ماذا فعلت تركيا في عفرين السورية بعد 3 أعوام من الاجتياح؟

ماذا فعلت تركيا في عفرين السورية بعد 3 أعوام من الاجتياح؟

Jan 25 2021

رحاب عليوة
لم تكن السيدة سميرة عبد الحنان تتصوّر أنّ 3 أعوام فقط قادرة على تشتيت شمل عائلتها، الآن تعيش السيدة الستينية وحيدة في منزلها داخل منطقة عفرين، بينما أحد أبنائها مجهول المصير والآخر مُهجّر، وابنتاها تقيمان في معسكر لجوء، أمّا الأب، فقد دُفن دون أن يودّعه أحد من أبنائه.

العائلة التي نقلت جريدة "النهار" مأساتها وشتاتها على لسان سميرة، ليست بالفريدة، فقد ضرب الشتات الأكراد في عفرين، وألزمهم بمصائر مختلفة لا تخلو من التنكيل، والسرقة، والقتل، والشهادة على إجراء تغيرات ديموغرافية تُذكّر بقوى الاحتلال، منذ اجتاحت القوات التركية المنطقة في 20 كانون الثاني (يناير) العام 2018، خلال العملية التي أطلقت عليها تركيا عبثاً "غصن الزيتون".

ولم يسلم الزيتون وغصنه من تركيا وميليشياتها المسلحة، التي باتت تُسيّر بهم الأوضاع في عفرين، بينما يتحصّن جنودها بأسوار عالية وقرى هُجِّر منها أهلها الأصليون.

وربما كانت عائلة سميرة رغم ما لاقته أكثر حظاً من عائلة نازلي مصطفى (55 عاماً) التي لاقت حتفها مع طفليها، إثر سقوط قذيفة تركية على منزلهم في منطقة لجوء لأهالي عفرين في مدينة تل رفعت، وذلك في 23 كانون الثاني (يناير) الجاري، أي بعد عدة أيام من مرور الذكرى الثالثة لبدء الاجتياح، وذلك بحسب مصادر كردية.

ربما كانت عائلة سميرة رغم ما لاقته أكثر حظاً من عائلة نازلي مصطفى التي لاقت حتفها مع طفليها إثر سقوط قذيفة تركية على منزلهم

وبمناسبة مرور 3 أعوام على عملية اجتياح عفرين، أصدرت 30 مؤسسة حقوقية بياناً مشتركاً تدعو فيه إلى وقف الانتهاكات وإنهاء حالة الاحتلال، والعمل على عودة الأهالي إلى أراضيهم، في وقت أصدر فيه حزب الوحدة الديمقراطي الكردي بياناً خاصاً يرصد الانتهاكات التي تعرّضت لها المنطقة خلال تلك الأعوام.

ولم تسلم المنطقة وأهلها من شكل واحد أو أكثر من أشكال الانتهاكات المعهودة، فقد عاش أهالي عفرين الأعوام الـ3 الماضية بين القتل والتعذيب والخطف والتهجير، وفرض الإتاوات، والتنكيل، والإجبار على الزواج، والاضطهاد الديني، وتوطين سكان غير السكان الأصليين، ونهب الثروات والمحاصيل.

وقد دعا الحزب إلى الالتفات الدولي لقضية عفرين، كي لا تتمدد تلك الأعوام إلى أعوام أخرى.

وكمؤشر على تدمير البنية الاقتصادية في عفرين، لفت حزب الوحدة إلى أنه "لم يبقَ من أصل 850 ورشة خياطة ألبسة، كانت تغذّي الأسواق السورية وبعض البلدان المجاورة، سوى 50 ورشة فقط بعد الاحتلال، وتعمل بحدودها الدنيا من الإنتاج، والخسائر في المجال الصناعي والاقتصادي عموماً كبيرة، ونسبة البطالة أصبحت عالية والفقر واسعاً".

توطين ما يقارب 500 ألف نسمة من عوائل المسلحين المرتزقة لدى تركيا وعوائل مهجري غوطة دمشق وأرياف حمص وحماة وإدلب وحلب وغيرها في عفرين ونواحيها

أمّا فيما يتعلق بعملية التغيير الديموغرافي الممنهجة، فقد قال الحزب: إنّ الأهالي تعرّضوا "لتهجير قسري بالأعمال العدائية أثناء الحرب لأكثر من 250 ألف نسمة من السكان الأصليين، ومنع عودة حوالي 200 ألف منهم من مناطق النزوح والداخل السوري، بسبب إغلاق سلطات الاحتلال معابر عفرين ومنع النازحين من العودة، فبقوا مشرَّدين في مناطق النزوح (بلدتا النبل والزهراء، وقرى وبلدات الشهباء - شمال حلب...).

وأضاف: منهم من فرّ إلى حلب ومناطق كوباني والجزيرة، في وقت أغلقت فيه السلطات السورية أيضاً وما تزال جميع ممرّات التنقل أمامهم.

وتمّ توطين ما يقارب من 500 ألف نسمة من عوائل المسلحين المرتزقة لدى تركيا وعوائل مُهجّري غوطة دمشق وأرياف حمص وحماة وإدلب وحلب وغيرها في عفرين ونواحيها، وإسكانهم في منازل ومحلات وممتلكات السكان الأصليين وفي مخيمات عشوائية، فشكّل ذلك تغييراً كبيراً في التركيبة السكانية في المنطقة، بحسب حزب الوحدة.

وأشار الحزب إلى أنّ نسبة الوجود الكردي في عفرين أصبحت أقلّ من 25% من بين جميع المقيمين في المنطقة حالياً، بينما كانت نسبتهم قبل الغزو أكثر من 95%.

وبخلاف المُهجّرين، فإنّ أكثر من 1100 كردي مصيرهم مجهول لعدم الاستدلال على أماكنهم، وعادة ما تمارس الميليشيات المدعومة من تركيا القبض غير القانوني (الخطف) على الأهالي، وتقوم بالإفراج عنهم بعد ابتزاز أهاليهم وطلب فدية، وأهالي أغلب المفرج عنهم قد دفعوا غرامات أو فدى مالية وصلت أحياناً إلى 20 ألف دولار.

سلطات الاحتلال تغضّ النظر عن عمليات سرقة الآثار والبحث عنها، بل تشرف وتشارك في أغلبها

وتطرّق التقرير الكردي إلى حالة الاضطهاد الديني، مشيراً إلى أنّ الإيزيديين تعرّضوا لانتهاكات عديدة، من تهجير وقتل وتعذيب ومنعهم من ممارسة طقوسهم الدينية والاحتفال بأعيادهم السنوية، وكذلك إجبار بعضهم على الصلاة في الجوامع، وبُنيت مساجد في بعض قراهم نكاية بهم، وتمّ العبث بمزاراتهم ومقابرهم وتخريب العديد منها.

كما تعرّضت الكنيسة المسيحية الوحيدة للسرقة والنهب، ورغم قلة أعداد المسيحيين، لا يجرؤ أحدهم الكشف عن دينه؛ إضافة إلى ذلك تعرّضت بعض المساجد للقصف أثناء العدوان، وسُرقت مقتنيات بعضها من سجادات وأوانٍ نحاسية وأجهزة كهربائية وصوتية.

وفي توضيح علاقة الميليشيات بالمرأة الكردية، وأشكال الاضطهاد التي تتعرّض لها، قال حزب الوحدة: "بالأصل تلك الميليشيات الجهادية السلفية تضطهد المرأة ضمن مجتمعاتها دون وازع، من تعدّد الزوجات وفرض الحجاب وانتشار الدعارة وغيرها، وهي التي تواظب على اضطهاد المرأة الكردية في عفرين وفق الذهنية ذاتها.

وأضاف: فرغم إحجام معظم من تطالهم الانتهاكات والجرائم عن الحديث عنها أو رفع شكاوى ودعاوى قضائية بحقّ مرتكبيها، تتوارد أنباء عديدة عن حالات التحرش بمختلف أشكاله والإكراه على الزواج أو استغلال القاصرات، وعن حالات الاختطاف والاغتصاب والقتل العمد، ونظراً لفقدان الأمان يحجم معظم الأهالي عن إرسال بناتهم إلى المدارس خوفاً من تعرضهنّ للانتهاكات.

ولم تسلم الآثار هي الأخرى من تلك الانتهاكات، فقد رصد الحزب "استهداف العدوان التركي مواقع أثرية عديدة بالقصف الثقيل مثل (تل عين دارا الأثري، نبي هوري، تقلكه، مار مارون…) وأوقع فيها أضراراً جسيمة لتختفي معها معالم تاريخية.

