخرى" لأن الدول تتجنب فرض السيطرة على "الدول المتحضرة للغاية".
بشكل عام، بدأ اهتمام المفكرين بمسألة العرق في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين في المجلات الأكاديمية ومؤسسات البحث. فعلى سبيل المثال، تنشر مجلة "تنمية العرق" - أول مجلة أكاديمية للعلاقات الدولية التي تأسست في سنة 1910 - مقالات عنصرية متقدمة، بما في ذلك تقارير حول عدم قدرة "الأعراق الأصلية" على تطوير دولها دون استعمار.
تضمنت صفحات المجلة أيضًا انتقادات حادة من العالم وليام إدوارد بورغاردت دو بويز وغيره من العلماء لمذهب المركنتيلية. ففي سنة 1919، وقع تغيير اسم المجلة لتصبح مجلة العلاقات الدولية دون إحداث أي تغييرات جوهرية، وفي سنة 1922، تأسست خليفتها التي أطلق عليها مجلة "الشؤون الخارجية".
أحدث منتصف القرن العشرين بعض التحولات في فكر العلاقات الدولية وفي السياسة الخارجية. فقد طور علماء العلاقات الدولية السود، الذين يعملون في المقام الأول خارج جامعة هوارد، تقليدًا نظريًا قويًا يقاوم الامتياز الأبيض المتفوق للإمبراطوريات الأمريكية والأوروبية. وقد زادت الثورات المعادية للاستعمار في الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي من إشكالية وعد الإمبراطورية القائمة على أطر واقعية ومثالية للتعاون الأبوي الذي لا يتجزأ من الفكر الليبرالي.
مع ذلك، لم تتكيف نظرية العلاقات الدولية السائدة أو تغير من موقفها بشأن العرق. كما توقف معظم علماء العلاقات الدولية عن الانخراط في هذا الشأن بشكل تام. بين سنتي 1945 و1993، من بين مجلات العلاقات الدولية الخمسة الرئيسية في هذه الفترة - المنظمة الدولية والدراسات الفصلية الدولية ومجلة فض النزاعات ومراجعة الدراسات الدولية والسياسة العالمية - نُشرت مقالة واحدة فقط تتضمن كلمة "العرق" في العنوان. وشملت المقالات الأربعة الأخرى كلمة "الأقليات" و13 مقالة تشمل "العرقية". منذ ذلك الحين، تجاهلت العلاقات الدولية السائدة مسألة العرق في النظريات وفي التفسير التاريخي وفي الوصفات الطبية وأصبح العرق (والجنس) "وجهات نظر مختلفة". وغالبا ما يتناول علماء العلاقات الدولية مسألة العرق في المناقشات التي تتعلق بقضايا مثل الاستعمار.
لا يمكن للمرء أن يفهم السياسات العالمية مع تجاهل مسائل العرق والعنصرية. فالكتب المدرسية التي تغض النظر عن تاريخ العبودية عند شرح التنمية والعولمة تحجب حقائق حل كيفية بناء الدولة وتنكر الأضرار التي ارتكبت أثناء هذه العملية. وبالمثل، عندما يفشل العلم في لفت الانتباه إلى الدور الذي يلعبه العرق في استخدام الدول الغربية للقانون الدولي كذريعة للتدخل العسكري، فإنه يوفر بذلك تغطية لـ "مهمة جعل الدول الأخرى متحضرة" في العصر الحديث. وغالبًا ما تتجاهل دراسات التجارة وتسوية النزاعات الجذور العميقة لتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي. وعادة ما يضيع هذا التاريخ في تحليل المكاسب والخسائر في المفاوضات.
إن العرق والعنصرية في ممارسات فن إدارة الدول التاريخي جزء لا يتجزأ من الدراسة الحديثة وممارسة العلاقات الدولية. كما أنها ليست من التاريخ، إذ يستمر العرق في تشكيل تصورات التهديد المحلي والدولي وما يترتب عن ذلك من سياسة خارجية؛ والاستجابات الدولية للمهاجرين واللاجئين؛ والحصول على الاستقرار الصحي والبيئي.