وتابع: كما أنّ سلطات الاحتلال تغضّ النظر عن عمليات سرقة الآثار والبحث عنها، وتشرف وتشارك في أغلبها، مثل ما جرى في حفر ونبش مواقع وتلال (هوري، عين دارا، براد ومار مارون، برج عبدالو، قيبار، جنديرس، كمروك، سيمالك، زرافكه، كتخ، دروميه، دوديرا ميدانكي، مروانيه تحتاني، جرناز، بازاريه، خرابه علو، كئورا، بليلكو...) والكثير من المزارات الإسلامية والإيزيدية. ومن جهة أخرى تمّ استهداف مقابر الشهداء في (كفر صفرة، متينا، كفرشيل) وأضرحة شخصيات دينية وثقافية، مثل ضريح الدكتور نوري ديرسمي، وتخريب مقابر وشواهد قبور عليها كتابات باللغة الكردية.
المصدر:حفريات




الدستوريّة، وبناء الثقة!

الدستوريّة، وبناء الثقة!

Jan 24 2021

فاروق حجّي مصطفى
هذه هي المرة الخامسة التي تنعقد فيها اللجنة الدستوريّة، المجموعة المصغرة طبعاً، ومرة واحدة فقط ،عقدت اللجنة الموسعة اجتماعها، حيث كان اجتماع الإنطلاق.
قبل انطلاق اللجنة، تحدث المبعوث الخاص وجميعنا، عن مسألة بناء الثقة، لما لها من ضرورة، وبدون ثقة لا يمكن العمل سويّاً لإنجاز دستورٍ جيدٍ لبلدنا.
والإدعاء بإنّ الإجتماع يحصل بين فترة وأخرى هو دليل على وجود نوع من الثقة ، ليس إلّا ضرباً من ضروب الخيال.
نعتقد إنّه من الصعوبة بمكان بناء الثقة بهذا الشكل من التواصل، وثم إنّ ذلك لا يأتي من باب إنّ اللجنة المصغرة تعقد جلساتها بهدوء، بقدرما إنّ معيار بناء الثقة يكمن في قناعة اللجنة الدستوريّة ببناء أفقٍ حداثويةٍ وديمقراطيةٍ لسوريا من خلال إنجاز دستور يليق بها.
هناك عدة عوامل تعيق بناء الثقة وهي :
-الشكل الذي انطلقت منه اللجنة، والتدخل غير المتوازن من قبل الدول في اختيار الأسماء وأحقية من يكون في اللجنة ومن لا يكون.
-توزيع الأدوار على مستوى اللجنتين المصغرة منها، والموسعة، فبهذا الشكل لا يمكن أن يحدث اختراق، إذ كان من الممكن أن تقوم اللجنة الموسعة بالنقاشات والجلسات وما على المصغرة إلا صف ودمج الرؤى وتلخيص التوافقات، وليس العكس، خاصةً إنّ الإحتمال الأكثر في اختراقٍ ما، يكمن في العدد الزائد.
-وضع ومكانة "الثلث الأوسط"، يعيق المساهمة في عمليّة بناء الثقة.
-هناك عاملٌ مهم، وهو غياب الحاضنة الداعمة لمسار العمليّة الدستوريّة، حيث غياب حاضنة العضو الدستوري يترك الأخير في حالةٍ من عدم المسؤولية تجاه العمليّة كلها، فالحواضن الإجتماعية تتمرن على الدستوريّة، وتعلّم الممثل عنها كيف يكون آدائه!
-وهناك نقطةٌ أخرى لها أهمية قصوى، حيث إغلاق كل المسارات والتمسك بالمسار الدستوري، ومع إن هذا المسار نفسه يحتاج إلى "الاصلاح" سبباً في تلكئ عمليّة بناء الثقة؛ فضلاً عن غياب تيارات (أشخاص) لها جسور مع غالبيّة الحيز الإجتماعي-المدنيّ، والسياسيّ.
بقي القول، إنّ مسألة بناء الثقة هي مسألة بالأصل مرتبطة بالإرادة والقناعة في العمليّة، وهذا لن يحدث إلا من خلال الضغط الذي يؤسس التوازن في عامل المجتمع الدولي، وخاصةً أمريكا ،ثمّة الرهان على الدور الذي ستلعبه أمريكا في عمليّة خلق التوازن.




بيدرسن يحث موسكو على إنجاح اجتماعات «الدستورية» السورية

بيدرسن يحث موسكو على إنجاح اجتماعات «الدستورية» السورية

Jan 24 2021

تبدأ في جنيف يوم غد، اجتماعات الدورة الخامسة للجنة الدستورية السورية بمشاركة ممثلي الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني بتسهيل من المبعوث الأممي غير بيدرسن.
وأجرى بيدرسن اتصالاً مع ممثل الرئيس الروسي الخاص للشرق الأوسط ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف لحثها على تمهيد الأرضية لاجتماعات جنيف على أمل تحقيق اختراق فيها.
كان بيدرسن أعرب عن أمله في أن يتفق الرؤساء المشاركون على خطط عمل ذات أجندات وموضوعات واضحة لإحراز تقدم في هذه العملية.
ومن المتوقع أن يجتمع عدد متساوٍ من المندوبين من الحكومة السورية والمعارضة والمجتمع المدني، الذين يبلغ مجموعهم 45 مندوباً ويُعرفون باسم «الهيئة المصغرة» في سويسرا الاثنين. وتعمل الهيئة المصغرة عن كثب مع لجنة دستورية أكبر تضم 150 عضواً وتُعدّ جزءاً أساسياً من جهود الأمم المتحدة، من أجل إنهاء الصراع المدمر في البلاد، بملكية وقيادة سورية.
وقال بيدرسن في مؤتمر صحافي في جنيف الجمعة: «كان يعتريني الأمل أن تقدر اللجنة الدستورية - كما تعلمون إذا تم التعامل معها بالطريقة الصحيحة - على بناء الثقة وأن تكون فاتحة الأبواب لعملية سياسية أوسع»، لكنه أشار إلى أن اللجنة الدستورية لا تستطيع العمل بمعزل عن عوامل أخرى: «نحن بحاجة إلى إرادة سياسية من مختلف الأطراف حتى نتمكن من التحرك إلى الأمام».
وحذر بيدرسن من أنه على الرغم من أن الأشهر العشرة الماضية كانت أكثر هدوءاً خلال ما يقرب من عقد من الصراع في سوريا، وبالكاد طرأت تغيّرات على الجبهات الأمامية، فإن الوضع قد ينهار في أي لحظة. وقال: «هذا هدوء هش. كل هذه القضايا لا يمكن للسورييّن وحدهم حلّها. إنها بحاجة إلى تعاون دولي، وما قلته إننا نحتاج إلى مفاوضات حقيقية، وإلى أن تجلس الأطراف المختلفة وتتبادل وجهات النظر بشكل حقيقي حول كيفية دفع هذه العملية قدماً. وإذا كانت هذه الإرادة السياسية مفقودة، فسيكون من الصعب للغاية دفع العملية إلى الأمام».
وأقرّ المبعوث الخاص إلى سوريا بأن «العملية السياسية حتى الآن لم تحقق تغييرات حقيقية في حياة السوريين، ولا رؤية حقيقية للمستقبل»، مشيراً إلى أن الرغبة في التعاون ضرورية لدفع عملية السلام إلى الأمام.
وقال: «كما أكدت مرات عديدة، من الواضح الآن أنه لا يمكن لأي جهة فاعلة أو مجموعة من الجهات الفاعلة فرض إرادتها على سوريا أو تسوية النزاع بمفردها، يجب أن يعملوا جميعاً معاً».
وخلال اجتماع مجلس الأمن حول سوريا في وقت سابق هذا الأسبوع، وصف بيدرسن اجتماع يوم الاثنين المقبل بالمهم، معتبراً أن كثيراً من الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال ظلت قيد المناقشة لأكثر من عام في اللجنة الدستورية.
وقال بيدرسن: «حان الوقت للرؤساء المشاركين لوضع ما أسمّيه أساليب عمل أكثر فاعلية وعملية، حتى يمكن تنظيم الاجتماعات بشكل أفضل وأكثر تركيزاً. نحن بحاجة إلى ضمان أن تبدأ اللجنة في الانتقال من إعداد الإصلاح الدستوري إلى صياغته بالفعل».
وأشار بيدرسن إلى إمكانية أن تبدأ اللجنة بالنظر في قضايا دستورية محددة ومسودة أحكام والاتفاق على اجتماعات مستقبلية حول موضوعات محددة. ودعا إلى «دبلوماسية أكثر جدية وتعاونية»، مضيفاً أنه على الرغم من الخلافات، لا تزال الدول الرئيسية ملتزمة بقرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي تم تبنيه في ديسمبر (كانون الأول) 2015.
وقال بيدرسن إن «ملايين السوريين داخل البلاد وملايين اللاجئين في الخارج يعانون من صدمات عميقة، وفقر مدقع، وانعدام الأمن الشخصي، وانعدام الأمل في المستقبل»، داعياً إلى ضمان أن تكون «معالجة الصراع في سوريا على رأس أولوياتنا المشتركة»
المصدر:الشرق الأوسط




كُوباني: وحلٌ في الشتاء..وأتربةٌ في الصيف..

كُوباني: وحلٌ في الشتاء..وأتربةٌ في الصيف..

Jan 23 2021

برجاف|كُوباني- نازِ خان مجحان

كادت كُوباني أن تغرق في الوحل، وذلك ما yن يحلَ الشتاء حتى يصبح "الوحل"، الرفيق اللزوم لكُوباني وناسها.

عجوزٌ يسقط في بركة الوحل، وطفلٌ آخر لا يفلت من شرورها.
لا احد يعرف مصدرها، هل هي من حفريات الصرف الصحي أم من الآليات التي تدخل كُوباني من القرى.

أيوب علي، التقت به برجاف، وهو في العقد الخامس من العمر قال :" شخصيّاً وعندما اتردد إلى كُوباني أحسب حساب الوحل، بينما أسرع لاخذ الدور في احدى العيادات:" كنّا في السابق لا نأتي إلا ونرتدي الجزمة، حيث كانت الاحياء الجنوبية غير مخدّمة، والآن لا جزمة توقينا من الوحل، ولا خدمات في الأحياء الجنوبية، وأضاف قائلاً"لا يوجد حل مع الوحل إلا عندما تغرق البلدية نفسها فيه".

وكانت كوباني تعاني من سوء الخدمات قبل وقت من الآن، ومع وجود الإدارة لا يزال الوحل يشكل إحدى المعاناة في المدينة.

وشاطرت المسنة عدلة معمو، أيوب علي بالقول:" المشكلة لا يوجد ماء حتى نزيل عن باب دارنا"، وتابعت معمو" لا احد فينا يرتدي حذاءاً نظيفاً"، وأضافت عدلة معمو ، بينما تزيل الوحل بالرفوش من أمام دارها الواقع في مركز المدينة" راح كل شيء من كُوباني إلا الوحل".

وتزداد المعاناة لدى السكان مع حلول الشتاء، حيث الوحل، ومع الصيف حيث الاتربة، والرمال.

وقال احد المعلمين لبرجاف، تحفظ عن ذكر أسمه" الوحل مشكلة في كُوباني، ومع الزمن ستترك تأثيرًا على صحة الأطفال والتلاميذ"، وفيما اذا كانت كوباني واقعة في موقع منخفض، أوضح المعلم" لا اظن ذلك، تجد الوحل حتى في الشوارع العالية أيضاً".

وتجدر الاشارة، إن الأوحال، والاتربة، والرمال تشكل مشكلة لدى السكان سواء الكوبانيين أو زائريها، والسؤال، هل من أذانٍ صاغية؟!




"دلنامه" لعمر كالو : عادت من جديد لتحيا أبدا..

Jan 23 2021

برجاف|هولير
صدرت الأعداد الكاملة لصحيفة دلنامه للإعلامي عمر كالو عن دار سيتاڤ للنشر و التوزيع.

وصدر العدد الأول من صحيفة دلنامه الثقافية باللغة الكُردية مطبوعة بالألوان على الورق من قبل الإعلامي عمر كالو في مدينة كوباني بتاريخ 01-12-2010, وبعد أن صدرت 9 أعداد منها, توقفت بتاريخ 01-09-2011 كصحيفة ورقية, و استمرت الكترونياً باللغتين الكردية و العربية حتى 01-12-2014.

صحيفة دلنامه (Dilname) تجربة صحفية ثقافية باللغة الكردية لشاب طموح يعشق الثقافة و الصحافة الكردية من الزمن الصعب في سوريا، صدرت في فترة كان الخوف و الركود يتصدر المشهد الثقافي، فأتت دلنامه بمضمون جديد لتجمع النتاج الثقافي للكتاب الكرد متخطيةً حدود التوجهات السياسة المختلفة لكتابها و جغرافية كوباني و سوريا، و من حيث الشكل أعدت بمعايير إخراجية مهنية و بإمكانيات شخصية بحتة.

أهمية طباعة الأعداد الكاملة لدلنامه ضمن الكتاب، لكي تبقى نموذجاً للصحافة الكردية المستقلة و الحرّة بحلّة جميلة ملونة في سوريا للتاريخ، و كذلك لحفظ أعدادها من الضياع والمواد القيّمة التي نشرتها.

تحتوي دلنامه كامل الأعداد المطبوعة من صحيفة دلنامه, و يتألف من 234 صفحة ملونة, و كتب مقدمتها الكاتب‬ شاهين بكر سوركلي، وصمم غلافها عنتر شوو.




كتل سورية معارضة تتحرك ضد «هيمنة» تركيا

كتل سورية معارضة تتحرك ضد «هيمنة» تركيا

Jan 22 2021

لجأت ثلاث كتل سياسية في «هيئة التفاوض السورية» المعارضة إلى المبعوث الأممي غير بيدرسن وروسيا ودول إقليمية لمعالجة نفوذ تركيا في «الهيئة» و«اللجنة الدستورية» و«هيمنة» أنقرة على القرار السياسي، في وقت يضع بيدرسن اللمسات الأخيرة على الجولة الخامسة من اجتماعات «الدستورية» يوم الاثنين المقبل، لتبدأ للمرة الأولى في مناقشة جوهر الدستور السوري.

بيدرسن كان في مزاج آخر لدى تقديمه الإيجاز إلى مجلس الأمن الأربعاء. لأول مرة، هو في صدد الإعداد لجولة اجتماع لـ«اللجنة» يتناول الدستور، و«صياغته»، بموجب اتفاق وفدي الحكومة و«الهيئة» المعارضة، ذلك بعد جولات عقدت خلال أكثر من سنة كان الانقسام فيها سيد الموقف: دمشق تريد مناقشة «المبادئ الوطنية». المعارضة كانت تريد مناقشة «مقدمة الدستور ومبادئه».

في إيجازه الأممي، انطلق هذه المرة من الأزمة الاقتصادية في سوريا، والصورة العسكرية جراء وجود خمسة جيوش أجنبية (روسيا، أميركا، تركيا، إيران، إسرائيل) قبل مناقشة التفاصيل الخاصة بـ«الدستورية»، حيث يعاني الملايين داخل سوريا وملايين اللاجئين خارجها من «صدمات عميقة، وفقر مدقع، وانعدام الأمن الشخصي، وغياب الأمل في المستقبل. بالنسبة للكثيرين، فإن المعاناة اليومية لمجرد البقاء على قيد الحياة تغلب على معظم القضايا الأخرى».

- تسونامي بطيء

تفصيلا، يقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إن أكثر من 8 من كل 10 سوريين يعانون من الفقر. ويقدر صندوق الأغذية العالمي أن 9.3 مليون داخل سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي. لكن بالنسة إلى بيدرسن، فإن «المؤشرات ستزداد سوءاً» لأسباب مختلفة بينها «تأثير عقد من الصراع، وتردي الأوضاع الاقتصادية عالمياً بسبب جائحة (كورونا)، وتداعيات الأزمة اللبنانية، والعوامل الداخلية مثل اقتصاد الحرب، والفساد، وسوء الإدارة، والتدابير الخارجية (عقوبات، عزلة). كما يواجه المجتمع المقسم المزيد من التفكك لنسيجه الاجتماعي، وهو ما يؤسس لمزيد من المعاناة والمزيد من عدم الاستقرار».

كل ذلك يدفع إلى التحذير من «تسونامي بطيء يضرب سوريا». يضاف إلى ذلك، أنه مع ارتفاع معدلات التضخم ونقص الخبز والوقود، هناك توقعات أن تشهد قدرة الحكومة السورية وسلطات الأمر الواقع الأخرى على توفير الخدمات الأساسية والدعم للسلع الأساسية «تراجعاً مستمراً»، وأن تتسبب الجائحة أيضاً في خسائر إضافية. وفي «إشارة دبلوماسية» إلى آثار العقوبات الغربية، الأميركية والأوروبية، يلفت إلى أنه «يظل ضرورياً ألا تساهم أي عقوبات في تفاقم محنة السوريين».

- 6 إشارات مقلقة

هناك إشارات إيجابية، لكنها مقلقة، بالنسبة إلى بيدرسن وغيره من المراقبين. صحيح أن الأشهر العشرة الماضية كانت «الأكثر هدوءاً في تاريخ الأزمة» منذ 2011 حيث تغيرت في 2020 بـ«الكاد خطوط التماس». لكن هذا الهدوء يتسم بالهشاشة. ويمكن أن يتلاشى في أي لحظة. والمؤشرات في ذلك، هي: أولا، التصعيد الأخير حول بلدة عين عيسى في شمال شرقي سوريا. ثانيا، تكثيف للغارات الجوية المنسوبة لإسرائيل. ثالثا، استمرار هجمات «داعش» في شرق سوريا وباديتها. رابعا، هجمات متبادلة جنوب إدلب ومحيطها. خامسا، اضطرابات في الجنوب الغربي. سادسا، لا يزال المدنيون يُقتلون في تبادل إطلاق النار والهجمات بالعبوات الناسفة ويواجهون مخاطر الاحتجاز التعسفي والاختطاف وأنشطة الجماعات المصنفة إرهابية المدرجة على قوائم الأمم المتحدة.