بما أن التيار السائد للعلاقات الدولية لا يأخذ العرق أو العنصرية على محمل الجد، فالأمر ينطبق كذلك على التنوع والاندماج في الإطار المهني. ففي الولايات المتحدة، وهي أكبر منتج لعلماء العلاقات الدولية، فإن 8 بالمئة فقط من العلماء سود أو لاتينيون، وذلك مقارنة بـ 12 بالمئة من العلماء في سياسة المقارنة، و14 بالمئة من العلماء في السياسة الأمريكية. وذلك على الرغم من حقيقة أن القضايا التي يدرسها علماء العلاقات الدولية، مثل الحرب والهجرة وحقوق الإنسان والتنمية وتغير المناخ، لها تأثير غير متناسب على السود والسكان الأصليين وغير البيض.
هناك عدة أسباب تفسر هذا الخلل. أولا، هناك ميل واسع الانتشار ومدمر بين العلماء البيض إلى الافتراض أن العلماء غير البيض يدرسون العرق والانتماء العرقي وسياسات الهوية في الولايات المتحدة أو في سياق دراسات المناطق. وعلى الرغم من أن العلماء غير البيض يعملون في هذه المجالات، إلا أنه لا يوجد سبب منطقي لتوقع أنهم جميعًا يتخصصون في هذه المجالات. كما أن هذا الافتراض أو تحديد أن الأشخاص المختلفين يجد أن يتخصصوا في دراسة مجال معين يجعل علماء العلاقات الدولية غير البيض يظنون أنه غير مرحب بهم.
لا تقدم جمعية الدراسات الدولية، وهي الجمعية المهنية الرئيسية لعلماء وممارسي العلاقات الدولية، قسمًا للبحوث أو المؤتمرات حول العرق. ولا يشير أي من أقسام المنظمة إلى العرق. وفي حين أن جمعية الدراسات الدولية لديها العديد من المؤتمرات المتعلقة بالهوية، بما في ذلك مؤتمر النساء للدراسات الدولية، إلا أنه لا يوجد مؤتمر للعلماء غير البيض.
يواجه العلماء غير البيض العنصرية العلنية داخل جمعية الدراسات الدولية والجمعيات المهنية الأخرى. ففي سنة 2018، وصفت ميغ غوليفورد، وهي عالمة ذات بشرة سوداء، الحادثة التي تعرضت إليها في مؤتمر جمعية الدراسات الدولية مع ثلاثة مشاركين منفصلين حيث اعتقدوا أنها كانت موظفة في الفندق وسألها أحدهم عن وقت إحضار المزيد من الطعام.
إن كيفية تدريس العلاقات الدولية أيضا يديم البحوث وعدم المساواة المهنية التي أوردناها بالتفصيل أعلاه. ففي استطلاع أجري سنة 2014 لأساتذة العلاقات الدولية، أفاد حوالي 40 بالمئة عن تنظيم دوراتهم من خلال النماذج التقليدية لدراسات العلاقات الدولية. ونظرًا لأن الكثير من الأعمال النموذجية يهيمن عليها الرجال البيض ويسترشدون بالمركزية الأوروبية، فإن قضايا النساء والأشخاص غير البيض وقضايا العرق والعنصرية يقع تجاهلها في المناهج الدراسية بالطبع.
من المثير للاهتمام أن كيفية تنظيم الأساتذة لدوراتهم لا تعكس بالضرورة نهجهم الخاص في دراسة العلاقات الدولية. في نفس الاستطلاع، أفاد 26 بالمئة من المجيبين بأنهم لا يستخدمون التحليل النموذجي. وهذا يطرح بالمزيد من الشكوك حول النماذج الفكرية باعتبارها أطرا أساسية قائمة على إقصاء الآخرين.
لا يمكن لعلماء العلاقات الدولية التخلي عن التاريخ الفكري لهذا المجال العلمي، ولكن هذا لا يعني أنه ينبغي عليهم قبوله دون انتقاد. تتغلغل الهيمنة الغربية وتفوق البيض في علم العلاقات الدولية والتدريس والرابطات المهنية الخاصة بالعلاقات الدولية، على حساب نزاهة هذا المجال، ومدى ملاءمة نصائحنا لصانعي السياسات. للمساعدة في علاج هذه المشاكل، يجب أن يركز علماء العلاقات الدولية جهودهم على ثلاث مبادرات.