وأمام هذا الواقع، عندما يجري الحديث عن تنفيذ القرار 2254 وهو المرجعية الوحيدة للتسوية السورية، فإن قناعة بيدرسن، أنه «لا يمكن لأي طرف فاعل أو مجموعة من الأطراف الفاعلة فرض إرادتها على سوريا أو تسوية الأزمة - وبالتالي يجب على كل الأطراف العمل معاً». لماذا؟ في ضوء تدويل الأزمة إلى حد كبير، ووجود خمسة جيوش أجنبية تنشط على الأراضي السورية «لا يمكننا التظاهر بأن الحلول في أيدي السوريين فقط - أو أن الأمم المتحدة يمكنها أن تقوم بذلك بمفردها». عليه، فإن الحاجة ملحة لـ«دبلوماسية دولية أكثر جدية وتعاوناً - وهو أمر ممكن، بالنظر إلى أنه رغم اختلافاتها، فإن الدول الرئيسية ملتزمة بالقرار 2254، ولديها مصالح مشتركة بما في ذلك حول مسائل مثل تحقيق الاستقرار، واحتواء الإرهاب، والعودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين، ومنع المزيد من الصراع».

- انتخابات ودستور

هناك موعد ملح حاليا، يتعلق بالانتخابات الرئاسية السورية المقبلة قبل نهاية ولاية الرئيس بشار الأسد في منتصف يوليو (تموز). وهناك نقاشات مختلفة بين الدول الفاعلة، بين حماس روسي لها وتجاهل أو انقسام أميركي - أوروبي حول التعاطي معها. وبالنسبة إلى بيدرسن، الواضح أنه قرر عدم التعاطي معها باعتبار أن لاعلاقة لها بالقرار 2254، ويقول: «تبدو الانتخابات الحرة والنزيهة التي تجري وفق دستور جديد تحت إشراف الأمم المتحدة، وفقاً لأعلى معايير الشفافية والمساءلة، وبمشاركة جميع السوريين الذين يحق لهم المشاركة بما في ذلك أولئك الذين يعيشون في المهجر والمنصوص عليها في القرار 2254، بعيدة المنال...» أي ما بعد الانتخابات الرئاسية منتصف العام.

عليه، فإن التصور المقبل لاجتماعات اللجنة الدستورية، هو واقعي. أي، عقد ثلاث أو أربع جلسات قبل الانتخابات وأخرى بعدها، تتضمن بدء وفود الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني مناقشة الدستور. ومن المقرر أن تعقد الدورة الخامسة للهيئة المصغرة للجنة الدستورية في جنيف بين 25 إلى 29 الشهر الجاري. وكما هو متفق، ستناقش، وفقاً لولاية اللجنة والمعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية «المبادئ الدستورية الأساسية في الدستور».

الجلسة المقبلة، بالنسبة له، «ستكون مهمة للغاية»، إذ إنه على مدار أكثر من عام تمت مناقشة العديد من الموضوعات، و«أعتقد أن الوقت قد حان للرئيسين المشاركين للاتفاق على آلية ومنهجية عمل فعالة وعملية، بحيث تكون الاجتماعات منظمة بشكل أفضل وأكثر تركيزاً». ماذا يعني ذلك؟ ضمان أن تبدأ اللجنة في الانتقال من «إعداد» الإصلاح الدستوري إلى عملية «الصياغة»، وفقاً للولاية المنوطة بها. ويمكن للجنة القيام بذلك من خلال البدء في النظر في قضايا دستورية محددة ومسودات للمواد الدستورية. ويأمل بيدرسن أن يقوم رئيسا الوفدين، الحكومي والمعارضة، بـ«التوصل إلى اتفاق بشأن خطة عمل للاجتماعات القادمة وجداول أعمال وموضوعات واضحة والمضي بوتيرة أسرع في هذه العملية»... خلال الجلسات المقبلة.

لا توافق كل الدول الغربية على هذا التقييم. هناك دول أوروبية، باتت ترفع صوتها باتجاه ضرورة التخلي عن «اللجنة الدستورية»، بل إن بعض الدول ينتقد بيدرسن لأنه يعطي «اللجنة» أكثر مما تستحق، حسب اعتقاد هذه الدول. وهي تريد فتح بوابات جديدة لتنفيذ القرار 2254، مثل الانتقال السياسي، البيئة المحايدة، السجناء، إجراءات بناء الثقة.

ارتفاع الصوت الأوروبي إزاء ذلك أو انخفاضه بانتظار تشكيل إدارة جو بايدن فريقها السوري واكتماله في الخارجية الأميركية بعد تعيين فريق مجلس الأمن القومي، وضم باربرا ليف وبريت ماغورك وزهرا بيل، علما بأن الأخيرين لعبا دوراً رئيسياً في الزاوية الكردية من الملف السوري.

- مفاجأة منصات

بيدرسن المشغول بـ«اختراق الدستورية»، جاءته المفاجأة من حيث لا يحتسب، إذ قام ممثلو «منصة القاهرة» و«منصة موسكو» و«هيئة التنسيق»، وهي قوى رئيسية في «هيئة التفاوض» التي تمثل المعارضة في اجتماعات «اللجنة الدستورية»، بإرسال رسالة له كي يساهم في حل إشكال داخل «الهيئة».

الخلاف الفني يتناول تمثيل المستقلين، الذين انتخبوا في مؤتمر في الرياض نهاية 2019 لتمثيل كتلة المستقلين ذات الثمانية أعضاء في «الهيئة». كما يتناول تمثيل «منصة القاهرة» في «الهيئة». وجرى خلال سنة تقديم سلسلة مقترحات لتسوية الخلاف حول المستقلين، بينها تقاسم الأعضاء القدامى والجدد لكتلة المستقلين بين أعضاء بين «الهيئة» و«اللجنة الدستورية» (5 مقابل 3 أو 6 مقابل 2). لكن ذلك، لم يتحقق وتمسكت الكتلة الأخرى، أي «الائتلاف»، بآلية التشكيل والانتخابات وصولاً إلى تحديد اسم ممثل «منصة القاهرة» قبل أيام.

وتضم «الهيئة» 36 عضوا، 8 من «الائتلاف» و4 من «منصة موسكو» و4 لـ«منصة القاهرة» و5 لـ«هيئة التنسيق» و7 للفصائل العسكرية (التي تغير وضعها كثيرا منذ تشكيل «الهيئة» قبل سنوات) و8 مستقلين، إضافة إلى عضو كردي مع «الائتلاف»، لكن الخلاف السياسي، هو وراء هذا الفني، إذ إن التوازن الحالي للأعضاء يميل لصالح كتلة سورية مدعومة إقليمياً. الكتل السياسية في «الهيئة»، أي «منصة موسكو» و«منصة القاهرة» و«هيئة التنسيق»، تتهم أنقرة بالسيطرة على «الهيئة»، أو وقوع الأخيرة في الحضن التركي، وهي تحاول إدخال المستقلين الجدد إلى «الهيئة» لتحقيق نصاب كاف في آلية الانتخابات يحول دون سيطرة الطرف الآخر على القرارات.

هذه الكتل الثلاث لجأت إلى بيدرسن للتدخل وحل الخلاف، استنادا إلى القرار 2254 للعام 2015 الذي نص على «تطلع لقيام المبعوث بوضع اللمسات الأخيرة على الجهود المبذولة تحقيقا لغاية»، وحدة القوى المعارضة، مع ذكر منصتي القاهرة وموسكو.

أغلب الظن، لن يدخل بيدرسن في هذا الملف الفني - السياسي، ويريد التركيز على اجتماعات «اللجنة الدستورية»، في وقت يُعتقد أن «الضامنين» الثلاثة لعملية آستانة، روسيا وتركيا وإيران، سينقاشون هذا الملف لدى اجتماعهم السياسي في سوتشي الروسية في الشهر المقبل.

المصدر الشرق الاوسط




ينابيع في ريف ديريك

Jan 22 2021


وضع العقارات في كركي لكي

Jan 22 2021


فاروق حجّي مصطفى: نظام الأسد فشل في مؤتمر اللاجئين بدمشق وأراد أن يجلب النجاح من جنيف

فاروق حجّي مصطفى: نظام الأسد فشل في مؤتمر اللاجئين بدمشق وأراد أن يجلب النجاح من جنيف

Jan 21 2021

ضيف مركز حرمون للدراسات المعاصرة، هذا الأسبوع، هو الكاتب الصحافي والناشط في المجتمع المدني فاروق حجّي مصطفى، وهو معتقل رأي سابق، اعتقله جهاز الأمن السياسي في حلب مرتين، في عامي 2009، و2010، ومُنع من مغادرة القطر منذ عام 2005، ويعمل الآن في حقل المجتمع المدني السوري، حيث يشغل منصب المدير التنفيذي لمنظمة “برجاف للتنمية الديمقراطية والإعلام” الفاعلة في مدينة أربيل عاصمة إقليم كُردستان، وكذلك في شمال شرق سورية وفي المناطق الكُردية.