أولا، يجب على أولئك الذين يُدرّسون العلاقات الدولية أن يعالجوا قضايا التمييز العرقي والعنصرية في هذا المجال، وأن يعترفوا بفائدة النهج القائم على النقد. وهذا يعني دمج الأعمال العلمية التي تتناول مسائل العرق في دورات الدراسات الجامعية والدراسات العليا. وعلى الرغم من الاستبعاد الشامل لهذا المجال في هذه الدراسات، إلا أن هناك علماء ممتازين يعملون على قضايا العرق في العلاقات الدولية.
يمكن أيضًا تنظيم دورات تمهيدية حول قضايا - من قبيل الصراع بين الدول وحقوق الإنسان والسياسات البيئية - من أجل تكوين المزيد من نقاط الدخول لهذا المجال ومزيد تشجيع الطلاب غير البيض على التخصص فيه. ثانيًا، يجب على الجامعات تحسين التمثيل بين العلماء وزيادة التنوع في الفكر النقدي. يجب أن تسعى برامج العلاقات الدولية إلى توظيف وتدريب والحفاظ على المرشحين المتخرجين وأعضاء هيئة التدريس الذين يمكنهم تقديم وجهات نظر جديدة ودفع الابتكار.
ثالثًا، ينبغي أن تصبح النقابات المهنية للعلاقات الدولية أكثر شمولا. تتمثل إحدى الخطوات الملموسة في جمعية الدراسات الدولية ومحاور العلاقات الدولية الأخرى في تنظيم الأقسام على أساس العرق. إن هذه الخطوات واضحة وممكنة. يجب أن يكون لدى أصحاب السلطة والنفوذ ما يكفي من الإرادة لتحقيقها بشكل بسيط.
المصدر: فورين بوليسي
ترجمة وتحرير: نون بوست:21/6/2020




لا بديل لتنفيذ القرار 2254 لحل الأزمة السورية

لا بديل لتنفيذ القرار 2254 لحل الأزمة السورية

Jun 23 2020

رمزي عز الدين رمزي*
هناك شعورٌ عامٌّ متزايد، حتى بين السوريين، بأنَّ المجتمع الدولي سلَّم بأنَّ الطريق إلى التسوية السياسية في سوريا أصبح مسدوداً إلى أن: يتم اتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا على كيفية الحل، تتوصل كل من الولايات المتحدة وإيران إلى صيغة مقبولة للتعايش، اتخاذ الدول العربية مبادرة جماعية للتسوية في سوريا، يتمكن العرب وتركيا من التفاهم على ترتيب يحقق التوازن في مصالحهم في المنطقة. فإذا كان هذا هو الحال، فالأرجح أننا سننتظر طويلاً. ولكنَّ هناك طريقاً آخر لتسريع الحل السياسي في سوريا، وذلك فيما إذا قرر المجتمع الدولي، ولا سيما الدول الفاعلة على الساحة السورية، أن يعكسوا هذا المنطق ويصلوا إلى تفاهم على أسلوب مبتكر للمضي قدماً في تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، على أساس أن التسوية في سوريا ستفتح الباب أمام حلحلة بعض المشاكل الإقليمية وحتى بين الدول الإقليمية والقوى الكبرى.
إن سجل قرارات مجلس الأمن الدولي يعكس تخبطاً في التنفيذ، حيث نُفذت بعض القرارات ولم يتم تنفيذ البعض الآخر، وحتى تلك التي نفذت لم تنفذ بالتسلسل الوارد في القرار أو خلال الإطار الزمني المنصوص عليه.
فيما يخص القرار 2254 الخاص بسوريا فما زال مصيره غير واضح. فهناك أمل في تنفيذه حتى إذا لم يتم بالتسلسل الوارد في القرار، وبالتأكيد ليس في الإطار الزمني المنصوص عليه. وذلك لتحقيق الهدف الأساسي منه إلا وهو أن يحقق الشعب السوري تطلعاته في تقرير مستقبله، من خلال انتخابات حرة ونزيهة تدار تحت إشراف الأمم المتحدة.
إن القرار 2254 يوفر إطاراً عاماً للتسوية السياسية في سوريا يتضمن العناصر التالية: وقف إطلاق النار بالتوازي مع مفاوضات تؤدي إلى نظام حوكمة ودستور جديد يجري على أساسه انتخابات، على أن يتم ذلك في بيئة تتمتع بوقف إطلاق للنار مع التصدي لظاهرة الإرهاب، وتدفق المساعدات الإنسانية، والإفراج عن المحتجزين والمختطفين، وعودة اللاجئين وبدء عملية إعادة الإعمار.
فيما يخص وقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية، فقد خفَّت حدة القتال بشكل ملحوظ في معظم أرجاء البلاد، ولا يبقى سوى استكمال الترتيبات في منطقة إدلب وشمال شرقي سوريا، من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار الشامل.
وفيما يتعلق بمسألة الحوكمة، فإنَّ الصيغة الأكثر منطقية هي تقاسم السلطة بين الحكومة والمعارضة. وللأسف لم يتم استكشاف بشكل جدي إمكانية التوصل إلى صيغة مقبولة بهذا الشأن. فمن جهة لم تكن المعارضة قابلة لأي شيء سوى تشكيل هيئة حكم انتقالي، الهدف منها الإطاحة بنظام الحكم السائد، ومن جهة أخرى لم يذهب مفهوم الحوكمة لتقاسم السلطة إلى مدى مقبول. وعلى الرغم مما تقدم لا تزال هناك فرصة للوصول إلى صيغة مقبولة للحوكمة، من خلال عملية الإصلاح الدستوري.
والآن، لم يعد هناك مناطق محاصرة أو مناطق صعبة الوصول إليها. هناك فقط مناطق حدودية خارجة عن سيطرة الحكومة. وللأسف فإنَّ تلك المناطق ضحية لخلاف بين معظم الدول المانحة التي ترى أن تمر المساعدات عبر الحدود وبين الحكومة التي تصر على أن توجه المساعدة من خلالها. ويمكن علاج هذه المسألة في إطار مجموعة شاملة من الإجراءات لتنفيذ القرار 2254.
ففيما يتعلق بتدابير بناء الثقة، فهناك حاجة إلى مجهود ضخم، حيث لم تسفر عملية آستانة إلا عن تقدم ضئيل بشأن إطلاق سراح المحتجزين من قبل الحكومة والمختطفين من قبل المعارضة. فلم يتم إطلاق سوى العشرات من قبل الحكومة والمعارضة.
أما فيما يخص المكافحة الفعالة للإرهاب، فإنَّ ذلك يتطلب معالجة جذوره، وهي عملية طويلة ومعقدة. ولذلك ما ينبغي أن يكون أولوية للمجتمع الدولي هو وضع حد للدعم الخارجي للإرهابيين داخل سوريا. وفي هذا الصدد، يجب تنفيذ قراري مجلس الأمن 2170 و2178 لعام 2014 تنفيذاً صارماً، على أن يبدأ ذلك في إدلب.
أما العملية السياسية فقد أصبحت تتمحور حول عملية الإصلاح الدستوري من خلال إنشاء اللجنة الدستورية، التي أصبح لديها الآن جدول أعمال متفق عليه. وفي ضوء أن الدستور الحالي يحدد عام 2021 موعداً لإجراء الانتخابات الرئاسية، فمن الضروري أن تنهي اللجنة الدستورية أعمالها في توقيت يسمح بتنظيم الانتخابات في الموعد المحدد، وذلك على أساس أن تنعقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في توقيت متزامن بعد استكمال عملية الإصلاح الدستوري، الذي يمكن أن ينتج عنها دستور معدل أو جديد حسبما تتفق اللجنة الدستورية.
*سفير مصري ومسؤول أممي سابق
المصدر :الشرق الاوسط




Pages