وُلد مصطفى في بلدة عين العرب (كُوباني) شرق الفرات عام 1968، ودرس المراحل التعليمية الأولى في ريف حلب، ثمّ في لبنان ودمشق، وكان طالب دبلوم دراسات عليا في جامعة “أونور” في بيروت، ودراسته الجامعية في العلوم السياسية والقانون الدولي. انخرط مصطفى في الشأن العام منذ أن كان بعمر 14 سنة، وذلك من بوابة انخراطه في العمل الحزبي، ويحمل قيم اليسار، وسرعان ما تحوّل إلى لبرالي، وهو يعرّف نفسه بأنه “ناشط لا عنفي”.

يعمل في الحقل الكتابي والصحافي منذ عام 1999، وباشر تجربته الصحافية والكتابية في الصحف والمجلات اللبنانية، مثل “الحياة”، و”السفير”، و”النهار”، و”المستقبل”، و”صدى البلد” و”نداء الوطن”، و”الآداب”، وكتب في أغلب الصحف والمجلات الكُردستانية، وفي الصحف الخليجية مثل “الشرق الأوسط”، و”الوسط” البحرينية، و”البيان” الإمارتية، و”السياسة” الكويتية، وفي الصحافة الإلكترونية مثل “منبر الحرية”، و”الأوان”، وغير ذلك. صدر له مؤلفات عدة نذكر منها: «المجتمع المدني السوري: الواقع والمأمول»، و«الكرد السوريون والحراك الديمقراطي»، و«قيامة كوباني»، إضافة إلى كتاب قيد الطباعة بعنوان «أي دستور يحتاج السوريون»، إضافة إلى مجموعة مهمة من أوراق البحث والدراسات حول المجتمع المدني.

وهذا نصّ الحوار:

بداية، ينتظر قرّاء (مركز حرمون للدراسات المعاصرة) أن يعرفوا عن فاروق حجّي مصطفى المزيد.

أعمل منذ ما يقارب 37 عامًا في الشأن العام، وأوّل ما فتحت عيني على النضال، انخرطتُ في إطار الحيّز التفاعلي الوطني، وأسهمت في بناء المساحات للنضالات الوطنية المشتركة، تعرّفت على المناضلين من الحزب الشيوعي، والحزب القومي الاجتماعي، والأحزاب الناصرية، واكتسبتُ الخبرة النضالية معها، لذلك أقارب كل حدث سياسي أو طارئ من منظار “الصالح العام”. ومع أني كنت شرسًا في أثناء النقاشات والصراعات الحزبية، استقررت مع الزمن على مبدأ “تغليب التناقض الرئيسي على الثانوي”، ثمّ أزلتُ من بالي مقولة “العدو”. ولم أعد أرى في أي إنسان “عدوًا”، مهما كانت أيديولوجيته، ولذلك أصرّ على أن تكون القيم التي يحملها الفاعلون في المجتمع المدني قيمًا إنسانية، وأنا مؤمن بـ “شرعة حقوق الإنسان” و”أجياله الأربعة”، كما أؤمن بمحو مفردة “العدو” في الخطابات اليومية.

وفي عملية الدستور، أقف إلى جانب أن يكون الدستور انعكاسًا فعليًا لسورية التي نعرفها، وأن نرمي خلفنا نمط “كوبي – بيست”، إذ لكل قضية لونها وخصوصيتها وميزتها، ولذلك فإنّ حامل قيم حقوق الإنسان وعالمه هو من يستطيع إنجاز “دستور” يرضي الجميع، ويصنف بـ “الجيد”، لأنّ الدساتير تُصاغ للحاضر والمستقبل.

الدستور هو أمّ القضايا
ما الذي دفعك إلى التوجّه إلى مدينة أربيل؟ وما الدور الذي تؤدّيه اليوم من خارج سورية؟

هناك أمران دفعاني نحو أربيل (هولير): الأول هو الوضع الأمني، والبحث عن الحاضنة؛ والثاني هو سهولة التواصل مع العالم الخارجي الرسمي ومع المنظمات الدولية. في العامل الأول، لم أنتقل بشكل مباشر إلى أربيل، إذ دخل تنظيم (داعش) الإرهابي إلى مدينتي (كوباني)، فاضطر أهلها، ومنهم أهلي، إلى اللجوء إلى تركيا، وسرعان ما التحقتُ بهم، بيد أنني قررت الاستقرار في أربيل، والتردد إلى شمال شرق سورية، عند الحاجة إلى ذلك. أما العامل الثاني، فإني أرى في أربيل مساحة للحرية، وأشعر بتوفر إمكانات العمل بشكل جيد، وهي مدينة ملتقى المنظمات التي تستجيب لاحتياجات شمال شرق سورية، فضلًا عن السفارات ومسألة “الفيز”، ووجود مطار دولي، إضافة إلى المسائل اللوجستية البحتة. نحن نعمل في “المناصرة” و “المدافعة”، ومن يعمل في المناصرة، يتحرك بشكل أوسع، ونحن بحاجة إلى من نوصل صوتنا إليهم، كما نحتاج إلى الذهاب إليهم، وهذا ما توفره أربيل لي. أضف إلى ذلك أن في إقليم كُردستان نحو (275) ألف لاجئ، وعشرات الآلاف من المقيمين السوريين، وفي ذلك مساحة مهمة للاستجابة والمشاركة في نشاطاتنا المدنية، والبحث معًا عن الحلول وطرح البدائل. وأعتقد أنّ هذين العاملين كافيان، ويوضحان سبب اختياري لأربيل، فضلًا عن تعامل مسؤوليها معنا بشكل جيد، وتقديم الخدمات بما فيه فائدة لأهلنا.

خبرتَ سجون بشار الأسد مدة من الزمن، بوصفك معتقل رأي، في عامي 2009 و2010. ما الذي يمكن أن تخبرنا به عن الآلة الجهنمية الوحشية لأجهزة النظام الأمنية، التي اعتقلت بشكل غير قانوني عشرات الآلاف من السوريين، وعذبتهم، وقتلت بعضهم تحت التعذيب من دون أي رادع إنساني أو قانوني؟

لم أدوّن إلى الآن ما جرى معي في الاعتقال، مع أني كثيرًا ما أفكر بالأمر، ودائمًا أفكر بأنّ “الاستبداد يختزل كل شيء”، فلا داعي للشرح، إذا سألك أحد ما “أكنت معتقلًا في سورية؟”، وإنْ أجبت بـ “نعم”، برأيي، لا داعي للشرح، بدءًا من خرق الدستور الذي صنعه الاستبداد نفسه، وهو الاعتقال بسبب “رأي”، وانتهاءً بتحويلك إلى المحكمة العسكريّة.

ما بين اعتقالك من دون إذن من النيابة، وإطلاق سراحك من المحكمة العسكريّة، ثمّة قبرٌ. إنْ كُنت معتقلًا في أقبية المخابرات فهذا يعني أنك في القبر، أنت ميت مع وجود روح، وكلّما فتح عليك السجّان الباب فكّرت بـ “عزرائيل”، وهو نفسه يشبّه نفسه بعزرائيل. وفوق كل ذلك، السجناء أنفسهم لا يرحمون بعضهم البعض، هناك غياب للثقة بشكل تام، لا تعرف الذي ينام بقربك، أهو عنصر أمن، أم هو مثلك “معتقل”، وما إن ترفع عينيك للأعلى حتى تخاف من كل المناظر، تشعرُ بأن كل الجدران تراقبك، وتراقب مناماتك، مع العلم أن المنامات في السجن “هي الحرية”، عندما تنام وترى المنامات تشعر بأنك كنت في الخارج والتقيتَ بمجتمعاتك. أعتقد أنّ هذا السؤال بحاجة إلى كتابٍ خاص، بعنوان “عندما كنت معتقلًا وحرًا في المنام”. قصة التعذيب ليست خبرًا، فما إن تستقر في المهجع حتى يُتلى عليك أنّ “فلانًا” مات في الساحة في سجن الفيحاء. “زئير الأسد أنغام موسيقاك”، فبعد منتصف الليل، لا صوت غير صوت “زئير الأسد”.

لك كتاب سيصدر قريبًا، عنوانه “أي دستور يحتاجه السوريون اليوم”؛ وسؤالنا هو سؤال العنوان ذاته: أي دستور يحتاج إليه السوريون اليوم، بعد نحو عقد من ثورة الحرية والكرامة؟

نعم، صدر البحث إلكترونيًا، وأشرح فيه موجبات العمل الدستوري، وعقد الحلّ والآفاق، هذا كان قبل انطلاق “اللجنة الدستورية”، وحينذاك كان اسمي مرشحًا لقائمة المجتمع المدني التي رشّحها مكتب المبعوث الخاص إلى سورية، لكن، في اللقاء الأخير بين قادة أستانا في أنقرة أزيلُ اسمي. على كلٍّ، ليس هذا حديثنا، حديثنا حول أي الدستور بعد كل هذه التضحيات، بعد كل هذه العذابات، وبعد كل ما حدث.

بدايةً، أنا أرى أنّ الدستور هو أمّ القضايا، وإذا لم نصل إلى دستورٍ جيد، وإلى مقومات التطبيق، فإننا سنخسر الكثير الكثير، مضى 50 عامًا من الاستبداد، وعشر سنواتٍ من النزاع والحرب والوقائع والمعطيات التي أفرزتها كل هذه الأعوام، لذلك، يجب أن ينصب الحرص في خانة العمل لأجل الدستور المناسب لسائر المكوِّنات السورية.

برأيي، الدستور الجيد هو الدستور الذي يحقق شرط الدولة الرشيدة، وهو لا يتحقق إلّا بـ “فصل السلطات”، والعناية الخاصة بمسألة المحكمة الدستورية العليا، ومسألة الجيش الوطني، فضلًا عن النظام المختلط في مسألة الرئاسة، ومؤسسات التشريع بغرفتين، وأن تعبّر عن الكلّ إن كنت فردًا أو جماعة، وأن تزيل عن الدولة سمة “العنصريّة”. ولأن مجتمعاتنا متنوعة ومتعددة، فإنّ دستورنا بحاجة إلى التوافق على عدد من “مبادئ فوق الدستورية “، أو إلى أن تصاغ مواد غير قابلة للتعديل، وهي مواد مثل حقوق الإنسان ومسائل وحقوق القوميات، والأقليّات والنساء.

هذه فرصتنا، لا سيما أنّ الصياغة ستتم برعاية الأمم المتحدة، لذا علينا استغلال ذلك لصياغة أمرين:
الدستور، والأحكام الدستورية الانتقالية (قيمتها قيمة الدستور إلى حين عدم لزومها، وهذه هي الأحكام التي لها علاقة بالانتخابات، والعدالة الانتقالية، وإصلاح المؤسسات، والمصالحة، وتوفير شروط تطبيقية تنفيذية على النحو السليم.. إلخ).

الكل وقف ضد مشاركة المجتمع المدني في بناء مستقبل سورية
هل ترى أن الدستور يشكّل فعلًا أولوية في الأزمة السورية، ضمن المعطيات السياسية المستجدة؟

منطقيًا، إنّ الدستور أحد السلال الأربع التي نراها بوضوح في القرار الأممي رقم (2254)، وبرأيي، الدستور هو في قائمة الأولويات، ولعل السبب يكمن في أنّ السوريين قدموا ملايين الضحايا، وشهدت البلاد حربًا أهلية أيضًا، وهناك معطيات خلقتها السنوات العشر؛ لدينا شباب لا يعرفون سورية، يعرفون “الإدارة الذاتية”، وشاهدوا أعلامًا ونشيدًا وطنيًا محليًا، ولا يتقنون العربية ،لأنهم عندما انطلقت الثورة كانوا أطفالًا، والآن أصبحوا شبابًا، لا يمكن أن تُعيد هذا الشاب الذي يملك قراره بنفسه، إلى سورية من دون أن يرى هو بنفسه مستقبله وحقوقه فيها.

في بحثي حول الدستور، ركزت على نقطةٍ مفادها أنّ “الدستور ينهي الحرب”. بنظري، إذا رأى الجميع أنّ الدستور المُصاغ الجديد يضمن حقوقهم ويدفعهم إلى التمتع بها، فإن ذلك سيُسرّع الوصول إلى تطبيق هذا الدستور، ومن هنا يشكّل الدستور أبرز أولويات السوريين.

ما أثر (غرفة المجتمع المدني) في جنيف، في العملية السياسية التفاوضية؟ وما إنجازاتها الحقيقية؟ وأي دور يمكن أن يؤديه المجتمع المدني السوري في هذه العملية المتعثرة بسبب تعنت نظام الأسد ومراوغته؟

لا بدّ من القول إنّ “غرفة دعم المجتمع المدني”، والثلث الأوسط، مختلفان عن بعضهما، وأعتقد أنّ بعض أعضاء “اللجنة الدستورية” غير راغبين في مراقبة الغرفة لأدوارهم وما يقومون به من الوظائف والمسؤوليات. ثمّة معضلة من قبل انطلاق “اللجنة الدستورية” إلى الآن: كيف بوسعنا، نحن المجتمع المدني، أن نؤدي دورًا ما في العملية الدستورية، لإيماننا المطلق بدورنا في صياغة مستقبل مريح للسوريين؟ ومن الطبيعي أنّ المجتمع المدني يفضّل الصالح العام على الخاص، وهذا ما تحتاجه سورية الآن.

في العموم، إننا لا نستطيع لعب دور يليق بنا في العملية الدستورية، وهناك معوقات وتحديات كثيرة، بيد أننا ما زلنا نبحث عن أدوات التواصل، وكيف لنا أن نكون إلى جانب الثلث الأوسط، وهو الثلث المتنوّع، وله انتماءات ولقاءات مختلفة، ولذلك نراهم يخفقون في لعب دور مهم في “اللجنة الدستورية”. الكل وقف ضد المجتمع المدني في مشاركته في بناء مستقبل سورية، وعلى الرغم من ذلك، نحن نقاوم ونحاول أن يكون للناس العاديين دور.

في الجولة الأخيرة، أخفق المجتمع المدني في تقديم أمر مهم، وفشل في دفع الجميع للحديث عن الدستور والمبادئ لا عن الشعارات. إذا كان يقع على عاتق المجتمع المدني بناء السلام والجسور، قبل إطلاق “اللجنة الدستورية”، فإنّ من مسؤولية الثلث الأوسط الدفع بالجميع للحديث في الدستور شكلًا ومحتوى. النظام فشل في مؤتمر اللاجئين بدمشق، وأراد أن يجلب النجاح من جنيف، غير أنّ البعض من “الثلث الأوسط” انزلق وحوّل النقاش إلى أهمية التحدث عن “عودة اللاجئين”. المعضلة تكمن في فهمنا لأدوارنا ومسؤولياتنا وما علينا فعله، ومع الأسف، هذا ما لم يبرز بعد. نتحدث منذ مدة طويلة عن “هوية المجتمع المدني”، لأننا ندرك أنّ تلك الهوية ستسهم في معرفة أدوار المجتمع المدني، في أي استحقاق.

ما تقويمك لتفاعلات ما يجري على صعيد هذه العملية ما بعد جولتها الثالثة في جنيف، وإلى أين تسير مآلات التفاوض بحسب رؤيتك؟
مبدئيًا، ستباشر “اللجنة الدستورية” اجتماعها الخامس في نهاية هذا الشهر، بحسب إحاطة المبعوث الخاص الذي تحدث عن تطورٍ مهم، وتبيّن أنّ هذا التطور كان خاصًا بالتزام اللجنة المصغرة باللائحة الداخلية. لم يحدث حتى الآن أي تطور على مستوى المحتوى الدستوري، وبحسب ما فهمنا، فإنّ الجولة القادمة ستبدأ بصياغة الدستور. لكن السؤال: كيف ستبدأ بالصياغة في حين أنّ وفد النظام لم يخرج من إطار الشعارات، والمعارضة تُبحر في كلام عام، وكتلة المجتمع المدني غير متناسقة؟

أعتقد أنّ أمام المبعوث الخاص أمرين اثنين: الأول استعادة دور للأمم المتحدة في عملية التسيير والرعاية ومنع أي تدخل لأي قوة إقليمية أو دولية، وفرض الجديّة في الأداء، ويبدأ هذا الاستحقاق بإجراء إصلاح “اللجنة الدستورية”؛ والثاني فتح مسارات النقاش على محاور عدة لبلورة الثقة، أو فضاء عام لبناء أفكار توافقية، وإشراك كل من أُقصي من المشاركة في بناء المستقبل السوري عبر مسار جنيف.

بتقديرك، هل يمكن للجنة الدستورية واجتماعاتها في جنيف، أن تُحدث تغييرًا جذريًا شاملًا للنظام السوري، وانتقالًا سياسيًا حقيقيًا؟

إذا تم تنفيذ القرار الأممي رقم (2254) كاملًا، وما يتعلق بـ “اللجنة الدستورية”، فسيحدث تغيير كبير في حال النظام.

أميركا ما تزال تسيطر على سماء المنطقة
لك أيضًا كتاب بعنوان “المجتمع المدني السوري الواقع والمأمول”. سؤالنا هنا: أيّ دور يمكن أن يؤديه المجتمع المدني السوري في المرحلة الراهنة؟

هناك سعي للفاعلين في المجتمع المدني السوري لأن يكون لهم دور في مستقبل سورية، والحق أنّ دور المجتمع المدني بات معروفًا إلى حدٍّ ما، وهو المساهمة الفعالة في العملية الدستورية، وفي عمليات بناء الثقة وكسر جدران العزلة بين الجغرافيات والسكان، وتفعيل وبناء الجسور بين المكونات المجتمعية، وأن يكون جاهزًا لأي استحقاق سوري لاحق. بيد أن هناك معوقات وتحديات جمّة لأداء هذا الدور، وليس هناك ملامح واضحة للمجتمع المدني، إنما هناك مجتمع إنساني ومدني. وهناك رغبة لدى عدد من الأطراف المتدخلة بحال سورية في عدم إعطاء أي دور للمجتمع المدني، وقد رأينا كيف امتعض النظام من مفردة “المجتمع المدني”، وفضّل ذكر “المجتمع الأهلي”، مع أنّ القول بالمجتمع الأهلي يعني أنّ الدولة كانت عاجزةً عن بلورة مساحة المجتمع المدني، فغياب المجتمع المدني في أي دولة يُعدّ عيبًا. بالعموم، إنّ هناك حراكًا فعليًا لبلورة واقع اسمه المجتمع المدني، وهذا أمرٌ جيد.

من خلال ما توصلت إليه من نتائج في كتابك “المجتمع المدني السوري الواقع والمأمول”، هل يوجد حقًا مجتمع مدني ناضج ومستقل في سورية؟ وما الذي ينقصه ليكون قادرًا على تقديم العون للسوريين في الداخل؟

مقارنة مع المجتمع المدني قبل الثورة، حيث كان هناك خطاب للمجتمع المدني، ولم يكن هناك مجتمع مدني إجرائي، المجتمع المدني اليوم في حالة جيدة، على الرغم من عدم تسخير القدرات في تعزيزه، لأن التمويل صُرف للحيّز الإنساني لا للمجتمع المدني. نعم، هناك مجتمع مدني قريب من المعارضة، وهناك مجتمع مدني قريب من النظام، وهناك مجتمع مدني قريب من الأحزاب الكردية، وهذا مشهد انقسامي غير صحي. بحسب رأيي، المجتمع المدني يجب أن يكون متناسقًا، والاستقلاليّة أحد أهم شروط هذا التناسق، وكذلك ضرورة الحياد في مسائل الاستجابة مثلًا. إن ما ينقص المجتمع المدني اليوم هو جملة من القيم يتوافق عليها كل المجتمع المدني أو غالبيته، بالإضافة إلى التشاور والتحاور الفعّال، والحيادية تجاه الخلافات الحزبية، وأن لا يكون المجتمع المدني جزءًا من الأجندة الحزبية، بل يتوافق مع الأحزاب في إطار الشأن العام.

أنت من أبناء مدينة عين العرب (كوباني)، وترأست بين عامي 2013 و2018 رئاسة مجلس إدارة منظمة “برجاف للتنمية الديمقراطية والإعلام” الكردية. ما وضع المدينة اليوم، وخصوصًا بعد إعلان الأميركان أن مناطق نفوذهم تقتصر على مناطق النفط في الحسكة ودير الزور؟

لا أظن أنّ النفوذ الأميركي يقتصر فقط على المناطق النفطية. أميركا موجودة في السماء وفي القاع المجتمعي، حيث ما تزال تسيطر على سماء المنطقة، ومنظماتها تستجيب لاحتياجات الناس في كل مناطق شرقي الفرات. أما عن الوضع في كوباني، فهو شبه مستقر، باستثناء القليل من “التراشق الإعلامي” بين أطراف النزاع. شخصيًا، أعتقد أنّ هذا الوضع سيستمر، وذلك لأسباب عدة: أولها أنّ الوضع العام في سورية يتّجه نحو فرض “وقف إطلاق النار”، وثانيها أن ثمّة حوارًا سياسيًا من خلال “اللجنة الدستورية” قائمًا على قدم وساق، وثالثها أنّ العقوبات الأميركية تفعل فعلها وتؤثر في أداء النظام وقدرته على البقاء، رابعها وجود اتفاقيتين على مستوى دولتين عظميين (أميركا، وروسيا) مع تركيا حول هذه المنطقة والمناطق الأخرى من الجزيرة، ونحن في منظمة (برجاف)نسعى، من خلال “المناصرة ” أو “المدافعة”، لأن لا تتفاقم الأزمات في كوباني أو في أي مكان. إنّ الاستحقاق الأول هنا، في كوباني وغيرها، هو العمل على تجهيز أنفسنا للمرحلة المقبلة، وهي المرحلة التي ستكون الفيصل بين حقبتين: حقبة الاستبداد والحرب والإرهاب، والأخرى حقبة العمل على تحقيق شرط أو موجبات البناء؛ بناء السلام.

الاستبداد جلب كل هذه القوى الاستعمارية
من وجهة نظرك، ما فائدة وجود الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سورية المدعومة بالاستثمارات والمشاريع الأميركية والغربية وهي معزولة عن محيطها السوري؟

أفهم أنّ وجود الإدارة ضروري لتنظيم أحوال الناس، في ظل الفوضى والأزمات في المنطقة، وهذا الأمر يختلف عن وجود الاستثمارات الأميركية، فالإدارة الذاتية تنظم شؤون الناس وتحقق شرط الأمان إلى حدّ ما، وتسدّ الطريق أمام الفوضى، ولو لم تكن هذه الإدارة لكان الناس قد أسسوا كيانًا يدير شؤونهم، لأن ذلك ضرورة، بغض النظر عن شكل ومحتوى الإدارة. في الأزمات والطوارئ والكوارث والحرب، تصبح مسألة “إدارة المجتمع لنفسه” أمرًا مشروعًا، وأعتقد أن هناك تلميحات لهذا النوع في القوانين السورية. أما بخصوص المشاريع الأميركية والاستثمارات، فهي مفيدة للناس أيضًا، على مختلف خلفياتهم العرقية والدينية – المذهبية، والثقافية، ويمكن هنا اللجوء إلى الصيغة القانونية، أو يمكن تشبيه ذلك بمبدأ “الاستثمارات مقابل الغذاء”، وبخاصة أننا نخضع للعقوبات الأوروبية والأميركية، وفي مقدمتها “قانون قيصر”. أما الحديث عن أن المنطقة معزولة عن محيطها السوري، فأنا أتفق معك إلى حدٍّ ما، لكن شمال شرق سورية أقل حدةً من العزل الموجود في الجغرافيات السورية الأخرى.

هناك معطيّات عدة لا بدّ أن نذكرها، وهي أنّ الإدارة الذاتية في شمال وشرق سورية ليست أمرًا طارئًا بقدر ما أنّ كل الجغرافيات السورية استخدمت نمط إدارة الذات في ظل الحرب، ففي مناطق المعارضة “المجالس المحلية”، وفي منطقة النظام “حكومة”، وفي المناطق الكردية وفي مدن شمال وشرق سورية “الإدارة الذاتية”. نحن هنا لا نتحدث عن سيادة الدول، لأنّ أمر السيادة أصبح محل لبس بعد أن خسرت الحكومة السورية مساحات واسعة، وخسرت المعابر مع الدول المجاورة، وبعد عدم تمكنها من السيطرة على الأرض، وهناك عامل آخر وهو الثورة أو الانتفاضة، وهذا ما يوحي بأنّ الحكومة لا تعبّر عن الناس، وفي ظل هذه الأوضاع، لا يمكن الحديث عن السيادة، فسورية عضو في الأمم المتحدة، وكل الجغرافيات هي جغرافيات سورية، وهذا ما يضع الكل أمام استحقاق الحفاظ على الاتحاد واستقلالية الدولة، وهذا ما يضع الأطراف السياسية السورية بتنوعها أمام بناء السلام والتسوية السياسية عبر الانتقال الديمقراطي إلى سورية لكل ناسها أفرادًا وجماعات. ثمّ إنّ الاستثمارات وتنوعها وانتشارها يكون تبعًا لمناطق النفوذ، فشمال غرب سورية حيث نفوذ تركيا، تجد فيه المستشفيات والمولات، حتى العملة المتداولة هي تركية، وتجد أيضًا المدارس والجوامع والمشاريع بتنوعها. وفي الشمال الشرقي مشاريع واستثمارات أميركية، مع ملاحظة أنّه لم يُنفذ حتى الآن أي مشروع أميركي على الأرض. أما في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، حيث الروس وإيران، فإن هناك استثمارات على مستوى المطارات والموانئ والنفط ومشاريع البناء والعقارات وهي متنوّعة، هذه هي حالة سورية اليوم.

ما دور منظمات المجتمع المدني وتأثيرها في تطوير دور المرأة السورية وتعزيزه في المرحلة الراهنة، ولا سيما أن منظمة (Christian Aid) ذكرت في دراسة لها، العام الماضي، أنّ عدد المنظمات المدنية السورية منذ عام 2000 وصل إلى أكثر من 550 منظمة، وأنّ كثيرًا من هذه المنظمات يعمل على تعزيز دور المرأة في المجتمع السوري، وبخاصة مع تصنيفها من قبل الأمم المتحدة في السنوات الأخيرة ضمن (أكثر نساء العرب قهرًا)؟

إنّ عدد المنظمات المدنية، ومن ضمنها الإغاثية والصحية والنسوية، يفوق 1500 منظمة، بغض النظر عن كون هذه الهياكل تحقق شرط “منظمة” أم لا، أي إسقاط مفهوم الحوكمة على المنظمات وهيكلتها ومدى قيامها بما يقع على عاتقها. أرى أنّ انخراط النساء في المشهد المدني أمر طبيعي، وإن كان على مستوى خجول. مع الأسف، وجود المرأة ليس بالوجود الفعلي، إنما هو لتحقيق شرط الندرة في كل منظمة، وهذا يعني أننا أمام مسؤولية الانخراط الفعلي للنساء، وبخاصة أنّ حقوق الإنسان كلٌّ لا يتجزأ.

من حق النساء السوريات علينا أن نعمل معهنّ للخروج من هذه الظلمة، ونحن، بصفتنا سوريين، بحاجة ماسة إلى إمكاناتهنّ وقدراتهنّ في عملية المشاركة، وإلى تحقيق شرط المساواة، ورفع الغبن عنهنّ، وتحريرهنّ من الاستثمار الشكلي لحضور النساء في المناسبات والمؤسسات. هنّ نصف المجتمع، بل صرن أكثر من النصف، والحق أنهنّ لعبن أدوارًا مهمة في بعض أماكن وجودهنّ، مثل “المجلس الاستشاري النسائي” في جنيف، وفي انخراطهنّ في العملية الدستورية، وفي المجالات الأخرى مثل قيامهنّ بإنجاز الأبحاث في مراكز البحوث والدراسات، وفي عملية بناء السلام. أما بخصوص تصنيفهنّ بأنهن “أكثر النساء قهرًا”، في مثل هذه الدراسات المهمة التي تلفت النظر إلى مسائل مهمة وشائكة من خلال البحث والتقصي، فيمكن الإجابة هنا على صيغة كيف بالإمكان أن يلعبن أدوارًا مهمة في المجتمع، مثل مسائل التنمية؟

من الضروري الاهتمام بالجيل الرابع من حقوق الإنسان، وهذا ما يضع السوريين والسوريات أمام أهمية العمل على “تشجيع حقوق الإنسان”، ونشر ثقافة “الحق في التنمية”، إضافة إلى الإعلانات والاتفاقيات الأخرى والخروج من بوتقة “شمولية وجزئية حقوق الإنسان”، بحجة قانون الأحوال المدنية والشخصية والأعراف المحلية. إنّ تحرر المرأة أحد أهم مهام العمل الثوري، ولا يمكن أن تكون سورية الجديدة معبرة عن الكل، إن كان هناك امرأة واحدة فاقدة لحقوقها الكاملة.

سورية اليوم تقع تحت انتداب روسي وحضور إيراني كبير النفوذ، كما أنها تحت سيطرة أميركية ونفوذ تركي في شمال وشمال شرقي سورية. برأيك، كيف السبيل إلى استقلالها وتخلّصها من كل هذه القوى المتنازعة على مقدراتها وثرواتها؟

مع الأسف، هذه هي حال سورية، ولا أظن أن يكون قول “اخرجوا من بلادنا” ذا جدوى، إنْ لم يكن هناك “انتقال ديمقراطي”، سيادة الدول وحدها تجبر الجميع على “الخروج”، وهذا ما يقوله القانون الدولي، إن ما جلب كل هذه القوى هو الاستبداد والحرب، والخلاص من هذه القوى الاستعمارية يكون بإنهاء هذين التصنيفين. إنّ لوجود بعض الدول في سورية (روسيا على سبيل المثال لا الحصر) تعقيدات قانونية، لكن التسوية ستكون أقوى من كل هذه التعقيدات، وفي النهاية، سورية دولة، وعندما حدثت الحرب كانت سورية واضحة بحدودها الجغرافية، والاتفاقيات بين “الحكومة السورية” والروسية “اتفاقيات الدفاع” تحتاج إلى قراءة أو اجتهادات قانونية، لنعرف هل هي “اتفاقيات شرعية كاملة الأوصاف”، بالنظر إلى مسألة شرعية الحكم؟ وهناك أيضًا أمر يتعلق بسؤال: “متى تنتهي هذه الاتفاقيات؟” وهل بوسع الحكم الجديد أن ينهي مثل هذه الاتفاقيات أم لا؟ ما أعرفه هو أنّ السوريين أمام مسؤولية بناء سورية الجديدة خالية من الاستبداد والإرهاب، وتأسيس نظام حكم ديمقراطي، وتعزيز دور المجتمعات المحلية من خلال المؤسسات الشرعية، في إطار اتّحادي يحقق شرط المواطنة الكاملة.

سؤالي الأخير، هل أنت مع المطالبين، ممن هم في صفوف قوى الثورة وأطياف المعارضة السورية، بضرورة إقرار “عقد اجتماعي مدوّن” في الدستور الجديد؟ وفي حال كان الجواب نعم؛ ما رؤيتك لهذا العقد الاجتماعي؟

طبعًا، نحن بحاجة ماسّة إلى “عقد اجتماعي مدوّن”، وعلى الرغم من اللغط الذي يحدث في أحيان كثيرة حول أنّ الدستور هو نفسه “عقد اجتماعي”، أقول على عكس هذه الرؤية: إنّ السوريين بحاجة إلى “مؤتمر وطني عام”، يجتمع فيه ممثلو كل المكوّنات والتيارات الحزبية، للخروج بعدد من المبادئ الأساسية التي تُصنّف ضمن “المبادئ فوق الدستورية”، فإذا كنا نلجأ إلى برلمان للتشريع، كما هي العادة، ومعرفة ما هو مسموح له (برلمان) دستوريًا، فيمكن لهذا التشريع أن يُطرح على مجلس آخر إلى جانب البرلمان، (مجلس الشيوخ)، أو (مجلس المكوّنات)، أو (مجلس المقاطعات)، أو (مجلس الأقاليم).. إلخ، لمعرفة مدى انسجام هذا التشريع مع “المبادئ”، أو “عقد اجتماعي”.

كنت على أمل أن يُعقد هذا المؤتمر العامّ، قبل انطلاق “اللجنة الدستورية”، لكن لم يُفكر به أحد، وما أتمناه الآن هو أن يُعقد بعد الانتهاء من صياغة “اللجنة الدستورية” للدستور الجديد. وأختم بالقول: إنّ “المؤتمر الوطني العام” الذي أتمنى عقده سيسهّل عملنا في مرحلة العملية الانتقالية، وربما يسهّل الإجراءات من الناحية التنفيذية أيضًا.
المصدر :مركز حرمون للدراسات المعاصرة




رئيس الحكومة يجتمع مع القناصل ورؤساء البعثات والدبلوماسيين المعتمدين في إقليم كُردستان

رئيس الحكومة يجتمع مع القناصل ورؤساء البعثات والدبلوماسيين المعتمدين في إقليم كُردستان

Jan 20 2021


• مسرور بارزاني: يجب عدم زج ملف الرواتب بالصراع السياسي واللجوء إلى سياسة التجويع
• مسرور بارزاني: أوفينا بجميع التزاماتنا ونريد إقامة أفضل العلاقات مع بغداد
• مسرور بارزاني: إقليم كُردستان سيبقى عاملاً مهماً لاستقرار المنطقة ويريد علاقات ودية مع الجوار

اجتمع رئيس حكومة إقليم كُردستان مسرور بارزاني، اليوم، الأربعاء 20 كانون الثاني (يناير) 2021، بالقناصل وورؤساء البعثات والدبلوماسيين المعتمدين في الإقليم.
وخلال الاجتماع، سلط رئيس الحكومة الضوء على الوضع الداخلي لإقليم كُردستان وبرنامج الإصلاح الذي تنفذه التشكيلة الوزارية التاسعة والعلاقة مع الحكومة الاتحادية.
وأشار رئيس الحكومة إلى أن إقليم كُردستان يعمل دائماً على إقامة أفضل العلاقات مع الحكومة الاتحادية وحل جميع المشاكل بصورة شاملة وعلى أساس الدستور، وأكد أن الإقليم أوفى لهذا الغرض، بجميع التزاماته بهدف التوصل إلى اتفاق يخدم مصلحة جميع المواطنين العراقيين.
وشدد رئيس الحكومة على ضرورة عدم زج مسألة الرواتب بالصراع السياسي وبما يجعلها ورقة ضغط ضد إقليم كُردستان واللجوء إلى سياسة التجويع تجاه من يتقاضون الرواتب.
كذلك تطرق رئيس الحكومة إلى البرنامج الحكومي والذي يشتمل على تنويع الاقتصاد وزيادة مصادر الدخل وخفض النفقات وإعادة تنظيم الضرائب وتسهيل عمل المستثمرين الأجانب والمحليين، وقال لقد بذلنا قصارى جهدنا لتوفير رواتب موظفي الإقليم.
واكد رئيس الوزراء أن إقليم كُردستان سيبقى عاملاً مهماً لاستقرار المنطقة، مبيناً أن الإقليم يريد علاقات ودية مع دول الجوار وتطوير العلاقات مع المجتمع الدولي بشكل عام، كما أشار إلى أهمية استمرار التعاون والتنسيق مع إقليم كُردستان لمواجهة التهديدات التي يشكلها الإرهاب.
وفي ختام الاجتماع، أجاب رئيس الحكومة على أسئلة الحاضرين.




Pages